مرحباً بكم في مدونة المسيح مخلصي وهى تحتوي على موضوعات مسيحية متعددة بالاضافة الي تاريخ الاباء البطاركة المنقول من موسوعة تاريخ اقباط مصر للمؤرخ عزت اندراوس بالاضافة الي نشر الكثير عن تاريخ الاباء

السبت، يوليو 09، 2011

البابا ياكوبوس (يعقوب) البطريرك الـ 50

البابا ياكوبوس (يعقوب) البطريرك الـ 50




مصباح منير يضئ للجميع

إختيار رجل المعجزات لمنصب البابا: حدث أن هجم البربر ( العرب) على البريه المقدسه بوادى هبيب ( وادى النطرون ) سلبوا ونهبوا الأديره وحرقوا الكنائس والمناشيب ( القلالى تعنى مساكن الرهبان ) وقتلوا بعض الرهبان وهرب الآخرون ، وتفرق الرهبان فى المدن والقرى ، ومن رهبان دير أبينا أبى مقار الذين بقوا خميره للنسك قسا راهبا شابا إسمه ياكوبوس إشتهر بتقواه ونسكه وتقشفه الشديد ، قصد الى دير مهجور بالصعيد الأعلى ومكث هناك مده من الزمن.


وذكر أبو المكارم فى مخطوط تاريخ أبو المكارم - تاريخ الكنائس والأديرة فى القرن "12" بالوجه القبلى - إعداد الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها 1999م ص 106 : " (فصل دير) بأعمال الصعيد هرب إليه يعقوب القس ( اأصبح يعقوب فيما بعد البابا ياكوبوس لقبه العمود المضئ البطريرك الـ 50 من 819- 830م) ليتعبد فيه وكان هذا القس أولاً فى دير أبى مقار عندما خرب وخربت غيره من الأديره Fol81A فى وادى هبيب (وادى النطرون) من المفسدين "


وفى يوما من الأيام عندما كان يصلى كما هى عادته ، ظهرت له سيده الطهر والعفاف أم النور مريم عند رأسه ليلا وعليها تاج منير ومعها ملاكان وقالت له: ( قم وعد الى الموضع الذى خرجت منه لأنك أنت ستكون رئيسا على شعب عظيم) فلحقه خوف عظيم ، وقام لساعته وذهب الى البريه المقدسه ميزان القلوب ( وادى النطرون ) وعندما وصل الى هناك أرسل الله له أبى مقار فى رؤيا أخرى قائلا: بك يجتمع أولادى الى مواضعهم التى بددهم منها الشيطان فأقام وسط الرهبان الذين عاد بعضهم مره أخرى وزاد فى نسكه وتقشفه ، ثم أظهر الله له أمرا عجيبا فبينما هو واقف يصلى لله ليلا بعد أن قضى نهاره يعمل بيديه كعاده الرهبان ، لحقه خوف ورعب وبكى بحرقه شديده فقال له من كانوا حوله: ماذا حدث يأبانا ؟ فقال لهم يأولادى أفكارى إختطفت الى فوق وسمعت أمرا أن البابا مرقس سيظل بطريركا لمده 40 سنه ثم سمعت أمرا آخرا من عند الله لا بل سيموت هذه السنه ، ولأجل ذلك بكيت ، ولم يمضى بعد ذلك وقت قصير حتى مرض البابا مرقس الثانى وفى أثناء مرض البابا سأله بعض الأساقفه هل أظهر لك الرب من يستحق الجلوس بعدك على كرسى مرقس رسول المسيح ؟ فقال لهم:قد أوقد الله المصباح وجعله على المناره ليضئ على سائر من فى بيته ( كنيسته) فألح عليه أحد الأساقفه فأجاب البابا وقال: القس يعقوب من دير أبينا أبى مقار ، ثم تنيح البابا مرقس الثانى ، ونادت الكنيسه بالصوم ثلاثه أيام قبل إختيار البابا ، وكانت هناك مجموعه من الأسماء لإختيار من يجلس على كرسى مرقس الرسول ، ثم ذكر الأسقف الذى سأل البابا قبل نياحته إسم الراهب القس الذى رشحه البابا الراحل ، فوافق الجميع على الإختيار الإلهى ، وقالوا مستحق مستحق مستحق .

وتوجه مندوبوا الأساقفه والشعب الى دير الأنبا مقارى الكبير ، وأخذوا الراهب من دير أبى مقار قبل علمه خوفا من هروبه إذا عرف قبل حضورهم ، فقال الراهب يعقوب فى بكاء مستمر : مبارك الرب الويل لى أنا الغير مستحق لهذه الكرامه العظيمه وسأل الله أن يأخذه من هذه الحياه قبل أن توضع عليه أيدى الأساقفه ويصبح بطريركا ولكن الله ناداه لهذه الرتبه فقال له فى حلم : لا تخف يا يعقوب فهو ذا أنا معك الى مصر وأقويك وأكون معك وعندما0 فإستيقظ كان مرعوبا من هذه الرؤيا الإلهيه ، ونال القس يعقوب رتبه الباباويه ورأى شيخ من الرهبان رؤيا عندما فرشوا الإنجيل فوق رأسه (يعتقد ان الإنجيل كان مخطوطا سكرول يبلغ طوله عده أمتار) رأى رؤيه فوق رأس البطريرك عند رسامته صورتين أحدهما صوره ديسقورس والأخرى صوره ساويرس تمسكان الإنجيل من كل جهه وإسم يعقوب البطرك فى الوسط وأصبح بطريركا فى 0شهر بؤونه سنه 525ش 819م فى عصر الخليفه المأمون


وحدث أنه كان من عاده الإسكندريين أن يدعون أصحاب الطوائف المسيحيه الأخرى المخالفه ليروا أعيادهم ، ليتفاخروا أمامهم بالمجد الذى أعطاهم الله ففعلوا هذا عند رسامه البابا يعقوب فنظر يعقوب الى شعبه ورآهم مختلطين بهم فقال لهم أى شركه للحق مع الإثم أو أى شركه للنور مع الظلمه أو كيف يتفق المسيح مع بليعال ( الشيطان) أو أى نصيب للمؤمن مع المخالف وكما انه ليس لهم نصيب معنا فى الروحانيات فلا يكون لهم نصيب أيضا فى الجسديات ، فخرجوا جميعا فى خزى وخجل ، فخرج بعضهم وقصوا ما حدث الى رجلا غنيا منهم كان يتولى جبايه الخراج على الإسكندريه ، وكان له إتصال مع عصابات الأندلسيين ، فلما سمع هذا الغنى فارسل الى البابا قائلا: أنه إذا دخلت الكنيسه وبدأت الصلاه قائلا ( السلام لكم ) فلن تجد إنسانا يقول لك ( ومع روحك أيضا) فتنبأ أبينا يعقوب قائلا : فكره يرجع على رأسه 000لفأنا أربطه بلجام شفتيه ولا يزول من مكانه حتى تتم القضيه عليه0 وقال للشعب لإننى لن أدخل كنيسا الله حتى يتمم الله هذا الحكم فيه عاجلا وبعد مده من الزمن تشاجر هذا الرجل الغنى مع رجلا آخرا من العرب فقتله وسلب جميع ماله فوقع رعب على جميع المسيحيين المخالفين وصار بطريركهم يوقره ويخافه0

قصه مقاره النبراوى: كان للبطرك يعقوب البابا رقم 50 قريب من أغنياء بلده نبروه إسمه مقاره ، وعندما سمع بجلوس قريبه يعقوب على الكرسى فرح فرحا عظيما ، ومن محبته لكنيسه المسيح زاد فى صدقته وكان يرسل إلى الإسكندريه ما تحتاجه الكنائس وكان يكرم الأساقفه ويحترمهم ، وحدثت حرب وقتال بين عصابات الأندلسيين وقبيله المدلجه بالأسكندريه فبدأ الغلاء وهرب الشعب القبطى من الغلاء والقتال الى دير وكنيسه مارمينا بمريوط وخلت الكنائس من الشعب ولم يجد البطريرك ما يدفعه لكهنه الكنائس والخراج الذى عليها وكان هناك شماسا إسمه جرجا وكان قيما ومسؤولا عن لإحدى كنائس الإسكندريه قال للبابا إدفع لنا ما نحتاج إليه وإلا فإمضى إلى البريه من حيث جئت فلما سمع البابا هذا الكلام القاسى قال له: لا تعود من الآن تدخل رجليك من هذا البابا الى هذه الكنيسه0 فخرج الشماس غاضبا ولما وصل بيته إعترته حمى وحراره شديده سرت فى جسده ومات فى يومه وإنتشرت هذه الحمى بين أهل بيته وماتوا ولم يبق منهم أحد فخاف المطالبين بالخراج ولم يجسر أحد أن يخاطبه بجساره مره أخرى ويقول ساويرس إبن المقفع المؤرخ أن البابا يعقوب كان عندهم مثل نبى عظيم وإشتهى مقاره النبراوى أن يرى قريبه البطريرك فى بيته فذهب البطريرك الى بيته وحدث أن إمرأته ولدت له ولد ففرح به ووهب الفقراء أموالا كثيره لأجل محبه الله له ولكن بعد أيام مرض الولد ومات فذهب مقاره إلى قلايه البطريرك وكان هذا الرجل عنده إيمانا قوياوقال للبابا : أعن عبدك فإن إبنى مات فقال إحضره هنا فأحضره فقبل الصبى ورشم علامه الصليب على صدره وجبهته وصدره وصلى البابا قائلا ياسيدى المسيح معطى الحياه أقم عبدك هذا الطفل لأبيه مره أخرى حيا فعادت نسمه الحياه اليه وفتح الطفل عينيه وحرك يديه ورجليه فقال البابا الى مقاره إن إبنك لم يموت بل كان نائما ولما رأى مقاره ما حدث مجد الله وزاد مقاره فى صدقته وفعل الخير ويقول إبن المقفع المؤرخ أن صدقته كانت تفيض من يديه كفيضان النهر الجارى فتبرع بثلث ماله للفقراء والأيتام وبنى فى مدينه أورشليم كنيسه المجدليه أصبحت مكانا لإيواء الأقباط الذين يزورون الأماكن المقدسه فباركه الله وضاعف له أمواله(وهذا ما ذكره 00القول الأبريزى للعلامه المقريزى طبع سنه 1898ص54)،

ثم حدث أن أقسم مقاره يمينا أن يتمم شيئين هما: أن كل من سأله يعطيه ، ولا يغلق بابه فى وجه أحد ،وكان مقاره له رجاء وشفيع هو القديس تاودرس0 وكان وكان القديس يظهر له ويرشده فى أعماله ، وحدث أن الخليفه أكثر الخراج (الضرائب) على مقاره لكثره وأعماله، فمضى الى الخليفه فى بغداد ولم يكن معه الخراج المطلوب منه لكثره صدقته فرأى فى الطريق منزلا عظيما مزينا بالزخارف الرائعه لم يره من قبل فى هذا الطريق فقال لمن معه قد ضللنا الطريق لأن هذه الدار لم تكن موجوده فى هذه الطريق من قبل فتضايق جدا0 وفجأه رأى إنسانا منير قد خرج من البيت يشبه إنسانا يعرفه فى مصر فقال الرجل يا مقاره لك أيام منذ وصلت هنا ولم نتلاقى وتقدم إليه وعانقه ومسك صاحب المنزل يد الأرخن مقاره ودخل الى البيت وأستمروا سائرين ودخلوا عده أبواب حتى وصلوا الى مكان فيه أموال كثيره لا حصر لها وتشبه خزائن الملوك وقال له خذ ما تحتاج إليه وإذا رجعت إلى بلدك فأعيده إلى وأنا اليوم أنجز حاجتك الى عند الخليفه فأخذ الأرخن المال من بيت هذا الإنسان المنير وأعطاه لمن معه من الغلمان لكى يحملوه وركب الرجل فرسه وكان يسرع قدام مقاره فلما إقترب من قصر الخليفه بدأ الأعوان ينادون قائلين أين مقاره المصرى فأخذوه وأدخلوه الى الخليفه الذى قال له أطلب ما تحتاجه حتى أعطيه لك أما الإنسان المنير خرج من قصر الخليفه فظن مقاره أنه عاد الى قصره الذى فى طريق وعندما إستأذن الخليفه فى العوده الى مصر، وفى طريق عودته لم يجد أثرا للبيت وحاول مقاره أن يبحث عن البيت فى الموضع الذى رآه فيه وطال بحثه بدون جدوى ففهم أنه شفيعه القديس الشهيد العظيم تاودرس الاسفهلار الذى يحبه أتى بهذه الصوره لينقذه فزاد الرجل من صدقاته وأعماله الحسنه حتى يرجع ما أخذه من حبيبه وشفيعه الشهيد تاودرس الاسفهلار

خلاف بين مسيحى الشرق والغرب:ذكر كتاب قصه الكنيسه القبطيه ص416 أنه ثار جدل سنه 589م ثم بدأ الخلاف يتسع سنه 810 وهذا الخلاف بدأ فى المجمع المحلى المنعقد فى مدينه توليدو بأسبانيا فقد أعلن الملك ريكاردو (هو ملك قبائل الغوط الغربيين التى إستوطنت أسبانيا) دستورا للإيمان له وللقبائل، هذا الدستور الذى أقره مجمعه أضاف فيه جمله جديده هى (نؤمن بالروح القدس الرب المحى المنبثق من الآب والإبن) وبهذا إختلف دستور مجمعه عن دستور الإيمان الذى أقرته الكنيسه الجامعه فى كل من مجمع: نيقيه325م ، والقسطنطينيه381م ، وأفسس431م00 وفى كل مجمع من المجامع المسكونيه الثلاثه التى إنعقدت كان الآباء يقرون تمسكهم بهذا الدستور ويعترفون به وفى المجمع الثالث ذيلوه بحرمهم لكل من يزيد عليه أو ينقص منه حرفا ، ومن الظاهر أن الملك ريكاردو قد إتبع البدعه الأريوسيه التى تنادى بأن الله أكبر من الإبن فزعم أنه بموافقته على أن الروح القدس منبثق من الإبن أيضا يثبت رجوعه وتوبته وندمه ، وأصغى أساقفه أسبانيا الى هذه الجمله ولم يناقشوها فأدت الى جدل فى داخل صفوف الكنيسه الكاثوليكيه نفسها( وزاد النقاش حده حين سمع الشرقيين قانون الإيمان الذى يردده الرهبان الكاثوليك الذين أرسلهم الإمبراطور شارلمان لحراسه القبر المقدس بإذن من هارون الرشيد (تاريخ الكنيسه للارشيمندريت جبتى ج5ص472-474) وعقدت الكنيسه الشرقيه والكنيسه الغربيه إجتماعا لمناقشه هذا الموضوع ولم يشترك البابا ياكوبوس فى هذا النقاش لإن الدعوه التى وصلت الى مصر أعطوها الى البطريرك الملكى اليونانى (الدخيل) وذهب للتحدث عن مصر مع أنه كان غريبا عن مصر : لسانا ووطننا وإيمانا ولكن أعلن البابا القبطى إيمان الكنيسه لشعبه حتى يكونوا على علم بإيمان كنيستهم فى هذا الموضوع0

تجربه الشيطان للبابا فى الصحراء: ذهب البابا يعقول رقم 50 ليقضى صوم الأربعين يوما المقدسه فى بريه أبى مقار حتى عيد الفصح كما جرت عاده البطاركه فلما وصل قابله الآباء والرهبا بفرح عظيم وبدأ يعمر فى الدير وصارت الأبنيه تعلوا يوما بعد يوم وكان بدأ يبنى كنيسه الأنبا شنوده رئيس المتوحدين وهو قس وأكملها وزينها ،وأحاطها ببعض الكنائس الصغيره0 أما كنيسه القديس مكارى الكبير التى ظلت مهدمه بعد هجوم البربر عليها فأعاد بنائها فى وسط الدير وتفنن فى تزيينها بالزخارف والأيقونات البديعه ( أديره وادى النطرون لايفلين وايت طبع فى نييورك سنه1933ج3ص35)وكرز كنيسه النبا شنوده فى برموده ، وبدأت أبراج الحمام تمتلئ بالحمام بعد أن هجرها، فإغتاظ الشيطان منه0فأعد سهامه ليطلقها عليه، فحدث أن البطريرك كان له شماسا مندفعا يفعل الشيئ بدون مشوره فضرب تلميذا يعتقد انه طالب رهبنه فمات بتأثير الضرب فلما شاهد ذلك قبيله المدالجه خفراء الدير مسكوا البطريرك وطلبوا أن يقتلوا الشماس عوضا عن الذى مات وكان البطريرك يطلب خلاص نفس الشماس ولما رأى المدالجه أنه لن يسلمه لهم طلبوا منه مبلغا كبيرا من المال ولم يكن مع البطرك شيئا فأعانه الأساقفه والشعب0وخرج البطريرك الى الصعيد وخرج الأقباط ليقابلوا باباهم وعندما رأى الشعب أعماله العجائبيه كانوا يهتفون قائلين مبارك الآتى بإسم الرب وهتف آخرون مبارك أبونا إيليا الجديد 0

العلاقه بين الكنيستين القبطيه والأنطاكيه:

ظلت العلاقه الأخويه الراسخه بين الكنيستين وكان بطرك الكنيسه المصريه يشتاق الى رؤيه ديودوسيوس بطرك أنطاكيه ولكن كان يمنعه كثره الحروب بأرض مصر وخطوره السير فى الطرق وقد ورد فى تاريخ ابى الفرج الأصفهنى ان بطريرك أنطاكيه جاء الى مصر مرتين، المره الأولى حضر الى مدينه صان الحجر(مركز الشرقيه) فخرج سكانها وكان عددهم فى ذلك الوقت ثلاثين ألف قبطى تقدمهم البابا ومعه كثير من الأساقفه وإستقبلوه إستقبالا حافلا وقال البابا القبطى أن هذه لأول زياره من بطريرك أنطاكيه منذ زياره البطريرك ساويرس الأكبر ، فرد الضيف الأنطاكى الذى كان ضليعا فى التاريخ وقيلسوف حكيم: اننى أذكر أخوتكم بزياره البطريرك أثاناسيوس لكم عندما جاء ليداوى جرح الشقاق الذى أحدثه بطرس لأنطاكيه الأسبق وكان دميان بطريرك الأقباط فى ذلك الوقت( تاريخ الأمه القبطيه ص223 ) وكان سبب زيارته هو مقابله الوالى عبدالله ابن الطاهر ليشتكى من أخيه على ما إقترفه من ظلم فى معامله أهالى أديسا ( تعرف بالرها عند الكتاب العرب وهى مدينه تقع بين النهرين فى الجزئء الشمالى لنهر الفرات ، وهى على طريق القوافل ما بين منطقه الموصل والشمال ) فذهبا معا الى ابن الطاهر الذى سلمه خطابا ينصح أخيه بعدم التعرض للكنائس ويعرفه أنه أطلق الحريه للأقباط فى بناء كنائسهم والتصرف فى شؤونهم الإداريه والقانونيه ويذكر كتاب تاريخ مصر فى القرون الوسطى ستانلى بول طبع بلندن 1936 ص37 أن المصريين أطلقوا أسم عبد اللاوى على الفاكهه القريبه من الشمام مأخوذه من إسم هذا الوالى الذى إسمه بالكامل :عبدالله بن طاهر، إكراما له ولعدالته0 وكان عبدالله خيرا رحوما فى دينه محبا للعدل مبغضا للظلم لهذا دفع الله فى يده أن يهزم الأندلسيين الذين عاثوا فى الأسكندريه فسادا فطردهم وأولهم وولى الوالى عبدالله بن طاهر أميرا على جبايه الخراج على مدينه الإسكندريه إسمه ايلياس بن يزيد ولكن يقول كتاب الأمه القبطيه ا0 ل بتشر ص221 انه عندما ولى عبدالله بن طاهر أباح لجنوده نهب الأديره وإحراق الكنائس والتمثيل بغباده معابد الأقباط وهدمها ويقال أن هذا العمل تسبب فى حزن البابا 49،وموته وفى ص221 من تاريخ الأمه القبطيه يقول عندما إستتب الأمر للخليفه المأمون بن الرشيد جاء الى مصر بشخصه ليؤيد اركان السلام فيها وكان أول عمل فعله هو طرد مسلمى وعصابات الأندلس من الإسكندريه ورشى عبدالله بن طاهر( وكان للمأمون قائد جيش يسمى طاهربن حسين فتوفى وكان إبنه عيدالله بن طاهر يأمل أن يشغل وظيفه والده فى قياده الجيش ولكنه لم يعين قائدا للجيش فذهب الى مصر سنه 818 م ورفع رايه العصيان ودعا الناس بمبايعته بالخلافه فبايعه كثير من المسلمين فى مصر ولما قويت شوكته ذهب إلى الفسطاط بجيشه حيث كان عبدالله ابن السرى واليا فخلعه وعين بدلا منه عبادا ابن إبراهيم واليا وعين على الخراج عيسى بن الجلودى ) بمبلغ من المال ليتنازل عن الولايه ويعود من حيث جاء ، ثم أقام المأمون أخاه المعتصم واليا على مصر وسوريا معا0 وعاد البطريرك الأنطاكى ديونيسيوس التلمحرى الى بلاده ولما وجد أن السلام حل فى ربوع البلاد رجع الى مصر ثانيه لغرض واحد هو أن يشكر البابا المصرى على مساعدته له وزيارته زياره وديه وحينما إلتقى ديونسيوس وياكوبوس هتفت الجموع قائله: الرحمه والحق التقيا ، البر والسلام تلاثما وسارت خلفهما الجموع رافعين الصلبان وحمل البعض الشموع والمجامر ويقال أن الأنبا ديونسيوس هو حكيم القرن التاسع

