مرحباً بكم في مدونة المسيح مخلصي وهى تحتوي على موضوعات مسيحية متعددة بالاضافة الي تاريخ الاباء البطاركة المنقول من موسوعة تاريخ اقباط مصر للمؤرخ عزت اندراوس بالاضافة الي نشر الكثير عن تاريخ الاباء

الاثنين، سبتمبر 27، 2010

أثناسيوس والرؤيا يرجع على أثرها من منفاه

قصاصة من مخطوطة تضمن تقرير مثير لقصة رواها البابا أثناسيوس لآمون أسقف باخنيمونيس Pachnemunis [ مدينة لعاصمة مقاطعة فرع النيل المسمى " سابى نيتيك " أى : فرع شبين - وهى المنوفية غالباً ] (3) وهمن الأساقفة الذين حضروا مجمع الأسكندرية الأخير ، وقد أقتبسها العالم مون فاكون عن تقرير مرسل من الرئيس (أبا) ثيئودور إلى ثاؤوفيلس أسقف الأسكندرية (385 - 412 م) بواسطة شخص أسمه آمون وهذا كان اثناء الكتابة أسقفاً ( ولد سنة335م وعندما بلغ من العمر 17 سنة ترهب وزأثناء مطاردة سيريانوس للبابا اثناسيوس نزل وأستقر فى نتريا ، ثم عاد بعد زمن كثير إلى الإسكندرية وصار كاهناً ورسم أسقفاً حوالى 356 م (4) أو سنة 365م حيث كان عمره آنذاك 28 سنة ) وقد روى آمون القصة عن أثناسيوس بعد 15 سنة من حدوثها ( وهذه القصة واحة من التنبؤات الكبيرة التى يحملها التاريخ بخصوص الإمبراطور يوليان الجاحد )

وهذا الخطاب أو التذكار ( الميمر) المأخوذ منه القصة كان قد سجله الأخوة البولاندست من مخطوطة مؤكده فى أصالتها وصحتها مما فى داخلها من معلومات وهذه هى القصة كما جائت فى المخطوط :

[ إنى اعتقد أن قداستكم كنت حاضراً وسمعت بنفسك البابا الطوباوى أثناسيوس فى حضور إكليروس الإسكندرية وحقارتى فى الكنيسة الكبرى ، كيف أخذ يقص علينا خبر ثيئوذوروس لأمونيوس المطوب أسقف إليأرخيا وحرمون أسقف بوباسطيس وأنا ألان أكتب فقط لأذكركم بأهمية ما قيل .

فحينما كان الأساقفة المشهورون مجتمعين عند المطوب انطونيوس ، كيف قال لهم أثناسيوس بحضور أنطونيوس - لأن أنطونيوس كان كثيراً ما يلازم أثناسيوس ]

حديث أثناسيوس :

[ لقد رأيت ايضاً فى هذه الأيام ( ايام الهروب والنفى ) رجال الرب - الذين تنيحوا أخيراً - ثيئودوروس الذى كان رئيس رهبان طبنسيا ، وكذلك أب رهبان الجهات المحيطة بأنتينوا وأسمه ابا آمون ، لأنه بينما انا مطارد بواسطة رجال يوليان الذى كان يتوقع ذبحى ، لأن أخباره بلغتنى بواسطة أصدقاء أمناء ، غذ قد جاء إلى هذان الراهبان فى ذلك اليوم نفسه وقد خططوا أن أختبئ مع ثيئودور ، فنزلت فى مركبه الذى كان كله مغطى من الداخل بينما كان لأبا  أمون مرافقاً لنا .

فلما صار الريح معاكساً صرت قلقاً وبدأت اصلى ، وإضطر لارهبان الذين كانوا مع ثيئودور أن يرسو المركب على الشط ويربطوه ( النزول للصعيد يكون ضد تيار مياة النيل القادم من الصعيد للشمال يعوق الملاحة خاصة إذا كانت الريح فى إتجاه التيار )

وبينما ابا آمون يشجعنى ألا أقلق قلت له : " صدقنى كما أقول لك أن قلبى دائماً يكون فى هدوء ، ,اثق فى اوقات الإضطهاد أكثر من ايام السلام ، لأنى اثق ثقة حسنة أنى بإحتمالى الآلم من أجل المسيح ، وأنا متشدد برحمته حتى ولو ذبحت فإنى سأجد رحمة عنده " ..

وبينما انا اقول ذلك لاحظت ثيئودور يركز عينه على آبا آمون وأبتسم ، وإذا بالآخر أيضاً يكاد يضحك ! فقلت لماذا تضحكان على كلامى ، هل تريدان إقناعى بالجبن ؟ فقال ثيئودور لآبا آمون : " قل له لماذا إبتسمنا " وإذا بالآخر يقول له : " يلزم أن تقول له أنت "

فقال ثيئودور فى هذه الساعة مات يوليانوس ذبحاً فى فارس " !! (26 يونيو 363م ) " لأنه هكذا أعلن الرب مسبقاً بخصوصه : " الإنسان المستعلى والمحتقر والمنتفخ سوف لا ينجز شيئاً " (حبقوق2: 5 سبعينية) وسوف يقوم إمبراطور مسيحى مشهور ولكنه لن يعيش طويلاً " فلا تزعج نفسك بالنزول إلى الصعيد ، ولكن إذهب سراً إلى بلاط الإمبراطور لأنك ستقابلة فى الطريق وهو سيقابلك ببشاشة ورفق ، وحينئذ تعود لكنيستك أما هو فسيأخذه لارب سريعاً . ]

وإستطرد البابا اثناسيوس قائلاً :

[ ومن هنا أنا أعتقد ان كثيرين بالرغم من أنهم يعيشون غير مذكورين - من الناس - ولكن يعيشون فى رضا الرب خاصة بين الرهبان ! ومن هؤلاء آمون المطوب والقديس ثيئوذورس الذى من جبل نتريا ، هذا الرجل العجوز السعيد بامون ( كان وقتها لا يزال حيا) (5)  
رحلة البابا اثناسيوس أثناء هروبه فى مركب لصعيد مصر

رحلة البابا لصعيد مصر كما وردت فى كتاب تاريخ باخوميوس المطبوع ص 164 - 165
[ وفى عروض ذلك وفد الأب أثناسيوس الباباس إلى مدينتى أنتينوا وأرموبوليس اللتين كانت صقب (بجوار) أديرة الكنونيون لأفتقاد الشعب بهما ، وسمع اثناسيوس النبأ الطيب الساير عن الأب تادرس وكيف وهو حار بالروح نشيطاً فى الإهتمام بما عاد بمصالح إخوة الأديرة وبخلاص أنفسهم وأنه يكثر من تعليمهم من غير ملل ولا كلل ، فسر بذلك كثيراً وإبتهجت نفسه وقال للأساقفة الذين معه ، ألا ترون أب هؤلاء الإخوة الكثيرين الملتئمين فى هذه الأديرة فى أماكن شاسعة كيف يجاهد عنهم ويعظهم ويحرص فى خلاص أنفسهم أكثر من حرصة على خلاص نفسه ، أما نحن آباء الشعب فمن منا يحرص على خلاص شعبه كحرصه هذا أو يجاهد جهاده ، لقد فاز الشعب الذى هو أبوهم ، الحاملون صليب المسيح طوعاً ، المهتمون بخلاص انفسهم ، الذين تعبهم يفضى إلى راحة تكون لهم إذ يتوجون من الإله بايهم ، ثم إن شاء سيصر أديرة الكنونيوس وترتيبها ونظامها لأنه لم يكن أبصرها نظراً بل سمع عنها خبراً ، ولما فرغ من أفتقاد شعب المدينتين المذكورتين بارك عليهم ، وإنفصل عنهم وتوجه إلى زيارة الأديرة ولما طاف فيها جميعاً وأبصر الكنائس التى فيها وبيوت الموائد والمخابز وبيوت الضيافات والبيمارستانات ( اماكن إستشفاء المرضى ) حتى بيوت الماء التى للحاجة الضرورية (دورات المياة) فأعجبه حسن ترتيبهم وإختبر إعتقادهن فوجدهم على الإعتقاد السليم فسر بذلك جداً ومضى غلى الدير الكبير " يافو" حيث كان الأب تادرس , وطاف الدير كله وأبصر الهياكل التى فيه وسائر قلاليه وبيوت الصنائع ، وعاين زى الإخوة ، وتمسكهم وإتضاعهم ، ووداعتهم ، وأعجب من كل شئ وبالأخص إتفاق أخلاقهم وأبصر سيرتهم وترتيبهم ولم يكن ظهر فى العالم بعد أناس أرضيون كملائكة سمائيين فقال لتادرس : قد كانت تصل إلى مسامعى أخباركم وحميد سيرتكم وحكمة تصرفكم والآن قد شاهدت بالبصر ما ينيف ويعلو على الخبر ، بالحقيقة أقول لك لقد أخترع الأب باخوميوس هذا الإبداع الحميد وإستن هذا التصرف السديد والمذهب الرشيد ما ق ضاهى به من أعمال الرسل الأماثل والتلاميذ الأفاضل إذ جعل النفوس مسكناً لروح الرب (6) وها أنت بعد سالكاً آثاره مقتفياً نظامه لأننى عاينت كافة الاباء الإخوة الذين هم اليوم تحت أمرك وطاعتك وهم عجيبون جداً فى سائر أمورهم ورسومهم ونعمة الرب حالة فيهم بواسطة الكبير أبيهم وسفارتك أيها الأخ تادرس وحسن إهتمامك بهم ، والكل يبصرونك مثل المسيح ، فثق إذاً وتأيد بالرب وجاهد ولا تمل ، ثم انهم عملوا " أغابى" وأستعملوا غدا , وقال باباس لتادرس : الفصح المقدس قرب وأشاء أن اكون عند أصحابى وأنت فكن معافى مع رهبانك وأذكرنى فى صلواتك ثم رام الإنفصال عنه ، واما تادرس فلم يفارقه بل سار مع مشيعاً إياه إلى البحر ، ولما ابصر أن المركب الذى كان معه مثقل أعطاه مركب الدير لمسيره وراحته ، ووصى الإخوة خدام المركب قائلاً : أينما شاء إمضوا معه لأن له سلطة على أجسادكم أيضاً فضلاً عن السفينة .
ولما كان الوداع قال الباباس لتادرس : أنا حزين إذ لم أبصر الأب أورسسيوس لأن على ما سمعت أنه فى دير منخوسين ، وإذا كان هذا الدير منفرداً عن باقى الديرة وبمعزل عن طريقنا لا أمضى إليه بل خذ كتابى وأوصله إلى قدسه وقدس الجماعة ، حرسكم لارب ، على إذ لم اجئ إلى عندكم لأبصركم وآخذ صلواتكم التى أنا اسأل الرب أن يمنحنى إياها أينما كنت لأن ديركم بعيد جداً ، وعيد الفصح المقدس قد قرب ، لكنى تمتعت برؤية الأخ تادرس خليفتك أيها ألأب أورسسيوس ومساعدك والنائب عن أبوتك ، وبنظرى إليه كأنى رأيت الأب باخوميوس وسررت حقاً عند مشاهدتى بقية ألخوة أولاد البيعة الطاهرة ، الرب يبارك عليهم ويجزل ثوابهم وعند وداع الأخ تادرس إياى قال لى أذكرنى فى صلواتك ولجماعة الإخوة ولا تخلينا منها ، فأجبته انا بما قال الروح فى المزمور ، إن نسيتك يا اورشليم أنسى يمينى ويلصف لسانى بحنكى إن لم أذكرك ، فإذكرنا أنت والجماعة فى صلواتكم وإنكفى (ذهب) تادرس بعد مسير السقف إلى عند الأب أورسسيوس وأوصل كتاب الأسقف إليه وتلا جميع ما جرى له معه من الخطاب عليه .         
المــــــــــــــــــــــــــــــراجع
(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة - الطبعة الثانية 2002 م  ص 315
(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى
(3) N.P.N.F., 2nd ser., Athanas, p. 486. note 10.
(4) D.C.B., I, 102.
(5) N.P.N.F., 2nd ser., Athanas, p. 487, Hist, Aceph.
(6) البابا اثناسيوس هو أول اسقف يسبغ على الطقس الرهبانى الصفة الكنسية رسمياً .

ليست هناك تعليقات: