مرحباً بكم في مدونة المسيح مخلصي وهى تحتوي على موضوعات مسيحية متعددة بالاضافة الي تاريخ الاباء البطاركة المنقول من موسوعة تاريخ اقباط مصر للمؤرخ عزت اندراوس بالاضافة الي نشر الكثير عن تاريخ الاباء

الأربعاء، يونيو 09، 2010

البابا أثناسيوس فى رحلة رعوية

أهداف هذه الزيارة الرعوية ونتائجها : -



1 - كان من ضمن أهداف هذه الزيارة الرعوية هو تجميع أقباط مصر وتنظيم صفوفهم ضد الأريوسيين فقام بضم صفوف أساقفته , وشجع كنائسة ورعاياه ووطد إيمانهم .
2 - أن هذه الرحله هدفها هى الرعاية وتفقد أحوال الشعب فى نجوع مصر وقراها .
3 - كان لا بد من الشعب المسيحى فى هذه المناطق البعيدة عن الأسكندرية أن تتعرف على رئيس أساققتها حيث كانت المسيحية قد أنتشرت إنتشاراً واسعاً فى الصعيد وإمتلأت منطقة أسوان بالكنائس , وذكر بعض المؤرخين ان واصل رحلته حتى وصل إلى حدود أثيوبيا .
4 - كان إحتفال أهل الصعيد الزائد للبابا أنبا اثناسيوس لأنهم يعرفون انه من أهل الصعيد وكان يعيش بينهم وذلك قبل رسامته بقليل حيث قال : [ ,انا فى لاصعيد قبل أن يضعوا على اليد ] وهذا ما جاء فى المخطوطة التى أكتشفها الأب متى المسكين والموجودة فى كتابه ص 43 و 44 (1)
فى بداية خدمة الأنبا اثناسيوس لشعب مصر المسيحى سنة 329 م قام بجولة رعوية كبيرة وصل فيها إلى حدود أسوان مروراً بقرى مصر ونجوعها (1) , ومدنها وكان يدعى فى هذا الوقت إقليم طيبة أو طيبايد , حيث إتخذه أتباع آريوس وميليتيس مراكز للتجمع والمقاومة , وكان هدفه ألا يقمع هؤلاء المنشقين بالعنف بل أن يضمهم للكنيسة بالحب والإقناع , كما ورد فى التسجيلات التاريخية للقديس ابيفانيوس أسقف قبرص (3)


[ وكان وقتئذ ألب الفاضل أثناسيوس رئيس أساقفة مدينة الأسكندرية أول ما تقلد الكرسى , ولما أزمع على المضى إلى الصعيد الأعلى وإلى بلد " سين " أو "سينوس" وهى أسوان , ليتفقد البيع التى هناك ويوطدها ويحكم أمورها , وكان طريقه على طبانسين ( منطقة أديرة أنبا باخوم فى إيبرشية دندرة ) وهى جزيرة على النيل , ولما وصل إلى دوناسا ( دوفاديس ) خرج ابونا باخوميوس مع جماعة الإخوة فى خلق كثير وجمع غفير وإستقبله قبولاً حسناً بالصلوات الكثيرة والتسابيح والأضواء , وبكل بشاشة وفرح لأجل حضور رئيس الأساقفة وراعيهم , وكان أنبا سيرابيون أسقف تشيرون (دندرة) المقدم ذكره ( كان أنبا باخوم يتردد على إيبارشيته ليخدم شعبه ويعظهم ) موجوداً , فتقدم إلى رئيس الأساقفة وعرفه أن فى بلدته المختصة بكرسيه رجلاً مباركاً للرب فاضلاً وعابداً وطلب منه أن يقدمه قسيساً ويرسمه مقدماً على سائر الأديرة والرهبان الذين فى الصقع , ولما تحقق النبا باخوميوس هذا الخبر أختفى من رئيس الأساقفة فى وسط الجمع , فلما جلس أنبا اثناسيوس والجمع العظيم الذى معه قال الأنبا سرابيون : " بالحقيقة الرجل الذى قلت لى عنه الذى هو أنبا باخوميوس قد سمعت خبر إيمانه ,انا فى الصعيد من قبل أن يضعوا على اليد (4) ومن بعد ذلك قام وصلى وقال لأولاده : " سلموا على أبيكم وقولوا له : إنك وإن إختفيت منى وهربت من الأشياء التى بسببها تكون الغيرة والحزن والحسد , وإخترت لك العلو الفاضل الدائم إلى الأبد مع المسيح , فربنا يعطيك مثل قلبك , وإن كنت قد هربت من العظمة الفارغة الوقتية الفانية , فليس أنت فقط لا تشاء أن يكون لك هذا الأمر بل وانا ايضاً أمد يدى إلى العلى الأبدى إنى لا أغصب رئاستك ولا أكلفك على هذا الأمر , بل بمشيئة الرب إذا عدت ( من رحلتى ) ليتنى أكون مستحقاً أن أرى محبتك للإله .
ثم خرج من عندهم ومضى إلى الصعيد ومعه أساقفة كثيرة وجموع لا تحصى , ومن بعد ذهابه خرج أبونا باخوميوس من الموضع الذى كان مختفياً فيه , وفى الحال رجوع أنبا أثناسيوس فى المركب , وكان فى زهرة النيل ( يقصد ايام الفيضان ) أتى إيه أبونا با خوميوس لأخذ بركته لعلمه أنه ولى الرب وخادمه , ولا سيما بسبب ما بلغه عنه من الصبر على أصناف متعدده من الإضطهادات وما قاساه من التجارب التى كابدها لأجل نصرة الإنجيل والإيمان القويم ] (5)
المــــــــــــــــراجع
(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م ص 71
(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى
(3) Epiph., Haer. 69, II. 69, 6.
(4) واضح من هذه العبارة أن أثناسيوس كان قد عاش فى صعيد مصر قبل رسامته كاهناً
(5) سيرة انبا باخوميوس ص 43 و 44 , والمعروف من التحقيق العلمى أن سيرة انبا باخوميوس هى وثيقة غاية فى الأهمية والدقة التاريخية بسبب تحقيق العالم كروجر Kruger, in Theol. lizg. 1890, p. 620.

الأريوسيين أيضاً ينظمون صفوفهم
إنهزم الفكر الهرطوقى الأريوسى فى مجمع نيقية ولكنهم لم يقتنعوا بهزيمتهم , وإنضم إليهم ميليتس المتروبوليت المصرى المنشق الذى لم يرضى بالحل الذى قرره مجمع الأساقفة بنيقية , وكان الأمبراطور فى ذلك الوقت هو قسطنطين الذى حاول أن يضع السلام فيما بينهم وبين الكنيسة لأن إنقسامهم فى الداخل تجعل أعداء الأمبراطورية تطمع فى الهجوم عليها , أى انه سياسياً ودينياً هذه الإنقسامات غير مقبولة , وحاول أن يفرض حلول عادلة ولكنهم كانوا يراوغون ويعاندون ويتحدون سلطته ويستخفون به , فإنقلب ضدهم جميعاً وقرر إتخاذ إجراءات مدنية رادعة ضدهم بواسطة القوة العسكرية التى لم تعرف أى رحمة مع المعارضين فنفاهم جميعاً , ولكنه للأسف ضعف فعاد فعفى عنهم الواحد تلو ألاخر (1) .



آريوس فى المنفى


نفى آريوس إلى منطقة إلليريكون ( وهى مناطق جبلية شمال اليونان - ألبانيا والبلقان ألان ) ويعتقد المؤرخين أن آريوس لم يمكث فى منفاة إلا سنة واحدة وأعفى عنه , ولكن من المرجح أن ظل منفياً هناك لمدة 5 أو 6 سنين حسب تحقيق المؤرخ جواتكن (3) , وبعد إطلاق سراحه من منفاة إستأنف نشاطة مرة ثانية , وقد استغل آريوس وجوده فى هذه المناطق الجبلية وأستطاع أن يعلم ويتلمذ أسقفين صارا عماد الفكر الأريوسى بعد ذلك على إمتداد نصف قرن من الزمان وهما : -
 الأسقف فالنس Valense of Mursa
 الأسقف أورساكيوس Urascius of Belgrade
كما نشطا فى هذه المدة بعينها إثنان من أكبر أعوان آريوس وهما : -
 ثيؤجينيس أسقف صور الذى أطلق من منفاة بعد سنة واحدة .
 سكوندس أسقف برقة بشمال أفريقيا
وكان أخطر أسقف أريوسى الذى كان يدبر المكائد والخدع هو :

 الأسقف يوسابيوس الذى كانوا يطلقون عليه ذئب نيقوميديا الذى أطلق سراحه أيضا من منفاة بعد سنة واحدة ليبدأ نشاطة وهوايتة فى تدبير المكائد والخدع على مستوى الإمبراطورية , والأسقف يوسابيوس لم يكن له مبدأ أو عقيدة لاهوتية محددة ولكنه كان يتظاهر مرة بأنه اريوسى وأخرى بانه تابع لميليتس , وجمع حوله كل العناصر والقوى المقاومة للإيمان الأرثوذكسى فى أنحاء الأمبراطورية , وتحكم فى أساقفة آسيا الصغرى ونواحى الشام , وكان المسرح الذى تتم فيه مكائده هو البلاط الإمبراطورى .
 هل كان يوسابيوس القيصرى مؤرخ تاريخ الكنيسة المشهور آريوسى ؟
ومن ضمن هؤلاء المجموعة الأريوسية التى نشطت على المستوى السياسى فقط وليس اللاهوتى يوسابيوس أسقف قيصرية مؤرخ تاريخ الكنيسة المشهور , فتحرك بحرية وسط الأريوسيين وتماشى معهم ومع الأمبراطور قسطنطين , وبالرغم من أنه فى كتاباته التاريخية كان من أشد المعجبين بكنيسة الأسكندرية والشعب المسيحى المصرى إلا أنه لم يخلوا فكره وكتاباته من ألأريوسية .
المليتينيون ينضمون مع الأريوسيين
المليتينيون هم طائفة من أتباع ميلتيوس الأسف المنشق , وهم شيعة متروبوليت ليكوبوليس , وجملة عددهم 35 أسقفاً ويتبعهم عدة مئات من الكهنة والرهبان (4) , إحتل المليتينيون مراكز فى انحاء القطر المصرى وظلوا محافظين فى البداية على تقليد إيمانهم الأرثوذكسى , ولكنهم بدأوا بعد فترة يرفضون طاعة الرئاسة الكنسية ويتحللون من التقليد الإيمانى , وقام يوسابيوس النيقوميدى بإغرائهم بوعود عديدة فإتحدوا مع الآريوسيين ضد البابا أثناسيوس فى معاهدة ذات مشتركة ومتبادلة , وظهر هذا الإتحاد بعد موت ميليتيوس وقيام " يوحنا أركاف " خلفه له كزعيم لهذه الفئة وهو أسقف غير قانونى رسمه ميليتيوس قبل أن يموت وعينه خلفاً له لرئاسة هذه الطائفة سنة 330 م ولأنه اسقفاً غير قانونى فقد كان أشد خصوم أثناسيوس عنفاً ودهاء , وقد ظل المليتينيوس كحزب منشق داخل الكنيسة المصرية قائماً بنشاطه حتى القرن الخامس (5)
وقد حزن وبكى عليهم كثيراً ابيفانيوس وهو المؤرخ الوحيد الذى أهتم بسرد تاريخ إنشقاقهم (6)
المؤامرة المحبوكة بين الآريوسيين والمليتنيين
وقد علق البابا أثناسيوس على وحدة المليتينييون مع الأريوسيين فقال : [ لقد قسموا المؤامرة بينهم , فالفريق الأول ( الأريوسيين) أعطوا لأنفسهم الحق فى تقديم الإتهامات ضدى , والفريق الآخر ( الميليتينيون) كان عليهم أن يجلسوا ويحكموا فى الموضوع ] (7) أى ان ألاريوسيين من خارج الكنيسة والمليتنيين من داخل الكنيسة .
الناحية السياسية
أولا ً : تردد الأمبراطور قسطنطيين
لم يكن الأمبراطور قسطنطين حازماً بصورة كافية ولم يكن متشدداً بالقدر المناسب فى معاقبة الخارجين عن مجمع نيقية الذى ظل يفتخر به طيلة حياته , ففى الثلاث سنين إلى خمس سنين التالية بعد مجمع نيقية تردد هو نفسه بين الإقتناع بالآريوسية تارة والأيمان المسيحى الحقيقى تارة أخرى , فبدأ فى العفو عن الأساقفة الأريوسيين بل ويسهل لهم إستعادة كراسيهم وسلطانهم بدون ضمانات بنبذهم للفكر الأريوسى , فقد سيطرت عليه فكرة وحدة الكنيسة , وبالتالى وحدة المبراطورية وسلامتها سياسياً , وكان من ضمن العوامل الشخصية هو بروز أسم البابا أثناسيوس وشخصيته على ساحة الأمبراطورية كشخصية عالمية مما أثار غيرته وهذا يذكرنا بقصة الكتاب المقدس التى تحكى قصة الملك شاول والفتى داود النبى .
ثانياً : قسطنطينا أخت الأمبراطور قسطنطين
وقسطنطينا هى أخت الأمبراطور قسطنطين وأصبحت أرملة بعد أن قتل قسطنطين زوجها الأمير ليسينيوس , وكان إشبينها الكاهن يوستاثيوس أريوسى فإستغل علاقته بها وأقنعها أن تطلب من أخيها الأمبراطور ان يفرج عن الأريوسيين ويعاملهم بلطف وقد نجحت بالفعل فى التأثير عليه تأثيراً جدياً لأنها كانت على فراش الموت سنة 328 م (8) وكان قسطنطين يحس بعقدة الذنب فنفذ طلبها .


اليهود
وكانت طائفة اليهود بمدينة الإسكندرية تنهز فرص كهذه لإضعاف المسيحيين حيث كانوا يكونون تنظيمأً قوياً داخليا مسلحاً بالمال والدهاء والجواسيس والخطط لأنهم يعتبرون أن المسيحية خرجت منهم , وكانت وحدتهم مع الأريوسيين تتركز على الإيمان المشترك الذى يجحد ألوهية السيد المسيح بالدرجة الأولى , وكان هدفهم المباشر هو أثناسيوس الذى تركزت عليه كل الخطط والمؤامرات (9)
ومما جعل حماس اليهود فى مشاركتهم للأريوسيين ضد البابا أثناسيوس يبلغ درجة العداء السافر والمواجهة , علمهم أن هذا يزيدهم تقرباً من الأمبراطور ومن السلطات الحاكمة المحلية (10)
الوثنيون

كان البابا أثناسيوس خصماً عنيداً للوثنية وكرس نفسه لهدمها وبدأ يعمد الألوف من الوثنيين من الذين آمنوا بالمسيحية , مما أثار غضبهم فزاد عدائهم ولكنه كان كامناً فى موضع الإحتياط يمكن أن تنضم لأيه حركة ضد البابا أثناسيوس , وقد كانوا يمثلون أغلبية فى الجيش وبين موظفى الدولى والفلاسفة , وطبقة المتعلمين والمثقفين والتجار وجزء كبير من الشعب والطبقة العاملة (11)
المــــــــــــــــراجع
(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م ص 71
(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى
(3) Gwatkin, op. cit., 86.
(4) Apologia countra Ar. 71.
(5) Theodoret, EH. i. 9.
(6) Epiph. Haer. 68. 6.
(7) Apologia countra Ar.59. 71.
(8) Soc. I. 25.
(9) Epist, encyclica 4.
(10) Hist, Arian, 71.
(11) Gwatkin, op. cit., pp. 53 - 59 .

ليست هناك تعليقات: