مرحباً بكم في مدونة المسيح مخلصي وهى تحتوي على موضوعات مسيحية متعددة بالاضافة الي تاريخ الاباء البطاركة المنقول من موسوعة تاريخ اقباط مصر للمؤرخ عزت اندراوس بالاضافة الي نشر الكثير عن تاريخ الاباء

الأحد، يونيو 06، 2010

أثناسيوس والأنبا أنطونيوس

أثر أب الرهبان الأنبا أنطونيوس فى حياة أثناسيوس


هناك ينابيع كثيرة كونت شخصية الأنبا أثناسيوس منها الإلهى ومنها الأرضى , وكان فى عصرة ينبوع بدأ يظهر مياهه الروحية للعالم هذا الينبوع هو الأنبا أنطونيوس فإرتوى أثناسيوس منه وتربى على يدي عملاق الرهبنة وهو بعد شاب وكما يقول بفمه : [لقد رأيت أنطونيوس مراراً وتعلمت منه , لأننى لازمته زمناً طويلاً وسكبت ماء على يديه ( أى خدمته ) ] (1)

إذ سمع فى شبابه عن القديس المتوحد الأنبا انطونيوس , حتى لا يشرع فى نفيه المتكرر بالعزلة بل بالحرى يحسبها فرصة حسنة ليمارس شيئاً من الوحدة , ليصلى من أجل شعبه ويكتب إليهم , لقد وجد نفسه ملتزماً أن يسجل ما رآه بنفسه تاريخ القديس أنبا أنطونيوس وأختبره فى حياته ويقوم بالحديث عن الرهبنة أينما وجد فإنتشرت الرهبنة فى أوربا بسبب كتابه " الأنبا أنطونيوس ".

ونجد فى كتابات القديس أثناسيوس دلائل واضحة عن حبه الشديد للرهبنة وظاهره جداً فى الفقرة التالية : [ وهكذا صارت قلاليهم فى الجبال كهياكل مقدسة مكتظة بجماعة الأتقياء يرنمون المزامير ويشغفون بالقراءة , ويصومون ويصلون فرحين برجاء الأمور العتيدة ... فكان كل من يرى مثل هذا النظام الجميل بين الرهبان يرفع صوته ويقول : " ما أحسن مساكنك يا يعقوب , خيامك يا أسرائيل , كأودية ظليلة , كجنات على نهر كخيام أقامها الرب كأرز على مياة " ] (2)

ويكفى أن نقرأ الكلمات التى كتبها القديس اثناسيوس لنعرف مدى تأثير الفكر الرهبانى فى شخصيته , حيث كان الراهب فى نظر اثناسيوس هو بذ الذات وإنكارها والتضحية بكل أهوائه وشهواته , فبجهاد الراهب يصبح فى كل يوم شهيد فيقول : [ وعندما توقف الإضطهاد أخيراً , وأكمل المغبوط بطرس شهادته ( 25 فبراير سنة 311 م ) إنصرف انطونيوس وأعتزل ثانية فى صومعته وبقى هناك , وكان كل يوم شهيداً أمام ضميره , مناضلاً فى جهاد الإيمان , وصار نسكه أشد صرامة لأنه كان دائم الصوم ] (3)

وكان الراهب أنطونيوس فى حياته أنجيلاً معاشاً , وظل وجه أنطونيوس بوداعته وحركاته الهادئة وسلامة نفسه وهدوئه منطبعاً فى ذاكرة وذهن أثناسيوس لا يفارقة طيلة حياته , وظل الراهب أنطونيوس أحد المصادر السرية فى حياة أثناسيوس التى تشجعه فى نضاله وكفاحة ضد الأريوسيين للحفاظ على الإيمان المسيحى , ونسمع ما كتبه عن أنطونيوس فيقول : [ كان طيباً متواضع الروح ... كانت طلعته تنم عن نعمة عظيمة وعجيبة , وهذه النعمة أعطيت له من المخلص , ومع أنه لم يتميز عن الباقيين فى الطول أوالعرض إلا أنه تميز عنهم فى رصانة الأخلاق وطهارة النفس , لأن نفسه كانت قد خلت من كل شائبة فصارت هيئته الخارجية هادئة , وهكذا حصل من فرح نفسه على كلعة بهجة , وكانت تتبين حالة روحه من حركات جسمه ... كانت نفسه فى سلام ولم يكن ذليل النفس أبداً إذ كان قلبه جزلاً ] (4)

ونتيجة لممارسات أثناسيوس الروحية فى الرهبنه فقد كان النسك هو إجدى المواهب التى زكت أثناسيوس لأعتلاء الكرسى الباباوى وهو دون الثلاثين , وهذا رأى اساقفة مصر التى قدمها للشعب تعزيزاً لأنتخابه : [ وإجتمع كل شعب الكنيسة معاً , كما بفكر واحد وجسد واحد , هاتفين بصراخ أن : أثناسيوس مستحق بالضرورة أن يكون أسقفاً على كنيستهم .. وجعلوا هذا موضوعاً لصلواتهم العامة أمام المسيح متوسلين ان أوافق برجاء , ليلاً ونهاراً , وهم ملازمون الكنيسة لا يريدون أن يغادروها , ولا يسمحون لنا بالخروج منها , ونحن شهود لهذا كله وكل المدينة بل وكل الإقليم ( مصر أيضاً ) لم يتكل أحد بكلمة ضد اثناسيوس , بل كانوا يلقبونه بأعظم وإكرم الألقاب , قائلين أنه : صالح , تقى , مسيحى "ناسك" ( تفهم الآن بمعنى راهب ) أسقف حقيقى ] (5)

وكان دائماً ما يشير فى كتاباته إلى أن الكلمات التى نقرأها فى الأنجيل قد حولها رهبان مصر إلى حياة فمارسوها عملياً فى برارى مصر وصحاريها فنقرأ فى كتابه تجسد الكلمة الآتى [ وإن حججنا التى نقدمها لا تنبع من كلمات وحسب , ولكن لها شاهد حقيقى لصدقها وذلك بالممارسة والإختبار , والذى يريد أن يتحقق من ذلك فليذهب ليرى رهبان الحق فى حياة عذارى المسيح ( الراهبات ) وفى حياة هؤلاء الشبان الذين يمارسون حياة العفة المقدسة ( جماعات الرهبان ) ] (6)
المــــــــــراجع
(1) Vita Ant, I.
(2) Ibid. 44.
(3) Ibid. 47.
(4) Ibid. 69.
(5) Apologia contra , Ar. 6.
(6) De Incarn. Verb 48, 1,2.

ليست هناك تعليقات: