مرحباً بكم في مدونة المسيح مخلصي وهى تحتوي على موضوعات مسيحية متعددة بالاضافة الي تاريخ الاباء البطاركة المنقول من موسوعة تاريخ اقباط مصر للمؤرخ عزت اندراوس بالاضافة الي نشر الكثير عن تاريخ الاباء

الأربعاء، فبراير 10، 2010

البابا بطرس خاتم الشهداء البطريرك رقم 17

البابا بطرس خاتم الشهداء البطريرك رقم 17
وأقام في البطركية البابا بطرس بعد تؤوبا فأقام إحدى عشرة سنة وقُتل في الإسكندرية بالسيف وقُتل معه امرأته وابنتاه لامتناعهم من السجود للأصنام


ذكر المؤرخ يوسابيوس القيصرى قتل البابا بطرس تحت عنوان " أساقفة الكنيسة الذين برهنوا بدمائهم على نقاء الديانة التى كرزوا بها "

 وبين الذين قتلوا بحالة مجيدة فى الأسكندرية وفى كل أرجاء مصر وطيبة أن يذكر أولاً بطرس  وهو من أبرز ديانة المسيح ومن القسوس معه فوستوس  وديوس وأمونيوس , وهم شهداء للمسيح كاملون , وأيضاً فيلياس  وهيسيكيوس وباخوميوس وثيودوروس وهم أساقفة فى الكنائس المصرية , وعلاوة عليهم أشخاص آخرون كثيرون بارزون أحيت ذكراهم أيبوشيات بلادهم وأقاليمهم , وليس من أختصاصنا أن نصف نضال من قاسوا من الأهوال من أجل الديانة الإلهية فى العالم كله , ونتحدث بدقة عما حدث لكل منهم , فهذا أمر خليق بمن شهدوا الحوادث بأنفسهم , وولكننى سأصف فى مؤلف آخر  تلك التى رأيتها بنفسى , وذلك لفائدة الأجيال القادمة .

آريوس والبابا بطرس

آريوس شخصية فذة وعقلية كبيرة وجدت أرض خصبة حينما ضعفت مدرسة الأسكندرية بعد حرم العلامة أوريجانوس , فلم تجد من يقف أمامها فى بداية تكوينها , وكان آريوس لاهوتياً متعلماً , ناسكاً فى طبعة , إجتماعياً فى معاملاته فإستطاع أن يجذب الكثيرين بحلاوة لسانه , بالأضافة إلى قدرة فائقة على الوعظ والخطابة وقيادة الجماهير وأقناعها .



وآريوس ليبى المولد , ولد فى ليبيا حوالى سنة 270 م  , وظهر آريوس فى عصر البابا بطرس خاتم الشهداء وقد أنضم مع المنشق مليتيون (ميليتيوس) بعضاً من الوقت , ولكنه أنفصل عنه وخدم فى كنيسة الأسكندرية فإستطاع أن ينال الشموسية على يد الطوباوى بطرس  ,وعندما أشتهر فى الوعظ والخطابة والأخلاق الجيدة رسم كاهناً على الكنيسة فى بوكاليا بالأسكندرية .


وأرتبط بآريوس كثيرين من المشهورين , أما أرتباط (آريوس) بلوقيان الأنطاكى سواء بالألتقاء أو السماع له فهو موضع تسائل , لأنه أقتبس من تعاليمه , كتابع له يحمل نغمات تعليمه , معتبراً إياه أستاذاً له  .


لاحظ البابا بطرس أن آريوس فى بعض عظاته ينكر اللاهوت ويشيع افكاراً غريبة على التعليم المسلم من الرسل , فتجاهل آريوس أن السيد المسيح واحد مع الآب فحاول أن يكشف له خطأه , ولكن كان هذا بعد فوات الأوان حيث كان قد صارت له شعبية كبيرة .


مجمع محلى




وعندما وجد البابا أن الأمر بدء يستفحل عقد مجمعاً بالأسكندرية وكان من قراراته حرم آريوس , والي عام 318 م.، قام اسقف الإسكندرية بعقد مجمع ضم حوالي 100 أسقف من مصر وليبيا حيث أعلنوا بعد التداول والنقاش بطلان تعاليم آريوس ودعوه إلى التوقف عن نشر هرطقته (أي تعاليمه الضالة الفاسدة) وأرسلوا رسائل بالموضوع إلى أبرز الأساقفة في الكنيسة ليعلموهم بالأمر وبقرار المجمع الذي اعتمد أساسا على بداية إنجيل بحسب القديس يوحنا: "في البدء كان الكلمة، وكان الكلمة لدى الله، وكان الكلمة الله". ولكن آريوس أستمر فى نشر تعليمه المخالف للعقيدة المسلمة من الرسل


مساعى آريوس لنوال الحل من الحرمان



أدرك آريوس أن البابا بطرس لن يخرج من السجن لأنه لن يبخر للأوثان , فأسرع يبذل كل جهده لنوال الحل منه حيث أنه يطمع فى أن يعتلى الكرسى المرقسى من بعده , فأرسل جماعة من اكابر وأغنياء الأسكندرية يشفعون لدى البابا المسجون المشرف على الموت , ولكن كان رد البابا لهم : " ليكن آريوس محروماً من الكنيسة ومن مجد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع إبن الإله الحى , الآن وإلى الأبــــد !!! "

آريوس والثـــوب الممزق



أنفرد البابا بطرس مع تلميذيه أرشلاوس وألكسندروس وقال لهما :-
[ ليت الرب , إله السماء يعيننى لأتمم شهادتى على أسمه , وأنت يا ارشلاوس فستأتى بعدى على هذا الكرسى , وألكسندروس يكون من بعدك , لا تقولا أنى ظالم بسبب مسلكى مع آريوس فإنى لم أحرمه بإرادتى الخاصة , بل السيد المسيح نفسه هو الذى حرمه , فإنه فى الليلة الماضية بعد أن قمت بالصلاة ونمت رأيت كأنى أصلى فى قلايتى وفجأة دخل شاب إلى القلاية , وكان ودهة يضئ كالشمس أضاء الدار كله , كان مرتدياً ثوباً أبيض لكن كان ممزقاً فى المنتصف وقد أمسك بيديه جانبى الثوب .. أنتابتنى الدهشة .. وصرخت : " من الذى شق ثيابك يا سيدى ؟ " أجابنى : " أريــوس هو الذى مزقه , فإياك أن تقبله أو يكون لك معه شركة , واليوم سيأتيك قوم يسألونك فيه , فلا يرضى قلبك عليه , ولا تحلــه , بل زده حرماناً , أقول لك هذا ولتلميذيك أرشلاوس وألكسندروس اللذين يجلسان على الكرسى من بعدك أوصهما ألا يقبلاه .. "
ثم أخبرنى أننى سأنال أكليل الشهادة وأنتهت الرؤيا ..


البابا بطرس يوصى تلاميذه




لقد رأيتما كيف عشت زمانى كله بينكم وديعاً متواضعاً , كما تعلمان ما نالنى من تجارب حلت بى من الوثنيين وتعرفان أيضاً كيف كنت أهرب من موضع إلى موضع , كيف مضيت إلى الجزر وإلى وفينيقية ومدن سوريا وفلسطين ولم أفتر عن الكتابة لكم سراً وجهراً , ولم أغفل عن القطيع الذى أؤتمنت عليه نهاراً وليلاً , وكان قلبى يتألم لهم .
أنتما تعرفان أيضاً أنى لم أترك الأهتمام بالأساقفة فيلاس وهوزيكيوس وباخوميوس وثيودوسيوس الذين سجنوا من أجل إيمانهم بالسيد المسيح وأستحقوا نعمة الرب ( الإستشهاد) , فقد كنت أوالى الكتابة إليهم من بلاد فارس وأذكرهم فى رسائل لئلا يجرى عليهم شئ كما حدث مع الكهنة المسجونين معهم والستمائة والستين نفساً  ولما سمعت أنهم أستشهدوا مجدت السيد المسيح وقدمت إليه الشكر على ما وهبهم من قوة الإيمان والثبات فى مسيحيتهم .. وما أعده لهم من أكاليل مجد والغلبة الذى توج بها رؤوسهم , وأنى أسأله أن يحسبنى معهم ..
لقد علمتما يا أرشلاوس وألكسندروس الشرور التى لحقتنى من مليتوس أسقف ليكونوليس الذى قسم الكنيسة التى اشتراها السيد المسيح بدمه الذكى وجسده الطاهر ووضع نفسه فدية عنها ..
منذ زمان والولاة قد تآمروا على كل يوم بالقتل كما تعلمان , وهم مزمعون أن يتمموا ما قد أمروا به , فأنا لا أخاف على نفسى بل أشنهى أن أكمل سعي الذى قدمنى الإله الحى إليه , , وليعيننى الرب أن أتمم الخدمة التى قبلتها منه .  
بعد اليوم لا تعودان ترياننى فى الجسد , وانا أشهد أنى قد أظهرت لكما كل شئ وأوضحت كل الأمور , وأوصيتكما بكل ما يجب عمله وأصبحت بريئاً من كل أثم فإحفظا القطيع الذى أقامكما الروح القدس عليه وأحرسا كنيسة الرب التى أقتناها بدمه .  
وأنى أعلم أنه بعد مفارقتى سيقوم البعض ويتكلمون بتجاديف ويضلون ويقسمون الكنيسة كما فعل مليتس إذن أسهروا قإن الشدائد بلا حصر ستلحق بكما فقد علمتما بما لحق بألأب ثاؤونا الذى قام بتربيتى ... وما صادفه من الشرور ... وإنى أرجوا ان أنال مثل النعمة التى أقتناها بحسن أعماله , وكذا مثل نعمة ديونيسيوس الذى كان مختفياً من مكان إلى آخر من أجل سابليوس الهرطوقى , وماذا أقول من أجل ياركلاوس وديمتريوس الكرام المغبوطين , وما لقياة من الشغب من أورجين والذين كانوا معه , ... لكن نعمة الرب كانت مع هؤلاء جميعاً رافقتهم وحفظتهم .
والآن أسلمكما للرب بكلمة النعمة وهو القادر أن يحفظكما ويحفظ قطيعه  .

ولما قال هذا جثا على ركبتيه وصلى وسجد مع أرشلاوس وألكسندروس وشكر الرب , ثم ضمهما إلى صدره معانقاً إياهما يقبلهما قبلة الوداع , أما هما فكانا يقبلان يديه ويودعانه والدموع تنهمر من أعينهما من أجل قوله إنهما لا يريان وجهه بالجسد بعد هذا اليوم .
عاد البابا إلى زائريه فى السجن ووقف معهم يسندهم ويصلى من اجلهم ثم باركهم وصرفهم معطياً إياهم السلام


البابا بطرس في السجن

يعتقد المؤرخون أن البابا بطرس أودع فى السجن لسببين هما :-
1 - كتب البابا بطرس أول مؤلفاته ضد العقيدة الوثنية , ولما كانت الوثنية هى ديانة الأمبراطورية الرومانية بأعتبارها الديانة الوحيدة الرسمية المعتمدة , فإعتبر الأمبراطور دقليديانوس أن هذا العمل تحدياً شخصياً له .


2 - والسبب التالى هو الشكوى التى قدمها سقراطيس , أحد أشراف مدينة أنطاكية إلى الأمبراطور , وكان سقراطيس صديق الشهيد أبادير  ضعف فى أيام الأضطهاد وأحب العالم أكثر من المسيح لأنه كان غنياً وأحد وجهاء أنطاكية , فأنكر الأيمان وذبح للأصنام إرضاء للأمبراطور دقليديانوس .


وحدث أن سألته زوجته التى أحتفظت بإيمانها المسيحى أن يسافر معها إلى الأسكندرية لتعميد إبنيهما فرفض قائلاً : " لو سمع الأمبراطور بهذا الأمر لغضب جداً " .. ولكن ما كان من امر هذه المرأة التقية أنها أخذت طفليهما وأبحرت إلى الأسكندرية , ولكن فى الطريق بعد يومين وهم فى السفينة وإذ بريح عاصفة شديدة تهب على السفينة فخافت أن يموت ولداها بلا عماد , فبسطت يديها وحولت وجهها نحو الشرق تصلى , قائلة :


[ أيها الإله العالم بكل شئ قبل كونة , العارف أعماق قلبى , أنى لما خرجت لم احب زوجى ولا مالى مثل ما أحببتك بالله مخلصى , حتى نفسى وأولادى !! وهوذا يبتلعنا أليم ونموت فى اللجج !! .. من أجل أسمك القدوس أيها الرب إلهى , ومخلص نفسى وجسدى , أنظر برحمتك إلى ولدى اللذين صارا يتيمين ... لا تدعهما يموتا بغير عماد ! ]


ثم جرحت المرأة ثديها الأيمن ورشمت جبهتيها بدمها , وغطستهما فى الماء وهى تقول : " أعمدك بأسم ألاب والأبن والروح القدس " ثم أخذتهما فى حضنها وهى تقول : " الآن يارب إن كنت أموت مع ولدى فإنى مطمئة البال فإنى مطمئنة البال ومستريحة الضمير هوذا أولادك يارب " .. فنظر الرب إلى ثبات إيمانها فهدأت الريح , وبلغت السفينة إلى الإسكندرية بعد ثلاثة أيام ( والذى يوافق يوم أحد التناصير )


دخلت السيدة الكنيسة وعندما أمسك البابا بولديها وأراد تغطيسهما جمد الماء , عمد البابا أطفالاً آخرين وللمرة الثانية إذ أراد تعميد الولدين جمد أيضا الماء , وفى المرة الثالثة سألها البابا عن أمرها فروت له ما حدث معها , عندئذ سبح الرب قائلاً : " ليتشدد قلبك يا ابنتى , لا تخافى فإن الرب معك , ففى الوقت الذى فيه جرحنى ثدييك ودهنت أبنيك بالدم فى أيمان , فإن الرب نفسه , الكلمة المتجسد الذى طعن جنبه بالحربة فأخرج دماً وماء , قد صلب على ولديك بيده الإلهية , وهو الذى عمدها بنفسه عندما عمدت ولديك فى البحر "


صلى البابا على الولدين ودهنهما بسر الميرون ... ووضع ميمراً فى هذا الشأن يقول فيه : " الرب يترآف على الناس " .


ناول البابا الولدين وأبقاهما مع امهما بالأسكندرية حتى عيد القيامة , ثم رجعوا إلى بلدهم ثانية .


وعندما عادوا إلى أنطاكية , أخبر سقراطيس الأمبراطور دقليديانوس بالأمر متهماً إياها بالزنا , فإستدعاها الأمبراطور وأمر أن تشد يداها إلى الخلف , ويوضع ولدها على بطنها ويحرق الثلاثة بالنار , أما هى فحولت وجهها نحو الشرق وأسلم الثلاثة نفوسهم ونالوا إكليل الأستشهاد .


بعد ذلك أمر الأمبراطور دقليديانوس والى الأسكندرية أن يلقى القبض على البابا الذى عمد الولدين , لكن البابا كان يتجول خارج الإسكندرية يسند أولاده ... وأخيراً ألقى القبض عليه , وألقى السجن عام 311 م

أنشودة حب متبادل بين الشعب وراعيه


وعلم الشعب المسيحى المحب للبابا بطرس بسجن باباهم المحبوب وعلموا بأن الرومان سيقتلوه فزحفوا إلى السجن بأعداد كبيرة فى شجاعة منقطعة النظير وتجمهروا حوله يريدون أنقاذه , وصمموا على وقف قتله لأنهم يعلمون أنه لن يبخر للأوثان كأمر الأمبراطور دقليديانوس حتى ولو مات الجميع , ولما وجد القائد الرومانى المكلف بقتل البابا بطرس هذا العدد من مسيحي الأسكندرية أجل تنفيذ الحكم بالقتل إلى اليوم التالى خشية أن يثور المسيحيين يموت فيها الكثيرين من الجانبين .

