مرحباً بكم في مدونة المسيح مخلصي وهى تحتوي على موضوعات مسيحية متعددة بالاضافة الي تاريخ الاباء البطاركة المنقول من موسوعة تاريخ اقباط مصر للمؤرخ عزت اندراوس بالاضافة الي نشر الكثير عن تاريخ الاباء

الأحد، أكتوبر 30، 2011

البطاركة الذين عاصروا ولاة مصر المسلمين شبة المستقلين (غير عرب) (الأسرة الطولونية - والأسرة الإخشيذية) أثناء الإحتلال العباسى الإسلامى السنى لمصر - البابا شنوده الأول البطريرك رقم 55

البابا شنوده الأول البطريرك رقم 55

أولاد يهوذا الإسخريوطى الخائن وأقباط مصر
إختيار البابا :
بدا الأساقفه يجرون مشاورات مختلفه ليختاروا من يكون مستحقا للبطريركيه بمفردهم وفى نفس الوقت كان كهنه وشعب مدينه الإسكندريه يتشاورون لمن يصلح لهذا المنصب0 وتم مثل هذا التشاور أيضا فى مدينه مصر( بابليون) 0 ولم يعلم شعب مصر أن الرب قد إختار من يرعى شعبه0
ولما طال أمر التشاور إجتمع الأساقفه مع كهنه وشعب الإسكندريه وذهبوا جميعا الى مصر بدأوا يذكرون أسماء الكهنه والرهبان والعلمانيين الذين إشتهروا بالعفه وطهاره القلب والعلم ومعرفه الكتب الإلهيه فلم يتفقوا على واحد0 فى هذا الوقت دخل إبراهيم الأرخن بسبب خراج أراضى الكنيسه فلما رأوه الآباء الأساقفه والأراخنه والشعب القبطى فرحوا به فرحا عظيما ليأخذوا رأيه لإنه كان فيه روحا مقدسه فذكر لهم بعض الأسماء 0 وكان فى دير ابو مقار رئيسا إسمه شنوده مشهورا بالصفات السابقه كما انه قام ببناء كنيسه بالدير وبنى كنائس أخرى0 وكان شنوده قد جاء لمقابله إبراهيم الأرخن ليقضى له إحتياجات الكنيسه0 ولما قضى شنوده حاجات الكنيسه ذهب الى البريه بسرعه فى ليله 27 من كيهك ليقضى عيد الميلاد فى كنيسته وفى العاده تعيد الكنيسه القبطيه عيد الميلاد المجيد إما 28 كيهك أو 29 كيهك0
وفى اليوم التالى إجتمع الجميع مره أخرى فى كنيسه القديس أبو سرجه ( سرجيوس وراخس ) بقصر الشمع (حصن بابليون) حصل أن الجميع قالوا بنفس واحده لا يصلح لهذه الرتبه إلا شنوده الراهب بدير أبو مقار وصاحوا جميعا بصوت واحد00 مستحق مستحق مستحق00 فخرجوا يبحثون عنه وذهبوا الى إبراهيم الأرخن ظانين أنه ما زال فى مصر وأعلموا إبراهيم بإختيارهم شنوده ولكنهم لم يعلموا بذهابه الى ديره بسرعه فقال لهم:إن شنوده ما زال فى طريقه الى الدير فأنا أحضره إليكم بحجه أنكم تريدون أن تسألوه عن أسماء أخرى لإختيار منها واحدا يصلح ان يكون بطريركا لإن المجتمعين لم يتفقوا على شخص حتى الآن0 ثم كتب خطابا الى شنوده الراهب بهذا المعنى .حضر شنوده الى مصر فى أول طوبه وكانت جموع الأقباط قد علمت بوصوله الى مدينه مصر فتزاحم الأقباط داخل وخارج كنيسه أبى سرجه وكانوا قد بدأوا فى صلاه القداس الإلهى0 فحدث ان الراهب شنوده حضر وهو لم يعلم حقيقه إستدعائه ودخل فجأه أثناء تلاوه صلاه القداس الإلهى وكان القس قد وصل الى عباره ( هو مستحق وعادل ) فتهلل الجمع وصاحوا بصوت عظيم 00 مستحق مستحق مستحق00 وإرتجت الكنيسه وصاحت الجموع بأكثر من السابق 00 مستحق بالحقيقه00 ووثبوا عليه ومسكوه وقيدوا رجليه بالحديد فصرخ وبكى وقال لهم: ما هذا الذى تفعلوه أمام الله ؟ أنتم تظنون أننى مستحق هذه الرتبه لا تفكروا أننى مستحق هذه الدرجه0ويقول ابن المقفع ج2 ص12 ( وكان الله إختاره وأراد أن يقدمه راعيا لهذه الأمه الضعيفه) وفرح شعب الله وقالوا أيضا مبارك الآتى بإسم الله فتفائل الأقباط بما حدث وإعتبروا ما حدث دليلا على أن الله قد إختار شنوده الراهب لهذا المنصب الخطير0 وحملوه بسرعه ليكرزوه فى مدينه الإسكندريه وكانت الأخبار قد سبقتهم الى المدينه العظيمه فلما وصلوا بالقرب من الإسكندريه خرجت جماهير الأقباط فإستقبلوه ودخلوا الى مدينه الإسكندريه بالتهليل والفرح وكرامه وكان يصحبهم جميع شيوخ ورهبان بريه شهيت (وادى هبيب) لكثره محبتهم له وكان ذلك فى يوم 11 من طوبه وحدث أنه هطل مطر غزير فى هذا اليوم ورسم فى 13من سنه 575ش من طوبه وأصبح البابا شنوده الأول البطريرك رقم 55
وكان هذا البطريرك دموعه تنساب على خديه وكان يقول فى تواضع: أنه فى تفكيرى لا يوجد أعلى من مجد عروس المسيح ( الكنيسه) وحسنها وعلوها الروحى وعندما أصبحت أنا الضعيف الخاطئ بطريركا فلا بد أن شعبك يارب قد أغضبك وأخطأ إليك0 وهكذا ظل يبكى أمام الجميع لإجل ضعفه وضعف الشعب0وتعجب الشعب من تواضعه والنعمه الباديه عليه وهيبه إسم المسيح عندما كان بتفوه بهذا الإسم المبارك ويقول ابن المقفع ج2 ص13( انه كان مثل الطفل عينه على أمه ) بما معنى أنه لا يوجد آخر تحت السماوات بإسمه يتم الخلاص

وكتب كتبا فيها وصايا للأساقفه وللأراخنه وللشعب وللأطفال لتعليمهم فى الكتاتيب ( المدارس الأوليه) كما أرسل كتبا الى كرسى أنطاكيه0
وأنتهز والى مصر هذه الفرصه ليأخذ رشوه فطلب من الأقباط مبلغا كبيرا ففر شنوده هاربا فذهب الى الأديره المجهوله فى أقصىالبلاد فلم يعرف المسلمون مقره فنهب المسلمون أمتعه القسوس وقفلوا جميع الكنائس فى الفسطاط وبابليون إلا واحده ، فلما سمع البابا أن لأولاده يعذبون بسبب هروبه رجع وسلم نفسه للوالى ، فجمع الأقباط 4000 قطعه ذهب وقدموها للوالىوتعهدوا بدفع مبلغ سنويا له إذا عفى عن البابا ففعل وقبل0 البابا شنوده والإيمان الخاطئ: كان البابا شنوده1 البطريرك55 عالما متواضعا تقيا وحدث أن أهل قريه يوحسا وهى من قرى مريوط ويسمون بالأربعه عشريه كانوا لا يزالون متمسكين ببدعتى أوطاخى وأبوليناريوس وكانوا يعتقدون أن المسيح لم يتألم فعلا على الصليب وإنما كل ما حدث كان مثل حلم فى نوم0 سمع أهالى هذه القريه بنعمه الروح القدس التى تفيض البابا شنوده فحضروا إليه بفرح عظيم طالبين أن يوضح لهم الإعتقاد الصحيح فوضح لهم أقوال الكتب المقدسه وآباء الكنيسه الأولى فقالوا له: أعطينا الآن ختم الإيمان0 فلما وجد إشتياقهم فى تقبل الإيمان المسيحى الصحيح فى أمانه ، فرح فرحا عظيما فأخذهم وأعطاهم ختم المعموديه المقدسه0 ورفضوا تعاليم كل من اغايس واوريجنس وبليناريوس ولفرناساوس وغيرهم من أصحاب البدع والفكر الذى ضد المسيح0
وعندما قصد البابا الصعيد ليتفقد رعيته هناك فوجد أن أقباط البلينا قد خرجوا على أسقفهم وإعتنقوا بدعه سابليوس وفوتيوس فكانوا يعتقدون بألام لاهوت المسيح وقت الصلب ، فوضح لهم إيمان الكنيسه القبطيه وكيف أن كلمه الله إتخذ جسدا حقيقيا منذ اللحظه التى حل فيها فى بطن العذراء مريم ليحقق الفداء0 وقد إتحد كلمه الله (اللاهوت) بالجسد (الناسوت) بغير إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير0 وحينما صلب المسيح تألم جسده فقط لإن جسده كان تحت الألام مثلنا لإنه شابهنا فى كل شئ ما عدا الخطيه0 أما اللاهوت(كلمه الله) الذى لم يفترق عن الجسد وقت الصلب فهو غير قابل للألم ولا يجوز فيه الألم ولا يؤثر فيه الألم لإن الألم يؤثر فى الماده المرئيه الحيه0 وإستعان البابا شنوده بأقوال الآباء مثل البابا كيرلس عمود الدين لتقريب هذا المفهوم وتبسيطه للعامه من الشعب0 وهو إتحاد النار بالحديد ساعه إنصهار الحديد بالنار عند صياغته وصناعه الأدوات0 فالنار تظل محتفظه بطبيعتها الناريه مع كونها متحده بالحديد كما يظل الحديد محتفظا بطبيعته الحديديه مع كونه منصهرا بالنار0 والمطرقه حينما تهوى على الحديد لا تؤثر فى النار ولا تؤلم النار ولا تثنى النار ولا تصنع من النار شيئا0 وبهذا الإتحاد المستديم أقام لاهوت المسيح (كلمه الله) الذى لم يتأثر بالألم الجسد الميت من بين الأموات فى اليوم الثالث0 فالألم والموت لا يؤثرا على كلمه الله0 ثم طلب منهم العوده الى أسقفهم وطاعته فى خوف الله وصحبهم الى الكنيسه وناولهم من الأسرار( السنكسار الأثيوبى ترجمه من الإنجليزيه واليس بودج ج3 ص830-833 ) 0


رساله الشركه الى أنطاكيه:
وعندما عاد الى مدينه الإسكندريه كتب كتاب الشركه والمحبه الرسوليه الى كرسى أنطاكيه ويقول ابن المقفع ج2 ص14( كان كل واحد يقرأ هذا الخطاب يتعجب من كلمات النعمه التى فيه) وتضمن الخطاب أقوال كل من كيلس وأثناسيوس وساويرس وديسقوروس وبعض الآباء وحمل الكتاب داوخ أسقف ملوبولاس ويوحنا أسقف ديوسيا ومعهم بعض الكهنه وأرسلهم الى يوحنا بطريرك أنطاكيه
ولما وصلت الرساله إليه فرح جدا فأعلم كل الكنائس وبارك الله وكاتب الخطاب وكتب أيضا خطابا يشكر فيه البابا شنوده يكرمه ويبجله ويمدح أفعاله وذكر فى كتابه من يقدر ان يقول القليل من الكرامه التى تستحقها أيها الآب السمائى لإن طغمات السموات لا يسكتوا من مدح أمانتك لإنك جعلت رجائك بالرب يسوع 0 وأساس عباده الأوثان قطعتها من الكنيسه بنعمه الروح القدس يكون تحصينها عليك وعلى الأشجار التى غرستها لتنموا ثمارا جيده مائه وستين وثلاثين والمجد والكرامه لكرسى الأب الجليل مار مرقس .
فلما وصلت كتب كنيسه أنطاكيه الى الإسكندريه قرأها على الشعب وفرح بها وعندما تنيح بعض الأساقفه وكان الكتب التى كتبها البابا تأثيرا كبيرا فى أن الذين كانوا يريدون نوال رتبه ألأسقفيه بالمال لم يتقدموا إليها فرسم رجالا مجاهدين وخائفين من الله ومحافظين على الإيمان الأرثوذكسى0

البابا وفقراء الإسكندريه :
ذهب البابا شنوده 55 الى الإسكندريه وتفقد الكنائس وعمرها واصلح الباقى وحدث أن ذهب الى المكان الذى كانت فيه قلايه البطريركيه وكان يسمى باليونانيه قسطوريون .
فرأى أن المكان قد أصبح مأوى للفقراء والمساكين ، ووجد أن الماء الذى عندهم مالحا ومرا وأنهم لا يستطيعون شربه إلا بعد أن يتركوه أياما فى وعاء حتى يقدروا على شربه0فألهمه الله بفكره بأن يحفر خليجا من الخليج الذى حفره المتوكل على الله جعفر حتى يدخل الماء الى الإسكندريه وصارت المراكب تصل منه الى الأسواق وزرع الناس على ضفتيه كروما وبساتين وأشجار 0
ونزل بنفسه وفتح فم خليج صغير وجراه الى المكان المسمى قسطوريون فصار الفقراء يشربون الماء الحلو وبارك الله الإسكندريه بسببهم وبسبب إحتياجهم للماء0
كما فكر البابا فى عمل مجارى تحت الأرض ليوصل المياه الحلوه الى صهريج وتأخذ منه مدينه الإسكندريه إحتياجاتها0 وعمل فسقيه تعمل بآله ( مثل سواقى الفيوم ) وأقام إنسانا يعتنى بها ويملأها وأصلح المساقى والخنادق وكل موضع تجرى فيه الماء0
وعندما مر البابا بقريه قريبه من مريوط خرجوا إليه سكانها ليأخذوا بركته وقالوا يأبانا نحن فى تعب كبير لإن مجرى المياه يبعد حوالى ميلا فحفر فى هذه القريه بئرا فنبع منه ماءا حلوا فباركه0 فصاروا يشربون منه وروا منه أيضا دوابهم وباركوا الله وصار البابا شنوده رجل عمل وخدمه وجهاد وبالرغم من عظم الأعمال التى عملها إلا أنه لم يهمل كتابه الكتب ( الأرطستيكيا) المملوءه نعمه وروحانيه
 

البابا شنوده 55 المخترع والعبقرى والعالم :
من دراسه أعمال البابا شنوده 55 التى ذكرتها سابقا يتضح انه كان رجلا علامه وعميقا فى دراسته فى مختلف نواحى العلم ويقول ابن المقفع عنه ج2 ص16 أنه كان يهتم بالكتب ( الأرطستيكا ) المملؤه نعمه .
ومن كتاباته فى هذا المجال ( اننا نؤمن هكذا فى آخر الزمان لما أراد الله أن يخلص جنسنا من العبوديه المره أرسل ابنه الوحيد الى العالم متجسدا من روح القدس مساويا لنا فى كل شئ ما خلا الخطيه ذو ننفسه غير مدروكه وجعل الجسد معه واحد بغير تغيير ولا إختلاط ولا إفتراق بل طبيعه واحده وأقنوم واحد ووجه واحد تألن بالجسد عنا ومات زقام من الموت كالذى فى الكتب وصعد الى السموات وجلس عن يمين الآب فإن قلنا أن الله تألم عنا ومات فلنفهم الان بامانه انه تألم عنا بالجسد وهو الغير متألم وهو هذا الواحد كما علمنا الأباء الذى للكنيسه المقدسه وكل من يفرقه بتجديف ويقول ان الله الكلمه لم يتالم ولم يموت لكنه (ترك) لكن الإنسان هو المتألم والمائت وفرقوا المسيح الى إثنين الله الكلمه على حده والإنسان على حده وجعلوه وجهين وطبيعتين كل واحد يفعل ما يشاكلها من طبعها والله الكلمه قبل إليه بإرادته الألام بالجسد لا نشك فى الإتحاد الواحد فى كل شئ لإن الطبيعتين صارا واحدا فى البدايه لم يفترقا فى أى أمر من الأمور بتبير الله الكلمه لإنهما غير مفترقين وحتى فى الألام قبلها بجسده ( كان فونيس وسليوس قالا: أن اللاهوت بعدت وصلب الناسوت )

الإصرار على عدم التوبه :
وحدث أن الإساقفه الذين أضلوا رعاياهم فى الصعيد ( البلينا ) قائلين أن اللاهوت مات على الصليب ، أن البابا جعل الأساقفه الذين تركوا ضلالهم يقفون فى وسط جماعه الرهبان فى كنيسه أبو مقار يوم حد الفصح المقدس وعملوا مطانيه لرهبان الدير وسألوهم ان يصلوا من أجلهم لسقوطهم فى هذا الفكر البعيد عن تعاليم الأباء ، وفرح البابا والأباء الرهبان برجوع هؤلاء الأساقفه وشغبهم الى حظيره الإيمان الأرثوذكسى .
وكان موجودا مع الأباء أسقفين أحدهما أسقف سمنود والآخر أسقف منيه طانه نظروا عمل البابا مع اسقفى الصعيد قال بعضهما لبعض ما هذا التعليم الجديد أنه يأتى علينا بكلام غريب ويقول ابن المقفع ج2 ص18 ان ( البابا علم بالروح القدس " ما يفكران فيه هذين الأسقفين " ففعل هذا بأساقفه الصعيد قدامهما لكى يظهر إيمان هذين الأسقفين أمامهما فيفهما )
قال الإنجيل إن لم تتوبوا فإنكم تهلكون ولما وبخهما البابا وقطعهما الله (حرمهما الله) الذى عرف خبايا قلوبهما ، لإنهم كانوا يفكرون فى عدم الرجوع الى الإيمان الصحيح ، بل يستمروا فى هرطقتهما ، ويقول ابن المقفع انهما ماتا فى منطقه بنا قبل أن يصلا الى كراسيهما .


أولاد إلياس الوالى :

ويروى إبن المقفع أن هذا البابا كان ينظر الى السماء ويرشم علامه الصليب على وجهه ويقول: ياربى يسوع المسيح عينى وترائف عليا وإفتقدنى برحمتك وتكون هذا عندما يعلم ان امرا تقرر من قبل الله او ان امرا يشغل قلبه شيئا ، ووصل فى تلك الأيام قوما من جنس المسلمين العرب ( الخراسانيين) العباسيين وذهبوا إلى الإسكندريه ، وسألوا عن عن البابا فقالوا لهم : ماذا تطلبون منه فقالوا إننا أولاد إلياس الذى كان واليا على مصر . دعونا نتقابل مع البابا ، إن أبينا أخذه ( مال ) من البابا . فعلم الأقباط أنه والى الإسكندريه الذى أخذ ادوات الكنائس من البابا يعقوب ، وعندما أعطى كأس الى الصناع وبدأوا يكسروا الكأس خرج دم من كأس الفضه .
ووجدوا البابا فى سخا فذهبوا إليه وأعلموا البابا بأولاد إلياس ، وأن إلياس فى يوم وفاته أوصى أولاده أن يرجعوا هذا المال وحدده بالتفصيل الى كرسى الإسكندريه وقال لهم أيضا لأننى أخذته أثناء ولايتى من البابا يعقوب إسألوا البابا الذى يكون بعده وتسألوه ان يحاللنى من رباطى فلما سمع البابا لم يهمه الأمر ولم ينظر الى المال وإستمروا أولاد إلياس فى إرسال الرسل الى البابا وسأل الأقباط البابا مرارا أن يجعل هذا الإنسان فى حل كما أوصى أولاده وأولاده أوصوهم ، لانهم كانوا يلحون فى الحصول على هذا الحل وقالوا للبابا: ان لا يدع هؤلاء الناس أن يذهبوا الى بلادهم ويضيع تعبهم فكتب إليهم يقول الذى وصلتم لجله فى حل . فطابت نفوسهم وعادوا الى بلادهم فرحين .


الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون :

ذهب البابا شنوده الى أديره وادى هبيب ( وادى النطرون ) ليقضى فتره صوم الأربعين المقدسه كما هى عاده الآباء ال بطاركه ، فأشار عليه الأقباط ان لا يذهب الى هناك لإن عرب الصعيد بدأوا يهاجموا القرى فقال البابا : إن لم أذهب الى البريه المقدسه فعلت مسره الشيطان فالشعب ستبرد محبته لله بسببى ولن يتباركوا من القديسين ، فإستعان بالله وتوجه الى أديره وادى النطرون وكانت من عاده العرب الإجتماع فى وقت ما فوصل عرب الصعيد ولم يشعر بهم أحد وإنضموا الى عرب الشمال وهاجموا دير أبو مقار والحصون ونهبوا جميع ما فيها من المتاع والطعام وغير ذلك من أول برموده ونهبوا الشعب الذى اتى ليقضى العيد هناك وأخرجوهم بالسلاح وإجتمع الأساقفه والرهبان وسألوه ألا يخرجوا حتى لا يقتلوا بأيدى العربان ، وسمع البابا هذا الكلام وعرف انه خديعه وفخ من الشيطان وعلم بالروح أن الشيطان جمع الناس وأقلقهم لإنه يريد خراب البريه وهجره الآباء منها حتى لا يكون فيها من يردد إسم الله فقال بقوه قلب: الرب يضربك ايها الشيطان ويرزل مؤمراتك التى فعلتها وكان الآباء يسألوه ان يخرجوا من الحصن ويتركوا الدير ولكنه قال لهم: إغفروا لى يآبائى غننى لن أفارق هذا المكان حتى يتم الفصح ،ووقف العرب على الصخره التى فى شرق الدير ، وكانوا مثل قطاع الطرق هذه الأيام فكانو يلزمون الناس بأن يعطوهم ثيابهم وإذا رفضوا فإنهم يجرحونهم بالسيف وكان هذا يوم الخميس من جمعه الفصح ومن نفذ من الحصار فإنه يدخل باكيا مضطربا ويقولوا يأبانا أعيننا فقد قوى علينا هؤلاء العربان قطاع الطرق ، فلما رأى البابا قلق شعبه إحتدت روحه فيه فنهض وأخذ عكازه فى يده الذى عليه علامه الصليب وخرج الى العرب ليلا وقال الأصلح ان اموت مع شعب الله أو إذا رأونى يمتنع شرهم ويخلص منهم الشعب فلما رأى الأساقفه حسن نيه البابا وطيبه قلبه وأنه يريد ان يضع نفسه لإجل أحباءه مسكوه ومنعوه من الخروج وقالوا لا ندع تسلم نفسك الى هؤلاء القتله ولكنه طمأنهم وذكرهم بالصلاه لإجله ، وخرج الى العرب فلما رأوه رجعوا الى الوراء وإختفوا ولم يظهروا فى ذلك اليوم ، وسمع الأرخن اصطفن وسويرس وكان رجلا مشهورا فذهب الى الدير وقال للبابا أنا أسلم نفسى عنك وعن الشعب ، فطلب البابا من الشعب الى الكنيسه فى يوم الأحد ليناولهم من السرائر المقدسه ليلا قبل الصباح فحضر جميع الشعب من القداس والأساقفه والرهبان ، وبدا القداس وبينما كان يطوف بالبخور حول الهيكل كانت عيناه تفيضان بالدموع وكان الرهبان يبكون بحرقه فنظر الله الى زلهم ثم صرف الشعب وخرج وهو يعزيهم وكانوا يباركون الله وتعجبوا من قوه قلبه وجسارته وليس معه أى سلاح فنجا كل من فى البريه من العرب .

محاوله إصلاح ما فعله الأشرار :

عرف البابا أن الأرخنين ابراهيم وساويرس قررا أن يذهبا الى الخليفه المعتز لإمر ما فكتب البابا إليهما خطابا بالسلامه ويحفظهما الله ويعينهما على ما يريدانه من الخليفه وقال لهما إسألا الخليفه فى امر كنيسه الله التى خربت ، وقال البابا أنا اريد ان أعمرها فى أيامى وأنظر الكنائس قبل ان أنتقل من هذا العالم ، وهذا كل أمالى فى الرب المسيح ، وعندما وصلا الأرخنين الى مدينه سر من راى عند قوم من المسيحين من العاملين فى قصر الخليفه ففرحوا بذلك وقدموهم الى المعتز وأخبروه بأحوال الكنيسه وما فعله ابن المدبر ، فأجاب طلبهم وكتب لهم سجل بأن يبنوا الكنائس فى أرض مصر وثبتا السجل وقالآ : السجل محتاج لختم الخليفه . ومات الخليفه قبل ان يختم السجل ، وتولى الخلافه أخيه المستعين فكتب أبراهيم خطابا الى الخليفه الجديد يعرفه بأمر السجل الذى كتبه أخيه المعتز وانه ينتظر خاتم الخليفه ، فأمر المستعين أن يبحث عن السجل فى الديوان فأحضروه له وأمر بإتمامه وكتب " ان يستقر بأيدى الذمه بارض مصر وأكد فيه على أن من يتجاوزه سوف تحل عليه نقمه الخليفه ، كما امر بأن تعاد إليهم مأكان إغتصب سابقا من الكنائس والأديره وأوانى الكنائس والأراضى والحقول والمزارع وغير ذلك مما كان ملكا للنصارى ، فكان هناك فرحا فى أرض مصر وفرح البابا شنوده ورنم البابا قائلا الشكر لله الذى تمم رغبتى وانقذ ميراثه وجدد وجه الأرض وبنا الله خيمه داوود الساقطه ، وقابل البابا شنوده المتولى ارض مصر وساله ان يتمم أمر الخليفه فكتب الى نوابه فى جميع بلاد مصر بالتصريح بالبناء فى كل المواضع التى يختارها الأقباط ، وكتب البابا الى الأساقفه يعرفهم بأمر الخليفه .

تحديد يوم عيد القيامه :

 ظن بعض الناس ان عيد القيامه كان فى اليوم 16 برموده ولكن البابا شنوده قال ان القيامه المقدسه حدثت فى سنه 5534 للعالم وأن الصلبوت كان فى يوم الجمعه 27 برمهات وهذا اليوم قد خرج فيه آدم من الفردوس والقيامه فى اليوم 29 برمها يوم الأحد

يوم المعجزات :

ذهب البابا شنوده الى دير وكنيسه مار مينا بمريوط يوم 15 من هاتور وبينما كانوا سائرين فى الطريق الى الدير هو وبعض الشمامسه والأراخنه وكان هذا فى اليوم 13 من هاتور تجمع شعب القبطى فى المنطقه لإنهم لم يجدوا ماء لإنه ام يسقط مطر طوال الثلاث سنوات الماضيه وجفت الآبار ، وحزن البابا حزنا عظيما وذهب الكنيسه وطلب إليه كل من كان ذهب ليعيد عيد مارمينا بمريوط قائلين : نرجوك يأبانا ان تدعوا الى الله ان يترائف علينا لكى لا نموت نحن وأولادنا وبهايمنا عطشا ، فكان يقول لهم : انا أؤمن أن الله سوف يرينا رحمته سريعا وبصلوات شهيده ، ولما أكمل القداس فى 15 هاتور وناول الشعب من السرائر المقدسه سأل الرب من قلبه وفكره ان يذكر شعبه المحتاج إليه فى هذه المنطقه ويرضى قلوبهم بالماء ، وحدث انه إجتمع بالناس قرب مغيب الشمس فى نفس اليوم وكانوا يأكلون معا (تسمى مائده أغابى ومعناها مائده محبه ) بدأت السماء تمطر مطرا خفيفا ثم أصبحت السماء مظلمه من كثره الغيوم ثم رفع البابا يديه الى السماء بمسره روحانيه وقال:ياربى يسوع إلهى الغنى برأفته إن كنت تريد أن ترحم شعبك فإرحمهم وليمتلؤا من مسرتك وبركتك . ودخل الى مخدعه ليستريح وينام وقبل ان يعطى لعينيه مكانا للنوم صلى صلاه النوم كعادته وسأل الله ان يذكر شعبه ، فلما تم صلاته حدث رعد عظيم من السماء وهطل مطر غزير لدرجه انه كان يجرى على الأرض مثل الأنهار الجاريه فى الصحراء وإستمر لليوم التالى فأتى الى الدير كل الموجودين بالمنطقه والذين لم يحضروا العيد فرحين وهللوا له قائلين: مباركه الساعه التى التى أتيت فيها إلينا لإن الله الله انقذنا بصلواتك الطاهره إليه ، وإمتلأت الآبار الفارغه ورويت الأراضى والكروم وقيل ان المطر كفاهم ثلاث سنين أخرى .
أما المعجزه الأخرى التى حدثت فى نفس اليوم فقد حدثت ان البابا نمى الى علمه ان كاهنا من قسوس ( ليس راهبا ) كنيسه الشهيد مار مينا ظلم إمراه ارمله كان لها قطعه أرض بجوار أرضه مزروعه بالكروم ( العنب ) فاخذ منها الأرض عنوه وضمها الى ارضه فطلب منه البابا ان يعيد الأرض الى الأرمله الفقيره فرفض فحرمه البابا من مزاوله رتبه الكهنوت ، وحدث انه لما نزل المطر غزيرا على كل أرض المنطقه ورواها إلا أرض هذا الكاهن المغتصب أرض الأرمله الفقيره .


شراء موهبه الله بدراهم :

عندما عاد البابا من رحلته الرعويه فى الصعيد ووصل مصر ساله إنسان أن يقيمه أسقفا ويأخذ منه مالا كثيرا ، وفسر البابا له كيفيه رسامه الأسقف وكيف يختار فألح كثيرا ولكن طلبه رفض ، ففكر فى أمر يخزى به البابا شنوده ، فوجد راهب سوريا من أهل سوريا
تمرد المسلمين المدالجه:
قام فى ذلك الزمان إنسان مسلم من المدالجه سكان الإسكندريه وإلتف حوله جموع كثيره من الناس وهم مقاتلين شجعان أشداء وسمع العرب اخباره فإنضموا إليه كما إنضم إليه الفعله فصاروا اعدادا غفيره من المقاتلين وكانوا يهاجمون كل موضع فيه مركز للخليفه فيستولوا عليه ويطالبوه بالمال فأحرقوا بلاد كثيره وقتلوا ناس لا حصر لها وكانوا يهاجون الجنود ويهزموهم فى كل مكان فى الوجه البحرى حتى وصلواالى بلده بنا وإستولوا عليها وجبوا الخراج لإنفسهم مريوط حتى وصلوا الى دير مارمينا بمريوط وإستولوا عليه وأيضا محله بطره ومزارع دير ابو مقارنهبوها وأكلوا زرعها وتقاسموا الأغنام والبلاد فبغوا وكثر مالهم ورجالهم ودوابهم ونسائهم وأولادهم ولما غشتدت قوتهم حاصروا مدينه الإسكندريه وطالب بإستسلامها لينهبها كما نهب غيرها من البلاد وسبى النساء والأولاد وقتل رجالهم وأخذ أموالهم وحاول ألإستيلاء عليها ولكنه لم يفلح فلم يقدر على مقاومه الحصون فحاصرها ومنع الغذاء من الدخول إليها من البحيره ومن النيل وأقام الجسور الترابيه فسد ومنع مياه النيل من دخول الى الأسكندريه . وكانوا يشربون من الأبار فقل القمح بالمدينه ولم يستطع الكهنه الحصول على الدقيق وعصير العنب ، أما سكان مدينه رشيد فعملوا مركبا وملؤها قمحا وغذاء وأقلعوا قاصدين الإسكندريه عن طريق البحر فأنقذ أهل رشيد سكان الإسكندريه من الجوع وتشاور أهل المدينه فى أمر تقويه سورها فقفلوا الفتحات التى بين مساكنهم ببناء حوائط بينهافصار هناك سورا آخر وعملوا أبوابا وقفلوا جميع الأبواب ما عدا بابا واحدا فتحصنت مدينه الإسكندريه
وكان البابا لا يجد مكانا يأوى إليه لأن المدالجه كانوا قد نهبوا كل أراضى المسيحين ومع كل هذه البلايا طالبه والى الخراج إبن المدبر بالخراج عن الأراضى وأديره الكنيسه التى إستولى عليها المدالجه ، ولما لم يكن فى إستطاعته ان يدفع شيئا خاف ان يقبض عليه إبن المدبر ويرميه فى السجن ، ففضل ان يذهب الى المحله الكبيره وأمر ان تقام قداسات وصلوات فى كل أرض مصر لإجل أهل الإسكندريه المحاصرين حتى ينجيهم الله من الجوع والعطش والأعداء وكان إذا سافر إنسان من مكان الى آخر ووجدوا معه درهما كانوا يقتلونه ويأخذون ما معه وثيابه أيضا فكان المصريين يسافرون بثياب رثه فقيره وليس معهم أى نقود ، وكتب البابا الى تجار الكتان من الشرقيه أن يأتوا بكتانهم فدفع لهم مصاريفهم وقال لهم تاجروا وما يخرج من التجاره نرسله الى أهل الإسكندريه فذهب التجار الى الريف وأعطوها الى البابا الذى أرسلها الى أهل الإسكندريه والأديره التى نهبت وكان الرهبان فى الأديره فى خوف عظيم فكان العرب يرصدون تحركهم فأذا رأوا أحدا يذهب ليملأ جرته بالماء يقتلوه ويأخذون الثياب التى عليه وأوعيه الماء ، وكان الرهبان صابرين على الحر والبرد والخوف ، ولم يتمكن أحد من الشعب من الوصول الى دير مار مينا بمريوط ، وصار الدير خرابا أثناء حصار المدالجه للإسكندريه ، وخربت جميع الكنائس بمصر خاصه كنيسه السيده العذراء بأتريب ، ولم تنجى كنائس وأديره الصعيد منهم . وتفرق الرهبان فى البرارى والصحراء والجبال النائيه .
ولما أراد الله أن يفتقد شعب مصر جعل الخليفه يرسل واليا إسمه المزاحم وتحت إمرته جيش كبير من الأتراك المقاتلين المدربين جيدا على القتال ، ولم يستطع أحد مقاومتهم لإنهم كانوا يستعملون سلاحا جديدا ، لم يستعمله المصريين من قبل وهو ، النشاب ، وعندما وصل الى الفسطاط أخذ الأموال التى جمعها ابن المدبر وأنفق على جيشه وجمع الرجال ولما علم أنهم إستولوا على بعض البلاد فى الوجه البحرى والصعيد . أرسل مقدمه جيشه وفرسان راكبين الخيل ومشاه من الرجال المقاتلين ، وأرسل من البحر أيضا أسطولا من المراكب فيه أعدادا كبيره من المقاتلين ، وحدثت الحرب بين منطقتين هما بنا ، وأبو صير فى الوجه البحرى فقتل عددا كبيرا من المدالجه بالسيف وغرق فى البحر كثير منهم ، ومن إستطاع الهرب من المدالجه أحرقوه النفاطين بالنار { كانت المراكب قديما تلقى نفطا مشتعلا بالنار} بين منطقه سندفا ، والمحله ومن قوه النيران إحترقت حوانيت ودكاكين المحله وبها البضائع ، ومن هرب الى الجهه الأخرى وإلتجأ الى البحيره لم يقدر علىالعوده لإن المراكب التى تلقى النفط كانت تنتظرهم ، ولما حدث الحريق أفتقر الأغنياء لحرق بضاعتهم ، وكان هناك تاجرين من ألأقباط متجاورين أحدهما كان غنيا ولكنه لم يعطى الفقراء والآخر كان رحوما جيد القلب ومن أرباحه يعطى الفقراء والأيتام ، وعندما احاطت النار بالمكان أحرقت كل ما للغنى من بضاعه ، اما التاجر المحب الناس أنقذه الله فى يوم شدته . وعندما عاد مقدم الجيش قتل كل من بقى من المدالجه ففرت فلولهم المنهزمه الى الجبال لإن كان معهم بعض العرب . فكان إنتقام الله منهم عظيما لتخريبهم كنيسته.
وعاد الظالم ابن المدبر الى ظلمه ففرض جزيتين وضاعف الخراج على الأقباط الذين بارض مصر ففر الناس من ظلمه ولم يستطع الأغنياء أن يجدوا الخبز وطالب البابا شنوده بالخراج على أملاك الكنيسه ودير مار مينا بمريوط الذى دمره المدالجه وطالبه أيضا بجزيه الرهبان الذين قتل بعضهم ، فصبر البابا على هذه البلايا ووفى ما عليه بعد ضنك شديد


البار والخائن :

كان البابا شنوده لا يعطى الرتب الكهنوتيه إلا للصالحين والمتبحرين فى العلوم الدينيه وكان قد أعلن بالروح عن إنسانا يفعل افعالا جيده ، كما أعلن له فى المنام أن يعطيه رتبه الأسقفيه فآمن بما رأى , فأخذه قهرا ورسمه أسقف على القيس وسماه جرجا وأصبح يفعل المعجزات وسماه الناس القديس أنبا جرجه .
وكان يوجد إنسانا مسيحيا إسمه اصطفن ابن أندوده المصرى يقول عنه ابن المقفع انه صار وعاء الشيطان فى أفكاره وإضطهاده للأخوه أبناء المعموديه وكان كاتبا لأمير إسمه يحي ابن عبد الله سأله البابا شنوده ألا يضع جزيه على الرهبان إلا انه تجهل رجاء البابا وثبت عليهم الجزيه أمام الوالى يحي ، فحدث انه ظهرت بثره فى يده اليمنى التى يمسك بها القلم ويكتب بها النميمه وكذب الكلام على آبائنا الرهبان ، وصارت البثره خراجا فأكلت كفه ثم زراعه وقرر الأطباء قطعها ولكنه رفض وتكبر لكى تتم فيه قوه الله ومات بعد ذلك .