مصر المفككه :

فقد ظل القتال على أرض مصر 14 سنه ولكن الله لا يرفض طلب أحبائه ، اما الوضع فى مصر فكان كالآتى: إستولى الأندلسيين على الأسكندريه وملكوها، وإستولى شخص إسمه عبد العزيز الجروى على بعض البلاد، وكانت أجساد الناس تأكلها طيور السماء ولا تجد من يواريهم التراب ، أما عبد العزيز الجروى ، فقد كان مجرما وقاتلا وقاطع طريق وكان يقتل الناس ويأخذ أموالهم فكان يهجم على البيوت هو وبعض الأشقياء والمجرمين فكان يقتل صاحب المنزل ثم يدفنه ويأخذ ماله ثم يقتل الذين ساعدوه حتى لا يكون لهم نصيب ولا يبقى من يعرف مكان المال الذى دفنوه معا ، وحدث أن جمع قمح أرض مصر كلها وخزنها فى مخازن ضخمه حتى يبيعها ويجمع أموال كل المصريين ويزلهم فيدينون له بالطاعه فيملك على مصر ، فصار غلاء عظيم ولم يعطى قمحا للذين فى الأسكندريه وكان يعتقد أنه بذلك يهلك الأندلسيين ويقال أن ثمن الويسه(وزن القمح) وصل الى دينلرين ولم يكن موجودا ( ويظن أن هذا هو سبب هروب المسيحين الى دير مار مينا بمريوط) ثم فكر الجروى أن يصبر حتى يجعل قدح القمح بدينار إلا أن الناس رفعوا عيونهم الى إله السماء طالبين العون، وحدث أن ذهب بجيشه الى الإسكندريه ليحارب الأندلسيين فهربوا منه داخل الأسوار وأغلقوا الأبواب فذاق أهل ألإسكندريه مراره الجوع وأكلوا الدواب وصار يضرب الحصن بالمنجنيق ليهدمه وكان يريد أن يقتل أبينا يعقوب البطريرك لأنه طلب من البطريرك أن يرسم إنسانا أسقفا فلم يفعل فلما عرف مقاره أن عبد العزيز يريد ان يقتل البابا والأساقفه ويهدم الكنائس فأرسل كتابا الى البابا فقال: أنى أدفع جميع مالى عنك حتى لا يؤزيك ولكن لا بد ان تجتمع بالجروى لانه يريد ان يقتل الأقباط ويهدم الكنائس فقام البابا وخرج للقائه ومعه قس محب إسمه يوساب وبينما يسيران فى الطريق قال البابا آمن ياولدى إن هذا الرجل لا ننظره ولا ينظرنا حيا فلما كان الصباح وقع عليه حجر من الحصن فإنكسرت جمجمته وطارت عيناه من مقلتيهما فحمله أصحابه ليدفنوه فكانوا يسدون أنوفهم من رائحه جثته الكريهه ثم دفنوه بسرعه0وتولى إبنه من بعده إسمه على ولم يسير فى الشر كأبيه وفتح المخازن وهبط سعر القمح فمجد الأقباط أبيهم السمائى على هذه النعمه0

نهايه الثوره البشموريه: حضر الخليفه المأمون الى مصر وأحضر معه دينسيوس(دينيس) البطريرك ألأنطاكي ليضع حدا لثوره الأقباط ، ولكن دنيس ويعقوب لم يفلحا فى إيقاف ثوره الأقباط ، فقد ظن القبطى أنه سوف يخلع النير الإسلامى الثقيل ، الذى أذل الأقباط قرونا عديده ، ولكن الدارس فى التاريخ يعرف انه لكى يكسب القبطى الحرب يجب أن يكون أكثر ظلما وقسوه وإجراما منهم ، وهذا لا يوجد فى صفات المصرى ، لهذا فقد أرسل البطريرك المصرى قبل مجئ المأمون ( خاصه أن المأمون لم يرحم أخيه وقتله) رساله الى البشموريين وضح لهم إستحاله نجاحهم وانه خير لهم ان يخضعوا للسلطان الكائن وان من يحمل السيف عبثا( لم يكن له مقدره على حمله والمهاره اللازمه ) فهو عاصيا فيجلب سفك دماء غزيره ويعقبه إضطهاد هائل 0 وأرسل البطريرك هذه الرسائل الى زعيم الثوار وصم الثوار آذانهم ولم يسمعوا للبطريرك بل أنهم إتهموه بالضعف والجبن ، وقال الثوار: أنهم قرروا أن يموتوا أشرافا بحد السيف على أن يعيشوا عبيدا تحت سلطان الظلم والذل وأوفد المأمون دنيس ويعقوب ليتفاوضا مع العصاه ويعقدا صلحا معهم فلم ينجحا ، وكان الأقباط قد أحرزوا إنتصارا ويقول بعض المؤرخين أن سبب رفضهم الصلح هو شعور وغرور البشموريين بإنتصارهم، ولكن الدارس التاريخ يجد ان فى كل المعاهدات التى أبرمت بين العرب والأمم الأخرى كانت تنقض بعد إبرامها بعده سنين وكانت الأسباب التى يرتكن عليها الخليفه أو المسؤول العربى أسباب واهيه وضعيفه تنم على عدم الإستقامه والصدق والأمانه فى الوعود والعهود المبرمه التى وقعها العرب مع الأمم0 وتقول ا0ل0 بتشر فى كتاب قصه الأمه القبطيه ص223 أن الثوار البشموريين لم يأمنوا جانب الخليفه (غدره بعد الصلح )ولم يصدقوا مواعيده وخافوا من إنتقامه( بعد أن يسلموا) فرفضوا طلب البطريركين وردوهما على أعقابهما خائبين

كلمات آباؤنا الأقباط كالبذره تنمو:

ان كلمات آباؤنا ما زالت تنموا فكتبهم يتهافت عليها الغربيون لانه النبع الصافى الذى ما زال يرتوى منه الجميع ، وحدث أن ميشيل إمبراطور الشرق حينما أراد أن يقيم بينه وبين هلدويج علاقات أخويه، أرسل بعض الهدايا النفيسه منها كتاب لأحد تلامذه أوريجانوس معلم الإسكندريه الشهير ويعتقد ان هذا التلميذ هو ديونيسيوس البابا الإسكندرى رقم14 ، فتلقى هيلدوين كاهن كنيسه سان دونى بباريس هذه الهديه بفرح لا يوصف وكأنها هبه سماويه لإنها كلمات من انسان سمائى(تاريخ الكنيسه الأرشمندريت جيتى ج4 ص113-114)

معجزه خروج الدم من الأوانى المقدسه:

حدث انه كان للبطريرك شماسا تكلم معه البابا قائلا أن لا ينظر شيئا من أمور العالم ونصحه البابا كثيرا من الإستمرار فى طغيانه لئلا تصيب الكنيسه بلايا من جراء ما يفعل وقد كان الشماس يظن أنه يجمع للكنيسه مالا ، فأصيبت الكنيسه بنكبه وهو ان الوالى طلب خراج على البابا والشماس فاحب الشماس الفضه ولم يتبع قول الكتاب ويبعد عن ،


ولما رأى الشماس ما جلبه على الكنيسه من هموم بكى كثيرا وسأل البابا أن يغفر له وبدأ الأمير إيليا بن يزيد يطلب من البطريرك الخراج ويلح فى طلبه ولما رأى البطريرك أنه ليس معه شيئ من المال كما أنه قد إنقطع الناس عن حضور دير الشهيد مار مينا لكثره الحروب أخرج أوانى المذبح وأعطاها للوالى فأحضر الوالى صانعا ليحول الأوانى ( الكاسات المقدسه ) الى حلى ومصوغات، ولما بدأ الصانع يكسر هذه الأوانى سكب دم على يديه وكان الدم كثير جدا لدرجه أن إبن المقفع المؤرخ وصفه أنه مثل خروف قد ذبح فلما رأى الوالى هذه الدماء خاف هو والذين حضروا ليروا هذه الإعجوبه ، وخاف أيضا أن يجعلها فى خزينته كما أمر ألا يكسر منها شيئ وأمر بإعادتها الى البطريرك وطلب منه مالا بدلا منها، وسدد البطريرك ما طلبه الوالى بصعوبه شديده ، وبعد مده عزل هذا الأمير ورجع الى بلده وأصيب بالمرض وذكر لأولاده أعجوبه خروج الدم من الأوانى المقدسه وأوصى أولاده بأن يأخذوا المال الذى أخذه من البطريرك ويذهبوا إلى مصر ويردوة إلى من يوجد بطركا0وحدثت أعجوبه أخرى فى زمن الوالى إيليا بن يزيد فقد حدث أن توفى أسقف من الصعيد كان يجلس على كرسى أسقفيه فاو (مركز نجع حمادى)

فأرسل أهل البلده إنسانا الى البطرك ليقيمه أسقفا لهذه المدينه 0 فخاف الرجل لئلا يعطى الله البابا معرفه بأعماله0 فيرفض إقامته أسقفا، فذهب الى الوالى ودفع له مالا وسأله أن يكلم البطريرك فى إقامته أسقفا ، فرفض البابا طلب الوالى لأنه كان متشددا فى امر إقامه الأساقفه فخاف مساعدوه وكبار شيوخ الكنيسه وسألوه أن يرسمه أسقفا خوفا من غضب الوالى فيضهد الكنيسه وألحوا عليه إلحا شديدا الى أن رسمه فقال إن هذا الأسقف أخذ النعمه بالمال فهو يضمحل لأن النعمه التى نالها بعيده عنه وذهب الأسقف ليجلس على كرسيه فمرض فى الطريق ومات قبل أن ينال الكرامه ، وعندما كان الأسقف يتفقد الكنائس والشعب وصل ال ى كنيسه بيت تشمت(يعتقد أن مكانها أرض كوم الراهب مركز سمالوط اآن) فأحضر أهل القريه شابا به شيطان ، وكان الشيطان أخرسه وأطرشه وسألوه ان يخرجه من الشاب فأخذ البابا زيتا من على عظام القديس ساويرس ودهن به الشاب ورسم علامه الصليب على وجهه وأذنيه وقال بإسم المسيح الذى أنقذ خليقته من عبوديه الشيطان يعاف هذا الشاب وينحل عنه رباط الشيطان فتكلم الشاب وأصبح يسمع ، وكان يحب ان يقيم فى بلده تندا فأقام فيها أياما قليله، وحدث ان حاول أحد الأساقفه الدخول إليه فسمعه يقول بصوت خفيفيا يا سيدتى ان أسألك أن تطلبى من سيدى أن يغفر لى وانا مستعد ألما تأمرينى به فلما أطل عليه الأسقف فجأه من البابا وبغير إستإذان صاح بصوت عظيم من هذا الذى يرى ؟ فخفت من هيبته ورجعت فقال لى الله يغفر لك أيها الأخ الذى منعنى ان أشاهد مجد سيدتى ونورها التى أختفت عندما دخلت أنت0 وتنيح هذا البابا فى 14 أمشير وهو يوم نياحه القديس ساويرس وديسقورس وفى الصباح كفنوا جسده وقدموا قربانا تذكارا للأبوين ساويرس والبابا يعقوب وتمت الرؤيا التى رآها عندما رسم عن الصورتين اللتين رآهما تكرزان بالإنجيل وجلس على كرسى مرقس الرسول 10 سنين 8 أشهر

البابا مرقس الثانى البطريرك الـ 49

البابا مرقس الثانى البطريرك الـ 49




هروب مرقس من الإختيار الإلهى - توصيه البابا يوحنا1:

وصى البابا يوحنا قبل أن يموت بأن يتولى بعده مرقس رتبه الباباويه ، فعاد الأسقفان ميخائيل أسقف أقفها وجرجه أسقف منف الى مصر اللذان سمعا الوصيه ، وأخبرا الشعب والأساقفه المجتمعون فى مصر فقالوا:" نحن سمعنا ان أبانا يوحنا ذكر إسم القس مرقس أنه يجلس من بعده0" فقال كل الموجودين فى فم واحد " هو مستحق بالحقيقه " فكتب المجتمعين كتابا الى ميخائيل أسقف مصر ذكروا فيه أنهم وافقوا على رأى واحد هو ترشيح القس مرقس ليكون أبا لهم وذكروا السبب أنهم علموا أن الله رشحه منذ زمن لنوال هذه الخدمه ، وقالوا أيضا أنهم عرفوا أن البابا السابق قد أعلمه بذلك 0 وعلم مرقس بالكتب التى كتبت من أجل ترشيحه ، فحزن جدا ثم نهض وهرب الى دير أبى مقار فى وادى هبيب ، وكان بعض أباء الدير تنبأوا بانه مستحق لهذه الخدمه ، أما ميخائيل أسقف مصر فأرسل بإحضار كبار الأقباط وذهبوا الى الوالى ، وكان الجمع كبيرا فلم يستطع الدخول الى الوالى إلا الأسقف وبعض الرؤساء ووقف الباقيين فى الخارج ، وسألوا الوالى أنهم إتفقوا على إقامه بطريركا عوضا عن الذى إنتقل ، فقال ما هو إسمه قالوا مرقس ، فأمر أن يكتب إسمه فى الديوان ، وأذن لهم فى إقامته ، وعندما خرجوا من عنده ، بلغهم نبأ هروب مرقس ، وكان ميخائيل أسقف بابليون قائم مقام ومتولى إداره الكنيسه لحين رسامه البابا الجديد ، فأرسل فى الحال الأستقفه والكهنه الى الدير ، وأمرهم أن يقيدوه ويمضوا به الى الإسكندريه ليرسم هناك ن وفى اليوم التالى من أمشير وهو عيد الأب لنجينوس وكان يوم وصوله الى الإسكندريه يوم أحد ، ووسم على الكرسى المرقسى وشهد الشعب بأنه مستحق فقرأ الأكساكسيس الذى يطلق عليه اللوغس وأكمل صلاه القداس واتم كل شئ وبعد أسبوع من نوال هذه الرتبه ، وكانت جمعه الرفاع مضى الى دير الزجاج ليتعكف فيه على الصلوات فى أيام الصيام المقدس فلما وصل إليه تسلم كتابا من ميخائيل أسقف مصر يقترح عليه أن يحضر الى مصر بعد عيد الفصح ليسلم على الوالى ، ويقول ساويرس إبن المقفع ص215: " كان ذلك تدبير من الله لإن بعض الكنائس كانت مهدمه والشعب كان حزينا لذلك0" وبعد إحتفالات عيد القيامه ذهب الأب البطريرك الى الفسطاط ، فخرج شعب مصر والأسقف ميخائيل بالأناجيل والصلبان والمجامر ولقوه بالألحان والتراتيل وفرح عظيم وظلوا يهتفون بصوت عظيم قائلين: " نعم وحسن وصولك إلينا يا مرقس إبن مرقس0" ومضى النهار وكان المساء فذهب الى منزله ليستريح ، وفى الصباح ذهب البطريرك ومعه الأسقف ميخائيل وباقى الأساقفه الى دار الوالى وإستأذنوا للدخول إليه فأمر بالدخول وإجتمعوا معه فلما سلم على الوالى وتكلم معه ودعا للوالى فتعجب الوالى من حلاوه لفظه وكلامه الممتلئ نعمه من الله فجعل الله فى قلب الوالى رحمه ، وأمره أن يجلس وساواه فى المخاطبه فباركه البابا مرقس قائلا:" أن الله يرفع سلطانك ويسعد أيامك ويوفق رعيتك ببقائك ، وخرج من عنده بسلام ، ولما رأى الأساقفه محبه الوالى للأقباط إقترح ميخائيل الأسقف أن يطلب البابا بناء كنائس وإعاده بناء ما تهدم منها ، فعاد البطرك الى الوالى وسلم عليه فأكرمه وأجلسه وقال له: " قد قلت لك بالأمس أنى سأحقق كل ما تطلب ولم تطلب منى شيئا فمهما كان طلبك فسأحققه لمحبتى لك فقال البطرك: " الرب يحفظ أيامك ويزيد فى رفعتك وسلطانك وتعلم انهم لم يولوا عبدك على مال أو خراج بل على الأنفس والبيع ورغبتى هى أن لنا كنائس هدم الظالم بعضها قبل وصولك الى مصر فلما هدم ديارالرب قطع حياته من على الأرض فإن رأى رأيك فيها أن تسمح بإعاده بنائها لنصلى فيها وندعى لجلالتك والأمر لك" فأمر الوالى بعمارتها0 وإعاده بنائها


وأرسل البابا مرقس رساله الشركه الأخويه الى أخيه فى الخدمه الرسوليه للجالس على الكرسى الأنطاكى 0 وحمل الرساله أسقف تنيس وأسقف القلزم من أساقفه الكنيسه الكرازه المرقسيه كانا يتكلمان اللغه اليونانيه بطلاقه ولا توجد مخطوطه تعرفنا شيئا عن حياتهما ، وقد قوبل الأسقفين بحفاوه بالغه ، وقرأ البطريرك الأنطاكى رساله المحبه الأخويه التى تسلمها من أخيه المصرى على مسامع شعبه ومكث الأسقفان عده أيام ، عادا بعدها الى مصر يحملان رد البطرك الأنطاكى بدوام الوحده بين الكنيستين ،

البحث عن الضال:

وأعظم أعمال هذا البابا هو بحثه عن الضالين ، وتقول أيريس حبيب المصرى فى كتابها عن الكنيسه القبطيه ج2 ص405 ان هذا البابا كان يصلى ليل نهر بدموع غزيره قائلا: " أيها الآب السمائى ، أنت النور الذى يفوق كل إدراك ، وأنت هيأت لنا سبيل الخلاص ، ولعظم محبتك ذهبت فى طلب الضال ، فتوغلت فى البريه باحثا عن الخروف الواحد الذى تاه ، وحينما وجدته دعوت الجند السماوى ليفرحوا برجوعه ، الآن ياسيدى : أنظر الى أولادك الذين زاغوا عن الحق ، وحرك قلوبهم للتوبه والرجوع الى أمهم الكنيسه الأرثوذكسيه الجامعه الرسوليه0" فحركت قلب إبراهيم رئيس هذه الجماعه وحركت قلب أبيه الروحى جرجه الى الأيمان الحقيقى بعد أن ظلوا بعيدين ومنعزلين منذ القرن الرابع الميلادى حيث كثرت البدع والهرطقات ، وقابلهم مرقس البابا بشاشه ومحبه وإكرام ، وأعلنا رغبتهما فى الوحده والرجوع الى الكنيسه القبطيه ، ولكن تدقق الكنيسه القبطيه فى الداخلين الى الإيمان ولا تدع الناس يدخلون الى الدين افواجا بدون معرفه أغراضهم وأهدافهم فتتحقق من أفكارهم ، فقال البطريرك لهم فقال لهم: " أن وظيفه الأسقفيه لم يحصلا عليها من الكنيسه القبطيه ، وكذلك لا تعترف الكنيسه بهذه برتبتهما وهى غير قانونيه ، لهذا فعند الإنضمام سوف تأخذون رتبه كاهن بسيط فقبلوا وإنضموا الى الكنيسه ولما رأى أتباعم أن رؤسائهم أنضموا الى الأقباط إنضموا هم أيضا ، وكان هناك فرح عظيم فى الشعب ، وأعاد البطريرك تكريس كنائسهم وجعلها ملائمه لطقوس وصلوات الكنيسه القبطيه ، ورمم البطريك القبطى كنيستهم الرئيسيه على نفقته الخاصه ، وجملها وزينها بالنقوش القبطيه ففرح شعبها فأطلقوا عليها " كنيسه البطريرك " تقديرا لمحبتهم وشكرهم للبابا القبطى


وعندما تنيح البابا يوحنا السابق تنيح بعده بسنتين بطريرك الأروام اليونانيين بوليشان ، وحدث ان رجلا إسمه يوسطاثيوس كانت مهنته ناسج للكتان ( صانع أنسجه من القماش) عثر على كنز من المال فى ضريح قديم ( قبر) فوهب الكنز الى الكنيسه الملكيه ، ولما رأى الشعب ذلك إختاره ليكون بطريركا عليهم ، وصار يوسطاثيوس بطريركا0


وفى تلك الأيام كان هناك قيما يخدم البطريركيه وكان مملوءا حسدا ونميمه وكان يكره كاتبا للبابا وكان يذكر عنه كل سوء لكى يطرده البابا ويستولى على العمل بمفرده ، فكان البابا يردعه بكلام طيب ، وفى يوم 16من شهر طوبه وكان البابا يريد عمل تذكار نياحه البابا يوحنا السنوى فأخبره القيم الشرير بكلام على الكاتب ، فقال البابا له الآن قد عسر دائك وجربناك فى كل شيئ لخلاص نفسك وانت لا تكف بل تزداد سوءا فظلمك يكون على هامتك0 " وكانت هناك صوره القديسه العذراء مريم تحتضن السيد المسيح ، فنظر إليها القيم وأشار بإصبع يده اليمنى وقال: " إن كنت قلت كذبا فيما ذكرته فهذه الصوره تنتقم منى0" ولم يكد يتم كلامه حتى سقط على جانبه الايمن التى مدها الى الصوره وانفلج الى يوم وفاته فلما نظر الشعب الإعجوبه خافوا جميعا من كلام البابا الذى كان مثل كلام الأنبياء


00وكان البابا القبطى مرقس يفتقد الشعب فحدث أثناء زياراته أنه مر على بلدا تسمى اغروه وكانت تسمى قبل ذلك اغرا فخرج الكهنه والشعب للقائه بالألحان والتراتيل فخرج مع الناس انسان به روح شيطان فصرعه امام الناس وخنقه حتى خرج الزبد من فمه ( رغاوى بيضاء من فمه) فلما رآه البطريرك حزن عليه وتحنن وإمتلأ من الروح القدس وقال لهم قدموه الى فرسم علامه الصليب وقال: "الرب يسوع المسيح الكلمه الوحيده من الآب الذى أخذى الشياطين وعتق خليفته منهم ، أنت الذى عرفوك الشياطين ، وأنت الذى ألقيتهم فى قمر الجحيم فصرخوا وقالوا ما لنا ولك يايسوع المسيح ابن الله أتيت لتهلكنا قبل الوقت الذى نعذب فيه ، أنت الآن ياسيدى يسوع المسيح إصرف هذا الشيطان النجس وأخرجه من هذا الرجل0" فلما قال هذا سقط الرجل على الأرض وإنقطع حسه وظل ساكنا من الحركه كأنه نائم وقام بعد ساعه وقد خرج منه الشيطان بصلواته فسجد على قدميه وشكر الله على ماناله من نعمه وقال له: " البابا لا تعد تخطئ فينالك أكثر فالذى حل بك انك كنت تتناول من المقدسات بجهل فإحفظ نفسك من الكلام الباطل0" 00فى الوقت الذى كان هذا البابا يعمل العجائب باسم المسيح فإنه ظل مريضا 12 سنه متوجعا من مرضه وكان يشكر المسيح قائلا: "أشكرك ياربى وإلهى إذ جعلتنى مستحقا لهذه الألام مثل لعازر المسكين0"

كنيسه مخلص العالم:

طلب الشعب القبطى فى الإسكندريه من البابا أن يأذن لهم ببناء كنيسه على إسم "مخلص العالم " فقال لهم: " إن هذا العمل قد يثير حسد الخلقدونيين والمسلميين فيشتكونا للوالى بحجه اننا تعدينا حدودنا " فأجابوه قائلين: " ستكون صلواتكم حصنا حصينا لنا حتى نكمل بنائها0 " فأذن لهم بالبناء ، وفى الحال شرعوا فى البناء ، وزاد فرح الشعب عندما كان البناء يرتفع يوما بعد يوم ، فكانوا يبذلون جهدهم فى همه ونشاط ، وكان البابا يشترك مع الشعب ويعمل بيديه فى الأوقات التى بين الصلوات الكنسيه ( المعروفه بالأجبيه وهى سبع صلوات ) وكان نشاط الشعب يتضاعف عندما يرى راعيه وكبيره يعمل بيديه معهم ، وإختار أمهر الفنانيين الأقباط والصناع لنقش الكنيسه وزخرفتها ، ورأى الشعب عمل يديه كنيسه مخلص العالم آيه فى الجمال تليق بالمسيح مخلص العالم ، وفى يوم 17 من شهر توت إحتشد الشعب القبطى بتكريس كنيسه مخلص العالم وبدأ الصلاه بها ، ولم ينسى الأقباط أن يفرحوا الفقراء والمعوزين معهم فى هذه المناسبه فأجزلوا لهم العطاء وإمتدت الموائد التى جهزها وأعدها الأغنياء بنفسهم وإشترك كل الشعب صغيرهم وكبيرهم فقيرهم وغنيهم البابا والشمامسه يأكلون على مائده واحده ، يسمى الأقباط هذا النوع من الموائد ( أغابى أى طعام المحبه) وتقول أيرس حبيب المصري فى تاريخ الكنيسه ج2 ص407 : " فكان يوما فاضت فيه السعاده ، وتشارك الجميع الود حتى أنهم أحسوا بأنهم لمحوا قبسا من بهاء الفردوس0 "

بناء الكنائس التى هدمت

(فصل) وشهدت سيرة البيعة وأخبار أنبا مرقس الجديد الـ 49 فى عدد البطاركة : أن البيع(الكنائس) التى بفسطاط مصر بنيت وأمر بعمارتها فى نظره (عهده) بعد هدمها أولاً فى بطريركية يوحنا الــ 8 فى العدد - مخطوط تاريخ أبو المكارم - تاريخ الكنائس والأديرة فى القرن "12" بالوجه القبلى - الجزء الثانى - إعداد الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها 1999م ص 29


مصر وعدم الإستقرار:

وكان هرون الرشيد هو خامس الخلفاء فى الأسره العباسيه وأعظمهم فى الشهره ، إزدهرت فيه العلوم ونمت حركه الترجمه من مختلف اللغات ( حيث كانت الكثير من الكتب والمخطوطات كانت فى حوذه الأهالى بعد حرق العرب كلا المكتبتين الفارسيه والمصريه ) الى اللغه العربيه وكانت حركه هذه الترجمه هى أساس الحضاره فى العالم لأن العالم الغربى قام بترجمه هذه الكتب من العربيه الى اللغات الغربيه ، وعندما نتكلم عن مصر فى الحكم العباسى فإن تعين الولاه وعزلهم كان سريعا لتخوف العباسيين من سيطره الولاه على الحكم ، وقد ساعد هذا النظام على طول مده حكم العباسيين ، إلا أنه أضر بمصر ضررا إقتصاديا كبيرا فإتحدت سياسه الولاه فى التنكيل بالأقباط بالقسوه والبطش على الأقباط ، ولم يهتم الولاه بمصر بتطهير الترع وإنشاء المصارف ، فجدبت الأرض ونقصت اليد العامله ، ولم تعد الأرض تعطى محصولا جيدا ، فكان وبالا على المصريين ، حصاد شحيح ، وجزيه باهظه ، وعندما مات هرون الرشيد أوصى بالخلافه لولديه الأمين والمأمون ، وكان المأمون أكبر من الأمين ولكنه كان إبن جاريه ، أما الأمين فكانت أمه حره ، فأصبح الأمين خليفه لهذا السبب ، فقامت الحرب بينهم وظلت الحرب قائمه لمده خمس سنين ، وأخيرا إنتصر المأمون فى الحرب بسبب فساد الأمين وأهوائه وشهواته ( راجع مقال مصر والخلافه العباسيه) ، وقتل الأمين وأصبح المأمون خليفه ، وذكر شمس الدين المؤرخ أنهم عينوا لحكم مصر ثمانيه ولاه فى مده خمس سنوات ، ولكنهم لم يطأوا أرض مصر وبالتالى خلا منصبهم ، فمن إذا كان يدير حكم مصر فى هذه الفتره ؟ وعند الرجوع الى أقوال المؤرخين المسلمين فى هذه الفتره يجدها متضاربه مبهمه متناقضه ، وأصبحت مصر لقمه سائغه للطامعين ، وهدفا للغزاه ، ولم تبلى مصر إقتصاديا فقط بل أنه ظهر بوادر الشغب والإضطراب نتيجه للإنقسام بين السنيين والشيعه ، اى بين الأسره العباسيه(أصحاب الحكم الفعلى العباسيين) ، والأسره العلويه 00 كما نشط الخوارج ( الذين خرجوا على النبى وثاروا على رسالته) وكان لهم مناصرين وفئه قويه فى مصر ، احدثوا كثيرا من الفوضى والإضطراب وأحدثوا شغبا فى مصر ، تحالفت العوامل السابقه جميعها للفتك بالمصريين ، أقباطا ومسلمين (راجع تاريخ مصر فى العصور الوسطى ستانلى لاين بوول ص31) وكما عودنا التاريخ أن تدور المعارك بين الحاكم الفعلى والمتمردين على أرض مصر ، ولكن إختلف الأمر إختلافا بسيطا وهو أن كلا من الاخوين الأمين والمأمون أرسل كل منهما واليا يحكم مصر بإسمه فأرسل المأمون واليا ، وأرسل الأمين واليا آخر هو شيخ قبيله قيس التى أسكنها الولاه فى الحوف الشرقى منذ زمن وكانت مناوئه للحكومه ومصدر دائم للتمرد ، فدارت المعارك الطاحنه على أرض مصر ، وكان لذكاء الأمين فى تعيين واليه من قبيله قيس الغلبه والنصر على أتباع المأمون ، وفى هذه الحقبه من عدم الإستقرار أرسل إمبرلطور القسطنطينيه أسطول لغزو دمياط أملا فى إسترجاع مصر الى إمبراطوريته 00 ولم يقتصر تفكك مصر فى هذه الحقبه عند هذا الحد بل أنه إنتهز أحد الخوارج فرصه عدم وجود رئاسه فعليه فى البلاد فأعلن نفسه واليا على مصر وكان يسمى عبد العزيز الجروى وحكم من شنطوف حتى الفرما والشرقيه ومصر وبلبيس وقام رجل آخر إسمه السرى بن الحكم حكم من مصر الى أسوان وإستوليا على الخراج أما الشمال فقد إستولى عليه قبيلتين هما لخما وجذاما وهما قبيلتين كانتا متحابتين فنهب بعضهن بعضا ومنطقه حكمهم كانت غربى مصر وحول الإسكندريه ومريوط والبحيره فضايقوا الأقباط فى مدينه الإسكندريه فإستغاثوا بالله وسألوه لكى يخلصهم إلا أنه كان فى تلك الأيام فى دير الزجاج غربى الإسكندريه كان فيه راهبا كبيرا فى السن إسمه يؤنس فقال لأهل إسكندريه: " أراكم قلقين من أجل هذه الأمه ، بل أنه ستجئ أمه من الغرب تهلك هذه الأمه مدينه الأسكندريه بغير رحمه وينهبون كل ما فيها0" تاريخ البطاركه 0ساويرس بن المقفع ص225**ويذكر أيضا إلياس الأيوبى فى تاريخ مصر الإسلاميه ص104:- وحدث ان 15000 من الأندلسيين قاموا بالتمرد على الخليفه الأموى بالأندلس ، ولكنهم فشلوا فى ثورتهم وتمردهم وأنهزموا وطردهم الخليفه الأموى من بلاده وأمر بنفيهم ، ووجدوا فى مصر ملجأ آمنا ومن المعتقد أنهم أحضروا أسلحتهم معهم ، وأنهم جائوا بالمراكب عن طريق البحر إلى الأسكندريه ، وعندما شعروا بأنه ليس هناك قوه تردعهم ، عاثوا فى الأرض فسادا ، فأضرموا النار فى البيوت وتحرشوا بالمصريين ، وإستعملوا مراكبهم فى الإنقضاض على الجزر الآمنه والأهالى الآمنين اليونانيون يسلبون وينهبون ويخطفون الرجال والنساء والأطفال وكان من بينهم رهبان يونانيين وعذارى ويبيعونهم فى أسولق الإسكندريه ، وذلك قبل ظهور القراصنه بعهد بعيد ، فقام البابا القبطى بشراء اليونانيين ويكتب لهم صكا بالعتق والحريه بمجرد دفع ثمنهم وكان يخيرهم بين أمرين إما أن يدفع لهم أجر سفرهم الى بلادهم ثانيه ، ومن إختار أن يمكث فى وادى النيل سلمه الى معلمين او الى أسره قبطيه تعوله إذا كان طفلا ، وهكذا قام البابا بإنقاذ اليونانيين من العبوديه ويقال أنه فك سته آلاف يونانى من العبوديه ولم يذكر المؤرخيين أى شيئ فعله البطريرك الملكى اليونانى خريستوفر الذى جاء بعد يوسطاثيوس ربما لأنه كان كبيرا فى السن ولا يستطيع الحركه، وزاد الأندلسيون صلفا بإزدياد قوتهم وغناهم السريع بالخطف والقتل وبيع العبيد ، ورأوا أنهم قوه فهاجموا الإسكندريين وسقط العديد من القتلى فى شوارع الإسكندريه ، وكان هناك شيخا من الأندلسيين جاء مع والديه منذ صباه وتربى ونما فى الإسكندريه ، كان ماكرا خداعا وكان يتوسط فى اى نزاع بين الأندلسيين وقبيله لخم وإتفق كلا من الأندلسيين وأفراد قبيله لخم فى التخلص من الوالى وكان قائد الأندلسيين فى الإتفاق هو الشيخ المذكور ، فقتلوا الوالى فى 19 بؤونه سنه530ش وحكموا الإسكندريه وفى اليوم التالى إنقسم إخوه الشيطان فى السيطره على المدينه وأصبح الإخوه أعداء ، ودارت الحرب بين الفريقين فى شوارع الإسكندريه ، وكان النصر حليف للأندلسيين ، أما أهل الإسكندريه لكرههم للأندلسين خرجوا بسيوفهم وقتلوا كل من وجدوه أمامهم منهم ، فلما عرف الأندلسيين ما فعله أهل الإسكندريه دخلوا المدينه بقوه كبيره وصاروا يقتلون المسلميين والمسيحيين واليهود أى فى كل المواضع التى وجدوا فيه أصحابهم المقتوليين ، أما المسلميين فعندما إقترب الأندلسسين من مواقعهم وكانوا علموا بما يفعله الأندلسيين حملوا جثثهم وطرحوها أمام كنيسه المخلص التى بناها البابا مرقس ، وظهر شيخ من فوق أسطح أحد المنازل وقال للأندلسيين: " أنا رأيت صاحب ÷ذه الكنيسه وقد قتل أصحابكم0 " فأضرمو النار فى الكنيسه وعلت النارجدا وإمتدت للمساكن المجاوره ، ويقول إبن المقفع أن الشيطان ظهر فى شكل الشيخ لحسده من بناء كنيسه للمسيح وكذلك لقتل المؤمنيين الأقباط الأبرياء ، فقتلوا الأندلسين كثيرا من الأقباط وصار البابا مرقس يبكى وينوح ويصلى بدموع ليلا ونهارا ولم يقدر أحد أن يجلسه على كرسيه أو أن يجلسه على حصير بل طرح نفسه على الأرض (ساويرس بن المقفع ص227) فى مزله ليعينه الله فى هذه التجربه وقام ليلا بعد صلاه نصف الليل ومعه تلميذين وتفقد المدينه التى ملكها الإعداء ، وظل هاربا لمده خمس سنيين من مكان الى آخر حتى لا يعرف الأمم التى إحتلت الإسكندريه مكانه ، وسمع الإرخن مقاره بن النبراوى من كرسى سمنود بضيق البابا فقام ومضى الى عبد العزيز حاكم منطقه المشرق وقال له أن الأب بطريرك الأقباط هرب من الإسكندريه وأن الأمم التى إستولت على الإسكندريه إستولوا على ما له وجاء وسكن تحت ظل الله وظلك فرجائى أن تكتب له كتابا ليكون فى موضعا آمنا 0وأرسل الى البابا لكى يحضر ويقيم عنده ، ثم بلغ البابا وهو فى ضيافه مقاره فى مدينه نبروه أن بطريرك أنطاكيه قد إنتقل الى مساكن النور وجلوس ديونيسيوس على الكرسى الأنطاكى ، فبعث إليه برساله الشركه وأصبحت مصر متفككه فأغارت على وادى النطرون قبائل البربر فهدموا الدير وقتلوا كل من كان فيه من الرهبان فعاد البابا مرقس الى حزنه ، وبكى بكاء مر على الأديره وساكنيها من الرهبان ، وأصبحت حياه هذا الخادم الأمين سلسله من الأحزان والبكاء المستمر على رعيته ، فقد إنقضى زمان أفراح مصر وإنهدمت أديره وادى هبيب (وادى النطرون) وقدس القديسين صار خرابا ومساكن للسباع الضاريه ، ومساكن الأباء المباركيين الذين رقدوا فى الرب فى صلاه مستمره ، صارت مأوى للبوم والغربان ومغائر للثعالب فلم يفتر البابا المحب عن البكاء ليلا أو نهارا فى صلاه غير منقطعه ونظر الله الى صبر البابا القبطى على البلايا والأحزان وفى 17 من شهر برموده وكان يوم احد الفصح ظهر إعلانا من الله فى المنام قائلا: " افرح أيها المجاهد فقد وهبك السيد المسيح أن يعرفك أن فى يوم قيامته المقدسه سوف ينقلك الى مساكنه الأبديه كن مستعدا للقائه وهذه هى العلامه أن عنما تتناول من الأسرار المقدسه ، يقبل الله روحك إليه0" فلما إستيقذ رجل الله المبارك وإننى أعتقد أنه قص عليهم ما رآه فى المنام ثم قال: " للأساقفه أسرعوا لتتموا القداس ولكنهم لم يريدوا فراقه0" ولما رشم علامه الصليب بدأوا الصلاه ولما إنتهى القداس أحضروا السرائر فتناول من الأسرار ثم قال لهم: " أنا أودعكم جميعا فى الرب وفتح فاه وأسلم الروح ، فكفنوه وهم فى حزن شديد على رحيل هذا الملاك ووضعوه فى تابون من الخشب ووضعوه فى كنيسه نبروه حتى نقل الى مدينه الإسكنريه بعد ذلك بزمان وقد جلس على الكرسى المرقسى 20 سنه 17 يوما وتنيح فى 22 من برموده 535ش وقال السنكسار : " في مثل هذا اليوم (22 من برمودة ) من سنة 535 ش (17 أبريل سنة 819 م ) تنيح الأب المغبوط مرقس التاسع والأربعين من باباوات الكرازة المرقسية "

الاثنين، يوليو 04، 2011

البابا مينا الأول البطريرك رقم 47

البابا مينا الأول البطريرك رقم 47..
صنعه جابر
إنتخب الشعب والأساقفه القس مينا الراهب من سمنود ببيعه أبى مقار وكان فى شبابه تلميذا للبابا خائيل ، وجلس مينا الأول البابا رقم ( 47) على كرسى مرقس رسول المسيح فى شهر برموده 486 ش 767م 0 وعاصر الخليفه المنصور بن محمد 0 بدأ هذا البابا عهده ببناء ما تهدم من كنائس وكان الأقباط والمسلمون يتعجبون من النعمه الباديه على وجهه ، وإستطاع أن يتمم بنائها فى سرعه لما كان هناك هدوءا فى البلاد وكأن الله أراد ذلك حتى يستطيع البابا أن يواجه عاصفه أخرى داخليه ( أى من شخص قبطى والمؤلم أنه راهب الذى يعتبر زاهدا فى حياه العالم وسلطانه) ويعلق كتاب تاريخ الأمه القبطيه ا0ب0تاتشر ج3 ص208عما حدث قائلا (أن عله الأقباط من قديم الزمن منهم فيهم 0 ودائهم صادر منهم)
بطرس وصنعه جابر:

حدث ان راهبا إسمه بطرس من قريه تسم
ى ديسمه ، طمع فى نوال رتبه الأسقفيه ، وإستهان بشريعه الله المعطاه لتلاميذه القديسين ، فألح على البابا ، ولكنه رفض طلبه لعدم إستحقاقه (كان هذا الراهب معتد بنفسه متكبرا ذو خيلاء متسلطه وكبرياء محب للرياسه والسلطه أنانيا ومتعجرفا سارقا ولصا وخادعا ومغرورا )، فأخذ يشيع الأقاويل على البابا ، فإستدعاه البابا ونصحه بأن يترك طريق الشر الذى يسير فيه لإن آخرته مره ، إلا أنه تمادى فى شره
فكتب خطابا الى البطريرك الأنطاكى مقلدا خط البابا مينا ووقعه بإمضاء مزيف للبابا 0 وذكر فيه أن الحروب والثورات والإضطهادات قد إستنذفت كل المال الموجود فى الخزانه الباباويه ، وطلب من البطريرك الأنطاكى أن يمد له يد المساعده 0 وذهب بالخطاب الى البطريرك الأنطاكى وإدعى أنه مبعوث من البابا بنيامين1 ، وإنخدع البطريرك الأنطاكى وسارع بجمع المال وأعطاه له ليمد يد المعونه لكنيسه الإسكندريه الشقيقه ، وزوده أيضا بتوصيات الى كبار وعظماء قومه الذين يعملون فى بلاط الخليفه ليجمع منهم بعض المال ، وإستعمل التوصيات والمال الذى حصل عليه كرشاوى لموظفى البلاط ليقدموه للخليفه ،
وعندما مثل هذا المنافق امام الخليفه ووقع نظر الخليفه عليه تعجب وإندهش ، لإنه كأنما يرى إبنه الذى كان قد مات منذ عده شهور حيا مره أخرى أمامه ، ففرح به وأخذه الى زوجته الباكيه والنائحه لكى تتعزى ، ونال بطرس الراهب حظوه ومكانه عند الخليفه وزوجته مالم تكن فى الحسبان ، فعاش فى قصر الخلبفه عده شهور ، وسأله الخليفه فيما يتمناه أو ان له مطلبا كان السبب فى الحضور إليه ليمنحه إياه ، وكان كل أمنيه بطرس ان يصير أسقفا ، إلا أنه بعد صداقته للخليفه الملك الأرضى طلب أن يصير بابا الإسكندريه وبطريرك الكرازه المرقسيه ، فكتب الخليفه المنصور كتابا الى الوالى عبد الرحمن وكلفه بأن يجهز لبطرس ثيلبا فاخره ويكتب عليها بالخط العربى " بطرس بطريرك مصر " وألحقها بإسم الملك فغيرها بطرس بعد إسمه ب ( عبد الملك) وكأن الله أراد أن يفضح هذا الحقير بأنه يشتاق الملك الأرضى أكثر من السمائى ، وأنه عبد الخليفه الملك وليس عبد ملك الملوك ورب الأرباب

وصل بطرس الى مصر متوهبا أنه حصل على القياده الروحيه بعزل البابا مينا1 بكتاب الخليفه ، وأرسل الوالى يستدعى البابا الى دار الولايه ، وأحس البابا أن فى الامر شيئا فتوسل فى صلاه حاره أن يقف الله معه فى ما يطلبه منه الوالى ، وعندما دخل قاعه الإستقبال وجد بطرس الراهب هناك ، قال له الوالى: " قد تسلمت رساله من الخليفه يطلب منك الخضوع لمسيحى من أولادك0" وفهم مينا الأول البابا القبطى معنى هذه الكلمات فتفرس فى وجه بطرس وقال أن إنجيلنا يقول ( لا ينال هذه الكرامه أحد من تلقاء ذاته بل من دعاه الله كما دعا هارون) راجع الكتاب اليهودى الخروج28 وعبرانيين 5: 4 وقال أيضا سيدنا المسيح كل غرس لا يغرسه أبى السماوى يقلع ويلقى به فى النار راجع متى 15:13 فإن إغتصبت رتبه الكهنوت فسوف تنزع عنك وستنتهى فقيرا حقيرا ومصيرك سيكون الهاويه ) فأجابه بطرس: أننى أحمل كتاب الخليفه وما عليك إلا الخضوع وإلا فسوف يتصرف معك الخليفه0 " وأراد أن يذكر الوالى بواجبه فقال: " كيف يجرؤ هذا الأسقف على مخالفه أوامر الخليفه أمامك0" فذعر الوالى من هذا التهديد الخفى ونظر الى البابا القبطى فشعر البابا بتضارب الصراع الداخلى فى الوالى يطيع الخليفه ام يقف مع الحق ، وهنا قال البابا:" لا ينبغى أن يطاع الخليفه وأكون ضد الله " فسأل الوالى بطرس على الإجراءات الواجب إتباعها فى هذه الحاله فقال أن يرسل فى إستدعاء الأساقفه الى الفسطاط ويلزمهم بطاعته ويذهب الى الإسكندريه ليتسلم كنائسها ويعتقل البابا وتادرس أسقف مصر ،
وفى يوم الأحد التالى كان الأساقفه وصلوا الى بابليون وإجتمعوا فى صلاه خاصه من أجل الكنيسه ، ولم ينتظر هذا المغرور حضور ألساقفه الى دار الولايه بل أنه ذهب الى الكنيسه حيث كانوا يصلون ومعه جنود الوالى ، وتقدم أمامهم وصعد الى الهيكل لابسا رداء الملك ليقول صلاه الشكر كالبطريرك ، متزينا بالقلنسوه المكتوب عليها إسم الملك على رأسه ، ولما شاهد الأباء الأساقفه إستهانته بمقدسات الله ، أسرع مينا أسقف صنبو وأنبا موسى أسقف أوسيم وأمسكا بالقلنسوه ورميا به من الهيكل وقال له الأساقفه: " لا تقف أمام الهيكل لئلا تنجسه بأعمالك ، فأمر الجنود بالقبض عليهم ووضع فى رقابهم وأرجلهم السلاسل الحديديه ووضعهم فى السجن0 وأنتظر البابا ورفقاؤه الموت بين لحظه وأخرى ، وطلب بطرس من الوالى أن يأتى بهم من السجن ، قال بطرس: " إحضر لى أوانى الذهب والفضه لتحمل الى الخليفه فقال البابا: " إن الكنيسه من توالى الإضطهادات والطمع والجشع فقدت ما عندها من المعادن الثمينه "
وهنا قال له بطرس أنا أعرف أنك تملك كتاب صنعه جابر يمكنك أن تصنع به ذهبا وفضه ( أطلق عليها فى العصور الوسطى صنعه جابر ويسميه بعض الأغبياء الإسطرلاب وكان العامه والجهلاء يعتقدون بإمكانيه تحويل المعادن الرخيصه مثل الحديد والنحاس وغيرها الى معادن ثمينه مثل الفضه والذهب وقد قرأت كتابا كان يمتلكه أحد الأصدقاء مخطوط باليد غلافه من جلود الحيوانات لا يخرج عن خلط المعادن ببعضها البعض لعمل سبائك ، وأذكر أيضا أن أحد العلماء الفرنسيين فى العصور الوسطى قال أن هذه الصنعه ليست إلا صناعه سبائك ، وأضفى مؤلفى هذه الكتب شيئا من الخرافات وبعض الجداول الحسابيه وفى النهايه أضفوا عليه الطابع الدينى قائلين بتغير الحديد والنحاس بقوة أم الخلاص0)فقال البابا له: "إنه ليست لى معرفه عن هذه الكتب0" فغضب بطرس وأمر أن يشتغل الخليفه ومن معه فى طلى المراكب بالزفت فأستمر البابا فى هذا العمل لمده سنه ووجوههم إحترقت من الشمس ، حتى كان البعض يحزن عليهم والبعض يبكى من مشاهدتهم هكذا ، أما بطرس فكان يطالبهم بتسليم ألأوانى حتى يرضى الخليفه ، ولكن البابا قال له إذهب الى كنائس الإسكندريه ستجد ان كل أوانيها من الزجاج والخشب0 فساء ما عمله بطرس والوالى يزيد بن حاتم ببطريركهم ،
فعصى جماعه منهم فى الوجه البحرى وطردوا المستخدمين وجباة الجزيه المسلميين من بلادهم وصاروا يديرون بلادهم بأنفسهم ، وقال المقريزى فأرسل والى مصر جيشا قويا ليحاربهم ويخضعهم ، ولكن الأقباط أحاطوا بهم وقتلوا العديد من جنود حيشه فلم ينج منهم أحد ، ومن المعروف أن المصرى لم يطمع فى أكثر أن يتركه حكامه يعبد إلهه بدون تدخل ولكن هؤلاء بالرغم من أن فتره إحتلاهم للبلاد طويله إلا أنهم لم يستطيعوا ان يفهموا وأظن انه ليست لهم القدره على الفهم لإداره البلاد بدون تعصب أو إضطهاد أو قتل أو تعذيب ، وجهز الوالى جيشا آخرحاصر الثواروبالطبع كانوا جنود متمرنين على القتال ووعد الوالى جنوده بالسلب والنهب والسرقه وأنهم يحاربون الكفار وأنهم إذا إستشهدوا سيدخلون الجنه التى أنهارها خمر ولبن وماء وعسل وسينكحون ما طاب لهم من النساء والصبيان 0 أى ان لهم النصر فى الدنيا والآخره ، وفى أثناء حصارهم أكل الثوار جثث موتاهم لشده الجوع كما ذكر المقريزى ، وأهدمت جميع كنائس الفسطاط ما عدا كنيسه الأنبا شنوده ، وقدم الأقباط للوالى خمسين ألف دينار لكى يتجاوز عن كنيسه كلنت قائمه لهم فى حصن قسطنطين ، وان لا يدمرها ولكن الوالى الغشيم هدم الكنيسه ولم يترك فيها حجرا على حجر 0
وعين الخليفه عبد الله بن عبد الرحمن بن معاويه واليا على مصر وعندما حضر الوالى الجديد وعرف ما حدث من بطرس فأراد تهدئه الموقف ، فهدده بطرس قائلا: " أتريد أن أطيع البطريرك وأخالف الخليفه0" فخشى الوالى أن ينم بطرس فيه لدى الخليفه فقبض عليه وكبل يديه ورجليه بالسلاسل وطرحه فى مكان ضيق وأفرج عن البابا ومن معه فذهبوا إلى الإسكندريه وإستقبلهم الأقباط بفرح عظيم ، أما بطرس فقضى ثلاث سنين فى السجن ، وتغير الوالى الذى كان يمقته وعين بدلا منه أخوه محمد الذى لم يمكث سوى شهور قلائل ومات وعين بعده والى إسمه موسى بن على سنه 772 وفتح ولايته بفحص أوراق المسجونين والتهم الموجهه إليهم ومعرفه جرائمهم ولما عرض عليه بطرس وجد أنه ليس عليه أى تهمه ، فأطلق سراحه وأرسله الى الخليفه ليرفع دعواه إليه فذهب الى المنصور فأكرم وفادته وأعلن إسلامه وغير إسمه من بطرس الى أبو الخير وطلب من الخليفه أن يعطيه قوة كبيره لينتقم من البطريرك مينا والأقباط ، وسمع الأقباط برجوع الخائن فإستعدوا للثوره ولكن قبل وصول الجيش الذى يقوده أبو الخير مات الخليفه ، وتركه الجيش وبهذا أصبح من بيده السلطان بدون سلطان ، ومضى بطرس أبو الخير الى بلدته فأبى معارفه وأقرباؤه الإختلاط به فذهب الى البابا والأساقفه الذى كان يسعى فى هلاكهم وطلب منهم أن يقبلوا توبته ولكن طلبه رفض رفضا باتا لإنهم لم يثقوا فى توبته ، وكانت حالته فريده من نوعها لإن الكنيسه القبطيه إشتهرت بقبول كل تائب ونادم إليها 0 وظل مرزولا الى أن مات0
وتنيح البابا مينا 1 البطريرك رقم 47 فى آخر يوم من طوبه سنه 478ش 776م وأمضى 8 سنين على كرسى مرقس رسول المسيح



رجال الله يصنعون العجائب
الفتره بين 451م


 
مقدمه: فى 54 سنه تولى مصر 45 واليا كلن أولهم إبن عم السفاح ، ولم يأمن الخلفاء العباسيين بأن يولوا واليا واحدا على أى ولايه لمده طويله حتى لا يستقل بالحكم او يتمرد عليهم ولنأخذ مثلا الخليفه هارون الرشيد وقد تولى السلطه لمده 23 سنه وعين فى مصر 24 واليا وهذه الخطه نجحت فى إستمرار إحتفاظهم بالحكم مده طويله ، إلا أنها من وجهه نظر أخرى أضرت هذه السياسه، بالمصريين الأقباط ، وبمصر ، وبإقتصاد البلاد0 كما أدى تغيير الولاه الى قيام شعوب الولايات بالعديد من الفتن ، وما كان من المسلميين إلا أن يعلنوا غضبهم وسخطهم على هذه التغيرات حتى ينضم إليهم الأقباط ( راجع تاريخ مصر فى الصور الوسطى إستانلى لابون بوول ، وقصه الكنيسه القبطيه ج2 ص407)
صلوات الأقباط ترفع مستوى منسوب نهر النيل:

بلغ إرتفاع مستوى منسوب مياه نهر النيل أقل من 14 ذراعا ، والمفروض ألا يقل عن 16 ذراعا حتى يروى الأراضى والناس ، وإلا فسيكون هناك قحط وجوع وعطش وحدث أن الأساقفه الأقباط إجتمعوا فى عيد الصليب فى بابليون 0 وكانوا يجتمعون مرتين فى السنه ، وقد ذكر يوحنا شماس البابا خائيل ماحدث ( راجع ك0 تاريخ الأمه القبطيه ا0ب0تاتشر ص203) فى 17توت-26سبتمبر وهو عيد الصليب المجيد
إجتمع قسوس الجيزه وبعض إكليروس البلاد النائيه وجمهور من سكان الفسطاط كبارا وصغارا ونساء ورجالا ، وساروا فى احتفال كبير وبأيديهم الأناجيل المقدسه والمجامر ويطلقون البخور ويرنمون وينشدون الألحان ، ودخل الجمع كنيسه القديس بطرس الكبرى التى كانت أساساتها على شاطئ النيل ، فلم تسعهم الكنيسه على إتساعها فظل أكثر الشعب وقوفا خارجها 0 وبعد فتره جاء البابا ورفع الصليب بيمينه وبجانبه مينا أسقف ممفيس ( الجيزه ) ممسكا الإنجيل 0 وسار أمامنا وفى يد كل منا صليب الى ان وصلنا إلى شاطئ النهر 0 فوقفنا هناك وكان ذلك قبيل طلوع الشمس 0
وبدأ البابا ومينا الأسقف بالصلاه والتسبيح والشعب يردون ورائهم فى الفضاء قائلا: " كيريالايسون" ( اى بمعنى يارب إرحم ) وإستمرت الصلاه والتراتيل لغايه الساعه الثالثه من النهار 0وإستيقظ المسلمون واليهود من نومهم وسمعونا نبارك أسم الله وأصوات الإبتهالات والتضرع لرحمته 0 وإجتمعوا ليروا ، وقد سمع الله لصراخنا وأجاب طلبنا وأرتفع النيل فى ذلك اليوم ذراعا واحدافمجد الناس وشكروا نعمته ،
وعندما سمع الوالى المسلم أخذه العجب والإندهاش واستولاه الخوف والرعب هو وجميع جنوده ) وإغتاظ الوالى وساءه أن تتم هذه الأعجوبه على يد الأقباط وصلواتهم وتقربهم من الله ، فأمر المسلميين أن يذهبوا فى صباح اليوم التالى فى نفس المكان الذى صلى فيه الأقباط ، لعلهم يزيدون مياه النيل ذراعا واحدا ، وذلم بواسطه ركوعهم وقيامهم على شاطئ النيل ، فلما صلى المسلمون وركعوا وقاموا فعكس الله الأمر معهم ، فنقصت مياه النيل ذراعا واحدا بدلا من أن تزيد ذراعا كما كانوا يأملون ، وكان هناك مقياسا للنيل فى الروضه لمعرفه إرتفاع منسوبه ، فغضب الوالى وأصدر أمرا بألا يصلى أحدا بعد ذلك ، فبقى النهر على حاله ، إلا أن ه رأى الخطر يتهدد البلاد وطلب منه المصريون جميعا لأن يترك البابا القبطى يصلى ،
فطلب الوالى من الأقباط ان يصلى ثانيه ، فحضر البابا والأساقفه ، وإحتفلوا بعمل صلاه القداس الإلهى وإستمروا الى الساعه السادسه من النهار ولما ألقوا مياه غسل الأوانى المقدسه فى النهر ، حلت فجأه على مياهه حركه غير عاديه وزياده فى مياه النيل 00وأذ يرتفع بين تهليل المسيحيين وتسبيحهم ، إلى أن وصل منسوبه الى 17 ذراعا ،
أحب أبو العون الوالى الأقباط وعمل الخير فى كنائسهم وإستراح الأقباط من مر العذاب والإضطهاد مده 4 سنين0
وفى هذه الفتره إفتقد البابا خائيل شعبه فطاف فى البلاد وذهب الى القرى والمدن ليرى شعبه فكان يمر بينهم مصليا وشافيا ، يرد الضال وينصح الرعيه ويعظهم وأثناء تجواله عثر على طائفه من أتباع المنشقيين المسيحين كان يعتقد أنها إختفت من البلاد ، وكانت تتبع هرطقه ميليتوس ، ويقدر عدد رجالها 300 رجل إعتكفوا وإختفوا فى الكهوف ومغاير الأرض ، وكانوا منزويين فى واحه من واحات القطر المصرى ولا يعلم عنهم احد ، بالرغم من إنتهاء هذه الهرطقه ، ولما علم بوجودهم قابلهم بمحبته المعهوده وبشاشه وجهه وضمهم الى أحضان كنيسه الله

خلاف بين الإخوه:
توفى بطريرك الكنيسه الأنطاكيه أثناسيوس ثم خلفه يوحنا الذى مكث 3 سنين وتوفى ، وظل الكرسى الأنطاكى شاغرا ، وحدث أن إمرأه الخليفه المنصور أبى جعفر كانت عاقرا فسمعت عن تقوى إسحق أسقف حاران ألأنطاكى وأعماله العجائبيه 0 فإستدعته فحضر لديها وصلى لإجلها فرزقت ولدا ، فسألته أن يطلب شيئا ، فسأل إسحق الخليفه أن يأمر بتعينه بطريركا 0 ولكن النظام الكنسى فى الكنيسه الأنطاكيه يحتم الإنتخاب بدون تدخل السلطه المدنيه ، فأمرهم الخليفه بإنتخاب إسحق بطريركا، ولم يكن السبب السابق هو المانع الوحيد ، بل أنه لا يجب أن يكون أسقفا يتولى رعايه أبروشيه وشعبا ، فنقل أساقفه معينين على أماكن بها كنائس ( أبروشيه) غير جائز فى الكنائس الشرقيه ، فإستعمل إسحق التهديد وسلطه الخليفه والمال للضغط على الأسلقفه فأوقع الرعب فى الأساقفه ، إلا أن أسقفين لم يوافقا عليه وقاوماه ، فأضمر لهما الشر وقتلهما بدس السم ، وأزاحهما من طريقه لمنصب البطريركيه ، وتم له ما تمنى وجلس على كرسىالبطريركيه ،
وكعاده بطاركه أنطاكيه أرسل كتابا الى البابا خائيل يعرفه بخبر نواله الرتبه ، ويسأله فى إعتباره شريكا معه فى الخدمه الرسوليه ، وهذا بالتالى يؤدى الى ذكر إسمه فى الصلوات التى تتليها الكنيسه القبطيه وأرسل هذا الكتاب مع مطران دمشق ومطران حمص وكاتبين كان أحدهما شماسا والآخر قسيسا ، كما انه كلف الخليفه بأن يكتب خطابا الى والى مصر أن يتمم الأوامر الصادره برغبه أسحق من البابا المصرى ، وإن لم يصادق خائيل على تعيين إسحق بطريركا فلا بد من القبض عليه وإرساله الى الخليفه ليتولى أمر معاقبته0
إطلع البابا على الكتاب ولم يقرر رأيا قبل مشوره الأساقفه فعقد مجمعا إستمروا يتناقشون حول هذا الموضوع لمده شهر ، وكانوا بين رأيين أحلاهم مرا ، إما أن يرفضوا طلب الخليفه وأن تقع الأمه تحت طائله الإضطهاد وينتهى الأمر بتعذيب البطريرك وموته كعاده الحكم الإسلامى ، أو أنهم يوافقوا على تعيين بطريركا إغتصب الرتبه فى كنيسه أخرى بدون وجه حق ، كما انه قتل مطرانين ،
وجاء القرار القبطى على لسان البابا عندما قال: " لا سيف ولا نار ولا حيوانات ضاريه ولا نفى ولا تعذيب تستطيع ان تضرنى الى التصديق على أمر يخالف ضميرى ومبدأ دينى ومعتقدى0 " فالبطريرك المصرى لا يستطيع ان يكون فى شركه مع بطريرك أخذ الرتبه بقوه السلطان0 وبناء على رفض البطريرك المصرى للتصديق ، طلب رسل البطريرك الأنطاكى من والى مصر أن يسلمهم البطريرك القبطى مقبوضا عليه تبعا لأمر الخليفه ، وكان الوالى يميل الى البطريرك القبطى فحاول ان يؤخر القبض عليه بإقناع الأنطاكيين بإعطائه فرصه لتغيير رأيه ،
وبعد مفاوضات بائت بالفشل ، لم يغير البابا المصرى رأيه لأنه لإتخذ قرارا لصالح كنيسه الله ، وسمع موسى أسقف اوسيم بذلك فأعلن رغبته فى مرافقه رئيسه بابا الأقباط الى آخر العالم وحتى الى القبر وكذلك يوحنا الشماس كاتب هذه السيره ، وعندما إستعدا الأبطال الثلاثه للسفر ، وردت أنباء بموت إسحق ، وحل الله المشكله الأخويه لصالح العلاقه بين الكنيستين ، فلم يكن هناك حاجه لسفر خائيل ورفيقيه ، كما ان الوالى أيضا منعهما من السفر وقلبه مملوء من الفرح والسرور
وبنى أبو عون الوالى حيا جديدا فى مدينه الفسطاط عرفت بإسم الحمراء القصوى ثم عرفت بعد ذلك بإسم العسكر ، وكلنت مكانا لسكن الوزراء ، والحرس الخاص له ، وكانت متصله بضواحى الفسطاط ( تاريخ مصر فى العصور الوسطى لستانلى لابن بوول ص30-31) *** ويقال أن البابا خائيل أراد حمايه الكنيسه بعد هذه الحادثه ووضع قانونا منع فيه إنتخاب البطريرك من أستقفه الأبروشيات ، وعاش البابا خائيل بعد هذه الحادثه 11 سنه ، والوالى الذى تولى مصر بعد ذلك هو يزيد بن حاتم وهو الذى نقل الدواوين الخاصه بالجزيه الى قصر الشمع بحصن بابليون المعروف بقصر الشمع ، وخدم البابا خائيل كنيسه الله بأرض مصر 23 سنه 6 أشهر 17 يوما وأنتقل فى 16 برمهات سنه 758 م ( طبقا لما ورد فى مخطوطه محفوظه فى مكتبه دير الأنبا مكارى الكبير)
الإضطهاد الدينى للأقباط فى عصر هذا البطريرك - وثورة القبط
قال المقريزى فى كتاب القول الإبريزى للعلامة المقريزى : " سنة  758 ميلاديه ثم  لما  مات  ميخائيل    قدم  اليعاقبه  فى  سنة  ست  واربعين  ومائه   انبا  مينا  فاقام  سبع  سنيين  ومات .
وفى  ايامه  خرج  القبط  بناحية  سخا    واخرجوا  العمال  فى  سنة  خمسين  ومائه   وصاروا  فى  جمع   فبعث  اليهم      يزيد  بن  حاتم  بن  قبيصه    امير  مصر   عسكرا    فاتاهم  القبط  ليلا  وقتلوا  عده  من  المسلميين    وهزموا  باقيهم    فاشتد  البلاء  على  النصارى  واحتاجوا   الى   اكل   الجيف  !!!!!!وهدمت  الكنائس  المحدثه  فى  مصر  فهدمت الكنائس  المحدثه  فى  مصر  فهدمت  كنيسة  مريم  المجاوره  لابى  شنوده  بمصر وهدمت  كنائس  محارس  قسطنطين  فبذل  النصارى  لسليمان  بن  على  امير  مصر  فى  تركها  خمسين  الف  دينار  فأبى  فلما  ولى  بعده  موسى  بن  عيسى  اذن  لهم  فى  بنائها   فبنيت  كلها  بمشورة  الليث بن  سعد  وعبد  الله  بن  لهيعه  قاضى  مصر  واحتجا  بان  بناءها  من  عمارة  البلاد