وظن القائد الرومانى أن الأمر أنتهى وأن المتجمهرين سينصرفون عندما يحل الليل , ولكن خطته فى خداع المسيحيين باءت بالفشل حينما أنتظر حتى حلول الليل ولم ينصرف الشعب المسيحى القوى .. فلم يجد القائد حلاً وأيقن أنه قادم على مذبحة يقتل فيها كثير من الأبرياء , وأدرك البابا أنه لا بد وان يحدث أحتكاكاً يؤدى إلى كارثة , ومن محبته لشعبه كان يريد ألا يصاب أحد بسوء منهم بسببه , فإستدعى أحد الشيوخ الأغنياء المعروفين لدى السلطة الحاكمة الرومانية ويبلغ الوالى الرومانى حاكم مصر الرسالة التالية : " أن يدبر إرسال بعض الرجال إلى السجن ليلاً من جهة الجنوب عند أسفل الحائط , وسوف يقرع لهم البابا من الداخل , فينقبوا الحائط ويخرج معهم لينفذوا فيه الأوامر الصادرة إليهم "
إنه امر عجيب حقاً فى المسيحية حب الشعب لباباه وحب البابا للشعب .. فإذا كان يريد البابا أن يهرب لهرب بنفس الطريقة وبدلاً من أن ينقب البابا رجال من السلطة الحاكمخ ينقبه المسيحيين ويهرب أنه حقاً أنشودة حب متبادل .

نفذت الخطة بدقة ولم يشعر بهم المجتمعين من المسيحيين خارج السجن , وسلم البابا نفسه لأيدى قاتليه فى هدوء مقلدا سيده المسيح مضحياً بنفسه لأجل محبته للمسيح ومحافظاً على رعيته .

وخرج وهو يتفوه بهذه الكلمات : [ خير لى أن أسلم نفسى للحكم الصادر على وأفدى شعبى ولا يمسه أحد بسوء !!] هذه هى القيادة فى المسيحية فالقادة يتقدمون الجنود فى الصفوف الأولى لأن الحرب إنما هى للرب .


متشبهاً بمرقس الرسول




وفى الطريق إلى مكان قتله سأل البابا حراسه إن كانوا يسمحوا له بزيارة قبر القديس الشهيد مقس رسول السيد المسيح لأرض مصر لينال بركته .. وهنك سقط على ركبته وبدأ وكأنه يحدث سلفه فقال بصوت مسموع : " يا أبى الإنجيلى , المبشر بيسوع المسيح إبن الرب الإله الوحيد والشاهد لآلامه .. كنت أول شهيد واسقف على هذا الكرسى فقد أختارك السيد المسيح القدوس الحقيقى لتبشر بأسمه فى هذه المدينة , فى كورة مصر وكل البلاد المحيطة , وكنت ساهراً فى الخدمة التى نلتها , وأخذت أكليل الأستشهاد , لذلك أستحققت أن ترى كلمة الرب , المخلص يسوع المسيح . أنت اخترت أنيانوس الطوباوى لأنه كان مستحقاً , ومن بعده ميليوس ومن كان من بعدهما ثم ألاباء ديمتريوس وباركلاس وديونيسيوس ومكسيموس والطوباوى ثاؤنا أبى الذى قام بتربيتى حتى بلغت خدمة هذا الكرسى من بعده , أنا الخاطئ , غير المستحق لهذه الكرامة , ولكن بكاؤه مراحم المسيح نلت ذلك .


 أشفع فى أن اكون شهيداً بالحقيقة , وأستحق أن أشترك فى صليب المسيح وقيامته , ويجعل رائحة الإيمان تفوح فى ! , ويكون سفك دمى على أسمه القدوس بخوراً طيباً له ,


أسألك الصلاة من أجلى لكى لا أكون بقلبين ولا نيتين , وليقوينى الرب حتى أفارق هذا العالم !!
الآن , أستودعك القطيع الذى تسلمته بالتتابع , والذى تسلمته أنت من يدى الرب والمخلص مباشرة .. لتكن معى ومع أولادك الذين وهبك المسيح إياهم , آمين  "
بعد هذا الحيث الروحى مع أبيه القديس مرقس , وقف البابا بطرس وبسط يديه نحو السماء وهو يقول بصوت جهورى : [ يا ابن الآب الحى , يسوع المسيح , كلمة ألاب , أسألك أن تضع نعهاية الإضطهاد الواقع على شعبك ليت سفك دمى أنا عبدك يكون خاتمة هذا الأضطهاد الحال بقطيعك الناطق , آمين  ]
وفى هذه الأثناء كان بالقرب من القبر عذراء تسكن فى المنطقة التى بها القبر وكانت ساهرة تصلى فإذا بها تسمع صوتاَ يقول : " بطرس آخر شهداء هذا الأضطهاد "
وعندما أنتهى البابا بطرس من صلاته أمام القبر صعد إلى الوالى , وعندما رآه ذهل ولم يتجاسر أن يتحدث معه , فقد كان وجهة يشع نوراً سمائياً ملائكياً , فخاف الجنود أن يقتلوه .

فتوسل البابا إليهم ان يعجلوا بقتله قبل أن تشرق الشمس ويعرف الشعب ويحدث شغب فى المدينة , فخاف الوالى من حدوث شغب لا يستطيع مقاومته فأمر بأن من يضرب عنقه يأخذ خمس قطع ذهبية , فتجاسر أحد الجنود الخمسة وضرب عنقه بالسيف , فنال البابا إكليل الشهادة فى 29 هاتور سنة 28 شهداء الموافق 25 نوفمبر 311 م .


أخيراً جلس البابا على عرش مار مرقس الرسول




ومع تسلل أشعة شروق الشمس على الأرض سرى الخبر بين شعب الأسكندرية , فأسرع الجميع إلى مكان أستشهاد باباهم الحبيب , وهناك لفه الكهنة فى قطعة من الجلد كانت تحت جسده , وبالكاد منعوا الشعب من الأقتراب إليه إذ أراد كل واحد أن يحصل على قطعة من ثيابة للتبرك بها .
وحملوا رفاته وألبسوه ثياب التقديس وأصروا أن يجلسوه على كرسى مار مرقس الذى لم يجلس عليه قط فى حياته , فقد كان متضعاً وأكتفى أن يجلس على درجات السلم
وكان الشعب يتذمر على البابا بسبب هذا السلوك .. ولكن فى أحد الأعياد , إذ صعد على السلم يعطى السلام صاح الشعب : " إجلس على العرش الذى رسمت عليه يا رئيس الأساقفة !! " عندئذ توسل إليه الكهنة أن يستجيب لطلبه شعبه .. أما هو فصمت حتى عادت الكنيسة إلى هدوءها , وجلس على سلم الكرسى , ثم حدث أنه بعد الخدمة أنفرد بكهنته وقال لهم : " لماذا تحزنونى أنتم أيضاً مع الشعب !! .. فإننى كلما اصعد للجلوس أرى قوة شبيهه بالنور حالة فوق العرش , وبالرغم من أن هذه القوة تسندنى وتفرحنى لكن عظامى تضطرب جداً , ولا أستطيع أن أقول للشعب شئ من هذا ... "

مكـــــــان دفنه
ثم ألقى جميع الشعب نظرة الوداع الأخيرة وهو على الكرسى المرقسى , ولكن ثارت مشكلة بين الشعب فقد أراد البعض أن يدفن فى كنيسة ثاؤناس حيث تربى البابا بطرس , والبعض والاخر فضل أن يدفن أن بدفن فى موضع القديس مرقس الرسول حيث هو مكان أستشهاد البابا بطرس , وأخيراً أستقر الرأى على أن يدفن فى " لوكابتس " على شاطئ البحر , فأخذوا جسده فى قارب إلى هناك ودفنوه بأكرام عظيم ... وطهر من قبرة فيما بعد آيات وعجائب كثيرة , كما بنيت على قبرة كنيسة كبيرة فى عهد الأمبراطور قسطنطين بقيت إلى أيام دخول العرب مصــــر .