الخليفه يلغى الجزيه ويأمر بحريه ممارسه الأقباط لعبادتهم فى مصر:

ذهب راهب قديس الى عاصمه الخلافه سر من رأى , وإستعان ببعض المسيحين الذين يعملون فى قصر الخليفه ليعضدوه فى طلبه فى إلغاء الجزيه من على الرهبان ، فكتب له سجلا عن حريه العباده فى مصر مصرحا ان يعيدوا أعيادهم علانيه , وفرح الوالى المسلم بالسجل ، ونفذ أمر الخليفه ولما إعترض بعض المتطرفين من المسلمين ، كان يستشهد بآيات قرآنيه ، ان من يرفض المعيشه فى العالم ويسكن الجبال لا يجب ان يلزم بخراج او جزيه ، وكتب الوالى سجلا آخر يثبت سجل الخليفه وأرسله الى جميع بلاد مصر .
أعمال البابا فى الأديره..مرضه..عدو الخير: إهتم البابا شنوده بإعمار الأديره وحمايتها من البربر والعرب ، فأمر ببناء سور عالى وحصين وبنى أبراجا يحتمى فيه الرهبان إذا سقط الدير فى أيدى العرب ، وأحضر حجاره وقام بالبناء مع البنائين كواحد منهم ولكن عدو الخير لم يستطع ان يرى خيرا فضرب البابا بالمرض.
أصيب البابا شنوده بمرض النقرس خاصه فى يديه ورجليه ، وكان لا يقدر ان يكمل القداس من شده مرضه وأوجاعه وآلامه ن ولما زاد عليه المرض لم يستطيع الحضور للصلاه فى أيام الأعياد .

وحدث ان رجلا مسيحيا إسمه يعقوب كان صديقا لليهود ذهبوا الى ابن طولون ليبيع سيده البابا كما فعل الخائن يهوذا فأرسل كتابا فيه دسيسه وكذب على رئيس كهنه الله ، وقالوا إذا أعطاهم السلطان فسيستخرجوا منه 100000 دينار وسمع البابا عن الشر الذى يفعله يعقوب الشيخ فكان البابا يصلى لئلا يغرق فى آثامه وكتب الى الأراخنه الأقباط حتى يكلموه فيرتدع ، ولكنه كان يتضاعف شره كل يوم فإختفى فى شرق مصر ، ولما لم يجدوا البابا غرم الولاه الأساقفه مالا , وكانوا يصهلوا على النساء مثل الخيل يفعلون ما حرمته الأديان ، ويخطفوا الأولاد وينجسوهم من غير خوف من الله ، وينهبوا المواشى ويذبحوهم ويأكلونها ، وكانوا يأكلون لحم الخيل ويأكلون ويشربون الخمور وفسقوا , ولبس الأساقفه والكهنه لبس العلمانيين وتمموا واجبهم الدينى وشجعوا الأقباط ، إلا ان ابن طولون أدبهم فخافوا منه ومن هيبته وقتل كبارهم ونهب أموالهم فخاف الناس منه ومن أعماله معهم وقد خدعوا الوالى بأن جعلوا كاتبا من عند الوالى يكتب لهم بإسمه يطالب البابا والأساقفه بما يريدون فعرف الوالى أن الكاتب يزور أوامر منه فغضب غضبا شديدا ونهب جميه ماله وأمر بحلق لحيته وقيده بالحديد ووضعه فى السجن ومات يعقوب وصديقه اليهودى .
وحدث أيضا أن راهبا من دير الهنابطون ذهب الى بابليون ( الفسطاط ) وكتب كتبا ضد البابا وسلمها للولاه فأخذها خصيان الوالى وسلموها إليه فأمر ان يلازم البابا إلى أ، يسأل عنه فوقف على البابا أياما ولما رأى المؤمنين إلحاح هذا الراهب فى الوقوع فى الشر كلموه قائلين لا تذهب الى أبواب الولاه ولا تقل فى رئيس شعبك سوءا فتحرك ضميره من كثره التبكيت فترك تفكيره الردئ وذهب وطلبه الوالى فل يجده ولا عرفوا موضعه .
وحدث أيضا ان شماسا من منطقه بشمور كان قد ترهب ولبس ملابس الرهبان ثم نزع ثيابه الرهبانيه وكان يشبه القس السابق ولما ظهر للوالى قالوا له: أين أنت ؟ لا تترك مكانك الى ان تفعل ما تريد. فلم يشك فيه أحد وكتب الوالى له أمرا ومعه جنود فرسان وذهبوا إلى الموضع الذى فيه البابا ولم يعرف أحدا من الكتاب ولم يسجلوا الأمر فى الدواوين لإنه كتب فى خطابه للأمير: أن يكتب له أمرا ولا يسجل فى الدواوين خوفا من أن يعرف الناس أمره ولا يظفر بما يريد .
فقبض على البابا وسمع الأقباط بوصول البابا الى الفسطاط مقبوضا متألما ومتوجعا من مرض النقرس عليه فحزنوا حزنا شديدا وخافوا من هذا الشماس وإختبأوا ووصل امرا من الوالى بطرحه فى السجن ، مع المعتقلين من اللصوص والقتله والمجرمين وكان يحملونه أربعه من الغلمان فى محفه فقذف به جنود الوالى فى موقع ضيق ، وسمع أخباره جميع الأقباط والمسلمين فحزنوا لما ناله من الوالى. وكان امر الوالى ألا يدخل على البابا إلا تلميذا واحدا يأتى إليه بالطعام ولا يمكنه التكلم معه أو توصيته بما يريد وكان حراس السجن يأخذوا الطعام من تلميذه فيأكلوا منه ما يريدون ويتركوا الباقى للبابا فكان الذى يصل للبابا نذرا يسيرا فكان يأكل كل ثلاثه أيام ويترك الطعام الى المحبوسين معه ، أما المسجونين معه فقد أحبوه وكانوا يخدمونه خدمه العبيد لسادتهم ، فكانوا يحملونه الى دوره المياه ، ثم يرجعونه ثانيا .
وكان الأمر الذى أخذه الشماس فيه أمرا آخر بالقبض على الأساقفه فذهب الى بلاد مصر وقبض على الأساقفه وعندما كان يقبض عليهم كان يفضحهم ويشهر بعم فكان ينزع ثيابهم الكهنوتيه ويلبسه غيرها ولا يدع عليهم إلا القلسوه التى يلبسها الرهبان ويركبهم الدواب بغير سروج ولم يقبض على جميع الأساقف فقد هرب بعضهم وأعطاه بعض الأساقفه شيئا من المال عند قبضه عليهم .
وظل البابا يعانى من مرضه وألامه وهو فى السجن أربعين يوما حتى طرح الله فى قلب الوالى الرحمه فأطلقه من السجن وكان الشماس قد قبض على بعض الأساقفه ومتجها نحو الفسطاط عندما سمع خبرا ان البابا قد أطلق سراحه من السجن ، فأعاد الثياب الى الاساقفه وما كان أخذه منهم من دواب وأثاث وغيره ولكنه لم يرجع الذهب والفضه لأنه قد أعطاها إلى الرجال الذين معه ولأنفقه على ما يشتهيه لأنه كان فقير جدا ففرح الأباء ولم يطالبوه عن أى شئ لأنهم ظنوا ان الأخبار التى وصلته عن البابا كاذبه .وذهب الشماس الى البابا وقال له أسألك يأبى أن تغفر لى أنا عارف بالشر الذى فعلته وأننى لم أقدم لك خيرا فقال البابا له الرب يغفر وسأله أن يكتب له كتابا بأنه سامحه فقد كان لا يقدر ان يواجه الأقباط ولا المسلمين لإنهم كانوا يريدون رجمه بعد الذى فعله ، فأمر البابا شنوده يوحنا كاتبه بان يكتب له بأنه سامحه وانه حالل وثاقه من فمه ولا يمنع من التناول ثم ختم ما كتب بخاتمه ودفع له مبلغا من المال وأعطاه دابه وأمر بإعطاءه ثلاث ثياب فقال تلميذه كاتب سيرته يأبى كيف فعلت هذا وهو غير مستحق لتناول القربان فقال البابا ياولدى المبارك: ألا تعلم أن الإنسان الخاطئ إذا جسر وتناول القربان من قبل إقراره بخطيته أمام الله وسؤاله الصفح عنه وظن ان القربان يتمم مسيحيته فقد زاده القربان من خطايه لكنه إن ظن أن القربان يغفر الخطايا كما قال هذا جسدى كلوه فى كل حين لمغفره الخطايا فإنه قد تناول القربان وغفرت خطيته .
ولم يتخل الشماس عن شره فمضى يفعل أعمال الشر فى بلده بمنطقه صا فكان يجالس الولاه ويؤزى كهنه الكنائس هناك وكان يكتب الشكاوى على الأقباط والكهنه فلما تزايد سلطانه وقويت شوكته وخاف التجار وذوى الأعمال وكبار القوم منه إجتمع أهل الإسكندريه مع تجار الذين يعملون فى تجاره الأعمال البحريه (تصدير وأستيرادعن طريق البحر) فذهبوا الى الوالى وقالوا له: إننا لا نقدر ان نزاول تجارتنا ولن تستطيع ان تستخرج مالا من ميناء الإسكندريه إلا من التجاره التى ترد إليه من البحر والبر ، فخراج الإسكندريه لا يأتى من زراعه أرض وغيرها ، ونحن نعمل فى تجاره البر وهناك رجلا يؤذى من يصل منا إلى بلده فلا نقدر ان نتاجر فى بلده وتجار البحر واقفين إمتنعوا ان يدخلوا بمالهم الى الإسكندريه خوفا من ظهور البضاعه فيوشى بهم الى الولاه قائلا: انه إذا خرجت هذه البضاعه من البلاد ضعفت البلاد .

فإختار الوالى إثنا عشرا من الفرسان الأقوياء ( القرغلاميه) ليقبضوا عليه ولا يرحموه ، ولما ذهبوا الى بلده وقبضوا عليه أوثقوه بسلاسل حديديه فى يديه ورجليه وأركبوه على دابه غير مدربه وكان من عاده هذه الدابه انه إذا تحرك الراكب وتسمع صوت الحديد عليها تفزع وتقفز وتطرح راكبها من على ظهرها أرضا وتلتفت إليه وتعضه بفمها فكان يصرخ ويصيح فلا يلتفت أحد إليه ، وكان كل إنسان يراه يفرح ويدعوا للوالى الذى قبض عليه وكانوا يقولون له: الله قد طرحك فى هذه البليه ونحن نسأل الله ألا ينقذك منها فكان يرد عليهم قائلا: إننى سوف أتخلص من هذه المشكله لأننى ذكى وقد خدمت الولاه وهم لا يردونى وسوف أجازى كل واحد عن عمله معى . فكان الناس يقولون: أنك مستحق أكثر من هذا لأنك بأعمالك الشريره وضعت البابا شنوده فى السجن .
وكان شره قد إمتد الى المسلمين واليهود أيضا ، فلما رأى ان الناس قد أبغضوه وأن الوالى أيضا معهم غطى وجهه بعمامته من الخزى ولما وصلوا الى دار الولايه قال له الوالى : أنت الرجل الذى عملت هذه الشرور . فظن الشماس أنه إذا قال للوالى المسلم بما فعله مع البابا سيخلى سبيله ويشكره على فعلته فقال: نعم أنا ذلك الذى سلمت البابا للوالى وحصلت منه مالا كثيرا وقد سامحنى وبيدى مكتوب من البابا أن لا يضرنى أحد ، فقال الوالى : انت الذى فعلت هذا الذى بلغنى والآن فقد ظهر لى أنك من حزب الشيطان الملعون وقد قلت بوقاحه أنك لم تخاف الله ولا راعيت أبوك البابا حين فعلت معه هذه الأفعال الشريره فقد صدقت الآن كل ما قاله التجار عنك وما تعمله معهم ومع غيرهم من الضعفاء .
فاحضر غلمانا أشداء وأمرهم بأن يطرحوه على الأرض ويضربوه بعصى غليظه من الخشب فلما قال الجند انه قارب الموت فقال أوقفوه وإضربوه ثلثماءه سوط فقال الجند إذا ضربناه فإنه يقارب الموت وسوف تفقد المال فقد ظن الجنود انه يضربه ليدفع مالا ، فقال : ليس الأمر كذلك إفعلوا ما أمرتكم به . فجلدوه خمسين سوطا من جلود البقر فقارب الموت ولم يتحرك فأمرهم أن يسجنوه ويضيقوا عليه بالخشب والحديد ولا يعطوه من الطعام إلا بالقدر اليسير كل يومين فكان يشتهى الموت وناله ضيق وألم وخزى لا مثيل لهما .
وعندما سمع حراس السجن ما فعله أرادوا ان يقتلوه ولكنهم خافوا من المسجونين لئلا يخبروا أحدا وكان المسجونين قد تحدثوا أمامه بما فعلوه من جرائم وعندما عرفوا انه واشيا أرادوا قتله لئل يفرج عنه فيتكلم بما سمعه منهم عند الولاه وكان من ضمن المحبوسين رجلا كان عنده كنزا وضعه فى الأرض فإعتقل بسببها ولم يريد أن يعطيها للحاكم لمحبته فى المال وكان قد أوصاه عند دخوله السجن وقبل ان يعرف حقيقته بأن يوصيه بان يعرف أولاده المكان الذى فيه الكنز لئلا يموت فىالسجن. ولما علم انه واشيا ندم على إخباره بأمره وكان يريد قتله ولم يجد ما يقتله به فكان يأتى بأوساخ السجن وأتربته وما علق من عطب على الأسقف ويضعها على جروحه فكان يغشى عليه وعندما يفيق يقول: قتلتنى يا هذا الإنسان!! فلا يسمع لندائه محبوس ولم يحميه الحراس لأنهم أرادوا موته .
وصل إلى (بابليون ) الفسطاط راهب اسمه تيدرا ابن أوضوريطس فى الساعه التاسعه صباحا يطلب مقابله البابا ، فخرج تلميذه إليه وكان حزينا باكيا لأنه رأى شده آلام وجع النقرس على البابا طوال الليل فقال تلميذ البابا الى الراهب : ألم تسمع يأخى عن شده آلام البابا ووجع النقرس فلا يقدر أحد أن يكلمه فقل لنا ما تريد ، أو تصبر لعل الله يعطيه العافيه فتجتمع به ويجيبك الى طلبك . فقال: كتاب مصر كتبوا لى وأريد أن انجز ما جئت لأجله وأنكم تمنعونى عن مقابلته وتقولون انه عليل ومريض ، فإن لم أقابله فسأمضى وأعمل الشر فقال الحاضرين: إنك الآن تتكلم مثل الجبابره ونحن مثلك قد حضرنا ولم نستطيع أن نقابله فأمكث معنا وقابله غدا . فتكلم كلاما رديئا ودخله الفكر الشيطانى فلم يجيبوه بكلمه لأنهم كانوا مشغولين بمرض البابا فحمى صدره ووغر قلبه وإظلمت عيناه عن نظر النور .
خرج تيدرا من هناك وذهب الى مريوط بلدته البلد التى ولد وتربى فيها فمكث فيها أياما يخطط لعمل الشر ، فكان يذهب للوالى ويعرفه انه يريد المضى الى بابليون الفسطاط ويقول له أن البابا له ضياع ومواشى وأغنام وأراضى وأشجار فأحفظ ما قلته لك حتى يصلك خطاب من الوالى بمصر ولما وصل الفسطاط كتب طلبا الى والى مصر ابن طولون قال فيه : إن سلطانك أيها الأمير على أرض مصر كلها والكل يخاف منك إلا البابا شنوده القبطى المقيم بالأسكندريه وهو يفعل أفعالا تغضب الله ، فهو يسحر للمسلمين ويرسلهم الى الأديره ويعمدهم بالصبغه المسيحيه ويجعلهم رهبانا إعطينى أمرا ورجالا وسأذهب الى ألاديره فى البريه وأخرج بعض المسلمين الذين فيها .
وكان إبن طولون قد وصله أمرا من الخليفه أنه سيصبح المسيطر على كل أرض مصر ، وأن تكون جميع ولاه مناطق مصر تحت سلطته وهذا خلاف ما جرت به العاده فكان والى مصر ووالى الإسكندريه ليس بينهم علاقه عمل إلا أنهم كانوا يتبادلون الهدايا وعلاقاتهم ببعض علاقه وديه , وعندما تسلم الأمر من الخليفه فرح فرحا عظيما فأمر جنوده أن يلبسوا أفخر ثيابهم ويذهبوا معه إلى الإسكندريه وكان عددهم 1200 فارس وأعطى لكل رجل زوجا من الثياب الفاخره وعمامه صنع أهل بشمور وأعطاهم خمسه دنانير وأعد للحمله زادا وحمله فى المراكب ، ولما وصل الى الإسكندريه أراد أن يعين واليا يدين له بالولاء وعلى الخمس مدن الغربيه ، ولما ذهب اليها فى أول يوم فى شهر رمضان فأحب المدينه فمكث بها الى العيد وأصلح أمورها ثم أراد الرجوع الى الفسطاط فذهب عن طريق مريوط فقضى فيها يوما وليله ليستريح عسكره من عناء السفر.
فوجد الراهب وسيله فكتب شكوى وذكر البابا والرهبان الذين كانوا مسلمين ، فعرف ابن طولون ما يقصده هذا الراهب وأراد أن يفعل فيه شرا لإنه قال فى نفسه إن لم يكن شريرا لما كتب هذا عن أبيه ، إلا أنه أراد أن يتحقق مما كتبه ، فأمر كاتبه أن يحقق فى الأمر فقال للراهب تيدرا: فى أى مكان يوجد فيه هؤلاء الذى جعلهم البابا رهبانا فأجاب قائلا : فى البريه فإذا أعطيتنى رجالا فسأعرفهم بالمكان وأحضرهم إليك . فأرسل معه جنود أتراك أشداء مخيفين لمن ينظرهم وأخذهم الى دير ابو يحنس بوادى هبيب .
ولما دخلوا الدير إضطرب وإنزعج وخاف الرهبان ثم دخل تيدرا والفرسان الى قلايه (حجره ) راهب محب لله كان تدرا يكرهه ، فأمر بوضع الحديد فى رجليه وهو لا يعلم السبب ثم ذهبوا به الى الكاتب وقال تيدرا : هذا من المسلمين الذى جعلهم البطريرك شنوده نصرانيا ، فقال الكاتب: ماذا تقول أيها الراهب فيما قاله تيدرا عنك . فأجاب قائلا : أنا نصرانى إبن نصرانى ، أنا نصرانى منذ صباى أبى نصرانيا وأمى مسيحيه وأهل مدينتى يعرفوننى ، اما البطريرك الذى يقول عنه فإن كان أبى فهو أب لجميع الأقباط ، وأنا واحد منهم .
وكان هذا الكاتب شريرا محبا للذهب والفضه فأحضر شهود زور شهدوا انه كان مسلما وأن بطرك النصارى جعله راهبا وجمع بعض الناس وقالوا انه قرر امامهم انه مسلم ، وأمر ان تقلع عنه ثياب الرهبان وألبسوه ثياب المسلمين وأحضره مع شهود الزور أمام مجلس شهود آخرين ليجدد إسلامه أمامهم ووعده بمال إذا فعل ذلك فكان يردد أنه مسيحى ويحب المسيح وكلما فعلوا به شيئا كان يزداد إيمانا ويصرخ قائلا أنا مسيحى وأبى وأمى وأهل مدينتى يعرفوننى وكان يبكى ويلطم على خديه فكانوا يقولون له : إنك إعترفت بدين الإسلام أما الشهود الحاضرين ثم تعود الى الإنكار , ويقول ابن المقفع ص50 ان الرب كان معه فى جميع شدائده ونجاه من جميعها فأخذ الكاتب شهاده الشهود المكتوبه ولم يلتفت الى تجديده الشهاده وألقاه فى السجن .
وكتب امرا مع تيدرا وأرسل معه فرسان أتراك لا يعرفون اللغه المصريه ليقبضوا عليه ويحضروه الى مصر ، فسمع بعض الأقباط ما حدث فأرسلوا خطابات الى البابا فى الأسكندريه وعرفوه بما حدث فى مصر وأمر الجنود الذين سوف يأتون للقبض عليه ، فلما قرأ الخطابات صرخ الى الله أن يزيل الرب هذه التجربه ، وإستعد البابا أن يضع نفسه لأجل الكنيسه المقدسه التى هو أمين عليها وكان لا يقدر أن يتحرك عن مرقده وكان حيا بمعونه الله له ، وكان معه فى ذلك الوقت أولاده الروحين سيمون أسقف بنا الذى رسمه لسقفا فى هذه الأيام وأخوه الروحانى الشماس مقاره ، فقال لهم يأولادى : أننى لا أستطيع التحرك من رقدتى فالمرض قد أشتد على ، اما أنتم فإهربوا من وجه الشر لئلا يعتقدوا ان معكم شيئا مما للكنيسه وقص عليهم ما حدث فى الفسطاط ووصول خطابات الأراخنه تعلمه بما حدث. فقال الأخوين : لن يكون هذا يأبانا فلن نفارقك بل نجعل نفوسنا فداك .
وبينما هم يتكلمان إذ بالراهب المارق تيدرا ينادى على البابا ويقول إفتحوا : وكان قصده أن يدخل بالشرطه إليه فيفجعه ليموت فلما رأى الشرطه أنالبابا شنوده طريح الفراش مريض ويتألم من وجع النقرس ولا يقدر على النهوض من مكانه ، فلم يقتربوا منه بل كانوا يلعنون تيدرا ويشتموه لفعله ، وجرد أحد الأتراك سيفه وأراد ان يقتله به فقال لهم: أنكم أرسلتم معى لتتموا أمر الأمير وإن لم تفعلوا ما آمركم به فمجازتكم عند الأمير ، فحملوا البابا ووضعوه فى مركبا أعدوه ليحملوه فيه الى الفسطاط وأخذ الأخوين المذكورين وشد وثاقهم وكل من وجده هناك من الأراخنه وغيرهم ووضعهم فى المركب مقبزضا عليهم مثل اللصوص ونهب كل ما وجده فى المكان من كتب مقدسه وأوآنى وغيرها وكان البابا شنوده عالما وكان يهتم بنسخ (كتابه الكتب بخط اليد ) الكتب فكان يجمع حوله النساخ ليكتبوا له الكتب وكان إذا إنتهى من كتابه كتاب يفرح به كفرحه ببناء كنيسه فنهب تيدرا الكتب فقد كان يعرف قيمتها وكان يريد ان يستولى عليها لبيعها وأمر بأن لا يتحدث الى البابا إنسان من أصحابه أو الأخوين المقبوض عليهم ، وقد حمل معه صناديق مغلقه وإعتقد أنها محمله بالذهب والفضه وكان من عاده البابا لمرضه الشديد أن يضع فى صناديق كل إحتياجاته مثل الكتب وبعض الصنديق ثياب له ولمن يخدمه وبعضها طعام لهم ، وكانت ملابسه من الصوف فلا يلبس الحرير إلا نادرا وفى الأعياد إذا قدر ان ينزل ويحضر الصلاه وكان ثوب واحد يكفيه سنينا عديده .
ولما فتح الكاتب الصناديق المغلقه فلما لم يجد شيئا ظن ان الراهب المارق تيدرا أخذ جميع ما فيها من مال وذهب وفضه لنفسه , وأحضر الخشب له فأحضره سرا وقال له : إننى فتحت الصناديق ولم أجد فيها شيئا وأننى اشك انك قد أخذت كل ما فيها . فقال هكذا وجدتها فحملتها إليك ، فغضب عليه الكاتب وكان يريد قتله ولكنه خاف من هيبه الوالى ، اما البابا ومن معه فقد كانوا فى ضيق شديد من الإهانه والأربطه والوجع والجوع والعطش فلم يأخذوا معهم شيئا ليقتاتوا به ، فبكى الأقباط عندما رأوهم على هذا الحال فمضى أهل اتريب وإشتروا قيودا حديد وأحضروا طعام وأعطوا الحراس ذهبا وفضه ليرحموهم ويحلوا أربطتهم ويقيدوهم بالحديد بدلا منها ، اما تيدرا فقال لهم : لن أفعل هذا ولن يأكلوا ولن أضع قيود الحديد فى يديهم. ولم يعلم أن الله قد أرزله وقلب عليه فكر الكاتب فحزنوا أهل أتريب والقرى المحيطه بها وبكوا بكاءا مرا على باباهم المريض طريح الفراش وأوجاع المرض . ولما وصلوا الى الفسطاط الساعه العاشره من الليل وأمر الكاتب إعتقال تيدرا وكان يريد أن يأخذ امرا من الأمير بما يريد أن يفعل معه لأنه لم يحضر المال الذى وعد بإحضاره فخاف لأن الصناديق قد سلمها له ليلا وفتحها لأنه إعتقد ان تيدرا سوف يقول انها كانت مملؤه ذهبا وفضه فأخرجه من الحبس وكان البابا قد أودعه فى سجن ضيق مع اللصوص والقتله ، وفى الغد أرسل الكاتب فريقا من المسلمين ليشهدوا بالزور انهم حضروا الإعتقال وفتشوا ولم يجدوا مال فلما سمع ذلك إمتلئ غضبا على تيدرا ومنع جميع الأقباط بعدم زياره البابا بعد ان كانوا يأتون إليه فى السجن ويأخذون بركته ولا يكلموه خوفا من الأمير ، وبعد أيام طلبوا منه مالا ويفرجوا عنه فقال لست معى شيئا .
فأمر الأمير بإحضار الراهب تيدرا وقال له : أين المال الذى أخذته من البابا الذى ذكرت لى وقلت انك إذا أحضرته الى هنا سأحضر المال الكثير الذى فى حوزته . فقال الخبر وصل إليه قبل وصولى فأعطى المال لأولاده سيمون أسقف بنا ومقاره الشماس أخوه قال هذا ليدافع على نفسه من غضب الوالى . فأمر الوالى ان يحضروا إليه واحدا واحدا ليكلمهما كل على إنفراد . فأحضر اليه الشماس مقار قال له : اين مال البابا شنوده قد قالوا لى انك أخفيت المال وهربته فإمضى وأحضره إلى لأطلقك من الحبس حرا بغير عذاب فقال إن كل ما عند البابا أخذوه معه فى المركب وأخذونى معه فأن كنت أخذت شيئا فقد كنت هربت أيضا .ثم أحضر سمعان أسقف بنا وقال له : أنت سمعان أسقف بنا فقال:نعم فقال له : وأين مال البابا الذى عندك . فقال سمعان : ليس عند أبى مالا إت كل ما يجود به الأقباط عليه ينفقه على الكنائس والفقراء والمعوزين والزى أخذتموه منه عند القبض عليه هو كل ماله , فلما سمع ذلك وأحس بصدقه ونظر مرض البابا وضعفه الشديد ، أحضر أخيه الشماس غاضبا وحزن البابا لأنه علم أن الوالى يريد أن يؤذيه ، فقال له الوالى : إعطينى مال البابا وإلا عذبتك عذابا شديدا ، فقال له: قد قلت لك لا يوجد عند أبى شيئا .
فامر ان يضعوه على بطنه على الأرض ويرفعوا رجله وضربوه حتى تدفق الدم من جسمه فلما رأى الدم أمر بحبسهم أما البابا فقال لمقار الشماس : إفرح ياولدى فقد كنت مستحقا ان تعذب لاجل كنيسه الله وستنال الأجر من المسيح , ثم رشم علامه الصليب على مواضع الألم فزال عنه الألم وأختفت علامات الضرب من على جسمه ولما رأى المسلمين الذين فى الحبس ما حدث : قالوا على البابا : إن هذا رجل من رجال الله الصالحين .
وظل البابا فى الحبس ثلاثين يوما ، وكان الأقباط فى حزن وكآبه فدفع الشعب مالا إلى الوالى فأطلقه وصلى البابا لأجل الراهب الذين قالوا عنه انه مسلم فكان ان الوالى أرسل من يسأل عنه فى بلدته وتأكد من صحه كلامه فأطلقه فإستحق الراهب أن يأخذ إكليل الإعتراف بالسيد المسيح ، وذهب ليتعبد لله الى يوم وفاته وكان متخفيا لئلا ينال مجدا أرضيا بسبب تمسكه بالمسيح . وكان الأراخنه يسألون البابا ليأخذوا حلا لعقاب الراهب المارق تيدرا الذى تسبب فى هذه البلاوى فقال لهم دعوه ليقتص الله منه ، لأن الله كشف له ما سيفعله لتيدرا , فهرب الراهب من الفسطاط خوفا من الوالى والأراخنه وذهب الىالبريه المقدسه وعذب الآباء الرهبان هناك ، وأقلق سكونهم فعرف أهل الأسكندريه بأمره عن طريق تجار مسلمين كانوا يشترون الحصر وغيرها من الصناعات التى يصنعها الرهبان فى الأديره ، فشاهدوا الراهب هناك ورأوه يعامل الرهبان معامله سيئه ، فعرفوا الوالى بشروره فأمر بالقبض عليه هو وأخوه العلمانى فقال له : ما سمعت عما فعلته بالشماس الذى كان قبلك وفعل أفعالك المشينه ، فسوف أجازيك عن أفعالك الرديئه وأمرا ان يطرحا أرضا على بطنهما ويضربا بالسياط حتى صارا كالأموات وجرهما من أرجلهما فى سوق مدينه الإسكندريه أوثقهما بالحديد وسجنهما ودفعا كل ما كان يملكاه ، وكانت أمه تتصدقا لتدفع للحراس وغيرهما إلى أن أطلقوهما بعد سنه وكانت حالتهما زريه وأصيب بمرض الجزام وصار لونه أسود .
وشاخ أبينا البابا شنوده وطالت أيامه فى الأرض وضعفت قوته بعد كفاح وجهاد كبير مع الولاه والظلمه من أبناءه وإختاره الله ان يكون مع أبيه القديس مرقس رسول المسيح فتنيح بعد مرض طويل فى 24 من برموده وجلس على الكرسى المرقسى 21 سنه و3 شهور فإجتمع الشعب وحزنوا عليه وبكوا بكاءا مرا بركه هذا القديس المجاهد مع المرض ومع الولاه ومع أبناءه تكون معى يأبائى وإخوتى آمين.




الأربعاء، سبتمبر 07، 2011

البابا قزما البطريرك رقم 54

البابا قزما البطريرك الـ 54

شهوه قلبه أعطيته ولم تمنعه إراده شفتيه

إختيار راعيا :
بعد نياحه البابا يوساب1 تذكر الآباء الأب القس خائيل الذى كان أغومنس (رئيس الدير) بدير أبو يحنس بوادى هبيب0 وكان عفيفا حكيما عارفا بالكتب الإلهيه لأنه كان كاتبا للبابا يوساب المتنيح ولكنه إشتاق أن ينطلق الى البريه المقدسه وبعد تقدمه فى سلم الفضيله وبإراده الله إستحق ان يصير أغومانس بعد ان رسمه البابا يوساب قسا0فأخذه الآباء وهو غير راضى وذهبوا الى مدينه الإسكندريه ورسموه وأجلسوه على كرسى مرقس رسول المسيح الى أرض مصر فى24 من هاتور ويقال 24 من كيهك فى نفس السنه التى توفى فيها البابا يوساب فى تذكار البطريرك الشهيد بطرس وأصبح خائيل الثانى البطريرك الثالث والخمسون من سلسله باباوات الإسكندريه وعاصر الخليفه المتوكل بن المعتصم وظل يعلم الشعب القبطى ويبث فيهم روح الفضيله بما تعلمه من علوم الآباء حتى تعجب الشعب من موهبه الوعظ والتعليم والإرشاد0 إلا أنه كان ضعيف الجسد0 وألزمه الوالى بالخراج فزاق طعم البلايا والأوجاع0 كما طلبوا منه مبالغ طائله على سبيل الرشوه وإلا سيمنعونه من قياده شعبه فإضطر ان يبيع مقتنيات الكنائس حتى يشبع محبه الولاه فى جمع المال بالطرق غير المشروعه0 ولعدم مقدرته على تحمل أعباء المسؤليه بكى بدموع غزيره قائلا: أنت تعلم يإلهى وربى يسوع المسيح أننى أحب الإنفراد والعزله وكان هذا هو هدفى من حياتى معك وليس لى مقدره على التغلب على هذه التجارب وأنت عارف بضعف جسدى يوما بعد يوم وعدم تحمله لهذه المشقات وقلت أصرخ إليك فى وقت الضيق فتنقذنى فأمجدك فلا تدع عبدك يواجه تجارب أخرى فإننى غير قادر على حملها0 وحدث أن توجه البابا خائيل الى أديره وادى النطرون ليقضى الصوم الأربعين المقدسه حسب عاده الآباء البطاركه ولما إنصرفت أيام عيد الفصح (عيد القيامه المجيد) أحس بألم وأوجاع شديده وتنيح فى الثانى والعشرين من برموده سنه 667 ش ويقال بل 568 ش 851م ولم تطل مده البابا خائيل سوى سنه واحده وخمسه أشهر0

الإضطهاد الشديد للمسيحين عامه والأقباط خاصه
إختيار البابا :
بعد نياحه البابا خأئيل الثانى إتفق الآباء الأساقفه والشعب القبطى بمدينه الإسكندريه على أنتخاب الشماس قزمان من كنيسه دير ابو مقار وتمت رسامته فى 24 من أبيب 567ش ويقال 568ش فى نفس السنه التى توفر فيها البابا خائيل الثانى 0 وأصبح قزمان الثانى بابا الإسكنريه وبطريرك الكرازه المرقسيه رقم 54 وعاصر هذا البابا الخليفه المتوكل 0 ولما كانت الكنيسه فى هدوء وسلام فلم يحب الشيطان ترك الأقباط فى راحه من أعماله الرديه0 فكان واضحا فى هذه المره أفعاله الخبيثه فحدث فى السنه الأولى من جلوس البابا قزما وقبل عيد الشهيد مار مينا العجائبى بمريوط0جاء الشعب القبطى من المدن والقرى ليقدموا قرابينهم يصلون ويحتفلون بالشهيد العظيم0 وقد احضر بعضهم قوم بهم شياطين أملا فى أن يخرجها الشهيد مار مينا0 فوثب واحد منهم عليه شيطان على آخر مثله0 وتعارك الإثنين وضربا بعضهما بعضا إلى أن مات أحدهما0 فسمع والى الإسكندريه بما حدث وكان إسمه أحمد ابن دينار فامر بالقبض على قزما ووضعه فى السجن وعذبه وطلب منه كل ما دفع من صدقات فى هذا العيد التى كانت تصرف على الكنائس طوال العام ويستخدم بعضها للصرف على الفقراء0 فاخذ منه كل الصدقات المقدمه من الشعب الى الله فى هذه السنه0 ولم يتوقف عند هذا الحد بل أنه أمر بألا يغادر البابا القبطى مقره الباباوى بالإسكندريه0 وسمع أرخنين بما حدث من والى الإسكندريه الذى وقف فى صف الشيطان ضد كنيسه الله0وكان الأرخنين محبين لله إسم أحدهما مقاره ابن يوسف كاتب صاحب الديوان وله إتصالات بوالى الفسطاط والآخرإبراهيم ابن ساويرس وكان يتولى جمع المال ومن أمانته وكله الوالى بتوصيل الأموال الى الخزينه0 تشاور الإثنين بحكمه لإنتزاعه من يد والى الإسكندريه فذهبا الى والى مصر الفسطاط وإسمه عبد الواحد ابن يحى الوزير0 فقالوا له: نكتب إلى البطريرك ليحضر الى هنا لنكتب عليه الخراج لإنه جديد وقد ولى فى هذه الأيام0 فأرسل الوالى الوزير مرسالا لإحضار البابا قزما من الإسكندرية0 فلما سمع والى الإسكندريه بإستدعاء البابا الى مصر من قبل والى مصر بسبب الخراج لم يقدر على منعه من مغادره الإسكندرية ولما وصل الى مصر سلم على الوالى عبد الواحد الوزير0 ثم ذهب الى مدينه شرقى مصر أسمها بدميره كان كل من يسكنها من الأقباط0 وإعتنا الأرخنان المذكوران بأمور الكنيسه وكان أبراهيم ضامنا لحساب الضرائب ويدفعه من عنده0 ولم يدع أحدا يخاطب البطريرك0 وكان الأقباط لأمانتهم يتولون ديوان الخليفه فأراحوا البطريرك وفرغ الأقباط للصلاه وعمل القداسات والخير0
الإضطهاد العنصرى والدينى للأقباط :
أمر جعفر المتوكل الخليفه العرب العباسى بأوامر بالإضطهاد العنصرى والدينى فى جميع الولايات وهى
أولا: 00هدم الكنائس كلها كما منعوا من إيقاد أنوارا أو عمل إحتفالات التناصير أو العماد أو زواج ومنعوا أيضا من إستعمال علامه الصليب ،
 ثانيا:00حظر الغير مسلمين ( فئات النصارى واليهود) من لبس الملابس البيضاء المعتاد لبسها فى هذا الوقت بعد صدور هذا الأمر وعليهم لبس ملابس ملونه تظهرهم من المسلمين وعلى القبطى ان يخيط رقعه عسليه أو صفراء اللون فى ثيابه طولها أربعه قراريط وكانت نساء تلك الأيام يلبسن المناطق والأحزمه والحياصات وهى علامه الحشمه والتواضع أما الرجال فلا يجوز لهم التمنطق بهذه الأشياء ، فصدر أمر حينئذ بمنع القبطيات من إستعمال هذه الأحزمه وأن رجال الأقباط يلبسونها بدلا من النساء والغرض من ذلك هو تحقير الرجال وإذا خالف الرجال هذا الأمر قتلوهم وسلبوا ما عندهم وأن كل سيده قبطيه تلبس برقعا عسلى اللون ( وكان هذا البرقع العسلى اللون تلبسه النساء الساقطات والمنحرفات فقط فأمر أن تلبسه نساء الأقباط بالرغم من المعروف عن طهارتهن) تماديا فى إزلال هذه الفئات والسخريه منهم وهو ما يطلق عليه فى العصر الحديث الإحساس بالتفوق العنصرى للعرب ووضع باقى المواطنين فى درجه أدنى أو أقل وقد إضطرت النساء القبطيات الى لبس البرقع فى العصور المتأخره حتى إذا سارت فى الشارع لا يميزها أحد عن المرأه المسلمه فالمرأه الغير مغطاه الرأس كانت تتعرض للسب والشتم والإهانه0
ثالثا: كما أمر بوضع صور على الخشب تسمر على أبواب الغير مسلمين ( فئات النصارى واليهود) قال عنها ساويرس بن المقفع المؤرخ من القرن العاشر أنها صور مفزعه(تاريخ البطاركه ج2 ص3 ) نسناسا أو كلبا أو عفريتا،
رابعا:00إكراه المسيحين بالتدين بدين الإسلام0
خامسا:00 لا يجوز لغير المسلمين (فئات المسيحين المختلفه واليهود) من العمل فى خدمه الخليفه ودوائر الحكومه المختلفه وجمع الضرائب والكتبه والوظائف العموميه المختلفه0 ولم يقتصر الأمر عند عدم قبول الفئات السابقة فى الوظائف الجديده بل أنه طرد الموظفين المسيحين الذين يعملون فعلا فى الظائف المذكوره السابقه0وأدى هذا التعصب الى أن قل صبر المسيحين وقلت المحبه من قلوب الكثيرينفأنكروا المسيح وقد عدد المؤرخ السابق أسباب تحولهم عن المسيحيه تحت نير الإضطهاد فقال: ان منهم من تحول الى الإسلام بسبب الوظيفه ومكانه فى هذا العالم 00 والبعض لما لحقهم من فقر وجوع00وتقول ا0 ل0 بوتشر فى كتاب الأمه القبطيه ج1 ص239 أن الأقباط سئموا وتململوا من هذه الأوامر الثقيله ولكن الأساقفه بذلوا جهدهم فى تحميل (إقناع) الشعب على قبولها حتى لا يسيئوا الى الحكام المسلمين إساءه تعود عليهم بالإضطهاد والقتل والسلب والنهب ( كما جرت عاده المسلمين فى مثل هذه الأحوال )

وكان أصعب شئ على القبطى أن يلبس المنطقه التى يستعملها النساء لإنهم رأوا فيها دليلا تصغيرهم وإذلالهم وكانوا يشعرون بخجل ولكن الأساقفه أقنعوهم بأنها ضد ذلك فهى فى معناها تدل على التواضع والحشمه ولهذا يجب لبسها حتى فى الكنيسه ووقت الصلاه ( ليرى الله ماذا فعلت بهم الأمم) وعندما تضايق الأقباط من ركوب الحمير الصغيره قال لهم الأساقفه أن سيدنا المسيح نفسه ركب جحشا ابن أتان ولم يخجل وأن الخيل المطهمه علامه على الكبرياء والعظمه وهى تستعمل فى الحروب
فريسى ويهودى يستخدمه جعفر المتوكل ليذل الأقباط
وكان جعفر المتوكل قد بدأ خطته خارج مصر أولا ثم أرسل رجل غير مسيحى وذكرابن المقفع المؤرخ انه فريسى والفريسين فئه من فئات اليهود وإسمه00 عبد المسيح ابن إسحق00 وولاه لجمع الخراج والولايه أيضا وأمره أن يفعل فى مصر كما فعل ببغداد0 فلما وصل الى مصر بدأ بالأقباط
أولا لإنه يهودى أصلا فأذل الأقباط وأحزنهم وأضفى على خطته نوعا من التمثيل والخداع فيتظاهر بأنه يفعل كل ما يأمره به الإسلام ليوهم المسلمين بأنه أكثر إيمانا وتمسكا بالإسلام منهم حتى يأمن شرهم ويستطيع قيادتهم لإنه غير مسلم المولد كما أنه ليس عربى الأصل0 وإستطاع أن يصل الى هدفه بهذا الإسلوب لدرجه انهم كانوا يقولون عنه: إننا لم نرى أحدا وصل الى مصر مثل هذا الإنسان يتمم أحكام الإسلام0 وكان هذا الرجل يكره سيدنا المسيح والصليب المقدس , وحدث أنه فى يوم جمعه وهو فى طريقه الى الجامع راجلا مع جيشه ليحضروا صلاه الجمعه0 هجم على الكنائس وكسروا الصلبان ومنع المسيحيين من لبس علامه الصليب0 ولم يستطع الآقباط الصلاه بالصوت العادى فى الكنائس حتى لا يسمعهم المسلمين فصاروا يصلون همسا بحيث لا يسمع أى إنسان مارا بجانب الكنيسه أصوات صلوات ولا تسبحه لله0 أما المسلمون فقد منعوا الأقباط من أقامه الجنازات والصلوات على من يموت منهم فى هذا الوقت وأن لا يوقد القبطى نارا فى مكان بدون باب ولا يطبخ طعاما على مرأى من الناس كما جرت العاده فى كل بلاد المشرق( راجع تاريخ الأمه القبطيه ا0ب0 بوتشر ج2 ص239 ) ولا يجوز لقبطى ان يركب سوى حمارا صغيرا أو بغل ذميم على بردعه أو سرج وسخ عليه علامه خاصه ، وتكون الركابات خشب بدل حديد واللجام قطعه من حبل فقط00 ومنع ضرب الأجراس00
ولما لم ينجح هذا الوالى فى الوصول الى أهدافه00 أمر بمنع الصلاه فى الكنائس لله00 وأمر بمنع صناعه وعمل النبيذ وكان يقصد بعدم إقامه الصلوات التى يمثل النبيذ الأحمر دم المسيح والمخلوط بمثله ماء علامه موت المسيح على الصليب وهى ذبيحه الخبز والخمر بدلا من الذبيحه الدمويه فى الأديان السمائيه الأخرى0 وكان لإمره تأثيرا جانبيا آخر وهو أنه إفتقر كل من كانوا يبيعون ويشترون النبيذ0 وقال إبن المقفع ولما لم يجد المسيحين ماده النبيذ إستخدموا بدلا منه عيدان الزرجون يبلونها فى الماء ويعطرونها ويقيمون صلوات القداس فى منازلهم أو فى أماكن بعيده0 وتقول ا0ل0بوتشر فى تاريخ الأمه القبطيه ج1 ص241 أن الإكليروس القبطى لم يكف عن الصلاه وعمل القداس فى ذلك الوقت وكان لا يخاف الموت ولا يخشى الإضطهاد ولا التعذيب ولكنهم كانوا يأتون بالعنب سرا من البلاد الأجنبيه ولكن هذا العنب يصبح ذبيبا يضعه الكاهن فى الماء بضع ساعات ثم يعصره قبل ان يختمر لعدم وجود الوقت الكافى وهذه العاده التى سار عليها كهنه الأقباط فى ذلك الزمن تجددت مره أخرى بعد مضى مائه وخمسين سنه لحدوث إضطهاد شديد وقد إعتقد بعض المؤرخين هو ان الأقباط يستعملون على الدوام نبيذا غير مختمر للمناوله0 ولكن الأقباط إستعملوا النبيذ غير المختمر فى ظروف حرجه ولهم العذر فى ذلك ولكنهم لم يمارسوه على الدوام ثم طرد المظفين الأقباط من الدواوين الحكوميه وأبدلهم من المسلمين 00 وألزم الأقباط بوضع الصور المفزعه ويسمرونها على أبواب منازلهم بأشكال مختلفه مثل شيطان عليه رؤوس كثيره لها نابين تمتطى خنزيرا مخوف المنظر00 ليعطى إنطباعا للمسلمين بأن الأقباط إنما هم شياطين لإنهم مسيحين وخنازير لإنهم يأكلون لحومها00 ولا يركب قبطى فرسا (حصانا )00 ومن الذين أنكروا المسيح بسبب الإضطهاد رجلا إسمه اصطفن ابن اندوده وأرادوا ان ينالوا مكافئه من المسلمين لشكهم فى إسلامه فكان يتقول على الأقباط بالألفاظ السيئه وكان الرهبان فى هذا العصر يلبسون الملابس بدون أكمام فقال ابن اندوده: أذا كان آباء الأقباط يلبسون ملابس بدون أكمام فلماذا لا يلبس الأقباط ملابس مثل آباءهم0 وزاد الآشرار فى شرهم وقالوا ليس للأقباط إله0 ووصل كتاب من الخليفه يأمر فيه الوالى على مصر00 الغير عبد المسيح ابن إسحق بالعوده إليه ومعه مال الخراج الذى جمعه وحساب الخراج على الأراضى التى جمعها الكتاب المسلمين الذين إستخدمهم بدلا من النصارى0 فلما وصله الخطاب وعرف أن الخليفه إكتشف حقيقه أمره وخداعه لكل من حوله0 وكان المسلمين من قبل قد فرحوا بإسلامه وظنوا أنهم كسبوا واحدا مثله لدين الإسلام0 وكان هذا الوالى قد تزوج بمصر وإقتنى السرارى وإمتلك مساكن ورزق بأولادا وإعتقد انه ملك مصر ودامت له الأرض وليس هناك إله0 ولما قرأ كتاب الخليفه أصيب بالفالج (شلل كامل) ولم بستطيع أن يحرك يديه أو رجليه ومات بعد واحد وعشرين يوما بعد ذلك كما ذكر كاتبه تادرس0وفرح المسلمون بموته فرحا لا يوصف0وكان سبب فرح المسلمين بموته أن هذا الوالى أذل المسلمين أيضا وخسر التجار المسلمين أموالهم وقلل رزق الباعه وأصحاب الأعمال0 وإغتصب أجود الأراضى وأخصبها من أصحابها المسلمين وأخذها قهرا بدون وجه حق0 ومن أعماله الإجراميه أنهأ إذا أراد شراء حقولا جيده الثمار خصبه الأرض يحضر صاحبها ويغصبه على بيعها ويحضر شهوده ويسلم له المال أمامهم وبعد تنفيذ البيع كان يستعيد المال الذى دفعه مره أخرى بالإكراه والإرهاب0 ولم ينجى من مؤامراته إلا رجلين كانا أخوين ورثا دارا عن أبيهما وكان ألأب أسمه ابن سعيد الأصفهانى قبل أن يموت قد صرف على هذا المنزل أموالا طائله حتى أصبحت كالجنه وكان المنزل على النيل وسماها المصريين دار ابن سعيد الأصفهانى0 وعندما طمع الوالى ليستولى على هذا المنزل فلما أحضر الأخوين أمامه وطلب منهم دار أبيهم0 قالا له: أننا لا نأخذ ثمنا لها ولا نكتب كتابا لكننا قد وهبناك إياها ولا نرجع فيما قلناه والشاهد علينا الله وقالا سنرحل منها بعد ثلاثه أيام0 وعندما خرجا من عنده نقلا كل ما يملكان وأخليا الدار ليسكن فيها الوالى0 وأصيب الوالى بالفالج وشل فى هذا البيت ومات فيه0وحدثت فوضى فى مصر عندما مات الوالى وقام الناس الذى سرق أرضهم الوالى بإستعاده أملاكهم كما نهب المسلمون ما كان فى بيوته من مال ومتاع وعفش0 وما كان من الأخوين السابق ذكرهما إلا أن أتيا إلى الدار ووقف على بابها وكان يقولا للناس أن هذه الدار هى ملكنا وجميع ما فيها وأن هذا الوالى قد إغتصبها مننا0 وكان المسلمين بعرفون ما حدث بين الأخوين والوالىفإنصرفوا عنها0 ولما دخلوا البيت أصبحا أغنياء جدا لما وجداه فيها مما كدسه الوالى فى هذا البيت وكان الوالى المتوفى له ولدا كبيرا وكان قلبه شريرا مثل قلب أبيه ووصل كتابا من الخليفه فيه أمرا بتعيين إبنه واليا مكان أبيه الوالى المتوفى0 وبدأ يتخذ طريق أبيه فى الظلم0 وأراد ان ينتقم من المصريين الذين أستردوا الممتلكات التى إغتصبها ابيه منهم0 فخاف المصريين وتزايدت أعمال هذا الوالى الرديه يوما بعد يوم وكانت يده الظالمه ثقيله على كل أهل مصر ولا سيما الأقباط فكسرت الصلبان وتوقف دق الأجراس الذى صوته يطرد جنود شيطان الكسل وينشط ألإنسان ليصلى الى إلهه0
كلك عجائب يا مدينه الله :
حدث فى سنه 569 ش قبل مجئ الوالى الغير عبد المسيح ابن إسحق الذى إضطهد الأقباط أن ظهر شيئ عجيب لم يظهر فى مصر من قبل وهو أن رهبان دير أبو مقار شاهدوا صوره السيد المسيح تنذف دما من جانب المسيح الصوره كانت فى كنيسه القديس سويرس المبنيه على الصخره فخاف الجميع وتسائل البعض عما يقصده الله بهذه العلامه0ولم يصدق بعض الناس أنه دم حقيقى فأخذوا من الدم ووضعوه على ناس بهم أمراض مختلفه فشفوا من أمراضهم0
وأراد الله أن يظهر للأقباط قوه الرجاء به وبصليبه الذى دمره المسلمين فصارت عيون القديسين فى جميع الصور تفيض دموعا الموجوده بالأديره الموجوده فى وادى هبيب الذى فيه دير أبى مقاره وغيره ويقول ابن المقفع المؤرخ ج2 ص7 أن الدموع التى كانت تذرفها عيون القديسين فى الصور كانت مثل ينابيع المياه0 فعلموا ان هذا بسبب ما فعلوه ولاه السو والظلمه فى إخفاء الصليب وكانت هذه العجائب تصبرهم وتثبتهم على ما يفعله الولاه وقضاه الظلم0
إستغلال هجوم الروم على دمياط لإضطهاد بالأقباط:
حدث فى عصر البابا قزما 54 أن هاجم الروم مدينه دمياط فإحتلوها ونهبوها وأقاموا بها ثلاثه أيام بعد أن أخذوا ذهبها وفضتها0 فأصر الوالى على صناعه مراكب جديده للإسطول فى ميناء الإسكندريه0 وكانوا يصلحون ما تعطل منها0 ويجددوا ما تحطم منها0 وكان الإسطول المصرى يبحر الى بلاد الروم ويحاربوهم0 وكان ينفق على الإسطول أموالا لا حصر لها يدفعه الأقباط فقط0 وكانوا يجبرون الأقباط فى العمل بالمراكب ولا يدفعون لهم أجرتهم وكان المتولى( المسئول عن هذا العمل) يبغض المسيحين فعمل إحصاء لمصر كلها وكان يلزم كل قريه من قرى الأقباط بإمداده بعدد معين من الرجال يستعملهم للتجديف فى السفن والحرب مع الروم والعمل المضنى فى إعداد وتصليح المراكب0 وكان لا يعطيهم السلاح ليحاربوا به وكان يتفقدهم ويمر عليهم للتفتيش فإذا وجد واحدا عنده سلاحا ناقصا يغرمه ويجعله يدفع مالا له ويجبره بشراء الآسلحه0 ومن تجبره كان المسلمون يختارون رجالا ضعفاء وليس لهم خبره بالبحر وليس لهم قوه أو مقدره على القتال0 فكان هؤلاء الضعفاء يدفعون كل ما يملكوه لمن يقبل أن يحل محلهم ويقاتل الروم ولما إشتكوا من هذه الخدمه الإلزاميه أمر بأن يدفع كل واحد من الأقباط دينارين وأذا قبل أحد من المسلمين أن يكون بديلا عنه فى هذه الخدمه الإلزاميه فيدفع القبطى خمسه عشر دينارا0 فأشتهى بعض الأقباط الموت0 ولكن لم تطول هذه الأيام وقصرها الله0 فقد أرسل الخليفه بعزل هذا الوالى وعين واليا جديدا إسمه يزيد ابن عبدالله وأراح الناس فهدأت أرض مصر0 وزاد محصول الأرض فى هذه السنة0 وزاد خير مصر وأحس المصريين بالنعمه أما الخليفه جعفر المتوكل إهتم لتحصين المدن بأرض المشرق ومصر، خاصه بالأماكن القريبه من البحر فساهم فى بناء أسوار على تنيس ودمياط وصرف عليها من خزينته وحصن أيضا مدينه الإسكندريه وأشمون والطنه ورشيد ونستروه خوفا من أى هجوم مفاجئ للروم مره أخرى ويقول أبن المقفع ج2 ص9 عن الخليفه جعفر المتوكل ( انه عمل تذكارات كثيره فى أرض مصر عوضا عما فعل بالنصارى) ولكنه لم يوضح ماذا فعل ليرضى النصارى الأقباط ؟ ولكنه يقول أنه عين قاضيا كان عادلا ولم يظلم أحدا أى انه عين الوالى والناظر والقاضى كانوا كواحد فى فعل الحق والخير واننى أعتقد أن ما فعله الخليفه فى تعين هؤلاء الثلاثه وإصلاح الحصون كان لخير مصر وما دام عمل شيئا لخير مصر فقد أصلح ما فعله بالمسيحيين0 وأعظم شيئ فعله الخليفه جعفر المتوكل فى مصر منذ قرون من الحكم العربى هو أن المياه لم تعد تغطى فرع النيل (إرتفع مستوى سطح الأرض قاع فرع النيل) التى تصب فى البحر بفعل الزمن وعدم صيانتها وكانت المراكب لا تصل إلى الإسكندريه إلا عند الفيضان لإرتفاع مياه النيل فى وقت الفيضان0 فأمر بفحر هذا المجرى وإزاله الأتربه من قاعه فإمتلأ بالمياه لأن مياه النيل والبحر أصبحا فى مستوى واحدا وقاع المجرى( فرع النيل) أصبح يسمح للمراكب الكبيره بالرسو فى المراسى فى وسط مدينه الإسكندريه وأصلحت القناطر وأقيمت الكبارى فخرج ماء البحر المالح من فرع النيل لإنه إمتلأ من المياه الحلوه فكثرت مراكب التجار وبدأ الناس فى زراعه الأشجار والعنب والبساتين على الخليج لكثره مياه النيل وبدأ العمران يدب بالإسكندريه ووصل إمتداد المدينه الى الموضع المسمى ممطرمور ومجد الأقباط الله على هذه النعمه ودعوا للخليفه جعفر0 اما البابا قزما فقد كان ساكنا فى بلده دميره بهدوء وسلامه طول أيامه وكان الأراخنه يتولون أموره يتحملون أثقاله فلم يحتاج الى أحد من الشعب ليقدم خراجا أو ما يحتاجه فى حياته ومعيشته وتلاميذه 00
وعاد الى مصر بعض الأقباط الذين هجروها لما سمعوا بالنعيم الذى أعطاه الله الى مصر بعد ضيقات شديده0 ووصل الى مصر ناظر آخر إسمه سليمان وعند وصوله توفى الإرخن مقاره أحد الأرخنين الذين حملا أتعاب الكنيسه فى هذه الفتره0 أما إبراهيم فقد إستمر فىفعل الخير ويقول أبن المقفع ج2 ص11 أنه ( كان مقيما على فعل الخير ولم يفتر عنه وإهتم بأمور الكنيسه وحمل أمور البابا وكذلك فعل مع أساقفه أرض مصر وكان يبذل نفسه عنهم فى أسبابهم يقضى كل إحتياجاتهم لعظم محبته للمسيح وكان الله يعظم مكانته عند الولاه وكان يعلم أنه لا بد للشرير ان ينزل البلايل على الكنيسه كعادته التى يفعلها فى كل مكان وكل زمان) وفى أيام هذا البابا أمر قيصر الروم بمحو الصور والصلبان من الكنائس فبعث إليه البابا رساله فإقتنع بها فرجع عن تكسير الصلبان والصور بل انه أمر بأعاده الصور التى محاها الى وضعها الأصلى كما كانت0 ولبث البابا قزمان جالسا على كرسى مرقس الرسول مده 7 سنواتوسبعه أشهر و13 يوما وتنيح فى 21 من هاتور سنه 576ش 859م

السبت، سبتمبر 03، 2011

البابا يوساب الأول البطريرك رقم 52

البابا يوساب الأول البطريرك الــ 52
عصر الفوضى والثوره
الفتره ما بين سنه

التفكير فى إختيار بطريركا علمانيا:

ذكر ساويرس بن المقفع ص246 فى تاريخ البطاركه قائلا: ( انتم عارفين بأهل الأسكندريه أنهم محبون لنعيم الجسد وإفتكروا فكرا رديا فى تلك الأيام خارجا عن قوانين الكنيسه وكان بفسطاط مصر رجل ذو مال ومعه الكثير من الذهب والفضه والأثاث وكان صاحب ديوان السلطان إسمه إسحق السيد إبن اندونه ونظر أهل إسكندريه الى مركزه فى العالم وغناه فكتبوا خطابا بترشيحه وكان هذا الرجل علمانيا ومتزوجا وأيدهم بعض الأساقفه الذين منهم زكريا أسقف أوسيم وتادرس أسقف مصر ودفعوه ليكتب خطابا الى الأسكندريه وكهنتها يعدهم فيه أن يبنى لهم الكنائس التى إنهدمت ويرمم الكنائس من ماله الخاص ووعدهم بأشياء كثيره أخرىفأنخدع الكهنه وضعاف النفوس من الشعب إذا صار بطريركا0) وذكر تاريخ الأمه القبطيه ا0ل بتشرج4 ص228( أن هذا الرجل الغنى أشتهر بالثروه الطائله والعلم الكثير والأصل الطيب إسمه إيساك وكان عيبه الوحيد الزواج ولأجل هذا رفضته مجموعه أخرى 00 بالرغم من أن البطاركه فى ايام الكنيسه الأولى كانوا متزوجين ولهم أولاد 00 ودميتريوس الملقب بالكرام كان متزوجا)

{ هاجمت بتشر نظام ترشيح البابا من الرهبان وليس من المتزوجين وقالت ان الأقباط وأساقفتهم فى العصر الحاضر لا يعرفون ان البطاركه والأساقفه كانوا فى الأيام الأولى من المتزوجين ولهم أولاد، إلا اننا كأقباط نعرف هذا جيدا وكانت رعيه البطريرك فى أيام المسيحيه الأولى عددهم بالمئات من المسيحين وليس بالملايين كما هو الآن 0كما ان الإهتمام الروحى يختلف عن رئاسه الدول فالراعى مسئول عن كل فرد فى رعيته وخلاصها فيجب أن يكون كل إهتمامه لأجل الإرتقاء بكنيسه الله فقط0 وفى الوقت ذاته فهو لن يخدم الشعب القبطى خدمه كامله إذا كان إهتمامه مجزءا بين الكنيسه من ناحيه وزوجته وأولاده من ناحيه أخرى وإذا حدث وان كان أحد المرشحين متزوجا والآخر راهبا فإن كفه الإختيار والترشيح تميل إلى المتفرغ تماما للخدمه أى الراهب أولا فالراهب هو إنسان كرس حياته بأكملها لخدمه الله0 أما من ناحيه القساوسه فقد قررت الكنيسه أن يكون القس متزوجا لأنه يأخذ إعترافات الشعب ( أى أن كل فرد يخطئ يأتى الى القس وبقر أنه فعل فعلا سيئا وأساء الى الله ) ويعيش وسط المجتمع فى العالم 0 }
وعلى مبدأ الآباء وقف ميخائيل أسقف بلبيس وميخائيل أسقف صا ويوحنا أسقف ببا وكثير من الشعب فجمعوا مجمعا وتوجهوا إلى الإسكندريه وقالوا للإسكندريين: " لماذا تركتم مخافه الله ؟ لماذا خالفتم قوانين الآباء ورشحتم رجل علمانى متزوج بإمرأه لتجلسوه على كرسى مار مرقس الإنجيلى وكنتم على عكس ما قررته العاده والقوانين"0 فسكتوا ولم يجاوبوهم 0 ورجحت كفه الديموقراطيه فى النقاش الذى دار حول إنتخاب البطريرك ، وعندما إتفقوا جميعا على إنتخاب رجلا وهب حياته كلها فى خدمه الله إقترح البعض القس يوساب من دير ابى مقار 0 وكان الوالى وإسمه عبدالله بن يزيد قد أخذ هدايا من إسحق الرجل الغنى فعارض الأساقفه فى ترشيح يوساب للبطريركيه لأن إسحق وعد الوالى بإعطائه 1000 دينار عندما يقع عليه الإختيار ليصبح بطريركا0 ثم قال لهم إذا أردتم موافقتى أعطونى ما وعدنى به إسحق وهكذا نجد ان اعمال بعض الأقباط الخاطئه تنعكس بالضرر على الكنيسه وظل الآباء يتوسلوا الى الوالى وهو يرفض طالبا منهم المال ولما ذهب رجائهم عبثا افهموه أنهم حسب القوانين المدنيه فإنهم ليسوا تحت سلطانه بل أن والى مصر هو الأحق بهذه الموافقه وأوضحوا له أنه إذا لم يوافق فسيذهبوا الى والى مصر0 فلما رأى تصميمهم أذن لهم برسامته0ويقول ابن المقفع ص247 "
وبينما هم سائرون قالوا إن كان الله يختار تقدمه هذا الإنسان فإننا نجد باب قلايته مفتوحا فلما وصلوا الى الدير ووصلوا الى باب قلايته فوجدوه واقفا وقد خرج ليغلق الباب وراء تلاميذه حيث خرجوا ليملئوا الجرار(اوعيه من الفخار) بالماء فبهتوا وقالوا قد تمت اليوم علامه الله لنا وقد سهل الله طريقنا ونحن الآن آمنا ان الله قد إختار هذا الإ نسان 0ولما نظرهم سجدلله وسلم عليهم وأدخلهم قلايته فلما صاروا فى الداخل ضربوا بيدهم وأحاطوه وطرحوا القيد الحديد فى رجليه وقالوا له أنت بالحقيقه مستحق للبطريركيه فبدأ يبكى بكاءا عظيما ويقول ما هو ربح رجل غير مستحق يدخل تحت هذا النير العظيم ؟وكان ذلك فى عيد الملاك ميخائيل 12 من هاتور فأخذوا الاسرار المقدسه وباركه آباء الدير وودعوه وسمع الأساقفه وكهنه الأسكندريه وهم فى طريق العوده الى الإسكندريه صوتا من السماء يقول " الله يصحبك يا يوساب ويقويك لتصبر على البلايا التى تحل بك وبها تنال إكليل الحياه"وفى الإسكندريه أجريت المراسيم الدينيه ليصبح يوساب البابا رقم 52 فى 21 هاتور سنه 548 ش 837م كانت السنه الأولى ليوساب سنه هادئه قالت أيريس حبيب المصرى أنه كانت أشبه بالهدوء النسبى الذى يسبق العاصفه فرسم فيها ثلاثه أساقفه: أحدهم للمدن الخمس الغربيه، وثانيهم للنوبه، وثالثهم للحبشه وإشترى مساحات من الأراضى بالمال الذى تبرع به المسيحين وأوقفها على الكنائس(ك حسن السلوك فى تاريخ البطاركه والملوك لراهب برموسى طبع فى 1613ش 1897م ج2 ص24 )00 أما عن قصه حياته فقد كان هو الولد الوحيد من والدين تقيين مسيحيين من أغنياء مدينه منوف بالدلتا وعندما ماتوا وأصبح يوساب ولدا يتيما تحنن أرخن محب لله وكان قلبه رحيما إسمه تاودروس كان يعمل كاتبا فى الديوان وهو من أهل نقيوس فأخذ هذا اليتيم وصار له ولدا وأقام يوساب عند والده الجديد مده طويله وقال ابن المقفع ص248 أن يوساب قال يوما فى نفسه : " أنا اليوم يتيم وليس لى أفضل من البريه والصحراء المقدسه (يقصد الأديره الموجوده بالصحراء) فهى مأوى لكل اليتامى0 " فمضى الى أبيه تاودروس الذى رباه وسأله بتواضع أن يوافق ليذهب الى الدير فقال له يا ولدى: " أنت وحيدى وتربيت فى نعمه فسيلحقك تعب فى البريه ولن تقدر على شظف العيش وشقاء عمل الرهبان 0ولكن إصرار يوساب كان قويا وعندما رأى أن إبنه مصمما على المضى فى طريق الله أرسله الى البابا مرقس ومعه خطابا أوضح فيه كل قصته وسلمه الى الكنيسه كوديعه كانت عنده0فتعلم الكتابه باللغه اليونانيه وبعد مده طلب من البابا مرقس بعد ان ضرب له مطاونه أن يتركه ليذهب الى دير من أديره الصحراء فأرسله الى دير ابو مقار الى شيخا كبيرا قسا هناك إسمه بولا وتقدم الصبى فى النعمه وكان يمتلئ بالروحانيات يوما بعد يوم فرسم شماسا ثم زاد فى تعبده وتقشفه فرسم قسا بيد البابا مرقس ولم شاخ القس بولا وإعتلت صحته كان يوساب يخدمه ليلا ونهارا ، ولما جلس يوساب على كرسى مرقس رسول المسيح أخذ ينشئ كروما وطواحين ومعاصر للكنيسه وحاربه الشيطان فى أعماله التى عملها فى شرق مصر فقد كان العرب ينهبون ويسلبون ويقتلون فى كل مكان فى شرق مصروقال ابن المقفع ص249( وأثار رؤساء الشر الحروب والقتل وكان مسؤلين الخراج هما رجلان أحدهما أحمد بن الأسبط والآخر إسمه ابراهيم بن تميم زادوا الخراج وراحوا يجبونه بغير رحمه وأصبح الأقباط فى ضيقه شديده وحدث غلاء عظيم فى أرض مصر وبلغ سعر القمح كل خمس ويبات ثمنهم دينار وحدثت مجاعه كبيره ومات من الجوع عدد من الناس لا حصر له ولم يختار الجوع موتاه فلم يفرق بين رجل أو إمراه طفلا أو كهلا اوالشبان ومع الغلاء كان جباه الخراج يؤذيان الناس بلا رحمه فى كل مكان ويقتلونهم إن لم يدفعوا لهم الخراج وزادوا فى إضطهادهم لنصاري البشموريين (أقباط تزاوجوا مع يونانين) فكانوا يعذبونهم عذابا شديدا الى أن باعوا أولادهم ليعطوا الجشعين من الولاه الخراج الباهظه التى فرضوها عليهم( راجع مقال الأقباط والثوره الجزء الخاص بالبشمورين) وإشتعلت نار الثوره وكان الثوار الأقباط وحدهم الذسن أصبحوا يجيدون العربيه وأمر الخليفه وليه فى مصر أن يسجلوا إحصاء دقيق يسجلون فيه أسمائهم ، ووظائفهم، وأصدر أمرا انه لا يمكن لإحد من الإنتقال من منزل الى منزل آخر الى أن يعطيه أمرا ( وذلك للتحرى من الباطنيه){راجع إبن ميسر ص65 }
وكان البابا يشتهى أن يجدد العلاقه بين الكنيسه القبطيه والكنيسه الآنطاكيه ولكنه لم يجد يوما هادئا يستطيع فيه أن يكتب رساله شركه اليهم ولكنه لم يكن يستطيع أن يحقق ما كان يصبوا إليه0 وكان الخليفه المأمون قد أتى إلى مصر ليقمع ثوره الأقباط 0 فأعطى البابا يوساب خطابا فيه أمرا بإقراره رئيسا عاما روحيا على الأمه القبطيه ، وعلى جميع الكنائس القبطيه فى مصر ومن يخدمون فيها من كهنه وأراخنه وكتب له أيضا الخليفه المعتصم خطابا مثله عندما تولى الحكم بعد أخيه0
العلاقه بين المعتصم وملك النوبه: ويقول القس منسى يوحنا ص352 أن الحرب بين ملوك الحبشه وولاه مصر إستمرت14 سنه إلى أن تولى ابراهيم أخو المأمون الخلافه ( المعروف بالخليفه المعتصم) وأرسل الخليفه المعتصم وأقام حراسا على الطرق التى بين مصر وبين النوبه والحبشه حاول البابا يوساب رأب الصدع بين الخليفه العباسى المعتصم وملك النوبه ، فقد بدأت العلاقات بينهم بالتوتر حينما أرسل الخليفه خطابا الى زكريا ملك النوبه يطالبه فيه بالخراج المتأخر عليه لمده 14 سنه وإلا سيرفع عليه السيف ، وكان مندوب الخليفه قد وصل الى مصر وكان لوالى مصر كاتبا مسيحيا بالصعيد إسمه جرجس فقام البابا يوساب بإرسال رساله الى ملك النوبه حملها جرجس الى ملك النوبه قال له فيها: " إن الخليفه المعتصم يبدى الموده للمسيحيين ، فيحسن بك أن تلبى ندائه ما إستطعت الى ذلك سبيلا 0" وحمل الرسالتان مندوبان شخصيان من كل منهما { راجع أيريس حبيب المصرى ج2 ص430 } وأرسل خطابا الى ملوك الحبشه يعرفهم فيه أنه إنقطع عن الكتابه إليهم بسبب ما حل على الأقباط من إضطهاد ونصحهم بتجنب الخلاف مع المسلمين0 ووصل الخطابين الى ملك النوبه فذهب إبنه جرجس بهدايا جزيله الى مصر وقابل الولاه والبابا القبطى الذى قابله بفرح عظيم وودعه عند ذهابه ليقابل الخليفه المعتصم فى بغداد فتلقاه المعتصم بإكرام ولغى الخليفه كل الخراج المستحقه لمده 14 سنه ثم أعطاه ذهبا وفضه كهدايا مع ملابس وأمر ان تصاحبه الجنود لكى يوصلوه بسلام الى بلاده 0وعندما وصل الى مصر فى طريق العوده الى بلاده أعطاه البابا القبطى هديه عباره عن هيكلا مكرزا معمول بطريقه فنيه تدل على تقدم الأقباط فى فن النجاره فقد كان الهيكل مصمما بحيث يمكن فكه الى قطع وتركيبه حسب الحاجه فوضعوا الهيكل فى بيت ملك النوبه ووضعوا جرسا على سقف البيت وكان الأساقفه عندما يقيمون الصلاه فى بيته يضربون الناقوس فى وقت القداس تماما كما يحدث فى الكنائس فتعجب الجميع لإنه لم يحدث هذا من قبل0
من حق الشعب أن يتظلم من راعيه الأسقف:
وحدث ان أسقفا أسمه إسحق كان أسقفا على منطقه تانيس ذهب شعبه إلى البابا يوساب وإشتكى منه بكلام ردئ ( فعل أفعال لا تليق بأسقف يخدم الله) وطلبوا منه خلعه وإلا تركوا الأرثوذكسيه( ينضمون إلى الكنيسه الملكيه اليونانيه) 0 وكان بمصر أسقف آخر أسمه تادروس تصرف أيضا مثل أسقف تانيس إلا أن شعبه عندما ذهب وإشتكوه الى البابا قالوا: " إن لم تقطعه وتبعده عنا قمنا برجمه وقتله " فكثرت أحزان البابا ولم يفتر عن مكاتبه أهل تانيس ليهدئهم إلا أن الشعب وصل به الغضب الى نهايته وأرسلوا له خطاب قالوا فيه: " إن لم تقطع إسحق أسقف تانيس فلن تجد إنسانا واحدا فى الكنيسه الأرثوذكسيه0 " وذهب إلى تانيس وإلى مصر إلا أن كلا الشعبين إستمرا على موقفهما وأمر أن يحضر جميع الأساقفه من جميع أبروشياتهم( مناطقهم) وبعد فحص التهم والتحقيق فيما حدث قرر المجمع بإيقاف الأسقفين وقطعهما حفظا لسلام الكنيسه وأن يرفعوا الأسقفين من كرسيهما وكان البابا يوساب يبكى بدموع غزيره على قطع هذين الأسقفين
محبه البابا يوساب وكسب النفوس للمسيح:
كان البابا فى مصر (بابليون) ونظر إلى الأرخن إسحق الرجل الغنى الذى لم يكن له نصيب فى البطريركيه وكان متقدا نارا (بمعنى متضايق جدا) بسبب سخريه الإسكندريين به والأساقفه 00 وعندما تلاقى به كان يتكلم معه بكلام لين ليبعد عنه أفكار الشر التى تسيطر عليه والخجل الذى كان يشعر به وكان هذا البابا حكيما جدا، فقد شعر أن الشعب الإسكندرى وبعض الأساقفه قد دفعوه الى هذا الموقف0 فقال له: " أنا محتاج إليك لتعاونى وتنوب عنى فى كل ما أفعله0 وسأعطيك خاتم البطريركيه ليعلم الشعب أنك المدبر والمدير لى فى جميع كنائس الأقباط0 فلما سمع منه هذا فرح جدا وإرتاح قلبه فقال لأبينا البابا يوساب: " وأنا بين يديك فى كل ما تأمرنى به " ولما حضر الشعب فى كنيسه السيده العذراء فى قصر الشمع(حصن بابليون) ليعيد يوم أحد الشعانين رسم البابا الأرخن إسحق شماسا وكان هذا الأمر إرضاء لنفس مكسوره من ألأنفس الذى إشتراها المسيح بثمن باهظ وبينما يحتفل الشعب بدخول المسيح إلى أورشليم قلب الأراضى المقدسه دخل أيضا الى قلب إسحق ورفعه فى أعين الناس لأنه لم يتمرد عليه او على كنيسه الله0 وبرهن البابا يوساب الأول أنه حقا مستحق أن يكون خليفه مرقس رسول المسيح وليس مثل خلفاء أهل العالم الذين يقتلون بعضهم بعضا من أجل السلطه والخلافه على الأرض0
أسقفا الشر:
أثار مبغض الخير الأسقفين المقطوعين والمخلوعين من على كراسيهما0 وحركهما ضد البابا فذهبا الى الأفشين القائد التركى الذى كان قد ارسله الخليفه المأمون ليعيد المن ألى البلاد0 وقالا له: " لقد أسلم الله اليك أعداءك وأعداء الخليفه وأفنيتهم ويجب ألا تبقى أحدا مما هم ينافقونك فقالوا له ومن هذا الذى ينافقنى ؟ فقالوا له:" البطرك يوساب قد أجتمع فى الكنيسه الآن ومعه شعب لا حصر له يخطط مؤآمره ضدك وأنه هو الذى أشعل الثوره والتمرد على الخليفه حتى أوصلكم الى الضيق الذى صادفتموه فى مصر، وكان ألأقشين سكرانا فى هذا الوقت فإمتلأ غضبا ,فامر الأقشين أخاه بقتل البطريرك ويصطحب ما يريد من جند ليقمع هذا التمرد0 ومشى إسحق أسقف تانيس أمامهم ليريهم البطريرك كما مشى يهوذا الإسخريوطى أمام اليهود ليسلم المسيح0 فدخل الى الهيكل وأومأ بإصبعه وأشار الى البطريرك ليقتله أخو الأقشين ليعرفهم به0 فجرد الأقشين سيفه ليقطع رأس البابا يوساب وعندما هم بضربه إنحرف السيف بعيدا عن رأس البطريرك القبطى وجائت الضربه على عمود رخام فإنكسر السيف 00 فإزداد غضبا وكان فى منطقته(حزام فى الوسط) خنجر(سكين) وإستل خنجره وطعن المجرم البطريرك فى جنبه ليقتله0 فكثر صياح الشعب من هول المفاجأه ولم يعرفوا لماذا حضرهذا القائد وما السبب فى هذا الإعتداء وظن الجميع أن البابا قد مات 0 ولكن قام البابا ولم يمسه أدنى أذى لإن الخنجر قطع ثيابه وقطع منطقته (يعتقد أنها كانت من الجلد) ولم يقطع جسده او يضره ففرح الشعب فرحا لا يوصف بنجاه رئيسه0 وتعجب أخو الأقشين مما حدث فأخذه الى أخيه0 فجذبوه ليخرجوه من الكنيسه فتعلق الشعب به ومسكه والجنود يضربونهم فمسكوه بالأكثر وهم يبكون0 ولكنه البابا هدأهم وخرج مع الجنود0 فظل يتبعونه فغضب أخو الأقشين فضربع بالسوط على راسه فإنجرحت عيناه وسال دمه غزيرا على جبهته0ودخل البابا الى الأقشين وأعلمه بأمر هذين الأسقفين وسبب قطعهما وأن الذى قطعهما هم المجمع الكنسى وقد وافقت على قرار المجمع0 فغضب الأقشين على الأسقفين المقطوعين الذين كادا يدفعانه فى خبث ومكر وخديعه لقتل أب جميع النصارى فى مصر0 فلما رأى البابا أن أثنين من اولاده فى خطر قال للقائد التركى أن مسيحى يأمرنى بفعل الخير مع من يعمل معى شرا فإنى أسالك ان تفعل معهما خيرا وإتركهما كرامه لله فتعجب الأقشين وأطلق ألسقفين سبب المشكله0 وهذا هو السبب الذى جعل الخليفه يكتب خطابا أن لا يعترضه أحد فى أحكامه ولا من يرسمه او ان يقطعه 0
البابا يوساب يرسم أسحق المتزوج أسقفا:
ولما رأى البابا أن إسحق الأرخن الذى أصبح نائبا له متواضعا ووديعا وأن كل إهتمامه لكنيسه الله رسمه أسقفا على أوسيم ( وهذا ردا من التاريخ نفسه على كاتبه تاريخ الأمه القبطيه ا0ل0بوتشر التى كانت غاضبه على عدم رسم إسحق المتزوج بطريركا 0 فقد رسمه البابا يوساب أسقفا وهى رتبه لا تعطى أيضا إلا للرهبان لإنهم كرسوا حياتهم لخدمه الله) كما رسم آخر أسمه ديمتريوس أسقفا على دنيس وأعطى البابا أسقفيه أخرى لتكون تحت إداره أسحق المتزوج أسقف أوسيم وهى أسقفيه مصر( بابليون) الذى إستمر مشرفا على إدارتها ورعايه شعبها حتى نهايه حياته0 فكنيستنا القبطيه بها أماكن كثيره لخدمه الله0 وحسب قول المسيح نفسه الحصاد كثير ولكن الفعله قليلون0 ولا يهم مكانى او سلطه مركزى فى الكنيسه ولكن السؤال هو كيف أخدم الله من كل فكر وكل قدره وكل فعل ؟
مشكله فى بلاد اثيوبيا:
وكان فى ذلك الزمان أسقفا أسمه يوحنا ( رسمه البابا يعقوب لرعايه بلاد الحبشه) وحدث أن ملك الحبشه إشترك فى حرب وترك العاصمه الى منطقه اخرى يدور فيها القتال0 فإستغل أهل البلاد وجود الملك بعيدا فطردوا الأسقف بتدعيم من الملكه التى كانت متوليه إداره المملكه فى غياب زوجها0 ولا يوجد سببا واضحا لما حدث0 والغريب أنهم أقاموا أسقفا بدلا منه0 فأتى يوحنا الى مصر وذهب الى دير البراموس الذى ترهب فيه الموجود فى وادى هبيب0 وعندما ترك يوحنا الحبشه أصاب البلاد أوبئه وأمراض ومات كثير من الأحباش وشح المياه وقل المطر وعندما رجع ملك الحبشه وعرف ما حدث أرسل الى البابا يوساب معلنا خضوعه وإعتذاره عما حدث وأخبره بما أصاب البلاد من أوبئه وتأخير المطر بعد مغادره يوحنا الأسقف للحبشه0 وإلتمس منه أن يرسله ثانيه فى أسرع وقت ممكن0 فإستدعى البطريرك يوحنا وطلب منه العوده ويستمر فى خدمته0 فدفع له نفقه السفر للعوده الى الحبشه ففرح الملك جدا0 إلا ان الشرير دائم الحرب ضد أولاد الله فقدم الأشرار طلبا الى ملك الحبشه أن يأنر ألأسقف بالإختتان مثلهم وألا طردوه ثانيا0 فلما تذكر صعوبه الطريق وأمانه الخدمه فقال فى نفسه: " أنا أفعل هذا لكسب الأنفس وخلاصها" فوافق الأسقف ويقول ابن المقفع ص259 وهو أنهم لما مسكوه ليختنوه وكشفوا عنه فوجدوا علامه الختان فيه فقد كان مختونا من اليوم الثامن من ولادته وأقسم فى خطابه أنه لم يعرف هذا قط إلا ذلك اليوم ففرح الملك بهذا الطاهر والقديس والملاك الذى يرعاهم وقبله كل أهل الحبشه وأطاعوه فكسبهم الى المسيح0

ورسم البابا أساقفه كثيرين لرعايه الشعب فرسم لأفرقيه والخمس مدن الغربيه ومصر والحبشه وقال: " انه يجب أن يكون عدد الرعاه كثيرا لحفط الرعيه وإلا هلكت فما أغفل عن الرعيه لئلا يضيع منها شيئ أو يهلك منها ولو واحد يطالبنى به المسيح أمر من الخليفه بسرقه الأعمده الرخاميه: فوجئ الأقباط بأمر صادر من الخليفه المعتصم بنزع الأعمده الرخاميه والرخام الفاخرمن الكنائس ويأخذها الى العراق0 وصل هذا الأمر بيد رجل نسطورى إسمه لعازر وكان هو الذى دبر هذه المكيده0 وعندما وصل الى الإسكندريه ساعده أمثاله بعض الحاقدين من اتباع الكنيسه الملكيه اليونانيه0
ولم يتوقف لعازر والملكيين ليلا ولا نهارا فى هدم الكنائس وتطوع الملكيين فى إرشاد لعازر عن أجود أنواع الرخام والأعمده ثم أخذوه الى كنيسه ودير مارمينا بمريوط وأروه جمال رونقها وبهت من حسن زينتها فقال: " هذا ما يحتاج إليه الخليفه" وسمع البابا بما يريد أن يفعل هذا الهرطوقى فقال له: " كل الكنائس أمامك إفعل بها كما أمرك الخليفه ولكن أرجوك أن تترك هذه الكنيسه" فرفض لعازر أن يترك الاعمده والرخام النادرفى كنيسه مارمينا0 وكان الرخام ليس له نظير ولا يقدر بثمن 0وصلى البابا قائلا: " أنا أعلم أيها الشهيد مار مينا أنك ستأخذ حقك من هذا المخالف الذى لم يوقر بيتك الذى هو عزاء للمؤمنين" ولما وصل الرخام والأعمده الى مدينه الإسكندريه صار حزن شديد وبكاء من الشعب وإهتم البابا يوساب بإصلاح ما عبثت به يد المخربين من الذين يأخذون مما ليس لهم0ويستولون على أملاك الأخرين0 وساعده الله حتى أعاد الكنيسه الى بهائها الأصلى0 ولكن إلهنا إله قوى وجبار فقد إنتقم من لعازر إنتقاما سريعا ومريعا فقد ألقاه طريحا فى الفراش لا يقوى على الجلوس أو القيام مده طويله وأخذ جسده ينتفخ وكذلك أحشاؤه بالمرض المسمى الإستسقاء ووصل الى حاله الفقر المدقع وضنك شديد ولم يجد حتى قوت نفسه وتركه أبناء السوء من الملكيين اليونانيين يقاسى من داءه بمفرده وأخيرا إضطر ان يلتجئ الى البابا ويلتمس الصلاه لأجله فقابل البطريرك شره بالخير وعدوانه على الكنيسه بالمحبه وأواه عنده إلا أن كلمه الرب كانت قد نفذت فيه00 وقالت الكاتبه الجليله أيريس حبيب المصرى فى كتابها القيم تاريخ الكنيسه القبطيه ج2 ص433 [ ان الخليفه المعتصم أراد أن يختط مدينه سمارا ( سمارا تعنى سر من رأى وتقع حوالى 80 كيلومترا شمالى بغداد إتخذها المعتصم عاصمه الخلافه العباسيه، وظلت كذلك حتى سنه 894م) بعث الى مصرنا العزيزه يستقدم أبنائها الصناع المهره والفنانين ليساهموا فى تشيد هذه المدينه 000 ومن الأدله على أن هؤلاء الصناع كانوا من القبط ان المخلفات الباقيه عن هذه الحقبه تحمل على ظهرها صليبا منقوشا أو تحمل كلمه الآب والإبن والروح القدس ( مختصر تاريخ مصر بالفرنسيه ج2 المبحث الثانى لجاستون فييت ص147 ) وهذه المخلفات شاهده على ان الخليفه المعتصم كان عطوفا على المسيحين حقا فقدر فنهم وإحساساتهم] رجحت الكاتبه أن الأقباط إستخدمهم الخليفه والأرجح فى إعتقادى انهم سرقوا الأعمده ودمروا الكنائس فى سبيل إقامه مدينه سمارا طبقا لما ذكره ساويرس بن المقفع وهو مؤرخ من القرن العاشر الميلادى ج1 ص295-260 والنقوش الموجوده التى إكتشفها الباحثين شاهده على أن هذه الأعمده والرخام التى وجد عليها آثار مسيحيه قبطيه ودينيه كانت فى الأصل موجوده فى الكنائس المصريه ودير مارمينا القبطى عندما دمروهم ليأخذوا الأعمده والرخام الثمين منهما بلا دفع أى مقابل0 والذى يفعل ذلك وصاحب الشئ موجود يسمى سارقا ولصا ومغتصبا0
مخالف من الكنيسه الملكيه:
كان من الإسكندريه رجل من أتباع كنيسه الملكين اليونانيين غنى جدا وكان له سواق ( الساقيه هى عباره عن دائره من الخشب أو المعدن بها قد تكون بها ثقوب أوبها جرار من الفخار لرفع الماء من مستوى منخفض الى سطح الأرض) فلما خرج يتفقد حقوله فوجد ساقيه مكسوره فأرسل يطلب نجارا وكان شيخا قس نجارا فقال له أصلح لى الساقبه فقال له القس اليوم هو الجمعه العظيمه ولن أعمل شيئا لإنه يوم صلب كلمه الله فأجابه الهرطوقى مجدفا على كلمه الله المسيح ولعن وسب مالا يجب ذكره فوبخه الشيخ القس ومضى وتركه وكان البابا يعيد عيد القيامه وذهب الى وادى هبيب حيث يمضيه فى الصلاه حسب علده البطاركه ولما عاد الى الإسكندريه حكى له الشيخ القس ما حدث وكيف انه جدف على الإسم المبارك وقال ساويرس ابن المقفع ص261 ان هذا الإنسان الملكى قد صار أخرس وأصيب بالفالج حتى يوم وفاته0 ورآه كل الملكيين اليونانين فى الإسكندريه فخافوا حتى أن رئيسهم البطرك المسمى صافرن لأعتقد بأن البطريرك القبطى يوساب له موهبه إلهيه فكان دائما يحضر ويسلم عليه فى إتضاع٠
نجم يظهر فى السماء:
فى السنه السابعه من جلوسه على الكرسى المرقسى وفى سنه 145 ش ظهرت علامه عظيمه فى السماء وظهر نجم عظيم فى المشرق وينتهى الى المغرب مثل السيف الذى يلمع وظل ظاهرا فى السماء أياما كثيره وكان الناس يكثرون من الأسئله وبعد أيام جاء وباء عظيم على البهائم وكانت الدواب تموت فى الحقول وقلت الدواب فى أرض مصر دابه ولم يقدر أحد يمشى فى الأزقه إلا بعد أن يسد أنفه من كثره الجيف والرائحه العفنه وإنقطع الزرع وقل الثمر وإنتقل الوباء الى الناس ورفع البابا يوساب صلاته ببكاء الىالله فسمع منه فكثرت الناس فى مصر وأيضا البهائم ونسوا ما حدث من وباء والعجيب أن البهائم كانت تلد زوجا زوجا٠
قضاه الظلم:
حدث أن تنيح أنبا إسحق أسقف مصر وأوسيم الذى كان متزوجا0 فأقيم مكانه أبنه الشماس يوحنا بعد أن وافق رؤساء مصر به فأقيم على أسقفيه مصر وسيم آخر من أولاده على كرسى منطقه أوسيم أسمه الشماس بقيره ولكنه تنيح بعد أيام قلائل من رسامته وكان لإسحق ولد آخر إسمه تاودروس وهو الإسم الذى أطلق على ثلاثه من الأساقفه الذين جلسوا على كرسى أوسيم من قبل ولكن لم يرضى به الشعب0 فلم يوافق البابا يوساب برسمه بدون موافقه الشعب فذهب تاودروس الى على ابن يحى ألأرمنى الذى كان واليا فى ذلك الوقت وكان هذا الوالى عين من قبل ابى إسحق ابراهيم الملقب بالمعتصم ابن هرون الرشيد اخى عبدالله المأمون ووعد الوالى بالمال وأرسل الوالى الى البطريرك فقال الوالى أنه لايصير أسقفا أبدا وقاوم الوالى وقال أيضا هذا الأمر غير ممكن0 فإغتاظ الوالى وحنق عليه من أجل ما وعده تاودروس من مال وبدأ يهدم الكنائس فى الفسطاط وبابليون0 وإبتدأ بكنيسه المعلقه بقصر الشمع(حصن بابليون) فهدموا السقف والبابا يوساب يبكى بكاء مرا، وأخيرا تقدم اليه الرؤساء وقالوا له إن تمسكك سوف يهدم الكنائس0 والله نظر حرصك على الحق أنت جعلت توكلك على الله اما هو فتوكل على السلطان، وكان شعب أوسيم قد رضى خوفا من غضب الوالى أما الوالى فقد تمادى فى غيه وقال لن أوقف الهدم إلا أن تعطونى 3000 دينارفقال الأراخنه والشعب والأساقفه قسم المبلغ علينا ونحن سوف نعطيه للوالى إنقاذا لكنيسه الله ورفع البابا قلبه الى الله على الوالى وقال فى يوم النقمه أجازيهم والكل يعرف أن كلام هذا البابا كان مثل كلام الأنبياء وبعد قليل أرسله الخليفه فى حرب مع الروم فسبى منهم وإحتل بلادا0 وأرسله مره أخرى فخرج عليه مجموعه من جنود الروم فقتلوه فى شره ومحوه من بين الأحياء0
وحدث أن أسقف مصر طلب من البطريرك أن يرفع رتبته وكان فى مصر فى ذلك الوقت قاض كان كل شخص يحاول أن يتجنبه وكانوا يخافونه ولم يقدر أحد يقاوم كلامه وكان عند المسلمين مثل الفقيه والإمام عارف بكل علوم مذهبهم0 ولكنه كان يفعل السيئات سرا وكان محبا لشرب النبيذ وسماع الغنى وكان فى ذلك الوقت من المحرمات وإقتنى الجوارى والسرارى وأحب اللذه والزنا بلا خوف من الله ولا حياء من الناس ولما رأى إسحق أسقف مصر أن هذا القاضى له مكانه عند الوالى وأمراء المسلمين بالرغم مما يفعل ما يحلوا له من شرور0 ولا يستطيع أحد أن يقاوم حكمه إذا كان صحيحا أو خاطئا وعرف البابا مقدار الصداقه التى تمت بين يوحنا والقاضى وفى يوم أحضر القاضى البابا وكان عنده أساقفه يؤيدون يوحنا أسقف مصروأسماؤهم باخوم اسقف بسطه(الزقازيق بالشرقيه) وجرجه أسقف طحا(قرب سمالوط) وجرجه أسقف اهناس(اهناسيا فى بنى سويف)وزخاريا أسقف البحيره ومينا أسقف البهنسا (البهنسا فى بنى مزار) وقوم أخرون0 فقال القاضى للبطرك من أقامك رئيسا على الأقباط فقال البطرك "الله " وإلتفت القاضى الى الأساقفه المؤيدين لإسقف مصر وقال لهم: " لا تسمعوا من هذا البطرك من اليوم بل إجعلوا هذا أبا وأشار الى أسقف مصر "00 فأجاب الأساقفه: " هذا جيد !" وكان كل ما تم بالإتفاق مع القاضى لأنهم وعدوه بإعطائه مالا وقال زكريا اسقف البحيره للبابا: " لقد قلت لك بالأمس لا تقف أمام ترقيه وإعطاء الرتبه لأسقف مصر لأنه سيأخذ ما يريده بأمر من القاضى " 0 فقال البابا يوساب باللغه القبطيه: " ياغير فاهمين كيف ضللتم ؟ كيف قبلتم هذا الكلام الذى ليس له الكمال" وذكر لهم ما قاله بولس الرسول فى هذا الأمر0 وكان من الجالسين واحدا يفهم اللغه القبطيه فترجم للقاضى كل ما قاله البابا يوساب فغضب القاضى وقال: " أنت تظن ان أمرى لن ينفذ" فقال البابا بهدوء: "هل تستطيع ان تغطى ضوء الشمس بيدك0 فإن كنت تقدر ان تفعل ذلك فانت تستطيع ان تنفذ اوامرك وان تقاوم الله0 ومعى أيضا أمر ( كتاب) من الخليفه الذى انت تعمل تحت أوامره يعطينى الحق فى حكمى على الأساقفه وشعبى ورعيتى، فالأساقفه ليس لهم على سلطان أما أنا فسلطانى من الله ومن الخليفه0" فقال القاضى: " هل معك هذه السجلات" فقال :"نعم" فأحضر البابا هذه السجلات فكانت كالآتى: كتابا من المأمون عبدالله بن هرون بن الرشيد00 كتابا من إبراهيم أخيه المعروف بالمعتصم00 ولما تولى هرون الواثق أبن المعتصم سألوه فى كتابه كتاب للبابا يوساب فأرسل له كتابا يعطيه تأيده فى إداره وحكم الكنيسه القبطيه0 والواثق هو الذى عين القاضى فى مصر0وعندما إطلع على السجلات الكتابيه فأمر بصرف البطريرك بكل إكرام 00 فخرج البابا وهو يقول عن الأساقفه الذين خالفوه: " يارب لا تقم لهم هذه الخطيه0"
قاضى الظلم يحول الأحرار الى عبيد:
كان هذا القاضى المسلم يبحث عن العبيد من صغار السن (قبل سن البلوغ ويجعلهم مسلمين بعد ان يهددهم0 فكان الناس الذين عندهم عبيد يتفاخرون بعدد الغلمان الذين دفعوهم بالقوه وأكرهوهم تحت الضغط والإرهاب بالتدين بالدين الإسلامى0 أما الموالين (الأقباط الذين أسلموا) فقام بحبسهم حتى يوافقوا بتحويل عبيدهم الأطفال إلى مسلمين ثم يفرج عنهم0 وحدث انه كان من عاده ملك الحبشه، وملك النوبه، والخمس مدن الغربيه( ليبيا والقيروان) ، وأفريقيا يرسلون لبابا القبطى اولادا هدايا ليعلمهم القراءه والحساب والكتابه والعلوم المدنيه والدينيه0 ففتح لهم مدرسه بالإسكندريه وبعد أن تتم دراستهم يرسلون كإرساليات لتبشير الوثنيين بالمسيحيه فى المناطق الذين أتوا منها 0وأعلم أسقف مصر المحروم( فصل من مكانه) وإسمه بنه (ومعناه النار) القاضى بأنه يوجد غلمان عند البطريرك القبطى0بل أنه ذهب مع الجنود الى المدرسه بالأسكندريه التى كان بها الأولاد وساقوهم مثل الخراف التى تساق الى الذبح وهم يبكون بلا معين ولا مغيث حتى وصلوا الى مصر0وكان عدد هؤلاء الأطفال 80 طفلا فلما رآهم قاضى الظلم قال: "هذا شئ يكيد البطريرك ويحزنه" وأرسل الى البطريرك وعندما حضر قال له: " لماذا تقاوم الخليفه وتدوس أوامره ؟ فلا يجوز ان تستعبد هؤلاء الصبيان وتنصرهم " فقال البطرك: " إن هؤلاء الغلمان نصارى أولاد نصارى، وهم يقدمونهم للكنائس كهدايا مثلما قدما يواقيم وحنه والدا مريم إبنتهما للهيكل وهى طفله كنذر وهى مريم أم المسيح0 وهؤلاء الأطفال من عند ملك الحبشه والنوبه والروم0فلم يسمع القاضى وامر بإحضار الأولاد أمام البطريرك يوساب 1 ، وخوفهم وهددهم، حتى إسلموا قدامه وحاول ان يجذبهم وقال وهو يبكى: "الويل لى تجدد حزنى، وحمى قلبى فى باطنى ، ونظرت أسقامى إنفصلت منى أعضائى، الآن يارب عرفنى تمامى لأن أحزان الجحيم قد أحاطت بى" فقال القاضى له: "ليس بينك وبين هؤلاء الأطفال معامله، خذ ثمنهم وإتركهم " فأجاب البطريرك: " إن كان غرضك أن تستعبد أحرارا فليس من مكانتى أن أستعبد أحدا0 لأن هؤلاء أحرارا وأعضاء فى جسمى والله يدينك عنهم وسوف تعطى عنهم جوابا من يد الله إله الكل0 " فأمر القاضى بقسمه الغلمان فأقتسموهم المسلمين ، فصلى فى دموع قائلا: " أمام الله طلبت الدماء وذكرتهم لا تنس صوت الفقراء0 أذلوا شعبك وميراثك ضروا وقتلوا اليتامى0والغرباء باعوهم كعبيد وقالوا الله لاينظر" وكان يقول أيضا: " إن كل من يبغى هؤلاء الصبيان يهلكه الله " إنتقم يارب من هذا القاضى الظالم عوضا عن فعله السئ 0
ابن المقفع والقديسين:
تميز عصر البابا يوساب 1 بوجود العديد من المشاهير ومنهم أنسان سائح إسمه امنونه فى دير أبى يحنس0 وكان هذا السائح فى جبل أرمون وله روح النبوه وكان يشفى المرضى من الشعب وله سلطان على الأرواح النجسه وكان الناس تأتى إليه ليعينهم فى كل ما يحتاجونه0 وكان خصيا من بطن امه طاهرا لله راهبا متعبدا وعندما خربت الأديره بعد هجوم البربر عليها فى السنه الأخيره من عصر البابا مرقس ذهب هذا الراهب الى كنيسه با سم التلاميذ فى قريه وإستمر يفعل معجزات كثيره جدا من إخراج الشياطين وشفاء المرضى0 وذهب إليه ساويرس ابن المقفع كاتب كتاب تاريخ البطاركه الشهير وعلمه هذا السائح الكتابه فى السنهالعاشره من بطريركيه البابا يوساب 1 وكان هذا الشيخ جالسا فى يوم من الأيام يقرأ فى سير الكنيسه القبطيه القديمه وما حدث للأباء فى سابع عشره من سيره الآباء فقال ابن المقفع بسذاجه ما هذا الذى يقال؟ فقال الراهب الشيخ: " يأبنى طوبى لمن كتب وإهتم بسيره البطاركه00 صدقنى يأبنى فيما أقول لك انه لا يبتدئ احد بسيره البابا الثامن عشر وتاريخ الكنيسه حتى ينتهى بالبابا 118 وانت الذى تكتبها لأن الرب يدعوك "
البابا يوساب يخرج شيطانا:
حضر إنسان مسيحى الى البابا يوساب 1 وقال له: " يأبى الروحى ترائف على فإن لى ولد لبسه شيطان ويعذبه كثيرا وسمعناه يقول لن أخرج منه حتى يأمرنى أنبا يوساب البطريرك فإرحم عبدك أبنى فقال البابا بقلب نقى ومتواضع وأى شيئ أعمله يأبنى لكن لأجل إيمانك يخلص إبنك ففرح الرجل جدا بقول البابا وقال له أننى غير مستحق ان تدخل تحت بيتى فكيف يأتى البطريرك ليدخل منزلى وقال له: " بل أكتب لى بخط يدك بإسمك لا غير تأمر الشيطان بالخروج من إبنى " فلما سمع البطريرك هذا تعجب من عظم إيمانه0 ولم يدعه البابا أن يذهب الرجل الى بيته بدون ان يأخذ ما جاء لأجله0 فأمر بابا الكرازه المرقسيه ساويرس أبن المقفع أن يكتب: يقول يوساب الحقير أصغر البطاركه جميعهم وبأمرك أيها الروح النجس أن تخرج من عبد المسيح إلهنا ولا تعود إليه فيما بعد بقوه الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد" فأخذ أبو الولد الكتاب وخرج مسرعا إلى بيته وقرأه على إبنه فخرج الشيطان منه ولم يعد إليهوطوا مده إقامه الرجل بمصر(بابليون) كان يأتى الى البابا عاملا مطانيه له بإيمان عظيم وكان البابا يقول له لا تخبر أحدا 0
نياحه بطريرك أنطاكيه:
تنيح ديونسيوس بطريرك أنطاكيه فإختار الأنطاكيين إنسانا كاملا اسمه يوحنا حدث ذلك فى السنه الخامسه عشر من حبريه البابا يوساب 562 ش ولما جلس على كرسى انطاكيه ارسل رساله شركه وأخويه بالإتحاد الى الى بطريرك الأقباط وحملها أثنين من الأساقفه هما اثانسيوس مطران أقميه وطيماتاوس مطران دمشق ولفيف من الكهنه معهما ولما سمع بوصولهما على حدود مصر ذهب الى الأسكندريه ليستقبلهم فى مقر الكرسى الإسكندرى فلما قربوا من المدينه أرسل بعض الأساقفه والكهنه لإستقبالهم يصلون ويرتلون أمامهم الى ان دخلة المقر الباباوى ثم أخذ كتابهم وذهب الى الكنيسه وقام بقرائته على الشعب الأرثوذكسى القبطى فكان هناك فرح عند جميع الشعب0
قضاه الظلم:
عرفنا انه كان بمصر(الفسطاط وبابليون) قاضى ظلم وكان لذلك القاضى نائبا له اسمه محمد بن يشير يعمل قاضيا أيضا بمنطقه الإسكندريه0فمضى أليه الأساقفه الذين حرموا0 وأشاروا عليه بأن يهينه أمام مطارنه أنطاكيه وكانوا يظنون انهم بهذا العمل يظهرون انهم اكثر مكانه وكرامه لدى السلطه الزمنيه منه ويستحقون بهذا مركزه لان كرامته أنهارت0 فيفضحونه امام الأجانب السوريين الذين ينقلون ما شاهدوه من أهانه للبطريرك القبطى ويشوهون صورته0 ولكن بطريركنا كله أتضاع لا يبالى ولايفكر إلا فى إرضاء الله فقط0فأمر قاضى الظلم بمدينه الإسكندريه بإستدعاء البابا يوساب ومعه ضيوفه المطارنه الأنطاكيون فقال له:أعلمونى أن عندك الغلمان الذين أمرك صاحبى القاضى أنت ألا تقترب منهم مره أخرى0
وقد أعدتهم الى المسيحيه مره أخرى0 فأجاب وقال: " لا يوجد عندى أولادا0 ولم أشاهد وجه واحد منهم من ذلك اليوم الذين أخذتموهم منى0 " فأمر بضربه فضربه الجنود على رقبته بغير رحمه ويلكمونه بقسوه مده طويله فأحنى رأسه أمامه من شده الضرب والضعف والألم وكان كل ما يقوله ( أشكرك ياسيدى بسوع المسيح) فبكى أولاده الذين صاحبوه الى القاضى بل أن كل الموجودين تألموا لاجله من مشاهده هذا المنظر0وبعد ان خرجوا من عند ذلك القاضى شجعهم ولم ييأس من رحمه الله0 فتعجب المطرانان الأنطاكيان وقالا:" تبارك الله الذى جعلنا مستحقين ان نشاهد جهادا مؤمنا هكذا0وقال البابا: ان الله قال على قاضى الظلم ان الرب يظهر فيه الإنتقام الذى يحل فيه0 ولوقا قال الله ينتقم لأصفياءه سريعا الداعين له ليلا ونهارا ويطول روحه عليهم00 ثم كتب خطابا الى البطريرك الأنطاكى يوحنا وودع ضيوفه بمجد وكرامه وذهبوا الى بلادهم يفتخرون بما رأوه مبشرين بجهاد الأقباط فإذا كان رئيسهم تحمل كل هذا الذل والهوان لأجل المسيح فطوبى لأقباط مصر0
الكلمه الله تنمو:
كانت كلمه الله تنمو وتتزايد فى أيام البابا يوساب1 بصلواته وأعماله وأعمال القديسين وخاصه فى أديره وادى هبيب( وادى النطرون )لا سيما دير ابى مقار الذى كان فيه شنوده القس والقديس ومن أعماله وأفعاله كثر الرهبان وزرع كروما وبساتين وكان فى الدير مزرعه للحيوانات وطواحين ومعاصر وإمتلأ الدير من الخيرات وكان الأقباط يساعدونه وحضر الى الدير أعداد لا حصر لها من الناس حتى أن الملكيين اليونانين كانوا يحضرون لأجل المعجزات التى تظهر فى الدير ومحبه شنوده القس(رئيس الدير) فبنى كنيسه أخرى على إسم التلاميذ لزياده عدد الرهبان ثم دعا البابا يوساب ليراها ففرح وكرزها فى اليوم الأول من برموده فى عاشر سنه من توليه البطريركيه0 وأحب رهبان الدير رئيسهم شنوده أما البابا يوساب فقال لهم: أن هذا الأب (شنوده تذكارات كثيره يفعلها، وسوف يبنى كنائس كثيره 0 فكان تلاميذه يقولون: أين ياترى سوف يبنى هذه الكنائس، لا يوجد غير الجبل0 وكان فى يد البطريرك عكازا جميل أعطاه لشنوده رئيس الدير وقال له: خذ هذا ياولدى تذكارا لك0 فلما رأى الرهبان ذلك قالوا ربما ستظهر أمورا فيما بعد0
الوالى المسلم ينجس سرير البابا القبطى:
وفى السنه الثامنه عشر من جلوس البابا يوساب1 على كرسى مرقس رسول المسيح حدث ان تولى واليا على مدينه الإسكندريه أسمه مالك بن ناصر الحدر وكان إنسانا ظالما يفعل الشر فى المقدسات وأساء الى كثير من التجار وأصحاب الحرف ولأرباب الصناعه والباعه خاصه الذين يبيعون القماش وعمل قياسا كبيرا وأرسل مناد ينادى فى الشوارع قائلآ: من وجد عنده ثوبا ناقصا عن هذا القياس سيسجنه الوالى ويهينه وربما يقتله0 فلما سمع أهل الإسكندريه حزنوا جدا فإن الخياطين والباعه الجائلين قطع معايشهم هذا الوالى حتى لم يبق لهم قوت وهاجروا الى بلدان أخرى وكانوا يصرخون ليلا ونهرا الى الله حتى يسمع لصوتهم وينقذهم0
وفى يوم من الأيام تمادى الشرير فى شره وذهب بحاشيته الى مسكن البابا يوساب1 وكان معه سراريه فأكل وشرب معهن ثم قام وطاف بالبابا فى المسكن حتى وصلوا الى قلايه البابا (حجره البابا التى ينام فيها) فأدخل سراريه اليها ونام معهن وطرد البابا منها فنجس الموضع الممتلئ من صلواته وصلوات القديسين البطاركه الذين سبقوه فحزن البابا جدا لأفعال الشر وبكى وهو يرى مقدار شر هؤلاء الناس وقلبهم القاسى الممتلئ حقدا وشهوه وزنا فى هذا الموضع المقدس0 فنجس المكان الطاهر بزناه0 وقال البابا قول داود النبى: يألله دخلت الأمم الى ميراثك ونجسوا هيكل قدسك 0
وبعد ان فعل الوالى فعلته بغير خوف من الله عاد الى دار الولايه فضربه الرب بمرض فى أحشائه ولكنه لم يتخل عن ظلمه بل انه تمادى فى غيه عندما ذهب اليه بعض اتباع الأسقف المحروم( المفصول من ممارسه العباده فى الكنائس) وقالوا له انه يكاتب إمبراطور الروم ويعطونه مالا كثيرا0 فارسل يطلب البابا وأمر بوضعه فى السجن الى ان يدفع له 1000 دينار( وطبعا الوالى يعرف تماما بان هذه التهمه ملفقه لأنه إذا كان هذا الأمر صحيحا فلماذ يعطيه الحريه بعد ان يدفع مالا وهو يخابر الروم) وعذبه عذابا شديدا ليدفع المبلغ وبعد فاصل بعض الأقباط مع الوالى رضى بان يأخذ 400 دينار وعندما لم يرتدع الوالى مما فعله مع البابا صار الدم يتدفق من جسمه ( ويقول ابن المقفع أن الدم كان يتدفق من تحته) ولا يستطيع النوم ليلا ولا نهارا ولم يستطع أطباء هذا العصر ان يشفوه ولم تنفع أدويتهم حتى لتخفيف الألم وظل البابا فى ضيق السجن والوالى يهدده ويخوفه لإحضار المال والبابا يرفضولكن بعد إلحاح منهم وافق بالخروج من سجن الوالىولكنه قال لهم: أن كنت أخرج من هذا الموضع وتفعون ما طلبه الظالم ففى اليوم السابع من إستلامه المال سوف تظهر أحكام الله سريعا وكاتب هذا الكلام هو ابن المقفع وكان مع البابا فى السجن وشاهدا لما حدث0 وعندما كان اليوم السابع أحضروا الدنانير الى منزله وكانوا يقومون بوزنها فدخل بعض الناس وأذاعوا خبر موت الوالى وطاف مناديا فى الشوارع والأسواق ينادى قوموا إدفنوا الوالى0 وهكذا كان المنادى ينادى بشره ونادى أيضا بوفاته فماذا ربح ؟
نياحه البابا يوساب1 :
حدث بعد مده من الزمن أن البابا يوساب1 أصيب بحمى وفى اليوم السابع من مرضه إفتقده الله وأخذا الى مساكنه وتنيح فى 23 من بابه سنه 566 ش وكان مده جلوسه على الكرسى الأنجيلى 18 سنه 11شهرا وكان يوم احد وقت تناول الاسرار المقدسه فحملوا جسده الى مدينه الإسكندريه وبكى شعبه بمراره بدموع كثيره رجال ونساء
نهايه قضاه الظلم :
وقبل موت البابا يوساب تنبأ قائلا: " أن الله سينتقم من قضاه الظلم لإجل أفعاله ليس فى أيام حياتى بل بعد موتى0 حدث ان تولى الخلافه جغفر بن أبراهيم فعين رجلا أسمه يعقوب بن إبراهيم وأرسله الى مصر ليستطلع أحوال مصر ويدبر أعمالها ولما وصل الى مصر عرف ما خفى عن القاضى الظالم وأفعاله الرديئه التى فعلها سرا وجهرا فقبض عليه وحلق لحيته ورأسه بالموسى وأمر الجنود بأن يسيروه هكذا فى جميع شوارع مصر0 ورماه فى السجن ونهب ماله وتركه أصحابه الذين صادقوه فى أيام شره وسلطانه حتى أولاده لم يسألوا عنه وتركوه يجنى ثمار أفعاله0 ثم نفاه الى العاصمه فى العراق وظل منفيا حتى مات هناك0 أما القاضى نائبه الذى فى الإسكندريه الذى ضرب البابا يوساب أما المطارنه الأنطاكيين عمل به مثل صاحبه قاضى مصر إلا انه هرب بعد ذلك وإختفى عن الأنظار ولم يراه أحد بعد ذلك