مرحباً بكم في مدونة المسيح مخلصي وهى تحتوي على موضوعات مسيحية متعددة بالاضافة الي تاريخ الاباء البطاركة المنقول من موسوعة تاريخ اقباط مصر للمؤرخ عزت اندراوس بالاضافة الي نشر الكثير عن تاريخ الاباء

الأحد، أكتوبر 31، 2010

البابا تيموثاوس (تيموثيئوس) الثانى البطريرك رقم 26

 لبابا تيموثاوس الثانى البطريرك رقم 26 " العجائبى المحسن"
الأباطرة البيزنطيين الذين كانوا فى عصره

عاصر البابا تيموثاوس (تيموثيئوس) الثانى البطريرك رقم 26 الأباطرة البيزنطيين الآتى أسمائهم :-

ويمكن تقسيم حياة هذا البابا إلى قسمين رئيسيين
المرحلة الأولى : الأباطرة المؤيدين لقرارات مجمع خلقيدونية ( خلقيدونيين)
ومارقيانوس / مرسيان  Marcian
450 – 457 م  خلقدونى

ليون الاول Leo I  
 457 – 474 م مسيحى خلقدونى

المرحلة الثانية : الأباطرة الغير مؤيدين لقرارات مجمع خلقيدونية ( لا خلقيدونيين )

وليون الثانى Leo II  474 م مسيحى لا خلقدوني  حكم 10 شهور فى سنة 474م هو حفيد ليو الأول وإبن زينو وحكم معه زينون/ زينو Zeno ولكنه هرب من  فلافيوس باسيليسكيوس الذى حكم 475 - 476 م هو أخو زوجة ليو ألأول وقد إغتصب العرش 

رجع زينون/ زينو  البار  Zeno  وأصبح إمبراطوراً من  474 – 491 م مسيحى لا خلقدوني

المرحلة ألأولى :

أصدر الأمبراطور مارقيانوس / مرسيان Marcian  مرسوم 7 فبراير 453 بمنع الجدال والنزاع فى المواصيع الايمانية ومن يخالف من الاكليروس يعزل ومن يخالف من العامة ينفى خارج البلاد

صلابة شعب مصر وإنتخاب البابا تيموثاوس (تيموثيئوس)  البطريرك رقم 26

 وحدث أنه وصلت انباء أن البابا ديسقوروس قد إستراح فى الرب فى سنة 7 توت 171 ش الموافقه 4 سبتمبر 454 م فعم الحزن أرض مصر من شمالها إلى جنوبها وتوجع المصريون وفكروا كيف أن باباهم قد لفظ أنفاسه بعيداً عن أولاده الشعب القبطى وأهله ووطنه فى جزيرة نائية ، فإزدادوا ثورة ضد القوة العسكرية للأسقف الدخيل المعين من الأمبراطور والذى تجرأ وجلس على الكرسى الذى كان يجلس عليه باباهم البابا ديسقوروس المحبوب لديهم ، وحينما وصول خبر نياحة الأنبا ديسقوروس كان والى الأمبراطور على مصر غائباً عن مدينة الإسكندرية ، ورأى جميع المصريين انه بموت باباهم لهم الحق فى إختيار خليفته على السدة المرقسية كما تقتضى تقاليد الكرسى الرسولى لمار مرقس ووضع السلطة الإمبراطورية فى محك الإختبار بما يعنى أن الأسقف الذى عزلتوه قد تنيح للسبب الذى رأيتموه ولم يكن عزله لأنه صاحب بدعه كما أن الكنيسة القبطية المصرية ليست صاحبة بدعه ولهذا للكنيسة الحق فى إنتخاب رئيسها وإختيار رئيساً جديداً ولكن لم يرضى الإمبراطور وجود رئيساً آخر للكنيسة المصرية وعد هذا عصياناً  ، كما أنه كان إنتخاب أسقفاً نوع آخر من المقاومة الشعبية للسطلة ، وإستقر رأيهم فى 3بابه 172 ش - 1 أكتوبر 455 م على إنتخاب تيموثاوس أحد سكرتيرية البابا المتنيح الأنبا ديسقوروس ليخلفه على السدة المرقسية ، فاصبح البابا رقم 26 .. وهكذا ظلت سلسلة الخلافة الرسولية فى كنيسة الأسكندرية متصلة الحلقات دون أن يتطرق إليها إنقطاع رغم كل العناصر التى تألبت عليها (3) أما عن المدة التى خلى فيها الكرسى المرقسى فقد ذكرت المؤرخة مسز بتشر أنها قد طالت لتصل ثلاث سنوات فقالت فى كتابها تاريخ الأمة القبطية جـ 2 ص 60 ما نصه : " وفى سنة 454 توفى ديسقوروس وبعد وفاته كان المصريون لا يزالون ينكرون بطريركية بروتوريوس ولكنهم لم يتمكنوا من رسامة خلف له إلا بعد مضى ثلاث سنوات عندما مات الأمبرطور مركيانوس الذى كان يؤيد بروتوريوس "


من هو تيموثاوس (تيموثيئوس) ؟

الأنبا تيموثاوس (تيموثيئوس) هو تلميذ البابا كيرلس عامود الدين البطريرك رقم 24 ثم اصبح تلميذاً للبابا ديسقوروس 25 .. وقد ترهب تيموثاوس فى دير القلمون (4) وكان ناسكاً متعبداً فكان تأثير الصوم والصلوات تأثيراً ظاهراً على وجهه وجسمه وصفته المؤرخة أيريس حبيب المصرى بأن : " كان نحيل الجسم وعينيه براقتين وذهناً صاحياً كانا شاهدى حق على ما بلغه من سمو روحى ، كما كان متبحراً فى العلوم الروحية وسير الاباء لهذا إستقدمه الأنبا كيرلس من الدير ، ورسمه قساً على كنيسة الأسكندرية ( المرقسية ) فدأب على خدمة الشعب وتعليمه تحت رياسة هذا البابا العظيم ، ثم داوم على الخدمة والتعليم بعد إنتقال الأنبا كيرلس إلى مساكن النور وتسلم الأنبا ديسقوروس مقاليد الرياسة ، لهذا أحبه الشعب وراى أن ينتخبه ليجلس على السدة المرقسية رغم إستعطافه إياه ليتركه كاهناً بسيطاً (5)  

وقام الأقباط بإختيار تيماوثاوس الذى كان من رهبان دير القلمون وكان يخدم كقس فى مدينة الأسكندرية وقد إختلف المؤرخين حول صفاته وما يهمنا هو المؤرخ يوحنا النقيوسى الذى بدأ كتابة تاريخ مصر منذ شبابه حتى موته متأخراً فى العمر وقد تنيح فى سن التسعين سنة وكان اسقفا وعاش حتى شاهد الغزو العربى الإسلامى لمصر وسجل أحداثه أيضاً وكان اميناً فى ذلك لهذا يميل الموقع لتصديق كلماته التالية وسوف نسرد ما قاله المؤرخون ألاخرون حتى يكون أمام القارئ مختلف ألاراء بدون تحيز بسرد رأى واحد فقط و يوحنا النقيوسى هو الذى عاصر البابا تيموثاوس الثانى مدحه وقال عنه : " أنه كان آية فى التقوى والعبادة "
ولكن خصوم هذا البابا من الخلقيدونيين (الملكيين) قالوا أنه إرتقى كرسى البطريركية بشعوذته وجعل يدخل قصبة (أى يدخل بوص مفرغ إلى حجرات الرهبان الناسكين المقفولة)  إلى حجرات الرهبان ويخاطبهم بها ليرشحوه لتلك الوظيفة (ملاحظة من الموقع: لا يتم إختيار البطريرك بالكنيسة القبطية بواسطة الرهبان فقط بل ممثلين من الشعب والأساقفة ) وذمته كثيراً المؤرخة مسز بوتشر التى كتبت كتابها سنة 1900م  .. وبالعكس مدحت تيموثاوس الأبيض البطريك الدخيل بعض المؤرخين يقولون اسمه  بروتيرويوس
وقالت مسز بتشر فى كتابها تاريخ الأمة القبطية طبعة 1900 م جـ 2 ص 60 - 61 ما نصه : " فلما سمع تيموثاوس بوفاة الإمبراطور مركيانوس عاد مسرعاً إلى الإسكندرية فرسمه الأساقفة الذين يكرهون بروتوريوس وينفرون منه ، قيل أن تيموثاوس هذا لعب ألعاباً خيالية فى إحدى الليالى خارج قلايات ( حجرات ) الرهبان وعمد إلى مثل هذه الحيل والأوهام السافلة لكى يدفع ألاخرين لأنتخابه ، وهو عمل يشير إلى أن رسامته لم تكون قانونية ، ولكنه لم يكن هو الوحيد الذى فعل ذلك بل أن بروتوريوس (البطريرك الدخيل الملكى ) فعل هذه الخدعة لذلك لم تكتمل فيه وفى تيموثاوس الشروط الضرورية التى تطلبها الكنيسة من الذى يصبح بطريركاً "
ثورة وغضب الوالى
وعاد الوالى إلى الإسكندرية ووصلته أخبار ان ألأقباط المصريين قد أنتخبوا بابا لهم بعد نياحة البابا ديسقوروس فى المنفى ، وقد إحتفظوا بحقهم فى إنتخاب باباهم خاصة أنهم أعلنوا رفضهم للأسقف بروتيرويوس الذى عينه الإمبراطور مرقيان عليهم بالقوة ، فتوعد المصريين الأقباط بالويل والعذاب الذى ينتظرهم لأنه قال لهم أنه كان من الواجب إنتظار  عودته قبل أن يزاولوا عملية الإنتخاب ، فكيف إذا ينتظرون عودته وهناك أسقفاً عينتموه وفرضتوه بالقوة على المصريين ؟؟ وأنكر عليهم حقهم فى إختيار رئيسهم وحريتهم والإحتفاظ بإستقلالهم الكنسى ، وأعلن لهم أنه من الواجب عليهم أن يخضعوا لحكم الإمبراطور فى أمور الكنيسة كما يخضعون له فى الحكم السياسى .
وزاد الوالى فى تأييده لــ  بروتيرويوس الأسقف الخلقيدونى الملكى الدخيل المعين من الأمبراطور ويتجاهل البابا الشرعى المنتخب إمعاناً فى فى إضطهاد المصريين وإذلالاً لهم إذ إعتبرهم ثائرين على السلطة ولم يستطع هذا الوالى أن يفرق بين السياسة والدين وبين الحكم المدنى والكنيسة .
البابا تيموثاوس (تيموثيئوس) يعقد مجمعاً محلى
وإزاء تشدد الوالى للكنيسة القبطية الوطنية وهذا البطش البيزنطى عقد البابا تيموثاوس 2 مجمعاً محلياً من اساقفة الكنيسة المصرية الوطنية حرم كل من يقبل قرارات مجمع خلقيدونية المشئوم ، ولقد أجمع الأراخنة كبيرهم وصغيرهم - على مؤازرة البابا الجليل ولم يشذ من بينهم غير أربعة أساقفة (6)
وكان واضحاً أن المصريون لم يرضوا بهذا الأسقف الدخيل وإعتبروه دخيلاً مفروضاً عليهم بالقوة والمجمع المحلى الذى هقده البابا الشرعى المنتخب لم يصلنا من قراراته إلا شذرات وقد ذكرت المؤرخة مسز بتشر بعض هذه القرارت حينما إتهمت الأنبا تيموثاوس بأنه زاد الشقاق والخصام فى حين أنه كان محاصراً من الداخل بوجود أسقفاً غيره وقع على قرارات مجمع خلقيدونية وبممارسات عنيفه من الوالى البيزنطى ضد الشعب المصرى والكنيسة الوطنية مع إعتبار ان قرارات مجمع خلقيدونية ضد الإيمان الأرثوذكسى للكنيسة المصرية والموقع يضع كل ما قيل للقارئ وعلى القارئ أن يخرج بالنتيجة التى يراها وما يهمنا هو قرارات المجمع المحلى التى ذكرتها المؤرخة عرضاً فقالت المؤرخة مسز بتشر فى كتابها تاريخ الأمة القبطية طبع سنة 1900 م جـ 2 ص 62 ما نصه : " أن تيموثاوس صب غضبه على القسوس والأساقفة الذين كانت لهم علاقة مع برتوريوس (الأسقف الدخيل) ثم تبرأ من كل شركه وإتحاد بين كنيسته وكنائس روما والقسطنطينية وأنطاكية وسعى سعياً زاد الإنشقاق والخصام بدل من أن يعمل جهده على لإيقافهما وإستئصالهما ، (ومن العبارات التالية يتضح أنه حرم وعزل 14 أسقفاً) فإشتكى الأربعة عشر أسقفاً الذين حكم عليهم بالعزل والحرمان العرائض (الشكاوى) إلى الإمبراطور ( ليون الاول Leo I   457 – 474 م مسيحى خلقدونى ) وإلى بطريرك القسطنطينية ، وكذلك أرسل البطريرك تيموثاوس كتاباً مع وفد من الأساقفة والقسوس إلى الإمبراطور .. ولا تزال بقايا هذه الرسائل باقية إلى يومنا هذا ولكنها بالية ممزقة لا يؤخذ يؤخذ منها شئ لذلك فجميع ما وقع لتيموثاوس وما نسب إليه مأخوذ من أقوال الكتاب الذين ينتمون إلى مجمع خلقيدونية وبروتوريوس وهذه الكتابات لا ترتقى إلى الثقة كما هو معلوم ومفهوم    "
(ملاحظة من الموقع : وبالرغم مما قالته المؤرخة مسز بتشر عن كتابات المتحيزين لمجمع خلقيدونية فقد أخذت هى أيضاً من هذه الكتابات وسجلتها فى كتابها ضد البابا تيموثاوس ولكن للحقيقة فقد ذكرت فى موضعين ما قاله المؤرخ الأسقف المصرى الأنبا يوحنا النيقاوى فقالت المؤرخة مسز بتشر فى كتابها تاريخ الأمة القبطية طبع سنة 1900 م جـ 2 فى حاشية ص 62 ما نصه : " قال يوحنا النيقاوى الذى عاش حتى القرن السابع أن تيموثاوس عاش عيشة راضية تقية بينما كان راهباً فى دير القلمون بمديرية الفيوم إلى أن رقى وتعين شيخاً فى كنيسة الأسكندرية ثم خلف ديسقوروس بعد وفاته وهو آية فى التقوى والتدين ، وقد قال يوحنا أن تسموثاوةس كان مثال المؤمن الحقيقى وأنه سار ضد أنصار المجمع الخلقيدونى الذين أتعبوا العالم وأزعجوه )
رحلة رعوية لتثبيت الإيمان
وبعد أن وضع البابا تيموثاوس اساس للحدود بين الكنيسة المصرية الوطنية وهؤلاء القادمين بأوامر أمبراطورية ومعهم جند يفرضون قرارات مجمع خلقيدونية على المصريين بحرمانهم من مجمع محلى أراد ان يثبت الإيمان لشعبه فى أقاليم ومدن مصر وقرارها فغادر الأسكندرية وأخذ ينتقل بين مختلف بلاد مصر وحينما كان ينزل كان يعظ ويرشد ويثبت الإيمان ويوضح لهم أن من يستند على الإله ويستعين به يجد فيه الملاذ فلا يخشى السلطة الزمنية مهما طغت ومهما إستبدت .
الكونت ديونيسيوس أمير الجيش البيزنطى يمنع البابا القبطى المصرى من دخول الإسكندرية
وفى أثناء رحلة البابا الرعوية حضر إلى مصر الكونت ديونيسيوس أمير الجيش البيزنطى ومعه أوامر مشددة لإخضاع المصريين للأسقف بروتيرويوس الملكى الدخيل الذى عينه الأمبراطور مرقيان بكل ما عنده من قوة عسكرية وسياسية وقد نفذ الكونت أوامر سيده الأرضى وتقول المؤرخة أيريس حبيب المصرى عن إضطهاده : " إلى حد إقترف معه الفظائع ما لطخ جبين ذلك القرن الخامس وذكر المصريين بما قاساه آبائهم على أيدى الأباطرة الوثنيين " (7)
حادثة قتل بروتيرويوس الأسقف الخلقيدونى الملكى الدخيل المعين من الأمبراطور مرقيان 
وسمع البابا تيموثاوس بهذا الإضطهاد فرجع على الفور حتى يكون مع شعبه ولكنه لم يستطع دخول مدينة الإسكندرية حيث كانت محصنة ومحاطه بأسوار وقد أغلق الكونت فى وجه البابا أبواب المدينة ومنعه من الدخول إليها حتى تخلوا له الساحة بإضطهاد الشعب بدون وجود رمز لرئاسة شعب مصر الذى هو البابا ، فكان هذا العمل بمثابة سكب الزيت على النار فإضطرم غضب المصريين وثاروا ثورة عارمة وإشتبك المسيحيين الأقباط الوطنيين مع الجيش فى معركة دامية سقط فيها الكثيريين من أبناء مصر لعدم تدربهم على القتال وتقول المؤرخة أيريس : " ولقد حار الكونت ديونيسيوس فى امره بإزاء صلابة الشعب المصرى ، وراعه أن يراهم وقد تجمعوا كتلة متراصة وقصدوا إلى الدار التى يسكنها بروتيرويوس الأسقف الخلقيدونى الملكى الدخيل المعين ، وكانت جموعهم ثائرة غاضبة هادرة إلى حد أن رأى عدم التعرض لهم ، ولما رآهم الدخيل مقبلين عليه اصابه الذعر ، فهرب إلى مقصورة المعمودية فى كنيسته واختفى بها ( حيث كانت توجد سراديب أعدت خصيصاً للهرب أثناء عصور الإضطهاد الوثنى ) غير أن الجماهير كانت أشبه بمن لعبت الخمر برأسه ، فتبعته هناك وقتلته بحد السيف ، ثم حمل البعض منهم جثته وساروا بها فى الشوارع وهم يصيحون كالمجانين : " هذه جثة الدخيل بروتيروس" ثم تملكهم نوبة جارفة من الجنون عند ذلك فدفعتهم إلى تقطيع جسده إرباً إرباً وحرقوها وذر رماده فى الهواء (8)
وقالت المؤرخة مسز بتشر عن حادثة قتل بروتيرويوس (9) : " وحدث أنه عند رسامة تيموثاوس كان الوالى غائباً عن الإسكندرية فساءه رسامة البطريرك أثناء غيابه ولذلك أمر بنفيه من الأسكندرية وكان عنيفاً معه ، وكان ما فعله هذا الوالى بداية الإنشقاق والخلاف والخصام وقعت نتيجته على رأس بوتوريوس المسكين ، وتفاصيل ذلك أن جماعة من عامة أهل السكندرية هجموا على منزل بروتوريوس ولكنهم لم يتمكنوا من القبض عليه لأنه كان قد إلتجأ إلى الكنيسة المجاورة لبيته فظل أولئك العامة واقفين أمام المنزل وهم غاضبون ويصرخون ثم هاجموا الكنيسة بقوة وقبضوا على بروتوريوس وستة من القسوس الذين كانوا مختبئين فى مكان المعمودية وذبحوهم بالمدى والنصال ثم سحبوا جثة بروتوريوس وطافوا بها فى شوارع المدينة وبعد أن مثلوا بها شر تمثيل وأهانوها منتهى الإهانة أحرقوها فى لهيب من النار المضطرمة ، وكانت هذه ثالثة حوادث القتل المعيبة التى تلطخت بها مدينة الإسكندرية إذ لا يخفى أن ألولى قتل جرجس الأريوسى والثانية قتل هيباشا الفليسوفة المصرية الشهيرة ، وكان البطريرك تيموثاوس لم يكن موجوداً فى مدينة الإسكندرية فى ذلك الوقت (كان يطوف بلاد مصر فى رحلة رعوية) ولم تكن له يد فى هذه الجناية العظيمة "   
ويقول مؤرخون آخرون  : " سطا اللصوص على بروتيروس فى منزله وقتلوه ونهبوا امواله فى 28 مارس 457م وجره الغوغاء واحرقوا جثته وذروا رماده فى الهواء "      

 مـــــــــــــــــراجع
 
(1) راجع الأنبا إيسيذوروس فى الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج1 ص 525- 527
(2) مجمع خلقيدون ترجمه إلى العربية عن الأصل اللاتينى المحفوظ بمكتبة الفاتيكان الراهب فرنيسي ماريا ، وصادق عليه ثلاثة كرادلة - طبع فى روما سنة 1694م ص 212 - 213
(3) راجع تاريخ الكنيسة (باللغة الفرنسية ) للأرشيمندريت جيتى جـ 5 ص 197
(4) قالت المؤرخة أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية  - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية - الكتاب الثانى ص 78: " يتضح لنا من سيرة هذا البابا الجليل أن الدير المعروف بأسم " ألنبا صموئيل القلمونى " ديراً قديماً سابقاً لعهد الأنبا صموئيل ، وأنه كان عامراً بالرهبان فى هذا القرن الخامس .. غير أن الزمن كان قد عدا عليه ، عمره الأنبا صموئيل فى القرن السابع ولهذا أصبح معروفاً باسمه .
(5) تاريخ الكنيسة السريانية الإيطالية لمارسويريوس يعقوب توما حـ 2 ص 210
(6) راجع تاريخ الكنيسة (باللغة الفرنسية ) للأرشيمندريت جيتى جـ 5 ص 30
(7) أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية  - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية - الكتاب الثانى ص  79
(8) اسهب سانت ألفونسو دى ليجورى فى وصف هذه الحادثة فى كتابه " تاريخ الهرطقات " المطبوع بالعربية فى دير سيدة طاميش فى مقاطعة كسروان سنة 1864 م ص 267 ونقلته المؤرخة  أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية  - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية - الكتاب الثانى ص 80
(9) مسز بتشر فى كتابها تاريخ الأمة القبطية جـ 2 ص 61

الأنبا مكاريوس أسقف أدكو بمديرية البحيرة

وتقول مسز بتشر (1) : [ قد وجد بالفاتيكان كتاب قبطى (مخطوط بخط اليد) ناسخه كتب الأقوال الموجودة فيه من فم ديسقوروس نفسه عندما كان فى منفاة ، وهذا الكتاب يحتوى على سفر ديسقوروس إلى مجمع أفسس وما تم فيه ، وقد جاء فى هذه النسخة حكاية كلها ثناء وتعظيم لمكاريوس أحد مشاهير الرهباان المصريين فى ذلك العصر وكان أسقفاً لناحية ادكو (مديرية البحيرة) ويظهر من هذه الحكاية أن مكاريوس كان قد حضر إلى الإسكندرية مع تلميذ له أسمه بينوشن وفى نيتهما أن الذهاب إلى مجمع أفسس مشياً على الأقدام ، فلما رست السفينتان المعنيتان لنقل ديسقوروس وأساقفته جاء ربانها إلى مكاريوس وطلب منه بتوقير أن يرافقة فى سفينته لصعوبة السفر إلى أفسس على الأقدام وما فيه من مشقة وعناء ، فرفض مكاريوس طلبه وقال له : " إننى راهب ولا أطلب حياة الراحة ولا أسعى إليها ، بل يلذ أن أتعب من أجل سيدى المسيح ولذلك قررت ان أذهب إلى المجمع سيراً على الأقدام " ولم يتركه ربان السفينة بل ألح عليه متوسلاً أن يركب السفينة فأجابه الراهب : " الرب يباركك يا أبنى فلا تكثر من الإلحاح على ، فليس فى وسعى ركوب المراكب خصوصاً ليس عندى دراهم ولا أمتلك شيئاً من الدنيا الفانية " .. فرد عليه الربان قائلاً : " إذا كانت الدراهم تعوقك عن الركوب فى سفينتى فيمكنك الن تركب سفينة البطريرك مجاناً " .. ولما علم أنه سيسافر مع البطريرك فرح وسر قلبه وشكر هذه الظروف التى جعلته يسافر مع خادم الرب ، ولكنه لم يجلس بالقرب منه بل إتخذ مكاناً بعيداً فى مؤخرة السفينة ، ولما سنع ديسقوروس بأنه يركب معه فى السفينة ذهب إليه فرحب به ورجاه أن يختار مكاناً فى وسط السفينة ( مقدمة ومؤخرة السفينة تتقاذفها الأمواج فتكون غير مريحة) وبالرغم من أن البطريرك كان يتكلم اللغة القبطية إلا أنه عندما كلم الأنبا مكاريوس لم يستطع يفهم كلامه كما أن مكاريوس لم يفهمه أيضاً لأن مكاريوس كان يتكلم بلهجة قبطية بحيرية بلغة القرى فإستدعى ترجماناً  ليترجم له .
وحدث أن شماساً نظر إلى مكاريوس شذراً بمؤخرة عينية دلاله على إحتقاره ، وتعجب من إحترام البطريرك والأساقفة الشديد لرجل جاهل مثل هذا الراهب مكاريوس والذى لا يعرف شيئاً من المعارف ولا حتى اللغة ، ولكن لما رأى ديسقوروس نظرات الراهب وبخه وأمره أن يعتذر لمكاريوس مع انه لم يفهم شيئاً مما حدث ولم يفهم كلام الشماس ولم يعرف مقدار الإهانة التى لحقت به ، ولذلك إندهش لما رأى ذلك الشماس جاثياً على ركبتيه يطلب الصفح عما بدر منه ، فمد يده وأقامه ليسأله عن سبب إستغفاره فشرح له ديسقورس ما حدث من الشماس وطلب منه أن يسامح الشماس أو يحرمه ، فصفح مكاريوس عن الشماس وقال له : أسأل الرب أن يغفر لك خطاياك يا ابنى "
ومن ذلك الحين أصبح مكاريوس موضع أحترام من جميع المسافرين للمجمع فكانوا يحبونه وإعبروه من القديسين الذين لهم مقدرة على إجراء العجائب وإعتقدوا أن باقى نساك المكان الذى جاء منه هم مثل مكاريوس وألحوا على تلميذه بينوشن أن يسرد لهم إحدى عجائب معلمه فقص التلميذ عليهم خبر ذهاب مكاريوس إلى بلدة وثنية فيها هيكل وثنى أتهم سكانها بخطف صبيان مسيحيين ويذبحونهم على مذابح أصنامهم ، فسار مكاريوس فى الحال إلى هذه البلدة ومعه ثلاثة من الرهبان ، فهند ما راى رجال مكاريوس الهيكل وقبته السامقة مكتظة بجيش كبير من الوثنيين ومسلحين بالسيوف والعصى والرماح إنهلعت قلوبهم وإصطكت ركبهم وخارت قواهم وخانتهم وشجاعتهم وخصوصاً لما نهاهم الوثنيون عن الدنو من هيكلهم قائلين لمكاريوس بصوت كقصف الرعد : " مالك ولنا يا هذا لماذا جئت" فاجابهم الراهب بقول ملؤه الهيبة والحماس : " أتيت إليكم لأرى ما أنتم فاعلون بغلمان المسيحيين الذين إختطفتموهم إختطافاً لتذبحوهم لأوثانكم الوثنية "
فقال الوثنيون : " إن الذى ابلغك هذا الخبر كاذب تمام إذ لا صحة لهذا القول " فرد عليهم مكاريوس إذا كان هذا الخبر غير صحيح إسمحوا لى أن أدخل الهيكل لكى أتأكد أن ما سمعته إذا كان صحيحاً أو كاذباً " 
وقال بينوشن تلميذ الأنبا مكاريوس راوى هذا الخبر : " حينئذ أشار إلينا الوثنيين بالدخول ولكن رجلين من الذين كانوا معنا إمتنعا عن الدخول فدخلت إلى الهيكل مع معلمى ورجلين آخرين وفى لمح الطرف هجم علينا عشرون رجلاً يقصدون القبض علينا غيلة وغدراً وهم يقولون لنا لقد دنا أجلكم وإقتربت نهايتكم ، ثم أمسكوا مكاريوس وثدموه ليذبح على مذبح آلهتهم الكاذبة لولا أن هوميروس رئيس كهنتهم الذى يتحتم عليه تقديم الذبيحة لم يكن موجوداً فى الهيكل فأرسلوا يستدعونه ، وقد إنتهزت هذه الفرصة وهمست فى أذن معلمى الذى كان مقيداً معى وقلت له : " لقد ىن لك أن تصلى وتطلب النجاة من الرب لأنه قد حان وقتنا وهوذا كأس الحمام يترع لنا ( سوف يشربون من دمنا) " فأجابنى مكاريوس : تشجع يا ابنى ولا تجزع فإن يسوع سوف يخلصنا من مخالب الموت الزؤام .. ولم يكد إستاذى ينتهى من كلامه حتى طرق مسامعنا صوت ويصا على الباب يطلب فكنا من أغلالنا " وقيل أن ويصا هذا أنه علم بذهاب مكاريوس لهيكل الوثنيين فتبع أثره ومعه عدة رجال وأدرك مكاريوس قبل أن يذبحه الوثنيين فكسر باب الهيكل وأنقذ ذلك الراهب والذين معه وقبض على هوميروس رئيس الكهنة والوثنيين وأحرقه حياً واضرم النار فى الهيكل فلاشاها ، ودار فى البلدة يحرق آلهتها وخاف أهل القرية ولما رأوا أن آلهتهم لم تحامى عنهم وأنها لاحول لها ولا قوة إعتنقوا المسيحية وتعمدوا ]  
مـــــــــــــــــراجع
(1) كتاب تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الثانى 40 - 45

البابا ديسقوروس فى المنفى

ونفى البابا ديسقوروس إلى جزيرة غاغرا بفلاغونيا فى آسيا الصغرى Gangra Island Asia Minor
قال الأنبا إيسيذوروس (1) عن أعمال البابا ديسقوروس وهو فى المنفى : " قام شماس البابا ديسقوروس وأسمه تاوفسطس وكاتب سيرته بكتابه حادثتين عن عما حدث مع البابا فى المنفى وهما حادثتان تستحق الإهتمام تدل على ما كان للبابا ديسقوروس من كرم أخلاق وعلو منزلة عند الرب :
ألأولى : حدث أن تاجراً إسكنرانياً (أى من الإسكندرية) أدى به السفر إلى بلد منفى البابا ديسقوروس فزاره ، ولكنه إمتعض عند رؤيته لبابا المصرى وما صار إليه من فقر وإمتهان والإحتقار ، فطيب خاطره البابا وذكره بالإمتهان الذى لحق برب المجد يسوع المسيح ، وبعد أن مكث عند البابا بضعة أيام وحان ميعاد إبحاره سلم السماي سبيكة من ذهب كثيرة الثمن لينفق بها على معلمه ووعده أن يرسل له بغيرها ، فلما علم البابا ديسقوروس بذلك جزأها إلى أجزاء متساوية وفرق الأجزاء على فقراء البلد بالرغم من إرادة شماسه وتوسلاته .
الحادثة الثانية : أن البابا يسقوروس كانت عنده موهبة الشفاء ومما نقل عنه شماسه أن رجلاً أعسم تقدم غلى البابا ديسقوروس وطلب إليه بدموع أن يحصل على نقطة من دمه ، وبعد أخذ ورد (أى أن البابا رفض فى البداية ثم وافق) سمح له ان يخدش خدشاً بسيطاً أسال دمه ودهنه به وعقب الدهن بالصلاة فنال الأعسم نعمة الشفاء .
وقد نقلنا عن الشماس الكاتب أن اهل المدينة خضعوا للأنبا ديسقوروس بعد أن شاهدوا المعجزات التى كان يجريها الرب على يديه وتحولوا إلى شبه ملائكة بعد ان كانوا أشرارا وثنيين ومتوحشين للغاية "     
ونفى البابا ديسقوروس إلى جزيرة غاغرا بفلاغونيا فى آسيا الصغرى Gangra Island Asia Minor
قال الأنبا إيسيذوروس (1) عن أعمال البابا ديسقوروس وهو فى المنفى : " قام شماس البابا ديسقوروس وأسمه تاوفسطس وكاتب سيرته بكتابه حادثتين عن عما حدث مع البابا فى المنفى وهما حادثتان تستحق الإهتمام تدل على ما كان للبابا ديسقوروس من كرم أخلاق وعلو منزلة عند الرب :
ألأولى : حدث أن تاجراً إسكنرانياً (أى من الإسكندرية) أدى به السفر إلى بلد منفى البابا ديسقوروس فزاره ، ولكنه إمتعض عند رؤيته لبابا المصرى وما صار إليه من فقر وإمتهان والإحتقار ، فطيب خاطره البابا وذكره بالإمتهان الذى لحق برب المجد يسوع المسيح ، وبعد أن مكث عند البابا بضعة أيام وحان ميعاد إبحاره سلم السماي سبيكة من ذهب كثيرة الثمن لينفق بها على معلمه ووعده أن يرسل له بغيرها ، فلما علم البابا ديسقوروس بذلك جزأها إلى أجزاء متساوية وفرق الأجزاء على فقراء البلد بالرغم من إرادة شماسه وتوسلاته .
الحادثة الثانية : أن البابا يسقوروس كانت عنده موهبة الشفاء ومما نقل عنه شماسه أن رجلاً أعسم تقدم غلى البابا ديسقوروس وطلب إليه بدموع أن يحصل على نقطة من دمه ، وبعد أخذ ورد (أى أن البابا رفض فى البداية ثم وافق) سمح له ان يخدش خدشاً بسيطاً أسال دمه ودهنه به وعقب الدهن بالصلاة فنال الأعسم نعمة الشفاء .
وقد نقلنا عن الشماس الكاتب أن اهل المدينة خضعوا للأنبا ديسقوروس بعد أن شاهدوا المعجزات التى كان يجريها الرب على يديه وتحولوا إلى شبه ملائكة بعد ان كانوا أشرارا وثنيين ومتوحشين للغاية "     
مـــــــــــــــــراجع
 (1) راجع الأنبا إيسيذوروس فى الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج1 ص 582 - 583

إقامة بطريرك دخيلاً على كنيسة الأسكندرية

تعليق من الموقع : لم يكن عزل ونفى البابا ديسقوروس فى مجمع خلقيدونية لأجل هرطقة ولكن كان ظلماً وبدون سبب يذكر ، والكنيسة المصرية كانت الكنيسة الوحيدة التى كانت تختار أساقفتها بحرية أثناء الإحتلال الرومانى الوثنى والإحتلال البيزنطى المسيحى ، ولا يرضى الشعب القبطى المسيحى فى مصر بفرض سيطرة سياسية خارجية أو داخلية فى المساس بهذه الحرية 

وقالت المؤرخة مسز بتشر فى كتابها تاريخ الأمة القبطية جـ2 ص 57 ما نصه : " ولما طرق مسامع المصريين ما لحق ببطريركهم من الحرمان والعزل هاجوا وغضبوا وأتفقوا على عدم الإعتراف بقرار المجمع الذى أصدر هذا الحكم وأعلنوا عدم رضاهم ببقاء هذا البطريرك رئيساً عليهم ولو انه محروم مشلوح وأن إيمانه وعقيدته هو إيمانهم ومعتقدهم ولو خالفه فيهما جميع آباطرة القسطنطينية وبطاركة روما ، والذى أغضب المصريين كثيراً هو أنهم إعتبروا أن الحكم الذى صدر ضد بطريركهم ماس بحريتهم الوطنية مجحف بحقوقهم السياسية حتى ولو كان حكم دينى صرف فلا يهمهم أمره ما دام أن القانون الأساسى لكنيستهم قد صادق عليه البطريرك (الأنبا ديسقوروس) وصاوا يتمسكون به تمسكهم بقواعد دينهم .
وكانت نتيجة هذا كله أن أسباب الشحناء والبغض والكراهية نمت وكثرت بين الأقباط الوطنيين وبين الأروام المقيمين فى مصر ( سواء أكانوا من السلطة الحاكمة أم من المستوطنين منهم أو من الأقباط الذين تزاوجوا معهم ) وزادت عوامل الجفاء والعداء بين الطرفين خصوصاً لما إنحاز جماعة من اليونان إلى كنيسة ألأروام البيزنطيين مع أنهم كانوا مثل المصريين فى العوائد والأخلاق (اليونان كانوا قد أستوطنوا مصر منذ الإحتلال البطلمى وكانوا يعتبرون من فئة المواطنة الحاكمة ويحتلون وظائف عالية)
وكان المصرى فى ذلك الوقت يبرهن على صدق وطنيته وإخلاصه لبلاده برفضه قرارات مجمع خلقيدونية رفضاً باتاً والإستهزاء بنتائجه .
وعندما وفد على مصر أربعة من الأساقفة مع مندوب من قبل الإمبراطوره لإنتخاب بطيرك جديد إحتدم الشعب المصرى غيظاً وبدأ دخان غضبه يتعالى مما يدل على نار كامنة تحت الرماد فد تتلظى إذا حركتها أيدى العوامل الفعالة ، وذلك أن المصريين كانوا يقولون بأن ديسقوروس هو بطريركهم وحاكمهم المطلق وولى أمرهم وأنهم لا يقبلون بديلاً عنه ما دام هو على قيد الحياة .
ولكن قوة الحزب الرومانى فى كنيسة الإسكندرية قد تغلبت على نخوة المصريين وإنتهى الأمر بتعيين رئيس كهنة الأسكندرية وأسمه بروتوريوس للبطريركية مع أن ديسقوروس كان يثق به حتى عهد إليه بإدارة أمور الكنائس أثناء غيابه إلا أنه خالف هذه الثقة وصرح بقبول أحكام مجمع خلقيدونية ليكون مقبولاً فى عينى منتخبيه الأروام كما أنه صادق على آراء البابا لاون عندما طلب منه التوقيع عليها

ثورة المصريين
ولما إتفق الساقفة المصريين (الذين من أصل رومى) على تعيين بروتوريوس ثارت الأمة المصرية عن بكرة ابيها وإشتد هياج الشعب وضجيجة لأنهم إعتبروه خائناً لوطنه غاشاً لكنيسته وعدوة منافقاً ومرائياً .
وحدث أن الحكومة أرسلت كتيبة من الجند إخضاع هذا الشعب الثائر ولكن الأقباط هزموا جيش الفرسان هذا وحصروه فى قباب هيكل السيرابيوم الذى كانت قد عفت آثاره وتهدمت أركانه ثم أوقدوا النيران فيه وأحرقوا العساكر وذروا تراب أجسادهم فى الهواء .
فأغاظ هذا العمل فلورس والى مصر وقائد جنودها فأصر على الإنتقام منها إنتقاماً قاسياً مؤلماً فقطع عن السكان جراية الخبز (المعونة) التى كانت تصرف للتكايا والمساطب (التى تقوم بالتعليم) وأغلق الحمامات العمومية وأبطل المعارض والإجتماعات ، ثم أرسل يطلب إمداد من الجنود من القسطنطينية فأمدته الأمبراطورية بألف رجل وصلوا إليه بعد ستة أيام ولكنهم لم يكونوا من الجنود المدربين على القتال بل كانوا حديثى العهد منضمين حديثاً فى الخدة العسكرية ، ولذلك تمردوا وعصوا الأوامر فزادوا الشر تفاقماً ، فإضطر فلورس الوالى أن يعقد هدنة مع المصريين وإجتمع مع نخبة منهم (قادتهم) فى ميدان سباق الخيل ، وتعهد هذا الوالى لهم بإلغاء الأوامر الصارمة التى فرضها ضدهم ولذلك تم الصلح بينهم ، ولكنه كان صلح ظاهرى فقط غير صادر من القلوب إلا أن المصريين لم يعترفوا برئاسة بروتوريوس الذى يعبنته الأمبراطورة بطريركاً عليهم فكان الرجل يشعر أن هناك خطر يحوم حوله ، ولذلك فقد كان يتنقل من مكان لآخر تخفرة مجموعة من الجند ، ولم يكن محبوباً من الشعب ولم يكن محبوباً من الكهنة أيضاً كما كانوا يضمرون له الشر ، ولم يرافقة غير 24 أسقفاً أما باقى الساقفة والقسوس فكانوا يحتقرونه ويهزأون به لأنه رفض ذكر ديسقوروس فى القداس ، ولأنه وقع على قرارات مجمع خلقيدونية "
وكان رئيس الجماعة التى تكره برتوريوس الدخيل الأنطاكى رجل أسمه تيموثاوس كان قد حكم عليه بالحرمان مع شماس أسمه بطرس مع خمسة أساقفة ونفيا إلى ليبيا  مع رهط من الرهبان لأنهم رفضوا الإعتراف ببروتوريوس بطريركاً عليهم ما دام ديسقوروس لا يزال حياً .

لم تقبل المدينة المقدسة أورشليم (1) قرارات مجمع خلقيدونية وقتل الجنود الكثيرين هناك
ذكر الأنبا إيسيذوروس (2) أحداث الإسكندرية كما يلى :- 
ثانياً : أنه لما نفى مارقيان ديسقوروس إلبطريرك الإسكندري هو والأساقفة الذين لم يعترفوا بدستور الإيمان الذى ألفه المجمع الخلقيدونى أرسل قاصداً (مندوباً إمبراطورياً ) إلى الإسكندرية حاملاً صورة العقيدة الجديدة ومعه أمر للمسيحيين أن يختاروا بطريركاً لهم بدل ديسقوروس بحيث يوقع على الصورة المرسلة من قرارات مجمع خلقيدونية .

البطريرك الدخيل والأسقف الشهيد
وحدث أنه عندما وصل إلى المدينة وصل إليها أيضاً أسقفاً مصرياً أسمه مكاريوس أسقف أتكو كان منفياً مع البطريرك ديسقوروس وأرسله متنكراً من ضمن تجار مصريين إلى الإسكندرية ليثبت اهلها على صخرة الإيمان الصحيحة وعندما أرسل البابا ديسقوروس الأسقف مكاريوس أنبأه أنه سيستشهد فى الأسكندرية فى أول يوم وصوله وأول ساعه فيها
وحدث أن جمع النائب الإمبراطورى أهل المدينة لكى ينتخبوا بطريركاً بشرط أن يوقع على الإعتراف بالطبيعتين وعلى بنود طومس لاون قاومه الأسقف بشدة وحكمة وأخذ يشرح للموجودين ما حدث فى مجمع خلقيدونية وكيف أن أعماله كانت خرقاً للشرائع وقوانين الكنيسة وأن مذهبه بدعة وإختراع وهرطقة مخالف لمذهب آباء الكنيسة القديسين ، ولما رأى هذا الأسقف أن قساً أسمه بروتوريوس كان دائم الخصام والمناوشة ويعاند دائماً البابا ديسقوروس وغير خاضع له يميل إلى إعتناق المذهب الخلقيدونى الجديد محباً فى أن يرتقى إلى درجة البطريركية وبخه علانية وأظهر فساد أخلاقه وشرورة القبيحة الكثيرة لعامة الشعب فغضب الشعب والإكليروس على هذا النائب الإمبراطورى وبروتوريوس معاً ورفضوا امر الإمبراطور مرقيان وقاوموهما ، ولم يستطع البطريرك الدخيل بروتوريوس إستماع التعنيف من أسقف حقير فقد اصبح هو رئيسه على ألأسقف فحنق وغضب وضربه برجله فوقع على الأرض صريعاً (ربما سإصطدمت رأسه بحجر على الأرض ) لأنه مسناً وشيخاً هرماً ومات شهيداً ، وأقام بروتوريوس بطريركاً بقوة الجند وسلمه البطريركية ولكن قام شعب الإسكندرية بطرد بروتوريوس منها فعاد النائب الإمبراطورى وهاجم البطريركية بقوة من الجنود فى أثناء الصلاة  ليلة عيد القيامة المجيد وفرق شمل الشعب وقتل كثيرين منهم وأستولى على أمتعة الكنائس وأموالها وسلمها إلى بروتوريوس البطريرك الدخيل الذى من شدة خوفه على نفسه ترك البطريركية وسكن فى منزلاً خارجاً عنها ففتك به اللصوص وأستولوا على الأموال التى سلبها من الكنائس .
وتقول الكنيسة القبطية أن القس بروتوريوس يعمل ضد البابا ديسقوروس وقد ساعد فى عزله ونفيه , ولكنه كان ممقوتاً من الشعب لأنه كان متكبراً متغطرساً وكان الإمبراطور مرقيان يعلم أن شعب مصر يكرهه وإزداد الشعب كراهته له بعد أحداث مجمع خلقيدونية ووقوفه ضد أبيهم ديسقوروس ومساعدته الحزب النسطورى على طرده طمعاً فى أن يجلس على العرش المرقسى ، لهذا وقع إختيار الإمبراطور مرقيان عليه لولائه لهم ولإذلال شعب مصر لهذا زوده بقوة الجند وأوامر مذدده بتنفيذ كل أوامر تصدر من هذا البطريرك الدخيل ،

نياحة البابا ديسقوروس
 وأنتقل ديسقوروس إلى الرب فى 4 سبتمبر 454 م  بعد أن قضى نحو أربع سنوات أو خمس سنوات فى المنفى يقاسى من صعوبات شتى من رداءة أخلاق أهل المكان ووحشيتهم وشراستهم ووثنيتهم ومكث البابا يخدم الرب على الكرسى المرقسى 10 سنين وشهر واحد وتسع أيام 

حرم الأسقف الدخيل بروتوريوس وموته
ذكر الأنبا إيسيذوروس (3) وفى جدول المجامع المدرج فى آخر تاريخ كوسهيم يوجد ذكر إنعقاد مجمع سنة 457 فى الإسكندرية ضد بروتوريوس الأسقف الدخيل ومجمع خلقيدون وذلك لأن الأساقفة المستقيمى الرأى وكافة الأكليروس بالأسكندرية رفضوا الإشتراك مع هذا البطريرك المغتصب لأنه سطا على الكنائس ونهبها ، وأرغم الكثيريين بقوة الجند على الإشتراك معه فى الصلاة فعقدوا مجمعاً كبيراً وحرموه لسببين .. أولاً : لعدم إستقامة إيمانه ولقبوله قرارات مجمع خلقيدونية وعدم إتفاق إيمانه مع إيمان الشعب والكنيسة المصرية .. ثانياً لأنه قبل أن يكون بدلاً من البابا ديسقورس ويجلس مكانه وما زال البابا ديسقوروس على قيد الحياة ، ثم إنعزل فى بيته . 
ونهبه للكنائس عاد عليه بالوبال لأن لصوصاً سطو عليه وأوردوه حتفه ونهبوا الثروة التى سرقها من الكنائس ، وقد إتهم المؤرخون الشعب بهذه الفعلة الشنعاء كما أن الحكومة التى تدين بمجمع خلقيدونية أيضاً ألصقت بهم هذه التهمة وإنتقمت منهم
مـــــــــــــــــراجع
(1) إقرأ فى هذه الصفحة ما حدث فى أورشليم وأوامر الإمبراطور مرقيان بقتل ونفى كل من يرفض قرارات مجمع خلقيدونية
(2) راجع الأنبا إيسيذوروس فى الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج1 ص 580
(3) راجع الأنبا إيسيذوروس فى الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج1 ص 534 - 544

الكنيسة القبطية تمجد وتمدح البابا ديسقوروس فى مدائح مرتلة تقال فى الكنيسة

الكنيسة القبطية تمجد وتمدح البابا ديسقوروس فى مدائح مرتلة تقال فى الكنيسة
تمجيد القديس البابا ديسقوروس
بطل الارثوذكسية ** فى الكنيسة المسيحية
فضح النسطورية **  بابانا ديسقورس
بطل قوى وامين **  افحم المبتدعين
اذ حادوا عن اليقين ** بابانا ديسقورس
ضربوك بعصيهم ** وظنوا فى سعيهم
تسير فى بغيهم ** بابانا ديسقورس
صمدت شامخ الروح ** بالرغم من الجروح
بحق كله وضوح ** بابانا ديسقورس
كسروا اسنانك ** ليسكتوا لسانك
فتخفى بيانك ** بابانا ديسقورس
ايضا نتفوا شعرك ** ليقهروا رايك
فحيرهم امرك ** بابانا ديسقورس
بوليشريا الشريرة ** بذلت اقصى وسيلة
فنفتك لجزيرة ** بابانا ديسقورس
ارسلت انبا مكاريوس ** ليطمئن النفوس
بعظات ودروس ** بابانا ديسقورس
بلغ المطلوب** فالهب القلوب
لما قرا المكتوب ** بابانا ديسقورس
عهدا ابى ويقين ** على هديك سائرين
فى ايمانك ثابتين ** بابانا ديسقورس
تفسير اسمك ** فى افواه كل المؤمنين
الكل يقولون يا اله البابا ديسقوروس ** اعنا اجمعين

البابا الأنبا ديسقوروس مقالة للمتنيح العلامة الأنبا أغريغوريوس

البابا ديسقوروس عن مقالة للمتنيح العلامة الأنبا أغريغوريوس أسقف الدراسات العليا نشرت فى جريدة وطنى بتاريخ 18 / 9 / 2005 م - ونورد هنا هذه المقالة كرأى للكنيسة القبطية ورأى شخصى للعلامة القبطى الأنبا أغريغوريوس وسنسجل فيما بعد الحقائق التاريخية التى ساهمت فى إنقسام الطائفة الأرثوذكسية والأراء الللاهوتية الأخرى حتى يتكامل الموضوع بصورة محايدة .
البابا الأنبا ديسقوروس
بقلم المتنيح الأنبا غريغوريوس- عن مقاله له بجريدة وطنى 
في‏ ‏اليوم‏ ‏السابع‏ ‏من‏ ‏شهر‏ ‏توت‏,‏نذكر‏ ‏انتقال‏ ‏القديس‏ ‏الأنبا‏ ‏ديوسقوروس‏ ‏بابا‏ ‏الإسكندرية‏ ‏الخامس‏ ‏والعشرين‏,‏إلي‏ ‏الأخدار‏ ‏السمائية‏,‏في‏ ‏عام‏ 454 ‏لميلاد‏ ‏المسيح‏,‏بعد‏ ‏جهاد‏ ‏رسولي‏ ‏عظيم‏,‏وكفاح‏ ‏ونضال‏ ‏بطولي‏ ‏ضد‏ ‏قوات‏ ‏الشر‏ ‏والظلمة‏,‏وضد‏ ‏طغيان‏ ‏ملوك‏ ‏بيزنطة‏ ‏ومن‏ ‏سار‏ ‏في‏ ‏فلكهم‏ ‏من‏ ‏رجال‏ ‏الدين‏ ‏في‏ ‏الغرب‏.‏
هذا‏ ‏هو‏ ‏القديس‏,‏الذي‏ ‏بفضل‏ ‏إيمانه‏ ‏وتقواه‏ ‏كان‏ ‏صلبا‏ ‏في‏ ‏الحق‏ ‏لا‏ ‏يلين‏...‏لم‏ ‏يحن‏ ‏ظهره‏ ‏للسلطة‏ ‏الرومانية‏ ‏البيزنطية‏,‏ولم‏ ‏يركع‏ ‏ولم‏ ‏يخنع‏ ‏لتهديدها‏ ‏ووعيدها‏...‏وإنما‏ ‏صمد‏ ‏كالجبل‏ ‏الأشم‏,‏وكالطود‏ ‏الراسخ‏,‏فكان‏ ‏بحق‏ ‏ابن‏ ‏اثناسيوس‏ ‏الرسولي‏,‏وكيرلس‏ ‏عمود‏ ‏الإيمان‏...‏وكان‏ ‏كذلك‏ ‏بطل‏ ‏المقاومة‏ ‏ضد‏ ‏النفوذ‏ ‏الأجنبي‏,‏فكان‏ ‏علي‏ ‏غرار‏ ‏آبائه‏ ‏السابقين‏ ‏حاميا‏ ‏للكنيسة‏ ‏والشعب‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏تدخل‏ ‏خارجي‏.‏

كان‏ ‏موقفه‏ ‏صعبا‏ , ‏وكانت‏ ‏مسئوليته‏ ‏ضخمة‏,‏وكان‏ ‏العبء‏ ‏علي‏ ‏كتفيه‏ ‏ثقيلا‏ ‏حمل‏ ‏نير‏ ‏البطريركية‏ ‏بعد‏ ‏سلفه‏ ‏العظيم‏ ‏كيرلس‏ ‏الأول‏ (412-444)‏م‏,‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏البطريركية‏ ‏بالنسبة‏ ‏له‏ ‏غير‏ ‏جهاد‏ ‏متواصل‏,‏وتعب‏,‏ومشقة‏,‏وصراع‏,‏ونزاع‏,‏مع‏ ‏أعداء‏ ‏أشداء‏ ‏أقوياء‏...‏ولم‏ ‏يجد‏ ‏راحة‏,‏ولم‏ ‏يترك‏ ‏له‏ ‏خصومه‏ ‏فرصة‏ ‏ليلتقط‏ ‏أنفاسه‏...‏تألبوا‏ ‏عليه‏ ‏وتآمروا‏ ‏ضده‏,‏وكانت‏ ‏بيدهم‏ ‏كل‏ ‏الإمكانات‏ ‏والإمكانيات‏ ‏ليسلبوه‏ ‏راحته‏,‏ولكي‏ ‏يعذبوه‏,‏وأخيرا‏ ‏لينفوه‏ ‏إلي‏ ‏جزيرة‏ ‏نائية‏ ‏تسمي‏ (‏غاغرا‏)...GANGRA in PAPHLAGONIA ‏فيها‏ ‏قضي‏ ‏البقية‏ ‏الباقية‏ ‏من‏ ‏حياته‏ ‏معزولا‏ ‏عن‏ ‏شعبه‏ ‏الوفي‏ ‏الأمين‏ ‏في‏ ‏مصر‏,‏حتي‏ ‏مات‏,‏مظلوما‏ ‏كسيده‏ ‏الذي‏ ‏قيل‏ ‏فيه‏ ‏ظلم‏.‏أما‏ ‏هو‏ ‏فتذلل‏ (‏أشعياء‏53:5).‏
إن‏ ‏من‏ ‏يقرأ‏ ‏سيرة‏ ‏هذا‏ ‏البطل‏ ‏القبطي‏,‏وماعاناه‏ ‏في‏ ‏حياته‏ ‏من‏ ‏كراهية‏ ‏وحسد‏ ‏وغيرة‏ ‏وانتقام‏,‏في‏ ‏سبيل‏ ‏استمساكه‏ ‏بالحق‏,‏والدفاع‏ ‏عن‏ ‏الإيمان‏ ‏بصلابة‏ ‏وجرأة‏ ‏وشجاعة‏ ‏وصبر‏,‏لا‏ ‏يسعه‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏يزهد‏ ‏في‏ ‏المناصب‏ ‏الكنسية‏ ‏الكبري‏,‏هاربا‏ ‏من‏ ‏تبعاتها‏ ‏ومسئولياتها‏,‏فإن‏ ‏نيرها‏ ‏ثقيل‏ ‏ومتاعبها‏ ‏كثيرة‏...‏
قالوا‏ ‏عن‏ ‏ديوسقوروس‏ ‏إنه‏ ‏فرعوني‏ ‏عنيد‏,‏ولكننا‏ ‏نقول‏:‏إن‏ ‏هناك‏ ‏فارقا‏ ‏واسعا‏ ‏بين‏ ‏عناد‏ ‏وعناد‏.‏فثمت‏ ‏عناد‏ ‏في‏ ‏الحق‏,‏فهو‏ ‏عناد‏ ‏مقدس‏ ‏لأنه‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الله‏,‏ومن‏ ‏أجل‏ ‏الفضيلة‏,‏ولذلك‏ ‏فهو‏ ‏عناد‏ ‏فضيلة‏ ‏مقدسة‏...‏
لكن‏ ‏ثمت‏ ‏عنادا‏ ‏آخر‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الذات‏...‏إن‏ ‏صاحبه‏ ‏يصر‏ ‏علي‏ ‏أقواله‏,‏ويدافع‏ ‏عن‏ ‏تصرفاته‏ ‏علي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏أنه‏ ‏يعلم‏ ‏أنه‏ ‏علي‏ ‏ضلال‏,‏يبصره‏ ‏الناس‏ ‏بالحق‏,‏فلا‏ ‏يتراجع‏ ‏ولا‏ ‏ينثني‏...‏إن‏ ‏صاحب‏ ‏هذا‏ ‏النوع‏ ‏من‏ ‏العناد‏ ‏شرير‏ ‏متكبر‏...‏وكبرياؤه‏ ‏واضحة‏ ‏في‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏يشاء‏ ‏أن‏ ‏يتعرف‏ ‏بخطئه‏ ‏علي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏اقتناعه‏ ‏الباطني‏ ‏بضلاله‏ ‏وفساد‏ ‏رأيه‏...‏وقد‏ ‏يبرر‏ ‏لنفسه‏ ‏هذا‏ ‏العناد‏ ‏الشرير‏ ‏بأنه‏ ‏ذو‏ ‏مركز‏ ‏أو‏ ‏منصب‏ ‏أو‏ ‏مكانة‏ ‏اجتماعية‏ ‏لا‏ ‏تسمح‏ ‏له‏ ‏بأن‏ ‏يتراجع‏ ‏أو‏ ‏يتنازل‏ ‏عن‏ ‏مقاله‏ ‏أو‏ ‏موقفه‏...‏وقد‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏لهذا‏ ‏الإنسان‏ ‏مكانة‏ ‏كما‏ ‏يتوهم‏,‏لكنه‏ ‏تحت‏ ‏شعوره‏ ‏بقيمة‏ ‏ذاته‏,‏وبسبب‏ ‏غروره‏,‏يضحي‏ ‏بالحق‏ ‏والحقيقة‏ ‏وبحكم‏ ‏الله‏ ‏وبرأي‏ ‏الناس‏ ‏في‏ ‏سبيل‏ ‏توكيد‏ ‏ذاته‏...‏فلا‏ ‏يتراجع‏ ‏ولا‏ ‏ينثني‏...‏وهذا‏ ‏شر‏ ‏مستطير‏ ‏فقد‏ ‏قالوا‏ ‏بالصواب‏:(‏إن‏ ‏الرجوع‏ ‏إلي‏ ‏الحق‏ ‏فضيلة‏) ‏وقال‏ ‏الوحي‏ ‏الإلهي‏:‏إن‏ ‏الطاعة‏ ‏خير‏ ‏من‏ ‏الذبيحة‏,‏والإصغاء‏ ‏أفضل‏ ‏من‏ ‏شحم‏ ‏الكباش‏.‏لأن‏ ‏التمرد‏ ‏كخطيئة‏ ‏العرافة‏,‏والعناد‏ ‏كالوثن‏ ‏والترافيم‏ (.1‏صموئيل‏15:23,22).‏وقال‏ ‏الرب‏ ‏عن‏ ‏بني‏ ‏إسرائيل‏:‏فلم‏ ‏يسمعوا‏,‏ولم‏ ‏يميلوا‏ ‏مسامعهم‏ ‏بل‏ ‏سلكوا‏ ‏كل‏ ‏واحد‏ ‏في‏ ‏عناد‏ ‏قلبه‏ ‏الشرير‏... (‏أرميا‏11:8),(7:24),(9:14),(16:12),(18:12),(23:17),(3:17).‏
أما‏ ‏القديس‏ ‏ديوسقوروس‏,‏فقد‏ ‏كان‏ ‏عناده‏ ‏لا‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏نفسه‏,‏بل‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الحق‏...‏من‏ ‏أجل‏ ‏العقيدة‏...‏لقد‏ ‏كان‏ ‏من‏ ‏الأنسب‏ ‏لراحة‏ ‏جسده‏ ‏أن‏ ‏يميل‏ ‏مع‏ ‏الريح‏,‏وأن‏ ‏لا‏ ‏يقاوم‏,‏أو‏ ‏علي‏ ‏الأقل‏ ‏أن‏ ‏لا‏ ‏يعارض‏...‏فيجنب‏ ‏نفسه‏ ‏المتاعب‏...‏ولكنه‏ ‏كان‏ ‏يجد‏ ‏في‏ ‏أعماقه‏ ‏نداء‏...‏صوتا‏ ‏قويا‏ ‏يكلمه‏ ‏في‏ ‏هيبة‏ ‏وجلال‏...‏أن‏ ‏يشهد‏ ‏للحق‏,‏وأن‏ ‏لا‏ ‏يتنازل‏ ‏عن‏ ‏مقالة‏ ‏الحق‏,‏وأن‏ ‏يكون‏ ‏صوت‏ ‏الصارخ‏ ‏في‏ ‏البرية‏:‏أعدوا‏ ‏طريق‏ ‏الرب‏,‏مهدوا‏ ‏سبله‏.‏
إن‏ ‏اسم‏ (‏ديوسقوروس‏) ‏معناه‏ (‏رب‏ ‏الجنود‏).‏وقد‏ ‏كان‏ ‏البابا‏ ‏ديوسقوروس‏ ‏يخاف‏ ‏الله‏ (‏رب‏ ‏الجنود‏)...‏وقد‏ ‏عاش‏ ‏طوال‏ ‏حياته‏ ‏جنديا‏ ‏أمينا‏ ‏مخلصا‏ ‏لسيده‏ (‏رب‏ ‏الجنود‏).‏فلم‏ ‏يكن‏ ‏يعنيه‏ ‏رأي‏ ‏الناس‏ ‏فيه‏...‏لأنه‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏يطلب‏ ‏زعامة‏,‏ولا‏ ‏كان‏ ‏ينشد‏ ‏كرامة‏,‏وإنما‏ ‏كان‏ ‏يفهم‏ ‏ذاته‏ ‏جيدا‏,‏إنه‏ (‏خادم‏) ‏لسيده‏...‏وسيده‏ ‏هو‏ (‏رب‏ ‏الجنود‏)...‏وديوسقوروس‏ ‏مجرد‏ (‏جندي‏) ‏في‏ ‏جيش‏ ‏سيده‏ (‏رب‏ ‏الجنود‏)...‏إنه‏ ‏لا‏ ‏يعنيه‏ ‏أن‏ ‏يلتف‏ ‏الجند‏ ‏من‏ ‏حوله‏,‏فيكبر‏ ‏في‏ ‏
نظرهم‏ ‏وفي‏ ‏نظر‏ ‏الناس‏...‏إن‏ ‏نظره‏ ‏شاخص‏ ‏في‏ ‏سيده‏ ‏وحده‏...‏وحيث‏ ‏يكون‏ ‏سيده‏ ‏يكون‏ ‏هو‏ ‏في‏ ‏خدمة‏ ‏سيده‏...‏من‏ ‏يخدمني‏ ‏فليتبعني‏,‏وحيث‏ ‏أكون‏ ‏أنا‏,‏فهناك‏ ‏يكون‏ ‏خادمي‏ (‏يوحنا‏12:26).‏
قد‏ ‏كان‏ ‏ديوسقوروس‏ ‏يصرخ‏ ‏في‏ ‏مجمع‏ ‏خلقيدونيا‏ ‏أمام‏ ‏أعضاء‏ ‏المجمع‏ ‏ورؤسائه‏ ‏الدينيين‏ ‏والمدنيين‏...‏في‏ ‏حضرة‏ ‏الملك‏ ‏مرقيانوس‏ ‏والملكة‏ ‏الشريرة‏ ‏بوليخاريا‏,‏وأمام‏ ‏الأساقفة‏ ‏جميعا‏ ‏الذين‏ ‏اجتمعوا‏ ‏كأمر‏ ‏الملكة‏ ‏لمحاكمته‏...(‏إني‏ ‏لا‏ ‏أجدد‏ ‏في‏ ‏الإيمان‏...‏إني‏ ‏أردد‏ ‏ما‏ ‏قاله‏ ‏الآباء‏)...‏أنا‏ ‏لا‏ ‏أقبل‏ ‏أن‏ ‏يقسم‏ ‏المسيح‏ ‏إلي‏ ‏اثنين‏,‏أو‏ ‏إلي‏ ‏طبيعتين‏...‏إن‏ ‏المسيح‏ ‏إله‏ ‏متأنس‏...‏كان‏ ‏ولم‏ ‏يزل‏ ‏إلها‏...‏إنه‏ ‏الله‏ ‏وقد‏ ‏اتخذ‏ ‏له‏ ‏في‏ ‏الزمان‏ ‏جسدا‏,‏ظهر‏ ‏فيه‏ ‏كإنسان‏ ‏عظيم‏ ‏هو‏ ‏سر‏ ‏التقوي‏,‏الله‏ ‏ظهر‏ ‏في‏ ‏الجسد‏ (.1‏تيموثيئوس‏3:16) ‏فهو‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏صورة‏ ‏إنسان‏.‏وبهذا‏ ‏المعني‏ ‏هو‏ (‏ابن‏ ‏الله‏) ‏لكنه‏ ‏أيضا‏ ‏وقد‏ ‏اتخذ‏ ‏من‏ ‏العذراء‏ ‏مريم‏ ‏جسدا‏,‏فهو‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏الجهة‏ ‏هو‏ (‏ابن‏ ‏مريم‏).‏أو‏ (‏ابن‏ ‏الإنسان‏).‏لكن‏ ‏ليس‏ ‏هو‏ ‏ابنين‏ ‏وليس‏ ‏هو‏ ‏شخصين‏...‏لكنه‏ ‏واحد‏,‏هو‏ ‏بعينه‏ ‏الله‏,‏وهو‏ ‏بعينه‏ ‏إنسان‏...‏ولاهوته‏ ‏حق‏,‏وإنسانيته‏ ‏حق‏.‏فجسده‏ ‏الذي‏ ‏ظهر‏ ‏فيه‏ ‏واتحد‏ ‏به‏ ‏هو‏ ‏جسد‏ ‏حقيقي‏ ‏لا‏ ‏خيالي‏...‏إن‏ ‏جسده‏ ‏من‏ ‏طبيعة‏ ‏جسدنا‏...‏وهو‏ ‏لذلك‏ ‏مطابع‏ ‏لنا‏ ‏في‏ ‏الجسد‏,‏وليس‏ ‏كما‏ ‏كان‏ ‏يقول‏ ‏يوطاخي‏ ‏الذي‏ ‏زعم‏ ‏أن‏ ‏المسيح‏ ‏أخذ‏ ‏جسدا‏ ‏خياليا‏,‏مر‏ ‏به‏ ‏من‏ ‏مريم‏ ‏كما‏ ‏يمر‏ ‏الطيف‏...‏فالمسيح‏ ‏هو‏ ‏الله‏ ‏متأنسا‏...‏هو‏ ‏الله‏ ‏الغير‏ ‏المنظور‏,‏وقد‏ ‏صار‏ ‏منظورا‏ ‏في‏ ‏الجسد‏...‏وبهذا‏ ‏المعني‏ ‏هو‏ (‏ابن‏ ‏الله‏) ‏علي‏ ‏أن‏ ‏الله‏ ‏لا‏ ‏يلد‏ ‏ولا‏ ‏يولد‏ ‏كما‏ ‏يلد‏ ‏الإنسان‏,‏معاذ‏ ‏الله‏!...‏إن‏ ‏المسيح‏ ‏ابن‏ ‏الله‏,‏لأنه‏ ‏الصورة‏ ‏المنظورة‏ ‏لله‏ ‏للغير‏ ‏المنظور‏ (‏كولوسي‏1:16) ‏وقد‏ ‏قال‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏:‏الله‏ ‏لم‏ ‏يره‏ ‏أحد‏ ‏قط‏,‏الابن‏ ‏الوحيد‏ ‏الذي‏ ‏في‏ ‏حضن‏ ‏الآب‏ (‏أي‏ ‏في‏ ‏ذات‏ ‏الآب‏) ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏أخبر‏ ‏عنه‏ (‏يوحنا‏1:18).‏
المسيح‏ ‏إذن‏ ‏واحد‏,‏هو‏ (‏ابن‏ ‏الله‏),‏وهو‏ (‏ابن‏ ‏مريم‏)...‏لم‏ ‏ينقسم‏ ‏إلي‏ ‏ابنين‏ ‏ولا‏ ‏إلي‏ ‏شخصين‏,‏ولا‏ ‏إلي‏ ‏طبيعتين‏...‏
والاتحاد‏ ‏الذي‏ ‏تم‏ ‏بين‏ ‏اللاهوت‏ ‏والناسوت‏ ‏في‏ ‏المسيح‏ ‏اتحاد‏ ‏حقيقي‏ ‏وكامل‏ ‏وجوهري‏...‏ولذلك‏ ‏فمادام‏ ‏كذلك‏ ‏فقد‏ ‏صارت‏ ‏الطبيعتان‏ ‏الإلهية‏ ‏والإنسانية‏ ‏طبيعة‏ (‏واحدة‏) ‏من‏ ‏غير‏ ‏اختلاط‏ ‏بين‏ ‏اللاهوت‏ ‏والناسوت‏,‏ومن‏ ‏غير‏ ‏امتزاج‏ ‏بين‏ ‏اللاهوت‏ ‏والناسوت‏,‏ومن‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يتغير‏ ‏اللاهوت‏ ‏إلي‏ ‏ناسوت‏ ‏أو‏ ‏الناسوت‏ ‏إلي‏ ‏اللاهوت‏...‏إن‏ ‏المسيح‏ (‏طبيعة‏ ‏واحدة‏) ‏هي‏ ‏طبيعة‏ ‏الله‏ ‏المتأنس‏ ‏المتجسد‏...‏طبيعة‏ ‏واحدة‏ ‏لكنها‏ ‏ليست‏ ‏هي‏ ‏طبيعة‏ ‏اللاهوت‏ ‏فقط‏,‏كما‏ ‏زعم‏ ‏يوطاخي‏,‏وليست‏ ‏هي‏ ‏طبيعة‏ ‏الناسوت‏ ‏فقط‏,...‏هي‏ ‏طبيعة‏ ‏واحدة‏ ‏لكنها‏ ‏طبيعة‏ ‏جامعة‏ ‏لخصائص‏ ‏الطبيعتين‏ ‏الإلهية‏ ‏والإنسانية‏,‏بيد‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الجمع‏ ‏ليس‏ ‏جمعا‏ ‏من‏ ‏غير‏ ‏اتحاد‏...‏إنه‏ ‏جمع‏ ‏باتحاد‏ ‏الطبيعتين‏ ‏في‏ ‏طبيعة‏ ‏واحدة‏ ‏لها‏ ‏خصائص‏ ‏الطبيعتين‏.‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏ليس‏ ‏هناك‏ ‏افتراق‏ ‏بين‏ ‏اللاهوت‏ ‏والناسوت‏...‏لأنه‏ ‏اتحاد‏...‏وبالاتحاد‏ ‏يصير‏ ‏الاثنان‏ ‏واحدا‏,‏ولكن‏ ‏من‏ ‏غير‏ ‏امتزاج‏ ‏أو‏ ‏اختلاط‏ ‏أو‏ ‏تغيير‏...‏
مثال‏ ‏ذلك‏ ‏الإنسان‏ ‏نفسه‏:‏فيه‏ ‏روح‏ ‏وفيه‏ ‏جسد‏.‏أما‏ (‏الروح‏) ‏فمن‏ ‏الله‏ ‏تهبط‏ ‏في‏ ‏بطن‏ ‏الأم‏,‏لتتحد‏ ‏ببذرة‏ ‏الحياة‏ ‏المتكونة‏ ‏من‏ ‏الأب‏ ‏والأم‏...‏هما‏ ‏طبيعتان‏ ‏لكنهما‏ ‏تتحدان‏ ‏فتصيران‏ (‏طبيعة‏ ‏واحدة‏) ‏هي‏ ‏ما‏ ‏نسميه‏ ‏بـ‏(‏الطبيعة‏ ‏البشرية‏),‏وهي‏ ‏تجمع‏ ‏بين‏ ‏خصائص‏ ‏الروح‏ ‏وخصائص‏ ‏الجسد‏ ‏معا‏,‏فالإنسان‏ ‏الذي‏ ‏يتأمل‏ ‏ويصلي‏ ‏هو‏ ‏بعينه‏ ‏الذي‏ ‏يأكل‏ ‏ويشرب‏,‏طبيعة‏ ‏واحدة‏ ‏جامعة‏ ‏لخصائص‏ ‏الطبيعتين‏ ‏معا‏,‏باتحاد‏ ‏حقيقي‏ ‏بين‏ ‏الروح‏ ‏والجسد‏.‏
كذلك‏ ‏الحديد‏ ‏المحمي‏ ‏بالنار‏...‏أو‏ ‏الفحم‏ ‏المتوهج‏ ‏بالنار‏ ‏يصيران‏ ‏بالاتحاد‏ ‏بين‏ ‏الطبيعتين‏,‏طبيعة‏ ‏واحدة‏ ‏لها‏ ‏خصائص‏ ‏الطبيعتين‏...‏فقضيب‏ ‏الحديد‏ ‏الساخن‏ ‏المتوهج‏...‏أو‏ ‏الفحم‏ ‏المتوهج‏ ‏بالنار‏...‏له‏ ‏خصائص‏ ‏الإضاءة‏ ‏والإحراق‏ ‏وهي‏ ‏من‏ ‏طبيعة‏ ‏النار‏...‏وله‏ ‏أيضا‏ ‏خصائص‏ ‏المادة‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏هو‏ ‏كتلة‏ ‏لها‏ ‏حجم‏ ‏ووزن‏ ‏وشكل‏.‏
بهذا‏ ‏المنطق‏ ‏الإنجيلي‏ ‏والآبائي‏ ‏معا‏ ‏دافع‏ ‏معلمنا‏ ‏ديوسقوروس‏ ‏عن‏ ‏الإيمان‏ ‏الأرثوذكسي‏,‏ثابتا‏ ‏راسخا‏...‏وشكرا‏ ‏لله‏ ‏فإن‏ ‏اللاهوتيين‏ ‏جميعا‏ ‏شرقا‏ ‏وغربا‏ ‏يعترفون‏ ‏اليوم‏ ‏بأرثوذكسية‏ ‏ديوسقوروس‏,‏وأن‏ ‏إيمانه‏ ‏هو‏ ‏إيمان‏ ‏الكنيسة‏ ‏المسيحية‏ ‏الجامعة‏ ‏الرسولية‏,‏وهو‏ ‏إيمان‏ ‏المعتبرين‏ ‏في‏ ‏الكنيسة‏ ‏أعمدة‏ ‏الإيمان‏...‏هو‏ ‏إيمان‏ ‏القديس‏ ‏أثناسيوس‏ ‏الرسولي‏,‏الذي‏ ‏قاد‏ ‏أكبر‏ ‏حركة‏ ‏تصحيح‏ ‏دينية‏ ‏في‏ ‏العالم‏...‏وهو‏ ‏بعينه‏ ‏إيمان‏ ‏القديس‏ ‏كيرلس‏ ‏الكبير‏ ‏المسمي‏ ‏بكيرلس‏ ‏عمود‏ ‏الدين‏,‏وعمود‏ ‏الإيمان‏...‏وإيمان‏ ‏جميع‏ ‏المسيحيين‏...‏إن‏ ‏جميع‏ ‏المؤمنين‏ ‏بالمسيح‏ ‏شرقا‏ ‏وغربا‏ ‏يؤمنون‏ ‏بالمسيح‏ ‏أنه‏ (‏ابن‏ ‏الله‏),‏أي‏ ‏الصورة‏ ‏المنظورة‏ ‏لله‏ ‏الغير‏ ‏المنظور‏,‏وأنه‏ ‏لذلك‏ ‏هو‏ (‏الله‏ ‏متجسدا‏)...‏وفي‏ ‏الوقت‏ ‏نفسه‏ ‏هو‏ (‏ابن‏ ‏الإنسان‏),‏أي‏ ‏أنه‏ ‏واحد‏ ‏لا‏ ‏اثنان‏...‏هو‏ ‏الذي‏ ‏شفي‏ ‏المرضي‏ ‏وأقام‏ ‏الموتي‏ ‏واجترح‏ ‏المعجزات‏ ‏بسلطان‏ ‏لاهوته‏ ‏إذ‏ ‏كان‏ ‏في‏ ‏صورة‏ ‏الله‏ (‏فيلبي‏2:6),‏وهو‏ ‏بذاته‏ ‏الذي‏ ‏ولد‏ ‏وجاع‏ ‏وأكل‏ ‏ونام‏ ‏وتألم‏ ‏وصلب‏ ‏ومات‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏هو‏ ‏إنسان‏ ‏ظهر‏ ‏في‏ ‏الهيئة‏ ‏كإنسان‏...‏آخذا‏ ‏صورة‏ ‏عبد‏ ‏صائرا‏ ‏في‏ ‏شبه‏ ‏الناس‏ (‏فيلبي‏8:7,2).

البابا ديسقوروس فى السنكسار القبطى

يذكر الأقباط البابا ديسقوروس فى السنكسار القبطى الذى يحكى أعمال الاباء البطاركة والشهداء والقديسين والمعترفين تحت يوم
7 تـــوت
نياحة البابا ديسقورس25 (171ش - 454 م) (1)في هذا اليوم من سنة 454 م تنيح الأب المغبوط ، بطل الأرثوذكسية العظيم القديس ديسقورس الخامس والعشرون من باباوات الإسكندرية . وكانت نياحته في جزيرة غاغرا بعد أن جاهد الجهاد الحسن عن الأمانة الأرثوذكسية . وذلك أنه لما دعي إلى المجمع الخلقدوني بأمر الملك مرقيان ، رأى جمعا كبيرا من أساقفة يبلغ عددهم ستمائة وثلاثين أسقفا، فقال ما هو الذي تنقصه الأمانة حتى اجتمعت هذه الجماعة العظيمة ؟ فقالوا له ان هذه الجماعة اجتمعت بأمر الملك ، فقال ان كان هذا المجمع بأمر السيد المسيح ، فأنا أحضره ، وأتكلم بما يتكلم به الرب على لساني وان كان قد اجتمع بأمر الملك ، فليدبر الملك مجمعه كما يريد ، وأذ رأى أن لاون بطريرك رومية قد علم أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين من بعد الاتحاد ، انبرى لدحض هذا المعتقد الجديد فقال "ان المسيح واحد ، هو الذي دعي إلى العرس كانسان ، وهو الذي حول الماء خمرا كإله ، ولم يفترق في جميع أعماله" ، واستشهد بقول البابا كيرلس "ان اتحاد كلمه الله بالجسد ، كاتحاد النفس بالجسد ، وكاتحاد النار بالحديد ، وان كانا من طبيعتين مختلفتين ، فباتحادهما صارا واحدا" . ، كذلك السيد المسيح ، مسيح واحد ،. ورب واحد ، طبيعة واحدة ، مشيئة واحدة . فلم يجسر أحد من المجتمعين في المجمع أن يقاومه وقد كان فيهم من حضر مجمع أفسس الذي اجتمع على نسطور وأعلموا الملك مرقيان والملكة بلخاريا ، أنه لم يخالف أمركما في الأمانة إلا ديسقورس بطريرك مدينة الإسكندرية . فاستحضراه هو والمتقدمين في المجمع من الأساقفة ، واستمروا يتناقشون ويتباحثون إلى أخر النهار ، والقديس ديسقورس لا يخرج عن أمانته ، فشق ذلك على الملك والملكة ، فأمرت الملكة بضربه على فمه ، ونتف شعر لحيته ، ففعلوا ذلك ، فاخذ الشعر والأسنان التي سقطت ، وأرسلها إلى الإسكندرية قائلا : هذه ثمرة الإيمان ،أما بقية الأساقفة فانهم لما رأوا ما جرى لديسقورس ، وافقوا الملك ، لأنهم خافوا أن يحل بهم ما حل به، فوقعوا يديهم على وثيقة الاعتقاد بان للمسيح طبيعتين مختلفتين مفترقتين ، فلما علم ديسقورس ، أرسل فطلب الطومس ( أي الإقرار الذي كتبوه ) زاعما أنه يريد أن يوقع مثلهم ، فلما قرأه كتب في أسفله بحرمهم وحرم كل من يخرج عن الأمانة المستقيمة ، فاغتاظ الملك وأمر بنفيه إلى جزيرة غاغرا ، ونفى معه القديس مقاريوس أسقف ادكو ، واثنان آخران ، وظل المجمع بخلقيدونية .
ولما مضوا بالقديس ديسقورس إلى جزيرة غاغرا ، قابله أسقفها مظهرا الاستخفاف بشأنه والاستهانة بشخصه ، لأنه كان نسطوريا ، غير أن الله أجرى على يد القديس ديسقورس آيات وعجائب كثيرة عظيمة فأطاعوه كلهم وبجلوه ، وزادوا في إكرامه لأن الله يمجد مختاريه في كل مكان . وأما القديس مقاريوس رفيقه في المنفى فقال له القديس ديسقورس أنت لك إكليل في الإسكندرية . ثم أرسله مع أحد التجار المؤمنين إلى هناك وفيها نال إكليل الشهادة . أما القديس ديسقورس . فقد أكمل جهاده الحسن . وانتقل من هذه الحياة الباطلة ونال إكليل الحياة الأبدية في جزيرة غاغرا . حيث وضع جسده هناك . صلواته وبركاته تكون معنا جميعا . أمين .
مـــــــــــــــــراجع
(1) إلتزمنا فى هذا المرجع جدول البطاركة للشماس كامل صالح نخلة مع بعض التعديل البسيط  ألتزمنا فى هذا الموقع بهذا الجدول الذى يعتبر أدق جدول حتى الآن وقد ذكر أن نياحة الأنبا ديسقوروس كانت فى 7 توت 171 ش التى توافق 4 سبتمبر 454 م

السبت، أكتوبر 30، 2010

المرحلة الثانية البابا ديسقوروس وبدعة أوطاخى أثناء حكم الأمبراطور مرقيانوس

المرحلة الثانية من 450م إلى
البابا ديسقوروس وبدعة أوطاخى أثناء حكم ألأمبراطور مرقيانوس
تبدأ المرحلة الثانية بعد موت الإمبراطور ثيؤودوسيوس الثانى سنة 450م فقد حدث أن الإمبراطور ثيئودوسيوس سقط من على ظهر جواده، مما أدى إلى وفاته فى 28 يوليو عام 450م وتولت أخته بولكاريا السلطة وتزوجت من القائد مركيان 450 م - 457م Marcianus ، وأعلنت مركيان إمبراطوراً فى 28 أغسطس من نفس العام.
وحدث أن البابا لاون الأول لم يقبل قرارات مجمع أفسس الثانى 449م ومنح الحل الكنسى لثيئودوريت أسقف قورش
وفى 15مايو عام 451م أصدر الإمبراطور مرقيان (مركيان أو مركيانوس أو مرقيانوس) الأوامر الإمبراطورية بعقد مجمع عام فى نيقية. وبحلول أول سبتمبر وصل الأساقفة إلى نيقية ولكنهم أمروا أن يتجهوا إلى خلقيدونية القريبة من القسطنطينية. فاجتمع حوالى 500 أسقف فى كنيسة القديسة أوفيمية
الجلسة الأولى للمجمع فى 8 أكتوبر عام 451م
فى تلك الجلسة نُوقش البابا ديسقوروس بشأن عقيدة أوطيخا الذى برأه مجمع أفسس الثانى 449م ؛ فقال "إذا كان أوطيخا يتمسك بمفاهيم ترفضها عقائد الكنيسة، فهو يستحق ليس العقاب فقط بل حتى النار (أى جهنم) أيضاً. ولكن اهتمامى إنما هو بالإيمان الجامع الرسولى وليس بأى إنسان أياً كان"
وقال أيضاً : "أنا أقبل عبارة من طبيعتين بعد الاتحاد وهو فى تأكيده على الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة أراد أن يثبت عدم التقسيم بين الطبيعتين من بعد الاتحاد، وفى قبوله لعبارة "من طبيعتين بعد الاتحاد" أراد أن يؤكّد ما أكّده القديس كيرلس الكبير عن استمرار وجود الطبيعتين فى الاتحاد إنفصال أو إمتزاج أو تحول من طبيعة لأخرى .
أقر المجمع الخلقيدونى رسائل القديس كيرلس الإسكندرى المجمعية وطومس لاون بعد مراجعته على حروم القديس كيرلس الإثنى عشر.
وقد حكم المجمع الخلقيدونى بحرم وإدانة وعزل أوطيخا وبإلغاء أغلب قرارات مجمع أفسس الثانى 449م. وبعزل البابا ديسقوروس الإسكندرى لأسباب إدارية وقانونية، وبإعادة ثيئودوريت أسقف (1) قورش وهيباس أسقف الرها (1) إلى رتبة الأسقفية بعد أن وافقا على حرم نسطور وتعاليمه.
فكر الخلقيدونيين واللاخلقيدونيين
وضع مجمع خلقيدونية تعريفاً للإيمان وكان أعضاء المجمع فى البداية يرفضون هذا الأمر، ولكنهم تحت إلحاح مندوبى الإمبراطور قد رضخوا فى النهاية. وكانت المسودة الأولى تنص على أن المسيح هو "من طبيعتين". ولكن مندوبى الإمبراطور ألحوا أن يتضمن النص "فى طبيعتين". وبعد مقاومة كبيرة على أساس أن هذه العبارة متضمنة فى "طومس لاون" الذى قبله المجمع ولا داعى لوضعها فى تعريف الإيمان، قبلها المجمع تحت إلحاح من مندوبى بابا روما وممثلى الإمبراطور.
ومجمع خلقيدونية فى قراراته قد أكّد على حرم كل من النسطورية والأوطاخية. ولكن التعريف لم يتضمن عبارة "الاتحاد الأقنومى" ولا عبارة أنه "لا يمكن التمييز بين الطبيعتين إلا فى الفكر فقط" وهى العبارات الهامة فى تعليم القديس كيرلس الكبير. كما أنه وردت عبارة تحرم "كل من يعتقد بطبيعتين قبل الاتحاد وبطبيعة واحدة من بعد الاتحاد" والمقصود بهذه العبارة هو أوطيخا وعقيدة الامتزاج بين الطبيعتين. ومن المعلوم أن الجانب اللاخلقيدونى يحرم من يقول "بطبيعتين قبل الاتحاد" لأن هذا التعبير يفترض وجود الناسوت قبل اتحاده باللاهوت، لكن هذا الفريق يقبل "من طبيعتين فى الاتحاد" و "من طبيعتين بعد الاتحاد". أما حرم من يقول "بطبيعة واحدة بعد الاتحاد" فكان يحتاج إلى توضيح أنه لرفض عقيدة الامتزاج، لأن هذا الحرم من الممكن أن يُفسّر أنه ضد تعليم القديس كيرلس الكبير "طبيعة واحدة متجسدة لكلمة الله" وهو التعليم الذى تمسك ويتمسك به الجانب اللاخلقيدونى حتى الآن، مع رفضهم التام لفكرة الامتزاج وتأكيدهم على استمرار وجود الطبيعتين فى الاتحاد.
هذه الأمور العقائدية هى التى أدت إلى رفض البابا ديسقوروس مجمع خلقيدونية، ورفض مجموعات عديدة فى الشرق -بما فى ذلك الشعب المصرى- لهذا المجمع.
قد حاول مجمع القسطنطينية عام 553م أن يعالجها باستخدام عبارات القديس كيرلس الكبير "الاتحاد الأقنومى" و"لا يمكن تمييز الطبيعتين إلا بالفكر فقط" وبشرح معنى رفض من يعتقدون بطبيعة واحدة على أساس الامتزاج. ولكن ظل الخلاف بين الخلقيدونيين واللاخلقيدونيين حول عبارة "فى طبيعتين" و "من طبيعتين".
فى مجمع خلقيدونية وافق الأساقفة المصريون الأربع عشر الحاضرون على حرم أوطيخا ولكنهم لم يقبلوا التوقيع على قرارات المجمع ولا على طومس لاون.
وانتخب فى 16 مارس 457م فى الإسكندرية البابا تيموثاوس الثانى (الشهير بأوريلُّوس) خليفة للبابا ديسقوروس بعد وفاته وتمكن فى عهد الإمبراطور "باسيليسكوس" من عقد مجمع عام آخر فى أفسس سنة 475م (يلقبه البعض مجمع أفسس الثالث) حضره 500 أسقف. هذا المجمع حرم تعاليم أوطيخا وتعاليم نسطور ورفض مجمع خلقيدونية. وقد وقّع على قرار هذا المجمع 700 أسقف شرقى. وقد أوضح موقف البابا تيموثاوس من خلال المجمع أن الجانب الرافض لمجمع خلقيدونية لم يكن بالضرورة أوطاخى المعتقد كما اتهمه، فى أغلب الأحيان، الجانب الخلقيدونى
وحدثت اضطرابات كبيرة فى الشرق بسبب قرارات مجمع خلقيدونية ومع تغيير الأباطرة كانت الظروف تتغير.
 والشدة ثقة القيا صدى بغيرة أباء الكنيسة القبطية على سلامة الأيمان أصدر ثيؤدوسيوس قيصر أمرا ضدا الكنيسة الإنطاكية وخطر على . ثاوذوريتوش الخروج من دائرة ابروشيته
أما خصوص البابا الإسكندرية فلما رأوا أن السماء والأرضى تعلنان ظلمهم له ادعوا زورا وبنهانا بأنهم حرموه ونفوه لأنه شريك أوطاخى وتلك تهمه كاذبة فالكنيسة القبطية تشجب أوطاخى وتعتبره هرطوقيا والفرق ظاهرين اعتقادات أوطاخى واعترافات وأقوال البابا ديسقوروس التى لها فى ...... المجمع منكرا فيها الامتزاج والاحتفاظ والاستحالة بكل صراحة ورفض أوطاخى مادام حائدا عن استقامة الأيمان العام . وتبعته فى ذلك الكنائس التى تعتبره تبعاه كالكنيسة القبطية والسريانية وغيرها

" اعترفات الأباء " يقول فيها " يجب علينا أن نقلع ونخرج عن كل من يقول أن الله الكلمة تألم بلاهوتة أو مات نحن فما نؤمن هكذا بل أن الله الكلمة صار جسدا بحق وبقى بلا ألم ولا موت بالجملة بلا هوته لكن قوما يظنون ويقلون أننا إذا قلنا أن المسيح تألم بالجسد لا باللاهوت نوجد هذا القول موافقين لمجمع خلقيدونيه ونحن نجيبهم ونقول " إذا كان أهل مجمع خلقيدونيه يعترفون أن الله تألم بالجسد لا باللاهوت فأنا نوافقهم " ثم يختم البابا ديسقوروس كلامه بطبيعة واحدة

للأقنوم الواحد الذى هو الابن الواحد المتجسد مستشهدا بأثناسيوس كما تقدم وبكيرلس واستمر البابا ديسقوروس فى منفاه حتى توفى فى أول توت سنه 195 ش و 457 م بعد أن قضى فيه نحو أو خمس سنين يعانى ألاما شديد من سكان ذلك المكان القساة بصبر تام كما كان قد سبق واحتمل بكل أناة ومكون تلك الإهانات المرة التى أهانه بها أنصار مجمع خلقيدون فى القسطنطينية وسلك بغاية الحكمة والرصانة ولم يرد بكلمة واحدة على أولئك السلفة الذين كانوا يشتمونه ويحتقرونه أثناء مروره بالشوارع

وروى أن البابا ديسقوروس ومن كان معه الأساقفة المصريين شوعوا فى منفاهم ينشرون نور الإنجيل ويبشرون أهل ذلك المكان وقد اظهر الله على أيديهم أيات وعجائب

وحدث أن تاجرا مصريا زار البابا ديسقوروس فى منفاه فتألم لما شاهد ما وصل إلية من الاحتقار فذكره البابا بما أصاب يسوع من الهوان وأعطى التاجر تلميذ البطريرك قطعة ذهبية ذات قيمة لينفق منها على معلمه ووعد أن يرسل غيرها فلما علم البابا ديسقوروس بذلك قطع القطعة ووزعها على فقراء المكان رغبة تلميذه

ومما أجراه هناك من المعجزات أن اعمى طلب منه بحرارة أن يسمح له بنقطة دم يمسح بها نفسه فشرط له القديس جزأ من جسمه وأعطاه من دمه وما أن دهن به وصلى علية ففاز بالشفاء الكلى . وارتفع شان البطريرك الإسكندري فى عيون أهل منفاه بعد أن كانوا يعاملونه بقسوة واصبح موضوع احترامهم وإكرامهم

وقال الأنبا ساويرس المؤرخ " وقد استمر البابا ديسقوروس بجزيرة غاغرا حتى أخذ إكليل الشهادة من مركبان الملك " ولعله يقصد أنه مات من شدة الألم والصعوبات التى تلقه من ذلك الملك . فناحت الكنيسة المصرية على رئيسها واستمرت محافظة على الأيمان الذى قضى حياته فى الدفاع عنه

حدث بعد وفاة الملك ثيؤدوسيوس الصغير سنة 450م، الذي تلقبه الكنيسة بالملك الأرثوذكسي، أن اعتلى عرش المملكة الملك مرقيان وزوجته الملكة بولشريا. وفي هذا الوقت الذي احتدم فيه الجدل اللاهوتي حول طبيعة السيد المسيح كانت المؤامرات تحاك ضد كنيسة الإسكندرية وأساقفتها العظام، بِسَعيّ من لاون أسقف روما لدى الملك مرقيان وزوجته. عودة الجِدال اللاهوتي حول شخص المسيح إدانة نسطور في المجمع المسكوني الثالث في أفسس عام 431م ألهبت الجدال بين مساندي اللاهوت الإسكندري ومساندي اللاهوت الأنطاكي. أدان يوحنا الأنطاكي ومعاونوه القديس كيرلس ومعاونيه. وفي سنة 433م أعلن نص "إعادة الاتحاد" أو "رمز الاتحاد"، لكن هذا البيان لم يقدم إرضاءً شاملاً، إذ لم يقتنع به أي طرف من الطرفين الرئيسيين بطريقة كاملة.

الآن، تغيرت الظروف وعاد الجدال بشكل أكثر حدة أدى إلى انشقاق مرّ في الكنيسة في مجمع خلقيدونية سنة 451م. في سنة 435م، في الرُها انتخب أسقف جديد هو هيبا، تحول إلى تلميذ غيور لثيؤدور المؤبسستى (الميصة) القائد الأنطاكي، فبدأ الجِدال العقيدي من جديد يرتكز على كتابات ثيؤدور. وفي سنة 433م احتل دومنيوس الأسقفية عِوض يوحنا الأنطاكي، وكان ضعيف الشخصية متذبذبًا، يأخذ قراراته الحسّاسة خلال إرشاد ثيؤدورت أسقف قورش. وفي سنة 444م تنيح القديس كيرلس وخلفه رئيس الشمامسة ديسقورس الذي صحبه في مجمع أفسس. وفي القسطنطينية مات برولكس وخلفه فلفيان (فلابيانوس، فلافيانوس 446م) وهو إنسان خجول بلا قُدرة على الكلام. ويبدو أنه كان يؤمن بـ "الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة من طبيعتين"، لكن ثيؤدورت أسقف قورش غيَّر ذهنه. القديس ديسقورس وثيؤدورت أسقف قورش أرسل القديس ديسقورس بعد سيامته رسائل لاخوته الأساقفة حسب التقليد الكنسي، علامة الشركة الرسولية. أرسل ثيؤدورت أسقف قورش - الذي كان يناضل ضد القديس كيرلس لصالح نسطور - ردًا على البطريرك الجديد بخطاب مملوء تملقًا، يمتدحه فيه من أجل تواضعه ورقته. لكن ثيؤدورت - بعد ذلك - أعلن عداوته للقديس ديسقورس، لأن الأخير أرسل إلى دومنيوس أسقف إنطاكية يلومه فيه برقة وصراحة على تشجيعه للثنائية النسطورية من جهة شخص المسيح، واستهانته بمجمع أفسس، وإعلانه أن نسطور ليس هرطوقيًا. لقد أجاب دومنيوس برسالة رقيقة جاء فيها أنه سُرّ بخطابه بسبب محبته وصراحته.
القديس ديسقورس وأوطيخا كان أوطيخا أرشمندريت ورئيس دير بالقسطنطينية، حيث كان حوالي 300 راهبًا يعيشون تحت قيادته. وهو ناسك شيخ، وُهب البلاغة لكنه لم يكن لاهوتيًا حقيقيًا. لعب دورًا خطيرًا في الانشقاق الكنسي في القرن الخامس. كان لأوطيخا شهرة فائقة في كرسي القسطنطينية، وفي الأوساط الديرية، وفي البلاط الإمبراطوري، وعلى مستوى الشعب. هذا يرجع إلى ذكائه وبلاغته مع حياته النسكية وعلاقته الوطيدة بالقصر الإمبراطوري، خاصة خلال قريبه خريسافيوس كبير الحجاب. كصديق للقديس كيرلس تقبل منه صورة من قرارات مجمع أفسس سنة 431م، وكان يعززها على الدوام. لقد قبل صيغة اللاهوت الإسكندري من جهة السيد المسيح: "طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد" دون التمتع بأساس لاهوتي سليم. في الواقع لم يكن يمثل اللاهوت الإسكندري أو الأنطاكي، إنما غيرته الشديدة ضد النسطورية التي كانت قد انتشرت في تلك المنطقة ودفاعه عن صيغة الإسكندرية قادته إلى هرطقة أخرى، إذ زاغ بقوله إن ناسوت المسيح ليس مساويًا لنا. نادى بوجود طبيعتين قبل الاتحاد، ولكن طبيعة واحدة فقط بعده، لأن الطبيعة الإلهية قد ابتلعت الناسوتية، وفُقدت الأخيرة تمامًا. لاهوتيات أوطيخا ليس بالصعب على أي دارس أن يكتشف شخصية أوطيخا ولاهوتياته من مجرد قراءة إجاباته أثناء مناقشته في مجمعيّ أفسس سنة 448، 449م. لم يكن بالشخص اللاهوتي، ولا مُدركًَا لنظام اللاهوت الإسكندري، إنما تارة يستخدم عبارات أرثوذكسية تضاد أفكاره الرئيسية. ربما لأنه كان متزعزعًا في معرفته اللاهوتية، أو عن خداع، أو ربما لحذره لئلا يفقد شهرته أو مركزه أو كهنوته. بعد المجمع المحلى بالقسطنطينية عام 448م أرسل "اعتراف إيمانه" للإمبراطور، إن كان بحق هذا الاعتراف يمثل رأيه فلا يكون حاملاً للهرطقة الأوطاخية، إذ يقول: [نُعلن أن يسوع المسيح ربنا مولود من الله الآب بلا بداية...، الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا وُلد من العذراء مريم...، أخذ نفسًا وجسدًا، إله كامل وإنسان كامل، واحد مع (مساوٍ) الآب في جوهره من جهة اللاهوت... وواحد معنا من جهة الناسوت. نعترف بهذا أنه "من from طبيعتين بعد الاتحاد... نؤكد أنه مسيح واحد، ابن واحد، رب واحد، أقنوم واحد، شخص واحد. لذلك لا نرفض تأكيد أنه طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد الذي صار إنسانًا، إذ هو واحد من اثنين، كائن واحد بعينه ربنا يسوع المسيح.] إدانة أوطيخا حدث صراع بين أوطيخا والقائد الأنطاكي ثيؤدوريت أسقف قورش، الذي لأجل محبته وولائه لنسطور قدم لصديقه معانٍ يقصدها هو وليس نسطور. من ناحية أخرى بسبب كراهيته المُرة للقديس كيرلس وكتاباته، خاصة الاثني عشر حرمانًا اتهم القديس كيرلس بالأبولينارية، ونشر هجومًا مطوّلاً ضد القديس كيرلس وأوطيخا [دون ذكر اسمه] دعاه "إرانستس" أو "الشحاذ"، ينقسم هذا الهجوم إلى ثلاثة أقسام: 1.القسم الأول أراد إثبات أن الطبيعة الإلهية لا تتغير. ولإثبات هذا دحض اصطلاح القديس كيرلس "ثيؤتوكوس" وأيضًا "تبادل الألقاب والخواص Communicato idiomatum". 2.القسم الثاني يظهر أن الطبيعتين توجدان في المسيح بغير اختلاط، رافضًا اتحاد الطبيعتين. 3.القسم الثالث خصصه لإظهار أن الله الكلمة بلا انفعالات. لقد هاجم الحرمان الرابع للقديس كيرلس الذي فيه يقول بأنه يستحيل التفريق بين شخصين وأقنومين، كما جاء في عبارات العهد الجديد. القديس كيرلس نفسه أكد الثلاث نقاط: عدم تغير اللاهوت، عدم اختلاط الطبيعتين، عدم انفعال اللوغوس، لكن الكتاب هاجم اللاهوت الكيرلسي، خاصة دعوة القديسة مريم "ثيؤتوكوس"، والمناداة بطبيعة المسيح الواحدة، وتبادل الألقاب والخواص. عُقد مجمع القسطنطينية من 8 إلى 22 نوفمبر سنة 448م لإدانة أوطيخا، حيث قدم يوسابيوس عريضَة اتهام ضده يتهم فيه أنه يفتري على الكُتّاب الأرثوذكس متمسكًا بآراء هرطوقية، طالبًا من فلافيان أن يستدعى أوطيخا ليدافع عن نفسه. رفض أوطيخا الظهور أمام المجمع حتى الجلسة السابعة، مقدمًا أعذارًا كثيرة مثل شيخوخته ومرضه وأن التقليد النسكي يمنعه عن مغادرة الدير. مناقشات الجلسات الست غير معروف منها سوى بعض عبارات حيث نسب بعض الأساقفة الحاضرين للقديس كيرلس أنه قال بالطبيعتين بعد الاتحاد. أمام المجمع أعلن أوطيخا أنه قبل تعليم نيقية وأفسس وأنه يؤكد أن [بعد أن صار المسيح إنسانًا، أي بعد أن ولد يسوع المسيح ربنا، يُعبد الله الكلمة بكونه طبيعة واحدة، أي الله الذي صار متجسدًا.] لقد أنكر أنه قال بأن جسد يسوع نزل من السماء، بل ضحك عند سماعه هذا الاتهام ضده. لقد كرر أن المسيح أخذ جسده من العذراء مريم، وأضاف أنه قد تم تجسد كامل، لكنه رفض القول بأن جسده واحد معنا (أي مساوٍ لنا). أصر يوسابيوس أن يجيب على سؤالين: 1.هل كان المسيح واحدًا معنا (مساوٍ لناحسب الجسد)؟ 2. هل يحمل فيه طبيعتين بعد الاتحاد؟ من جهة السؤال الأول، أجاب: [إلى اليوم لم أتحدث عن جسد ربنا أنه واحد مع جسدنا (مساوٍ لجسدنا)، لكنني أعترف أن العذراء واحدة معنا في جوهرنا، وأن الله تجسد منها]. وإذ علّق باسيليوس أسقف سلوكية قائلاً ما دامت الأم واحدة معنا، إذن فهو نفسه إذ يُدعى ابن الإنسان يلزم أن يكون واحدًا معنا، أجاب: [كما تقول أوافقك على كل شيء]. بخصوص السؤال الثاني أجاب: [إنني أقرأ الطوباوي كيرلس والآباء القديسين والقديس أثناسيوس، فقد تحدثوا عن "من طبيعتين" إذ يشيرون إلى ما قبل الاتحاد، أما بعد الاتحاد والتجسد، فهم لا يؤكدون الطبيعتين بل طبيعة واحدة.] قال باسيليوس أسقف سلوكية بأنه إذ لم يقل بالطبيعتين فهو ينادى بالاختلاط والامتزاج. أصدر فلافيان القرار بأن أوطيخا يتبع فالنتينوس وأبوليناريوس، وأن المجمع يحرمه ويعزله عن إدارة ديره وممارسة الكهنوت. التجاء أوطيخا إلى الإمبراطور والأساقفة إدانة أوطيخا سببت متاعب كثيرة في القسطنطينية. مساعدوه، خاصة في الأوساط الديرية، اتهموا فلافيانوس ومساعديه بالنسطورية. حرم فلافيانوس القادة في الأديرة بينما لجأ أوطيخا إلى روما والإسكندرية وأورشليم وتسالونيك، وأيضًا قدم شكوى إلى الإمبراطور خلال صديقه خريستوفيوس كبير الحجاب، يقول فيها بأن الذين حاكموه أرادوا إلزامه بالثنائية النسطورية وأن سجلات المجمع قد زُوِّرت. كتب لاون أسقف روما إلى أوطيخا يمتدحه على غيرته في الدفاع ضد الثنائية النسطورية، وفي نفس الوقت كتب إلى فلافيانوس يطلب منه الترفق بأوطيخا. لكنه غيَّر رأيه ربما عندما سمع أن الإمبراطور كتب إلى القديس ديسقورس بابا الإسكندرية يدعوه لعقد مجمع لمناقشة الأمر. لاون الذي لم تكن لديه معرفة صادقة لطبيعة الصراع بين لاهوت الإسكندرية ولاهوت إنطاكية أرسل طومسه (رسالة) إلى القسطنطينية في 13 يونيو 449م، لا من أجل مصالحة الطرفين وإنما بغية تشويه اللاهوتيين الإسكندريين. مجمع أفسس الثاني لسنة 449م إذ اقتنع الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني بعقد مجمع طلب من ديسقورس أن يمارس سلطته في المجمع كرئيس، وطلب من يوبيناليوس أسقف أورشليم وتلاسيوس أسقف قيصرية كبادوكية أن يكونا رئيسين شريكين معه. قبل مناقشة قرارات المجمع أود أن أشير إلى أن الخلقيدونيين يقولون إنه إن كان مجمع خلقيدونية سنة 451م قد سبب شقاقًا في الكنيسة، فإنهم يرون أن ما حدث كان رد فعل لمجمع أفسس عام 449م، الذي دعاه لاون أسقف روما بالمجمع اللصوصي، ويتهم المؤرخون واللاهوتيون القديس ديسقورس بالعنف، وأنه قاد المجمع لصالح اللاهوت الإسكندري. هل كان القديس ديسقورس عنيفًا؟ يقدم المطران غريغوريوس بولس بهنام بعد نشره رسالة الإمبراطورين ثيؤدوسيوس الثاني وفالانتينوس، مترجمة من السريانية إلى العربية، الملاحظات التالية: 1. لم يعقد المجمع (أفسس الثاني) بناء على طلب البابا ديسقورس، ولم توجد بينه وبين الأباطرة رسائل مسبقة في هذا الشأن. هذا يعنى أن القديس ديسقورس لم يكن يبغي نفعًا شخصيًا خطط له. 2. لم يصف الخطاب الإمبراطوري القديس ديسقورس بألقاب تكريم أكثر من غيره. هذا يعنى عدم وجود اتفاقات مسبقة بين الإمبراطور والقديس ديسقورس. 3. تكشف الرسائل الملوكية عن وجود اضطرابات لاهوتية متزايدة في إيبارشية القسطنطينية. كان طلب الإمبراطور من القديس ديسقورس هو الإسراع لوضع حد للمتاعب اللاهوتية. هذا ومما يجب مراعاته أن ديسقورس لم يعلن عن صيغة إيمان جديدة، بل كان يسعى للمحافظة على الصيغة التقليدية للإيمان الكنسي. 4. أُخذت القرارات بالتصويت، ولم نسمع أن أسقفًا من الحاضرين احتج أو انسحب من المجمع (غير فلابيانوس ويوسابيوس عند إصدار الحكم). 5. في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها يوبيناليوس الأورشليمي، وصف لاون أسقف روما بـ "القديس"، "محب الله"، وأعطى لدومنوس أسقف إنطاكية لقب "محب الله"...هذه الألقاب تكشف عن روح المجمع. 6. عندما سأل لاون أسقف روما إمبراطور الغرب فالنتينوس وأمه وأخته بولشاريا للتوسط لدى ثيؤدوسيوس الثاني ليعقد مجمعًا آخر أرسل الأخير رسالة يمتدح فيها مجمع أفسس بأن خوف الرب كان يحكمه، وأن أعضاءه تمسكوا بالإيمان الحق وقوانين الآباء، وأنه قد فحص الأمر بنفسه وهو راضٍ. 7. في الرسالة الملوكية في افتتاح المجمع أعلن الإمبراطور منعه ثيؤدورت أسقف قورش من الحضور بسبب الآلام التي يعانيها المؤمنون، حتى الذين في القرى، من النساطرة. في الواقع لم يكن ديسقورس عنيفًا بل النساطرة كما شهد الإمبراطور نفسه بذلك. وإنني أود أن أضيف ملاحظات أخرى: 8. لم ينطق القديس ديسقورس حتى اللحظة الأخيرة من انعقاد المجمع بكلمة ضد روما، بينما لاون في رسائله يشير إلى بابانا بأنه "السفاح المصري" و"معلم أخطاء الشيطان" والباذل بقوة جهده لبث التجاديف وسط اخوته. وسنرى كيف أن أناطوليوس أسقف القسطنطينية وغيره قد رفضوا نَسْب الهرطقة للبابا الإسكندري. 9. يعتمد الخلقيدونيون عادة على أعمال مجمع خلقيدونية في اتهام القديس ديسقورس بالعنف. وسنناقش هذه الاتهامات فيما بعد، لكنني أشير هنا إلى أنه من الطبيعي أن ينسب النساطرة العنف للبابا الإسكندري ليخفوا سلوكهم العنيف في مجمع القسطنطينية كما شهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني وأيضًا سلوكهم القاسي مع أوطيخا وأعوانه، وقد كتب أوطيخا في التماسه للأساقفة أنه [أكد أثناء محاكمته رغبته في إتباعه ما قد صمموا عليه، ولكن فلابيانوس رفض الالتماس، كما اعترض على العنف الذي استخدم ضده في المجمع وما بعد المجمع بواسطة العامة]. ونحن نعلم أن فلابيانوس قد حرم كثيرًا من قادة الرهبان لأنهم سندوا أوطيخا ضد الثنائية النسطورية. 10. اعتاد بعض الدارسين أن ينسبوا العنف إلى لاهوتي الإسكندرية وآبائها، حتى بالنسبة للقديسين أثناسيوس وكيرلس. قرارات المجمع 1. إعادة اعتبار أوطيخا لم يكن خطأ ديسقورس أن المجمع أعاد اعتبار أوطيخا، وذلك للأسباب الآتية: أ. كتب لاون أسقف روما إلى بولشاريا قائلاً بأن أوطيخا انزلق في الهرطقة عن جهل منه، إن تاب فليعامل حسنًا. ب. أعلن أوطيخا عبارات أرثوذكسية مثل قوله: [فإنه هو نفسه، كلمة الله، نزل من السماء بلا جسد، صار جسدًا من ذات جسد العذراء دون أن يتغير أو يتحول، بطريقة هو نفسه يعلمها ويريدها. وهو الإله الكامل قبل الدهور هو بعينه صار إنسانًا كاملا
انعقد سنة 451م [1] يُعتبر من أهمّ المجامع، إذ نجم عن هذا المجمع انشقاقٌ أدّى إلى ابتعاد الكنائس الشرقيّة (: القبطيّة والأرمنيّة والسريانيّة ) عن الشركة مع الكنيستين الرومانيّة و البيزنطيّة الذين يرون أن مجمع خلقيدونية المجمع المسكوني الرابع.
الكنائس الشرقيّة رفضوا اصطلاح "طبيعتين" الذي كان يوازي عندهم لفظة (شخصين). وكانوا يفضلون عليها تعابير أخرى وردت عند البابا كيرلّس مثل عبارة "طبيعة واحدة" في قولته الشهيرة: "طبيعة واحدة للإله الكلمة المتجسد" ..
الخلقيدونيين يقولون إنه إن كان مجمع خلقيدونية سنة 451م قد سبب شقاقًا في الكنيسة، فإنهم يرون أن ما حدث كان رد فعل لمجمع أفسس الثاني عام 449م، الذي دعاه لاون أسقف روما بالمجمع اللصوصي، ويتهم المؤرخون واللاهوتيون القديس ديوسقورس بالعنف، وأنه قاد المجمع لصالح اللاهوت الإسكندري.

مجمع القسطنطينية المكانى 448م

رأس هذا المجمع فلافيان بطريرك القسطنطينية وحضره 32 أسقف ( 8-22 نوفمبر 448م )، تمت إدانة وعزل وحرم أوطيخا الذى كان رئيس دير في القسطنطينية يضم أكثر من 300 راهب و بناءً على شكوى من يوسابيوس أسقف دوريليم هذه، وبناء على شهادة يوحنا الكاهن والشماس أندراوس اللذين أرسلهما المجمع لمقابلته، لأنه أصر على أن الجسد الذى أخذه ربنا يسوع من مريم العذراء لم يكن من طبيعتنا وجوهرنا نفسهما. وبناء على تردده في إيضاح عقيدته حينما حضر أمام المجمع وقدم إقراراً بالإيمان رفض أن يقوم بقراءته. . ووقّع على الحرم 30 أسقفاً و23 أرشيمندريتاً. ولأول مرة تم إقرار صيغة "فى طبيعتين من بعد الاتحاد" للسيد المسيح. وحدثت قلاقل كثيرة في القسطنطينية، وقدّم أوطيخا شكوى ضد المجمع المكانى إلى الإمبراطور، بدوره دعا البابا ديوسقورس ليرأس مجمعاً مسكونياً في أول أغسطس 449م في أفسس، وطلب من جوفينال أسقف أورشليم، وتالاسيوس أسقف قيصرية كبادوكيا أن يكونا رئيسين مساعدين معه، وأرسل مرسوماً إمبراطورياً إلى ديسقوروس يطلب منه السماح لبارصوما (وهو أرشمندريت سورى مؤيد للجانب السكندرى) بالمشاركة في المجمع.[2]
كان مجمع القسطنطينية المكانى 448مم قد طلب من أوطيخا أن يحرم كل من لا ينادى بطبيعتين من بعد الاتحاد، فرفض وقال أنا لو فعلت ذلك أكون قد حرمت آبائى القديسين (أمثال القديس كيرلس الكبير) .
وأمام اعتراف أوطيخا الخطى المخادع بأنه "يرفض هؤلاء الذين يقولون أن جسد ربنا يسوع المسيح قد نزل من السماء... لأن ذاك الذى هو كلمة الله نزل من السماء بدون جسد وتجسد من جسد العذراء نفسه بدون تغيير ولا تحويل وبطريقة عرفها هو نفسه وأرادها، وذاك الذى هو دوماً إله كامل قبل الدهور، صار أيضاً إنساناً كاملاً في آخر الأيام من أجلنا ومن أجل خلاصنا". شعر البابا ديسقوروس أن فلافيان بطريرك القسطنطينية، ويوسابيوس أسقف دوريليم قد انضما إلى التيار النسطورى الموجود في الشرق حينما طُلب من أوطيخا في مجمع القسطنطينية المكانى 448م حرم كل من لا ينادى بطبيعتين من بعد الاتحاد. ولكن الحقيقة كانت أن البابا ديوسقورس سعى إلى محاربة النسطورية برفض تعبير "الطبيعتين بعد الاتحاد" وكان الأسقف يوسابيوس يدفع البطريرك فلافيان لمحاربة الأوطاخية بتأكيد تعبير "طبيعتين من بعد الاتحاد"، ومن هنا نشأ بين الطرفين سوء الفهم الذى تطور إلى الشقاق الخلقيدونى فيما بعد.


[تحرير] مجمع أفسس الثاني

لسنة 449م إذ اقتنع الامبراطور الروماني ثيؤدوسيوس الثاني بعقد مجمع طلب من ديسقورس أن يمارس سلطته في المجمع كرئيس، وطلب من يوبيناليوس أسقف أورشليم وتلاسيوس أسقف قيصرية كبادوكية أن يكونا رئيسين شريكين معه.
إعاد مجمع أفسس الثاني اعتبار أوطيخا
عقد المجمع الجلسة الأولى في 8 أغسطس عام 449م، وحضره 150 أسقف برئاسة البابا ديسقوروس وبحضور الأسقف يوليوس ممثل بابا روما، وجيوفينال أسقف أورشليم، ودمنوس أسقف أنطاكيا وفلافيان بطريرك القسطنطينية. وبعد استعراض وقائع مجمع أفسس الأول 431م، ومجمع القسطنطينية المكانى 448م، وقراءة اعتراف مكتوب لأوطيخا بالإيمان الأرثوذكسى قدّمه إلى المجمع مخادعاً. وبعد الاستماع إلى آراء الحاضرين؛ حكم المجمع بإدانة وعزل فلافيان بطريرك القسطنطينية ويوسابيوس أسقف دوروليم وبتبرئة أوطيخا وإعادته إلى رتبته الكهنوتية. كما حكم المجمع بحرم وعزل كل من هيباس أسقف الرها وثيئودوريت أسقف قورش وآخرين. حكم علي البابا ديسقورس فيما بعد ظلما في مجمع خلقيدونية سـنة 451م ومات في المنفي.[3]

1. لم يعقد المجمع (أفسس الثاني) بناء على طلب البابا ديسقورس، ولم توجد بينه وبين الأباطرة رسائل مسبقة في هذا الشأن. هذا يعنى أن القديس ديوسقورس لم يكن يبغي نفعًا شخصيًا خطط له.
2. لم يصف الخطاب الإمبراطوري القديس ديسقورس بألقاب تكريم أكثر من غيره. هذا يعنى عدم وجود اتفاقات مسبقة بين الإمبراطور والقديس ديسقورس.
3. تكشف الرسائل الملوكية عن وجود اضطرابات لاهوتية متزايدة في إيبارشية القسطنطينية. كان طلب الإمبراطور من القديس ديسقورس هو الإسراع لوضع حد للمتاعب اللاهوتية. هذا ومما يجب مراعاته أن ديسقورس لم يعلن عن صيغة إيمان جديدة، بل كان يسعى للمحافظة على الصيغة التقليدية للإيمان الكنسي.
4. أُخذت القرارات بالتصويت، ولم نسمع أن أسقفًا من الحاضرين احتج أو انسحب من المجمع (غير فلابيانوس ويوسابيوس عند إصدار الحكم).
5. في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها يوبيناليوس الأورشليمي، وصف لاون أسقف روما بـ "القديس"، "محب الله"، وأعطى لدومنوس أسقف إنطاكية لقب "محب الله"...هذه الألقاب تكشف عن روح المجمع.
6. عندما سأل لاون أسقف روما إمبراطور الغرب فالنتينوس وأمه وأخته بولشاريا للتوسط لدى ثيؤدوسيوس الثاني ليعقد مجمعًا آخر أرسل الأخير رسالة يمتدح فيها مجمع أفسس بأن خوف الرب كان يحكمه، وأن أعضاءه تمسكوا بالإيمان الحق وقوانين الآباء، وأنه قد فحص الأمر بنفسه وهو راضٍ.
7. في الرسالة الملوكية في افتتاح المجمع أعلن الإمبراطور منعه ثيؤدورت أسقف قورش من الحضور بسبب الآلام التي يعانيها المؤمنون، حتى الذين في القرى، من النساطرة. في الواقع لم يكن ديسقورس عنيفًا بل النساطرة كما شهد الإمبراطور نفسه بذلك.
8. لم ينطق القديس ديسقورس حتى اللحظة الأخيرة من انعقاد المجمع بكلمة ضد روما، بينما لاون في رسائله يشير إلى بابانا (فليفهم القارئ الكاتب مصري عنصري) القديس ديسقورس بأنه "السفاح المصري" و"معلم أخطاء الشيطان" والباذل بقوة جهده لبث التجاديف وسط اخوته. وسنرى كيف أن أناطوليوس أسقف القسطنطينية وغيره قد رفضوا نَسْب الهرطقة للبابا الإسكندري.
9. من الطبيعي أن ينسب النساطرة العنف للبابا الإسكندري ليخفوا سلوكهم العنيف في مجمع القسطنطينية كما شهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني وأيضًا سلوكهم القاسي مع أوطيخا وأعوانه، وقد كتب أوطيخا في التماسه للأساقفة أنه [أكد أثناء محاكمته رغبته في إتباعه ما قد صمموا عليه، ولكن فلابيانوس رفض الالتماس، كما اعترض على العنف الذي استخدم ضده في المجمع وما بعد المجمع بواسطة العامة]. ونحن نعلم أن فلابيانوس قد حرم كثيرًا من قادة الرهبان لأنهم سندوا أوطيخا ضد الثنائية النسطورية.
10. إعادة اعتبار أوطيخا لم يكن خطأ ديسقورس أن المجمع أعاد اعتبار أوطيخا، وذلك للأسباب الآتية: أ. كتب لاون أسقف روما إلى بولشاريا قائلاً بأن أوطيخا انزلق في الهرطقة عن جهل منه، إن تاب فليعامل حسنًا. ب. أعلن أوطيخا عبارات أرثوذكسية مثل قوله: [فإنه هو نفسه، كلمة الله، نزل من السماء بلا جسد، صار جسدًا من ذات جسد العذراء دون أن يتغير أو يتحول، بطريقة هو نفسه يعلمها ويريدها. وهو الإله الكامل قبل الدهور هو بعينه صار إنسانًا كامل [4]

[تحرير] الخلاف العقيدى

البحث الدقيق يبرهن أن البابا ديسقوروس لم يكن أوطاخياً، ولهذا لم يحكم عليه مجمع خلقيدونية لأسباب عقائدية، كما ذكر أناتوليوس بطريرك القسطنطينية رئيس المجمع في جلسة 22 أكتوبر عام 451م. كما أن البطريرك فلافيان والأسقف يوسابيوس لم يكونا نسطوريين. [5]
بعد وفاة البابا ديسقوروس انتخب في 16 مارس 457م في الإسكندرية البابا تيموثاوس الثانى (الشهير بأوريلُّوس) خليفة وتمكن في عهد الإمبراطور "باسيليسكوس" من عقد مجمع عام آخر في أفسس سنة 475م (يلقبه البعض مجمع أفسس الثالث) حضره 500 أسقف. هذا المجمع حرم تعاليم أوطيخا وتعاليم نسطور ورفض مجمع خلقيدونية. وقد وقّع على قرار هذا المجمع 700 أسقف شرقى. [6]

الذين اتحدوا مع باباوات الإسكندرية جهاراً من بطاركة القسطنطينية هم: أكاكيوس 481م، وأفراويطاس 491م، وتيموثاوس الأول 511م، وأنتيموس 535م، وسرجيوس 608م، وثيوذوروس 666م، ويوحنا 721م.. وخلاف ذلك تقّر كنيسة القسطنطينية بالمذهب الخلقيدوني. [7]


ثمّة مساعٍ بين هذه الكنائس كافّة لإعادة الوحدة فيما بينها نتج عنها تحقيق بعض الخطوات في هذا النحو. بعد قانون الوحدة -الذي وضعه لاهوتيّون من الإسكندرية وأنطاكية- حصل اختلاف حول بعض التعابير الواردة فيه
حسم البابا شنودة الثالث الخلاف العقيدى بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وبين الكاثوليك في هذه النقطة مع الكاثولـيك وتم الأتفاق بـأن المسـيح طبيـعة واحدة متحدة من الـلاهوت والناسوت بغير اختلاط ولا امتـزاج ولا تغيير لم تؤمن الكنيسة المصرية أبداً بالصورة التي وُصِفَت في مجمع خلقيدونية. وكانت ذلك يعني في المجمع، الإيمان بطبيعة واحدة. أما الأقباط فيؤمنون أن السيد المسيح كامِلاً في لاهوته، وكامِلاً في ناسوته، وهذان الطبيعتان مُتَّحِدَتان في طبيعة واحدة هي "طبيعة تَجَسُّد الكلمة"، والتي أوضحا البابا كيرلس السكندري. الأقباط إذن، يؤمنون بطبيعتان: "لاهوتية" و"ناسوتية"، وهما مُتَّحِدَتان بغير إختلاطٍ ولا إمتزاجٍ، ولا تغيير.[4]


أسباب عقد مجمع خلقيدونية

تم رفض قرارات مجمع أفسس الثاني من قبل بابا روما ودعى الإمبراطور مرقيانوس والإمبراطورة بولخيريا لانعقاد مجمع خلقيدونية بناء على طلب أسقف روما فتم عقد مجمع خلقيدونية في مدينة خلقيدونية سنة 451 وحضره 330 أسقفاً (في رواية) و600 أسقف في روايةأخرى. [4]] . و يعتبر مجمع خلقدونية من أكثر المجامع المثيرة للجدل فقد ذهب البعض إلى ان أوطاخي قد "دلّس به وخدع آباء المجمع الذين أقرّوا بأرثوذكسيته، وهذه الكنائس هي التي رفضت لاحقاً مجمع خلقيدونية وإن كان آباؤها قد قاموا في ذلك المجمع (خلقيدونية) بالحكم بهرطقة أوطاخي وحرموه، أما الكنائس التي اعترفت بخلقيدونية فتطلق على مجمع إفسس الثاني المجمع اللصوصي[4] وترفض كامل نتائجه وتعدّ مجمع خلقيدونية المجمع المسكوني الرابع .[8]

اعلن لاون (أسقف روما) طومسه قبل المجمع ، وقام الإمبراطور مرقيون والإمبراطورة بوليخاريا بجمع التوقيعات عليه منذ عام 450 م - بغرض إعداد ورقة اساسية ضد اللاهوتيين الإسكندريين وإتهامهم بأن الأقباط اعتنقا البدعة الأوطاخية الذى سقط في الهرطقة أثناء مقاومته للنساطرة ( ظن أوطاخى أن لاهوت المسيح (كلمة الرب الإله) أبتلع ناسوته أوجسده ، أو أن جسده ذاب في لاهوته ) ، وحاول لاون أسقف روما تشوية صورة الكنيسة المصرية بنسب الأوطاخية لآبائها .
ويرى بعض المؤرخين إنه لم تكن هناك حاجة ملحة لعقد مجمع خلقيدونية وأن السياسة لعبت دوراً هاماً في التأثير على الكنيسة أو أن رؤساء بعض الكنائس وجهت السياسة لصالحها على أى حال يقول Aloys Grillemeier الألمانى [9] : " تحت الضغط المستمر من جانب الإمبراطور مرقيون وافق آباء خلقيدونية على وضع صيغة جديدة إيمانية


البابا ديوسقورس و مجمع خلقيدونية

أنه لما دعي البابا ديوسقورس إلى المجمع المسكوني الخلقدوني بأمر الملك مرقيان ، رأى جمعا كبيرا من أساقفة يبلغ عددهم ستمائة وثلاثين أسقفا، فقال ما هو الذي تنقصه الأمانة حتى اجتمعت هذه الجماعة العظيمة ؟ فقالوا له ان هذه الجماعة اجتمعت بأمر الملك ، فقال ان كان هذا المجمع بأمر السيد المسيح ، فأنا أحضره ، وأتكلم بما يتكلم به الرب على لساني وان كان قد اجتمع بأمر الملك ، فليدبر الملك مجمعه كما يريد ، وأذ رأى أن لاون بطريرك رومية قد علم أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين من بعد الاتحاد ، انبرى لدحض هذا المعتقد الجديد فقال "ان المسيح واحد ، هو الذي دعي إلى العرس كإنسان ، وهو الذي حول الماء خمرا كإله ، ولم يفترق في جميع أعماله" ، واستشهد بقول البابا كيرلس "ان اتحاد كلمه الله بالجسد ، كاتحاد النفس بالجسد ، وكاتحاد النار بالحديد ، وان كانا من طبيعتين مختلفتين ، فباتحادهما صارا واحدا" . ، كذلك السيد المسيح ، مسيح واحد ،. ورب واحد ، طبيعة واحدة ، مشيئة واحدة . فلم يجسر أحد من المجتمعين في المجمع أن يقاومه وقد كان فيهم من حضر مجمع أفسس الذي اجتمع على نسطور وأعلموا الملك مرقيان Marcian والملكة پولكاريا Pulcheria ، أنه لم يخالف أمركما في الأمانة إلا ديوسقورس بطريرك مدينة الإسكندرية . فاستحضراه هو والمتقدمين في المجمع من الأساقفة ، واستمروا يتناقشون ويتباحثون إلى أخر النهار ، والقديس ديسقورس لا يخرج عن أمانته ، فشق ذلك على الملك والملكة ، فأمرت الملكة بضربه على فمه ، ونتف شعر لحيته ، ففعلوا ذلك ، فاخذ الشعر والأسنان التي سقطت ، وأرسلها إلى الإسكندرية قائلا : هذه ثمرة الإيمان ، أما بقية الأساقفة فانهم لما رأوا ما جرى لديوسقورس ، وافقوا الملك ، لأنهم خافوا أن يحل بهم ما حل به، فوقعوا بإيديهم على وثيقة الاعتقاد بان للمسيح طبيعتين مختلفتين مفترقتين ، فلما علم ديوسقورس ، أرسل فطلب الطومس Tome ( أي الإقرار الذي كتبوه ) زاعما أنه يريد أن يوقع مثلهم ، فلما قرأه كتب في أسفله بحرمهم وحرم كل من يخرج عن الأمانة المستقيمة ، فاغتاظ الملك وأمر بنفيه إلى جزيرة غانغرا ، ونفى معه القديس مقاريوس أسقف إدكو ، واثنان آخران ، وظل المجمع بخلقيدونية
الجدير بالذكر ان اسباب مجمع خلقيدونية المعلنة لعزل البابا ديوسقورس ليست اسباب عقائدية لاهوتية بل لاسباب ادارية تتعلق بموقفه في مجمع أفسس الثاني حيث اعاد اوطاخي للشركة وتمت الاساءة لفلافيان.


[تحرير] احداث مجمع خلقيدونية

بدأ مجمع خلقيدونية أعماله في الثامن من تشرين الأول سنة 451 في خلقيدونية.
الوفد الأنطاكي: وتألف الوفد الأنطاكي من مئة وثلاثين أسقفاً وذلك على الوجه التالي:

أساقفة سورية الأولى: مكسيموس أسقف أنطاكية وماراس أسقف خناصير (جنوب شرق حلب على بعد ستين كيلومتراً عنها) وثيوكتيستوس أسقف حلب ورومولوس أسقف قنسرين وبوليكاريوس أسقف جبلة وبطرس أسقف الجبّول ومكاريوس أسقف اللاذقية وسابا أسقف بلدة وجيرونتيوس أسقف سلفكية.
أساقفة سورية الثانية: دومنوس أسقف أبامية ومرقس أسقف الرستن وتثموثاوس أسقف بلنياس وافتيخيانوس أسقف حماه وملاتيوس أسقف شيزر وبولس أسقف مريمين إلى شرقي المشتى ولمباذيوس أسقف رفنية وافسابيوس أسقف جسر شغور.
أساقفة أسورية: وهم اثنان وعشرون أولهم باسيليوس أسقف سفلكية الساحلية ويأتي بعده يعقوب أسقف أنيموريون واكاكيوس أسقف أنطاكية.
أساقفة قيليقية الأولى: ثيودوروس أسقف طرسوس وفيليبوس أسقف ادنه وثيودوروس أسقف أوغسطة وخمسة آخرون.
أساقفة قيليقية الثانية: كيروس أسقف عين زربة ويوليانوس أسقف الإسكندرية وباسيانوس أسقف موبسوستي ويوليانوس أسقف أرسوز وخمسة آخرون.
أساقفة الفرات: اسطفانوس منبج وقوزمة قورش وتيموثاوس أسقف دولك وداود أسقف جرابلس ويوحنا أسقف مرعش وبتريقيوس أسقف صفين وماراس أسقف روم قلعة واثناثيوس أسقف بيرين ومايانوس أسقف الرصافة وروفينوس أسقف سميساط واوراتيوس أسقف سوريه وسوره على الفرات وايفولغيوس أسقف بلقيس.
أساقفة الرها: نونوس أسقف مدينة الرها ودانيال أسقف بيره جك ودميانوس أسقف الرقة وابراهيم أسقف كيراسيوم ولعلها قرقيسيون عند مصب الخابور في الفرات وصفرونيوس أسقف قسطنطينة ويوحنا أسقف حرَّان وقيومة أسقف مركوبوليس وهي مجهولة الموقع ويوحنا أسقف العرب.

أساقفة ما بين النهرين: سمعان أسقف آمد وماراس أسقف غزة (وهي مجهولة الموقع) وقيومة أسقف انجل ونوح أسقف كيفا وزبنوس أسقف ميافارقين وافسابيوس أسقف صوفانة.
أساقفة العربية: قسطنطين أسقف بصرى وبروكلوس أسقفة درعة ومالك أسقف مسمية وثيودوسيوس أسقف القنوات وسُليم أسقف قسطنطينة اللجا وماراس أسقف السويدا ويوحنا أسقف الصنمين وزوسيس أسقف حسبان واناستاسيوس أسقف حران وبلانكوس أسقف جرش وغيانوس أسقف مادبا وسويروس أسقف نوى وغوطوس أسقف مشنّف وافلوجيوس أسقف عمان وهورميداس أسقف شهبة ونونوس اسقف اذرح.
أساقفة فينيقية الأولى والساحلية: فوطيوس أسقف صور والكسندروس أسقف طرطوس وبولس أسقف أرواد وايراقليطس أسقف عرقة وافستاثيوس أسقف بيروت ويورفيريوس أسقف البترون وبطرس أسقف جبيل وفوسفوروس أسقف عرطوز واوليمبوس أسقف بانياس وتوما أسقف النبي يونس Porphyreon وبولس أسقف عكة ودميانوس أسقف صيدا وثيودوروس أسقف طرابلس.

أساقفة فينيقية الثانية واللبنانية: ثيودوروس أسقف دمشق ويردانوس أسقف سوق وادي بردى وإبراهيم أسقف حرلانة في الغوطة وذاذاس أسقف كناكر وبطرس أسقف قردا (في الغوطة) وثيودوروس أسقف مهين وأورانيوس أسقف حمص وتوما أسقف حوارين ويوسف أسقف بعلبك وافسابيوس أسقف يبرود وفاليريوس أسقف قطيية ويوحنا أسقف تدمر وافستاثيوس أسقف العرب.
الوفود الأخرى: وتألف الوفد الروماني من الأسقفين باسكاسينوس ولوشنتيوس والقسين بونيفاتيوس وباسيليوس وانضم إليهما يوليانوس أسقف جزيرة كوس للمرة الثانية. وجاء ديوسقوروس ووراءه سبعة عشر أسقفاً. وانضم إلى هؤلاء أساقفة آسية وتراقية واليونان واليرية وأفريقيا. ومثل الدولة الرومانية أناتوليوس القائد الكبير وبلاذيوس برايفكتوس الشرق وتاتيانوس برايفكتوس العاصمة وخمسة عشر موظفاً.


الجلسة الأولى

افتتحت أعمال المجمع في الثامن من تشرين الأول في كنيسة القديسة افيمية في خلقيدونية بحضور هذا العدد الكبير من الأساقفة (وصل عدد الآباء في هذا المجمع لـ 600) ووجود عدد من وجهاء الدولة في صدر المجمع أمام الباب الملوكي وعن يسارهم نواب رومة القديمة وأناتوليوس أسقف رومة الجديدة فمكسيموس أسقف أنطاكية وعن يمينهم ديوسقوروس أسقف الإسكندرية يوبيناليوس أسقف أورشليم ثم سائر الأساقفة من الجهتين.
وبعد الافتتاح قام باسكاسينوس ووقف في وسط المجمع وقال لعظماء الدولة: "إن أسقف مدينة الرومانيين الرسولي الجزيل الغبطة رأس جميع الكنائس أمرنا أن نخاطبكم بأن لا يجلس معنا ديوسقوروس أسقف الإسكندرية. فإما أن يخرج هو وإما أن نخرج نحن". فرأى ممثلو السلطة أن يجلس ديوسقوريوس في وسط المجمع فجلس. ثم وقف افسابيوس أسقف دورلة ودفع كتاباً مضمونه ملخص ما جرى من التلصص في أفسس. وتليت بعد ذلك أعمال المجمع اللصوصي ثم أعمال المجمع القسطنطيني قبله. وبعد أخذ ورود شديدين اقترح ممثلو السلطة قطع كل من ديوسقوروس الإسكندرية ويوبيناليوس أورشليم وثلاثيوس قيصرية وافسابيوس أنقيرة وافستاثيوس بيروت وباسيليوس سلفكية باعتبارهم زعماء التلصص في أفسس. ثم ارتفعت الجلسة فخرج الآباء يرددون: "قدوس الله قدوس القوي قدوس الذي لايموت ارحمنا" وهي أول مرة يرد فيها ذكر التريصاجيون في تاريخ الكنيسة. وهتفوا بعد ذلك قائلين: "لتكن سنو الأمبراطور عديدة! المسيح أسقط ديوسقورس القاتل! قدوس الله قدوس القوي قدوس الذي لا يموت ارحمنا".
 الجلسة الثانية


في العاشر من تشرين الأول وظل ديوسقوروس ويوبيناليوس وسائر المتهمين بأعمال التلصص في أفسس خارج المجمع. فطلب ممثلو السلطة من الآباء المجتمعين أن ينظروا في أمر الإيمان وأن يتفقوا على صيغة نصبح هي المعول عليها. فذكر الآباء أن المجمع المسكوني الثالث حرم أي تعديل في قانون الإيمان النيقاوي. ولكن نظراً لإلحاح السلطة فإن الآباء أصغوا إلى نصوص رسائل كيرلس إلى نسطوريوس ويوحنا وإلى "الطوموس" رسالة لاون إلى فلابيانوس الشهيد. فهتف معظم الآباء هذا هو إيمان الآباء هذا إيمان الرسل. جميعنا هكذا نؤمن. الأرثوذكسيون هكذا يؤمنون. محروم من لا يؤمن هكذا. بطرس نادى بهذا التعليم بواسطة لاون. كيرلس هكذا علم. محروم من لا يؤمن هكذا. وتردد أساقفة فلسطين وطلبوا شرح الطوموس ولم يتخذ أساقفة مصر موقفاً معيناً نظراً لتغيب رئيس وفدهم ديوسقوروس. وقبيل ارفضاض الجلسة هتف بعض الاليريين للأساقفة المتهمين.

الجلسة الثالثة

التأم المجمع في جلسته الثالثة في الثالث عشر من تشرين الأول وفي كنيسة مجاورة لكنيسة القديسة افيمية تضم رفاة بعض الشهداء. وتغيب ممثلو السلطة. ونهض افسابيوس أسقف دورلة وقرأ مذكرة جديدة يبين فيها هفوات ديوسقوروس وذنوبه. ثم تلاه أربعة اكليريكيين اسكندريين انتقدوا ديوسقوروس من حيث موقفه من أسرة سلفه كيرلس وقساوته وظلمه ومن حيث طمعه بالمال وجشعه في جمعه. فدعا المجمع ديوسقوروس ثلاث مرات فلم يحضر فقال باسكاسينوس -مترأس المجمع- لقد دعي ديوسقوروس ثلاث مرات ولم يحضر فماذا يستحق هذا الذي يزدري بالمجمع؟ فقال المجمع: يستحق جزاء العصاة. ثم قال لوقيانوس أسقف بيزا ونائب أسقف هرقلية: لقد أجرى المجمع المسكوني السابق أعمالاً ضد نسطوريوس فلنقف على إجراءاته ولنعمل بموجبها. فقال باسكاسينوس: أتأمرون أن نطبق في حقه عقوبات كنسية؟ فقال المجمع: "إننا نوافق على ما هو حسن". وخاطب الأسقف يوليانوس وفد رومة وطلب إلى رئيسه باسكاسينوس أن يبين القصاص المعين في القوانين. فقال باسكاسينوس: إني أكرر ماذا تستحسنون؟ فقال مكسيموس أسقف أنطاكية العظمى: "كل ما يستحسنه برّكم نوافق عليه". فاقترح باسكاسينوس قطع ديوسقورس لأنه برَّأ أوطيخة وقبله في الشركة قبل اجتماع افسس ولأنه لم يسمح بقراءة رسالة لاون إلى المجمع ولأنه أصرّ على قطع العلاقة مع الأرثوذكسيين. فقال أناتوليوس أسقف رومة الجديدة: إني أعتقد في كل شيء مثل الكرسي الرسولي أوافق على قطع ديوسقوروس. وقال مكسيموس أسقف أنطاكية: إني أضع ديوسقوروس تحت العقاب الكنسي الذي فاه به لاون أسقف رومة القديمة وأناتوليوس أسقف رومة الجديدة. ووافق كثيرون آخرون فحكم على ديوسقوروس بالقطع. أما الأساقفة الباقون من المتهمين فإنهم قدموا ندامة ونالوا الصفح.
الجلسة الرابعة والخامسة
بحث الآباء في الجلستين الرابعة والخامسة أمر العقيدة. فنظروا في طوموس لاون على ضوء دستور الإيمان الذي سُنَّ في المجمعين المسكونين الأول والثاني وعلى ضوء تحديدات القديس كيرلس كما جاءت في أعمال المجمع المسكوني الثالث.
وقدم ثلاثة عشر أسقفاً مصرياً لائحة إيمان أثبتت تعلقهم بإيمان الآباء منذ عهد مرقس الإنجيلي حتى أيام كيرلس وشجبوا آريوس وفتوميوس وماني ونسطوريوس ولكنهم سكتوا عن أوطيخة. فوبخهم المجمع، فقالوا أنهم يعملون بموجب القانون النيقاوي السادس إذ لا يجوز لهم أن يقطعوا رأياً بدون موافقة أسقف الإسكندرية.
وحاول برصوم أن يدافع عن ديوسقوريوس ولكنه لم يُفلح. فإنه ما كاد يطل على الآباء المجتمعين حتى تعالت الأصوات بوجوب خروجه. فقال البعض: "إلى الخارج أيها القاتل إلى المرسح المدرج إلى الوحوش الضارية". فخرج برصوم والوفد الرهباني الذي كان يرافقه.
وأُلِّفت تمثل جميع الآراء في المجمع لتعد صورة اعتراف يبت في قضية الطبيعة الواحدة التي أثارها أوطيخة. فقامت هذه اللجنة بالمهمة الموكولة إليها خير قيام وتقدمت من المجمع في جلسته الخامسة بمشروع اعتراف هذا نصه:
إننا نعلّم جميعنا تعليماً واحداً تابعين الآباء القديسين. ونعترف بابن واحد هو نفسه ربنا يسوع المسيح. وهو نفسه كامل بحسب اللاهوت وهو نفسه كامل بحسب الناسوت. إله حقيقي وإنسان حقيقي. وهو نفسه من نفس واحدة وجسد واحد. مساوٍ للآب في جوهر اللاهوت. وهو نفسه مساوٍ لنا في جوهر الناسوت مماثل لنا في كل شيء ماعدا الخطيئة. مولود من الآب قبل الدهور بحسب اللاهوت. وهو نفسه في آخر الأيام مولود من مريم العذراء والدة الإله بحسب الناسوت لأجلنا ولأجل خلاصنا. ومعروف هو نفسه مسيحاً وابناً وربّاً ووحيداً واحداً بطبيعتين بلا اختلاط ولا تغيير ولا انقسام ولا انفصال من غير أن يُنفى فرق الطبائع بسبب الاتحاد بل إن خاصة كل واحدة من الطبيعتين ما زالت محفوظة تؤلفان كلتاهما شخصاً واحداً واقنوماً واحداً لا مقسوماً ولا مجزّءاً إلى شخصين بل هو ابن ووحيد واحد هو نفسه الله الكلمة الرب يسوع المسيح كما تنبأ عنه الأنبياء منذ البدء وكما علّمنا الرب يسوع المسيح نفسه وكما سلّمنا دستور الآباء.
الجلسة السادسة
في الخامس والعشرين من تشرين الأول حضر الأمبراطور بشخصه وخطب في الآباء فحضهم على استقامة الرأي والسلام. وتلي تحديد المجمع فأمضى عليه الآباء وصدق الأمبراطور.
انتهاء الأعمال: وصدّق الأمبراطور على هذه القرارات والقوانين وحلَّ المجمع. ومنع أتباع أوطيخة عن إقامة الحفلات الدينية. ونقي أوطيخة فتوفي بعد ذلك بقليل، ونفي أيضاً ديوسقوروس فجعل اقامته جبرية في كنغريس افلاغونية
نتائج مجمع خلقيدونية
* نفي البابا ديوسقورس فجعل اقامته جبرية في كنغريس افلاغونية
* انفصال تدريجي لكنائس مصر والحبشة وسوريا وأرمينيا[10] انقسمت الكنيسة إلى شطرين:
1- الكنائس الغير خلقيدونية: وتضم الكنيسة القبطية (ومعها الحبشية)، وكنيسة أنطاكية ،وكنيسة أورشليم، وكنائس آسيا الصغرى -عدا القسطنطينية- التي –كنائس آسيا الصغرى- ظلت متمسكة بقرارات المجامع الأولى ومعتقدات أثناسيوس وكيرلس وديسقوروس في طبيعة واحدة للمسيح أي اتحاد اللاهوت بالناسوت بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. (وحالياً الكنائس الشقيقة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي الكنيسة الحبشية والإريترية والسريانية والهندية والأرمنية).
2- الكنائس الخلقيدونية: تضم كنيسة رومية، وكنيسة القسطنطينية - اللتين اعتنقتا المعتقَد القائل بأن للمسيح طبيعتين ومشيئتين.[11]
* صور وبيروت: ونظر الآباء في الجلسة الرابعة في الدعوة التي أقامها فوطيوس أسقف صور على افستاثيوس أسقف بيروت. وخلاصة هذه الدعوة أن أناتوليوس أسقف القسطنطينية وهب افستاثيوس أسقف بيروت لمناسبة ارتقائه إلى رتبة متروبوليت الرئاسة على أسقفيات جبيل والبترون وطرابلس وعرطوز وعكار وطرطوس وذلك بعد أن كانت هذه جميعها خاضعة لمتروبوليت صور. فلام المجمع أناتوليوس على هذا التعدي وحكم بإرجاع هذه الأسقفيات إلى متروبوليت صور.
* ثيودوريطس وإيبا: وفي الجلسة الثامنة فاه ثيودوريطس أسقف قورش لأول مرة بقطع نسطوريوس "وكل من لا يدعو مريم العذراء والدة الإله يجعل من الابن الوحيد اثنين". وحذا حذوه كل من صفرونيوس أسقف قسطنطينة الرها ويوحنا أسقف مرعش. فعرف المجمع جميع هؤلاء أرثوذكسيين. وفي الجلسة العاشرة تبرأ إيبا.
* كنيسة أورشليم: وكان الآباء القديسون المجتمعون في نيقية في المجمع المسكوني الأول قد خصوا أسقف أورشليم بامتيازات معينة نجهلها وحافظوا في الوقت نفسه على حقوق متروبوليت الأبرشية أسقف قيصرية. وكان يوبيناليوس منذ أن تسلّم عكاز الرعاية قد بدأ يمارس صلاحيات أوسع بكثير مما سمح به العرف والتقليد. فإنه تشوّف إلى ممارسة السلطة في العربية وفي فينيقية فساك الأساقفة في هاتين الأبرشيتين. وزوَّر الوثائق وأبرزها في أفسس ليثبت حقاً لم يعرف به أحد. واعترض كيرلس سبيله وكشف أمره فسكت وبات ينتظر فرصة موآتية. فلما تعكّر الجو واجتمع الآباء لينظروا في أمر أوطيخة عاد إلى سابق مطلبه. وفي الجلسة السابعة من جلسات المجمع الخلقيدوني المنعقدة في السادس والعشرين من تشرين الأول سنة 451 تفاهم الأسقفان الأنطاكي والأورشليمي فاعترف مكسيموس بسلطة يوبيناليوس على أمهات المدن ببسان وقيصرية والبتراء. وامتنع يوبيناليوس عن المطالبة بأية صلاحية في فينيقية والعربية.
* أسقف رومة الجديدة: وفي الجلسات الحادية عشرة إلى الرابعة عشرة حلَّت مسائل تتعلق بأساقفة آسية. وفي الجلسة الخامسة عشرة سنَّ المجمع ثلاثين قانوناً لا تزال سارية المفعول. وجاء في القانون التاسع أنه إذا وقع خلاف بين اكليريكي وبين متروبوليت الأبرشية يرفع إلى اكسرهوس الولاية وإلى الجالس على كرسي القسطنطينية. وجاء مثل هذا في القانون السابع عشر. ونص القانون ال
مـــــــــــــــــراجع
(1) ولكن المجمع لم يحكم على كتابات ثيئودوريت وإيباس ضد تعليم القديس كيرلس الكبير كما لم يحكم على ثيئودور الموبسويستى معلم نسطور ولا على تعاليمه ، لأن الإمبراطور كان له ميول نسطورية وبعض الساقفة ولكنهم لا يستطيعوا الجهر بهذا حتى ينجحوا فى الإطاحة بالبابا ديسقوروس .وكانت رسالة هيباس أسقف الرها إلى ماريس الفارسى والتى هاجم فيها مجمع أفسس المسكونى 431م تعاليم القديس كيرلس الكبير وحرومه الإثنى عشر قد قُرئت فى المجمع إلا أن مجمع خلقيدونية لم يحكم بإدانتها مما جعل الفريق الذى رفض قرارات مجمع خلقيدونية يشعر بأن هناك تعاطفاً فى المجمع مع الجانب النسطورى. إلا أن المجمع قد أكّد قداسة البابا كيرلس، ولم يقبل ثيئودوريت وهيباس إلا بعد توقيعهما الحرم على نسطور.
وقد أوضح الجانب الخلقيدونى فيما بعد موقفه تجاه هذا الأمر مظهراً رفضه للنسطورية بصورة أكيدة فى المجمع التالى للخلقيدونيين الملقب بالمجمع الخامس والمنعقد فى القسطنطينية عام 553م؛ حيث حكم هذا المجمع بحرم شخص وكتابات ثيئودور الموبسويستى معلّم نسطور، وبحرم كتابات ثيئودوريت أسقف كورش وكذلك هيباس أسقف الرها ضد تعاليم القديس كيرلس الكبير.