الأحتفـــــــــــال بعيــده


يذكر سوزمين أحد مؤرخى الكنيسة الأولى أن الإسكندريين كانوا يحتفلون بعيد القديس بطرس سنوياً , حيث يقوم أسقف الأسكندرية بخدمة القداس الإلهى " ليتورجيا الإفخارستيا " يوم 29 هاتور , يعقبه وجبة أغابى " وليمة محبة " على شاطئ البحر .. بركة صلاتة فلتكن معنا آميـــــن .


كتابات البابا بطرس

من المراجع الرئيسية التى يعتمد عليها المؤرخين هو مرجع تاريخ الكنيسة للمؤرخ يوسابيوس القيصرى وهو من المعاصرين للحقبة الأولى لأنتشار المسيحية , ولم يذكر المؤرخ يوسابيوس شيئاً عن كتابات بطرس , لأن إتجاهات البابا بطرس كانت غالباً ضد الفكر الأوريجانى , وللأسف لم يصلنا إلا بعض الفقرات من مقالاته اللاهوتية ورسائلة وأهم كتاباته هى :-
1 - الرسالـــة الفصحية : هذه الرسالة تعتبر من أهم أعمالة التى ذكرها المؤرخين , وقد أرسلها إلى الشعب بعد ألضطهاد الذى أثير عام 302 م , وقد أشتهرت هذه الرسالة لدى المؤرخين بأسم " الرسالة الخاصة بالقوانين " لأنها تحتوى على 14 قانوناً خاصة بتأديب الإخوة الجاحدين للإيمان الراجعين بالتوبة .
إفتتاحية القانون الأول هو : " إذ يحل عيد الفصح الرابع من الأضطهاد ... " وهى بذلك تشير إلى أن الرسالة قد وضعت عام 306 م , وأنها رسالة فصحية , أى خاصة بعيد القيامة المجيــد .

2 - الرسالة إلى الإسكندريين : وهى رسالة وجهها القديس البابا بطرس الشهيد إلى الإسكندريين يحذرهم من ميليتس وهى رسالة ضد ميليتس .

3 - عــن اللاهـــوت : ذكر فى مجمع أفسس المسكونى (عام 431 م ) ثلاثة مقتطفات من كتابات البابا بطرس الشهيد عن [ الــلاهوت .. هذه المقتطفات كتبت دفاعاً عن لاهوت المسيح المسلم لنا من ألاباء والمكتوب فى الأنجيل نذكر بعض منها : " إذ بالحقيقة " النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا ( يو 1 : 17) , حيث أننا بالنعمة مخلصون " كقول الرسول لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَد (أفسس 2 : 8 و 9) إنما هى إرادة الاب أن : وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا (يو 1: 14) وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ ( فى 2 : 8 ) لكنه لم يوجد بغير لاهوته قط .
إن الغنى قد صار فقيراً ولكنه لم ينفصل قط عن قوته ومجده , إنما يصنع هذا لكى يموت من أجلنا نحن الخطاة , يموت البار عن الأثمة , لكى يحضرنا أمام الرب خلال موته بالجسد وهو محيي الروح .


هذا ما يؤكده الأنجيلى أيضاً بقوله " الكلمة صار جسداً , وحل بيننا " فإن هذا قد حدث حقاً منذ اعطى الملاك السلام للعذراء مريم قائلاً : " السلام لك أيتها الممتلئة نعمة , الرب معك " محققاً ان الكلمة قد حبل به فى أحشائها ليصير جسداً , كما هو مكتوب " الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك والمولود منك قدوس يدعى أبن الإله " لوقا 1: 35 )

الإله الكلمة صار جسداً فى أحشاء البتول بإرادته الخاصة بغير زرع بشر , إنه غير محتاج إلى وجود رجل أو زرعه , لأن قوة الإله التى ظللت البتول والروح القدس الذى حل عليها يقدران أن يعملا فيها بأكثر قوة من زرع البشر . ]

4 - رسالـــة فصحيــة أخــرى : ورد مقال للقديس بطرس عن " الندامة فى بعض المخطوطات الخاصة , والتى تحتوى 14 قانوناً السابق الإشارة إليها , وقد أختتمت بالنوان التالى : -

" عن مقال عن البصخة لنفس المؤلف " هذا الختام يعالج موضوع الصوم فى اليوم اليوم الرابع واليوم السادس من ألأسبوع , يحتمل أن يكون هذا ألأقتباس عن أحد رسائلة الفصحية .

يقول Quasten إننا نعرف عن أحد مقتطفات من تاريسخ حياة أحد الأسكندريين أن بطرس قدم مقالاً عن " عيد القيامة " لشخص يدعى تريسينيوس , يحتمل ان تكون رسالة خاصة بعيد القيامة وجهها إلى أسقف مصرى يحمل هذا الأسم "

** عن مجئ مخلصنا : أقتبس ليونيتوس جزءاً عن عمل القديس بطرس عن مجئ مخلصنات


قال ليهوذا " أبقبلة تسلم أبن الإنسان ؟ ! " ( لوقا 22 : 48 )

هذه الأمور وما شبهها وكل العلامات التى أظهرها يسوع والمعجزات التى صنعها تبرهن أنه " الإله المتجسد "

هكذا كان بالطبيعة هو الإله , وبالطبيعة هو إنسان .

** عن النفس : العنوان الذى أعطى لعمله " عن النفس " فى الحقيقة مجرد حدس أجمع عليه الكل , لدينا ثلاث مقتطفات : منها أثنان أقتبسهما ليونيتوس البيزنطى بكونهما كتابات القديس الموجهة ضد تعاليم الأوريجانية الخاصة بوجوب النفس السابقة للجسد , وأنها تحبس فيه بسبب الخطية سبق أن أرتكبتها ( ملاحظة من الموقع : أعتذر أوريجانوس عن هذا القول بعد أن تحقق أنه أخطأ أى أن الموضوع أعتبر منتهياً فلماذا تكلم البابا على هذا الموضوع ؟ )

* مقتطف 1 : [ بحسب كلمة الخلاص , الذى خلق الذى بالخارج ( الجسد ) هو أيضاً الذى أوجد الذى بالداخل ( النفس )

بالتأكيد بعملية واحدة , وفى وقت واحد خلق الأثنين فى نفس اليوم عندما قال : " لنخلق الأنسان على صورتنا كشبهنا " ( تك 1 : 26 ) , من الواضح أن الأنسان لم يخلق بإتحاد الجسد مع كائن آخر , لأنه إن كانت الأرض عند أمر الخالق أوجدت الحيوانات الأخرى تحمل الحياة كم بالأكثر التراب الذى أخذه الرب من الأرض ليحمل طاقة حيوية خلال إرادة الإله ومن عمله ؟ !! ]

* مقتطف 2 : [ ... يالشقاوتى ! فإنى أنسى أن الرب ينظر إلى الذهن ويسمع صوت النفس , أنى أعود إلى الخطية بإرادتى قائلاً لنفسى : " الإله رحوم وهو يحتملك " إنى دائماً أخطئ ما دمت غير مجرب , محتقر لطف الرب ومستهيناً بطول أناته ]

5 - عن القيامة من الأموات : يوجد سبعة مقطفات بالسريانية من كتاباته : " عن القيامة من الأموات " .. هذا العمل أيضاً يحتمل أن يكون دحضاً لتعاليم أوريجانوس , إذ يركز على أن الجسد فى القيامة هو بعينه الجسد الحالى .

ملاحظة توجد عدة مخطوطات لكتابات القديس الشهيد بطرس وهى بلغات متعددة باللغة القبطية واليونانية والاتينية والسريانية تريد أن تترجم وتحفظ فى الكنيسة القبطية .








ليست هناك تعليقات: