مرحباً بكم في مدونة المسيح مخلصي وهى تحتوي على موضوعات مسيحية متعددة بالاضافة الي تاريخ الاباء البطاركة المنقول من موسوعة تاريخ اقباط مصر للمؤرخ عزت اندراوس بالاضافة الي نشر الكثير عن تاريخ الاباء

الأربعاء، فبراير 24، 2010

الآباء البطاركة فى المائة سنة الأولى للميلاد - القرن الأول الميلادى

الآباء البطاركة فى المائة سنة الأولى للميلاد - القرن الأول الميلادى

ميليوس البابا القبطى رقم (3)


تاريخ التقدمة 4 كيهك - أول ديسمبر 83 للميلاد وأصبح ميليوس البابا القبطى رقم 3 وذلك بعد أستشهاد مرقص الرسول ووفاة انيانوس فى شهر كيهك بعد سنة 84 م وذلك فى السنة الخامسة عشر من ملك دوماتيانوس بن اسباسيانوس أمبراطور روما ر بإجماع آراء الشعب
وكان أسمه قبل أن بطريركيته مليانوس وابيليوس
وكان هذا البابا مشهوراً بالعفاف والتقوى والغيرة على رعية المسيح وخدمتهم فأخذ يثبت الشعب فى الإيمان حتى نمى عدد المسيحيين بمصر والخمس مدن الغربية وأفريقيا وأصبح المصريون فى عهده يحتقرون الأعتقاد بعبادة الأوثان ويتهافتون على الأنضمام للكنيسة أفواجاً .
وفى هذه الصدد يؤكد الأنبا ساويرس أبن المقفع فى تاريخ البطاركة (1) : " وكان هذا مليانوس ذا عفاف وثبت الشعب على معرفة المسيح , وكثر الشعب الأرثوذكسى بمصر والخمس مدن وأفريقية وأقام 12 سنة على الكرسى وكانت البيعة ( الكنيسة ) فى أيامه تحت سلامه وتنيح فى أول يوم من توت فى خامس عشر سنة من ملك الملك المقدم ذكره ( الأمبراطور الرومانى دوماتيانوس ) فسمع الكهنة والأساقفة الذين كانوا من قبله فى البلاد بأن البطرك قد تنيح فحزنوا وأجتمعوا إلى مدينة الإسكندرية وتشاوروا مع الشعب الأرثوذكسى الذين فيها وطرحوا القرعة لكى يعرفوا من يستحق يجلس على كرسى القديس مرقس الأنجيلى تلميذ (رسول ) السيد المسيح بعذ هذا ألب مليانوس , فأتفق رأيهم بتأييد السيد المسيح ربنا على رجل مختار خائف من الرب أسمه كردونوس "


اختير هذا البابا بطريركاً ، وذلك بعد صعود ربنا يسوع المسيح بخمس وخمسين سنة.


+ رعى رعية المسيح أحسن رعاية ، وأقام على الكرسى المرقسى اثنتى عشرة سنة


نياحتــــه


وتنيح أول توت - 30 أغسطس 95 للميلاد وقيل سنة فأقام اثنتي عشرة سنة وتسعة أشهر ويقول القس منسى يوحنا (2) : " روى بعض المؤرخين أن دومتيانوس قيصر طرد البابا ميليوس من الكرسى السكندرى وأقام بدلاً منه , غير أن هذه الرواية لم يقم دليل على صحتها ولم تتناولها أقلام المؤرخين - ودفن فى كنيسة بوكاليا


وفى السنكسار القبطى تعيد الكنيسة القبطية بتذكار نياحته فى اليوم الأول من شهر توت من كل عام


المـــــــــــــــــــــراجع



(1) تاريخ البطاركة : سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الأول ص 7 و 8
(2) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1983 م ص 30


الشهيد البابا القبطى كرذونوس رقم (4)



أسم البطريرك القبطى البابا الـ 4 ينطق بالعربية بعدة طرق هى : كروذونوس - كرودونوس - كرتيانو - كرديانو
عندما سمع الكهنة والأساقفة بنياحة البابا ميليوس حزنوا جميعاً وأجتمعوا فى مدينة الأسكندرية وتشاوروا مع الشعب الأرثوذكسى الذين فيها , فإتفق رأيهم بتأيد السيد المسيح على رجل مختار خائف من الرب أسمه كرذونوس (1) وقد أجمع المؤرخون أن : " ممن عمدهم الرسول مرقس الرسول كرذونوس "
تاريخ التقدمة 7 توت - 5 سبتمبر 95 للميلاد
الملوك المعاصرون
عاصر البابا كرذونوس الأمبراطور دومتيانوس والأمبراطور نوفا و الأمبراطور تراجان
وفى عهد تراجان إزداد عدد المسيحيين بالأسكندرية
ويقول الأنبا ساويرس أبن المقفع (2) : " فأخذوه وأوسموه على كرسى الإسكندرية , وكان عفيفاً متضعاً فى أيامه كلها , وأقام أحدى عشرة سنة فى رئاسته , وتنيح فى 21 يوماً من تسع سنين من ملك أدريانوس الملك "
محل أقامة البطريرك مدة الرئاسة
المرقسية بالأسكندرية
نياحتــــه
وكان أستشهادة فى 21 بؤونة سنة 106 م , وقد خلا الكرسى المرقسى من بعده ثلاث سنوات نظراً لشدة الضيق والأضطهاد وعدم تمكن الشعب المسيحى من إختيار البطريرك
وتذكره الكنيسة القبطية فى السنكسار فى يوم 21 بـؤونة نياحة البابا القديس كردونوس الرابع من باباوات الكرازة المرقسية حيث يتلى على الشعب الاتى : " في مثل هذا اليوم ( 15 يونية سنة 106 م ) تنيح البابا القديس كردونوس الرابع من باباوات الكرازة المرقسية وقد تعمد هذا الأب من يد القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصرية . وتعلم علوم الكنيسة وبعد نياحة البابا ميليوس رسم بابا للكرسي المرقسي في 7 توت ( 5 سبتمبر سنة 95 م ) فرعي شعبه أحسن رعاية بالوعظ والتعليم والإرشاد مدة إحدى عشرة سنة وشهرا واثني عشر يوما وتنيح بسلام صلاته تكون معنا . ولربنا المجد دائما . آمين " ولكن بعض المؤرخين أن البطريرك كرذونوس أستشهد حيث أن الأمبراطور تراجان ارسل فى بدأ حكمه فى عام 98 م منشوراً يحتوى امراً بقتل المسيحيين فقتل منهم عدد كبير وقبض واليه على البطريرك القبطى كرذونوس وقتله فى عام 106 م .. ويقول المتنيح القس منسى يوحنا (3) : " أن سبب القبض عليه هو أن والياً رومانياً قال له : " لماذا لا تشركون آلهتنا بإلهكم وتبقون على عبادته " .. فأجابه : " إننا لا نسجد لأله آخر " أى أننا نحن لا نشرك إلهنا بآلهه أخرى , كان هذا الأب عفيفًا متصفًا بكل الصفات الصالحة فرعى كنيسته باجتهاد وأمانة فكان أشهر رجال الدين في عصره وأتقاهم وأكثرهم علمًا. قُبِض عليه واستشهد في الاضطهاد الذي أثاره تراجان قيصر (4)
تاريخ النياحة .. 21 بؤونه - 15 يونيو 106 للميلاد , وعلى هذا تكون مدة الأقامة على الكرسي10 سنوات و 9 أشهر و 10 أيـام , ودفن البابا كرودونوس فى كنيسة بوكاليا


المـــــــــــــــراجع

(1) كتاب تاريخ الكنيسة القبطية ص 31
(2) تاريخ الاباء البطاركة للأنبا يوساب أسقف فوه من آباء القرن 12 أعده للنشر للباحثين والمهتمين بالدراسات القبطية الراهب القس صموئيل السريانى والأستاذ نبيه كامل ص 7
(3) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1983 م
(4) بطاركة عظماء لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية (ج 1)، صفحة 38



البابا بريموس البطريرك رقم 5



فى 22بؤونة16 /6/106م أختير بريموس بطريركاً للأقباط ليصبح البابا رقم (5) وقد ولد هذا البطريرك فى مدينة الأسكندرية وقيل أنه ممن عمدهم مرقس الرسول , وقال عنه ساويرس ابن المقفع فى تاريخ البطاركة : " أنه كان عفيفاً مثل الملائكة ويفعل أفعال حسنة بنسك "
الحكام المعاصرين
وقد عاصر هذا البطريرك الأمبراطور الرومانى أدريانوس
أعماله
وفى عهده أصبح لمدرسة اللاهوت المسيحية بالأسكندرية شأن كبير وأمتدت سمعتها لأنه قد تخرج منها كثيرين من النابهين وعلماء فى اللاهوت وفى الأناجيل والتفاسير المختلفة وقد قام هذا البابا بناء الكنائس والتبشير فى جميع انحاء مصر .
واشتدّ الأمر على المسيحيين في أيام الملك أدريانوس وقتل منهم خلائق لا يحصى عددهم وقدم مصر فأفنى من بها من االمسيحيين معتبراً أنهم فئة من اليهود وخرّب ما بني في مدينة القدس من كنائس للمسيحيين ومنعهم من التردّد إليها وأنزل عوضهم بالقدس اليونانيين وسمى القدس إيليا كابتوليا فلم يتجاسر مسيحى أن يدنو من اورشليم
وقال القس منسى يوحنا (1) عنه : " وإزداد هذا البابا تمسكاً بالفضائل فلم يفتأ أن يقوم هو بنفسه بالوعظ والإرشاد بدون كلل ولأجل هذه الغاية كان يتخير الرجال الأكفاء ويقيمهم أساقفة وقسوساً ووعاظاً ليهذبوا الرعية بالاداب المسيحية , وظل يعمل فى حقل الرب وتوسيع نطاق الخدمة وأنتشار المسيحية لمدة 12 سنة وساعده على تقدم الكنيسة فى أيامه .
نيـــاحته
وقال الأنبا ساويرس عن نياحته فى تاريخ البطاركة (2) : " توفى البابا بريموس فى 3مسرى الموافق 17/7/118م فى خامس سنة من ملك أنريانوس "
ذكره المؤرخ يوسابيوس القيصرى (3)


المـــــــــــــــراجع

(1) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 24
(2) تاريخ البطاركة : سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الأول ص 8
(3) تاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب الرابع الفصل 1 و 4 (ك4 ف1 و 4)


البابا يسطس البطريرك رقم 6

فى عام 13توت - 6/8/118م أختار الأقباط كهنة وأساقفة وشعبا يسطس ليصبح البطريرك رقم (6)
الأمبراطور المعاصر
وفى أثناء زيارة الأمبراطور أدريانوس الأولى لمصر سنة 118 م توفى البطريرك بريموس , وجلس بعده على الكرسى المرقسى يسطس الذى قيل أنه أحد الذين عمدهم الرسول مرقس
اعماله
ويسطس هو الذى عينه مرقص الرسول رئيساً للمدرسة اللاهوتية الشهيرة فى الأسكندرية وظل يعلم فى تلك المدرسة حتى أقيم بطريركاً فترك وظيفته الأولى وعهد بها إلى أومانيوس وأخذ يهتم هو بمسئولية منصب بابا الكنيسة القبطية التى إتمنه عليها الرب يسوع فخدمه وخدم كل الشعب وجعل أهم أغراضه هو تبشير الوثنيين الذين كانوا يعشقون العلم والتعلم فجذبهم لخلفيته التعليمية ولطلاقة لسانة إستطاع جذب الكثير من الوثنيين إلى المسيحية . فأقام عشرة سنين وعشرة أشهر وخمسة عشرة يوماً .
كان هذا البابا من مواليد الإسكندرية وكان في البداية وثنيًا ثم نال بركة المعمودية المقدسة مع أبيه وأمه على يد مار مرقس الرسول، ثم نال كرامة الشماسية من يد البابا إنيانوس الثاني ، الذي لم يلبث أن رفعه إلى الكهنوت ، كما عينه رئيسًا للمدرسة اللاهوتية بالإسكندرية التي أسسها القديس مرقس، فلبث يعلم في تلك المدرسة. بابا الإسكندرية لما رأى الشعب تفانيه في الخدمة في كل هذه المجالات انتخبه للبابوية، فترك وظيفته الأولى وهي رئاسة المدرسة اللاهوتية وعهد بها إلى أومانيوس، وأخذ هو يهتم بمسئولية وظيفته الجديدة، فخدم فيها بكل أمانة، ورعى شعب الرب أحسن رعاية. وقد جعل أهم أغراضه تبشير الوثنيين وجذبهم إلى المسيحية، فنجح في عمله وتنصّر منهم على يديه عدد عظيم.
نياحتــــة .
وقال الأنبا ساويرس أبن المقفع فى تاريخ البطاركة (1) : " توفى هذا البطريرك فى 12بؤونة - 6/6/129م فى سادس عشرة سنة من ملك أدريانوس ودفن مع آبائه "
استمر قائمًا بوظيفته البابوية عشر سنين وعشرة أشهر، تنيّح بعدها في شيخوخة صالحة في 12 بؤونة سنة 129م.
وقيل أنه كانت نياحتة قبل زيارة الأمبراطور أندريانوس الثانية لمصر بسنة واحدة وخلفه على كرسى البطريركية يومينيس وقلما يعرف شئ عنه
ذكره المؤرخ يوسابيوس القيصرى (2)


المــــــــــــراجع

(1) تاريخ البطاركة : سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الأول ص 8
(2) تاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب الرابع الفصل 4و 5 (ك4 ف 4و 5)



البابا أومانيوس البطريرك رقم 7

وفى عام 11أبيب - 7/7/129م أختار الأقباط كهنة وأساقفة وشعبا أومانيوس لطهارته وعفته والنزاهة حيث أنه نذر نفسه بتولا ليصبح البابا رقم (7)
الأباطرة الرومان المعاصرين
وكان هذا البطريرك أحد أفاضل وكبار مسيحى الأسكندرية وكان فى عهد الأمبراطور هدريانوس الذى شدد أضطهاده للأقباط ووعاصر أيضاً الأمبراطور أنطونيوس بيوس
أعماله
وكان هذا البابا يعمل من قبل مديراً للمدرسة الأسكندرية اللاهوتية .
ومن أشهر أعماله فى مدة البطريركية رسامة أساقفة للكرازة المرقسية فأقام منهم عدداً كبيرا وأرسلهم إلى كل جهات القطر المصرى والنوبة والسودان والخمس مدن الغربية انشر بشرى الخلاص .
وقال القس منسى يوحنا (1) : " وفى عهد هذا البابا البار أشتد الأضطهاد على المسيحيين فنال الشهادة كثيرون من الأقباط "
نيــــــــــاحته
وقال الأنبا ساويرس عن نياحته فى تاريخ البطاركة (2) : " تنيح فى 10 بابه فى السنة السادسة لأنطونيس الملك "
توفى هذا البابا فى 10 بابه 7/10/141 م فأقام أثنا عشر سنة وثلاثة أشهر
ذكره المؤرخ يوسابيوس القيصرى (3)
(1) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 25

(2) تاريخ البطاركة : سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الأول ص 8
(3) تاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب الرابع الفصل 11 و 19 (ك4 ف11 و 19)


البابا مركيانوس البطريرك رقم 8

وفى 8 هاتور - 3/11/141 م وقد ولد هذا البابا فى مدينة الأسكندرية المحبة للمسيح أختار الأقباط كهنة وأساقفة وشعبا مركيانوس ليصبح البابا رقم ( 8) بطرك الإسكندرية وأرتقى السدة المرقسية
الأمبراطور المعاصر
وقد عاضر هذا البابا الأمبراطور الرومانى نطونيوس بيوس .
أعماله
وكان أيضاً مديراً للمدرسة اللاهوتية وأستحق أن يرتقى بالعمل الكنسى فى أثناء توليه رئاسة الكنيسة القبطية وساعدة على ذلك فضائله وأخلاقه الحميدة وقال عنه الأنبا ساويرس أبن المقفع (1) : " فلما مضى البطرك المذكور أجتمع الشعب وأخذوا أنساناً محباً للرب أسمه مرقيانوس وأوسموه بطركاً ", فحقق آمال شعبه ورجال الكهنوت الذين أنتخبوه فأخذ بعد تنصيبه يتتبع آثار أسلافة وسار على سياستهم ومبادئهم ينسج على منوالهم فى هداية النفوس وتهذيب الأخلاق رغم الأضطهاد فكان محبوباً من جميع الشعب .
نياحتـــــــــــه
توفى هذا البطرك فى 6 طوبه - 2/1/152 م ولبث هذا البابا مجاهداً مثابراً مدة عشرة سنين وشهرين ومات في سادس طوبه وكفن ودفن مع آبائة البطاركة السابقين
وقال عن نياحته الأنبا ساويرس أبن المقفع : " فأقام تسع سنين وشهوراً بسيرة عجيبة وتنيح فى اليوم السادس من طوبة فى السنة الخامسة عشرة لأنطونيس الملك "
ذكره المؤرخ يوسابيوس القيصرى (3)
البابا كالاديانوس البطريرك رقم 9

ذكر أسمه بعض المؤرخين دلاديانو وآخرون كالاديانوس أنتخبه شعب وأساقفة الأسكندرية بطريركاً ورسم على الكرسى الرسولى 8 طوبه - 4/1/ 152 م وأصبح البطريرك رقم 9 فى العدد وولد بالأسكندرية وتربى بين أبنائها فى هذه المدينة .
الأمبراطور المعاصر
وقد عاصرالأمبراطور نطونيوس بيوس
أعماله
وكان محبوباً من الجميع باراً وحكيما فى عينى الناس , ولما قبض على زمام الرئاسة أخذ يتعهد الزرع الذى تركه له أسلافه وكانت أيامه هادئة لم يحصل فيها إضطهاد يكدر صفو السلام , ولبث مواظباً على خدمته
نياحته
لبث البابا كالاديانوس يخدم شعبه القبطى أربعة عشر سنة وستة أشهر إلى أن رقد فى الرب فى 9أبيب - 3/7/166م وقال عن نياحته الأنبا ساويرس أبن المقفع (1) : " وكان محبوباً من جميع الشعب وأقام 14 سنة من ملك أورالياس والأرفياس ولدى الملوك وتنيح فى 9 أبيب وكفن ودفن مع آبائه البطاركة المقدم ذكرهم "
ذكره المؤرخ يوسابيوس القيصرى (3)



البابا اغربيتوس البطريرك رقم 10

ولد أغربينوس بالأسكندرية وقد أجتمعوا أيضاً بإتفاق وجعلوا أيديهم على أنسان من الشعب خائف من الرب أسمه أغربينوس ورسموه بطركاً وأجلسوه على الكرسى الإنجيلى فى 1مسرى - 25/7/166 م
الأمبراطور المعاصر
وقد عاصر الأمبراطور اركوس أوريليوس والأمبراطور لوسيوس فيرس
أعماله
وفي أيام بطركيته اتفق رأي البطاركة بجميع البلاد على حساب فصح المسيح وصومهم ورتبوا كيف يستخرج ووضعوا حساب الأبقطي وبه يستخرجون معرفة وقت صومهم وفصحهم واستمرّ الأمر على ما رتبوه فيما بعد وكانوا قبل ذلك يصومون بعد الغطاس أربعين يومًا كما صام المسيح ويفطرون‏.‏
وفي عيد الفصح يعملون الفصح مع اليهود فنقل هؤلاء البطاركة الصوم وأوصلوه بعيد الفصح لأنّ عيد الفصح كانت فيه قيامة المسيح من الأموات بزعمهم وكان الحواريون قد أمروا أن لا يغير عن وقته وأن يعملوه كلّ سنة في ذلك الوقت
نياحتـــة
وقال عنه الأنبا ساويرس أبن المقفع (1) : " ثم أن الشعب أجتمعوا أيضاً بإتفاق وجعلوا أيديهم على أنسان من الشعب خائف من الرب أسمه اغربيتوس ووسموه بطركاً وأجلسوه على كرسى الإنجيلى وأقام 12 سنة وتنيح فى 5 أمشير فى السنة التاسعة عشرة من الملوك المذكورين " ولبث هذا البطريرك مواظباً على خدمته مدة إحدى عشر سنة وستة أشهر وخمسة أيام إلى أن رقد فى الرب 5أمشير- 30/1/178م
وقد ذكرة المؤرخ يوسابيوس القيصرى (2)


البابا يوليانوس البطريرك رقم 11

ولد يوليانوس بمدينة الأسكندرية وقيل أنه كان تلميذاً بالمدرسة اللاهوتية الذى يرأسها فى ذلك الوقت الفيلسوف القبطى بنتينوس ففاق أقرانه فى العلم وظهر عليهم بتقواة وأستحق أن يرسم قساً وكان سالكاً فى طريق العفاف والتدين والهدوء , وبعد ذلك أجتمع مجموعة من الأساقفة من السنودس (المجمع) والشعب القبطى بالأسكندرية وبحثوا فى جميع الشعب فلم يجدوا مثل هذا القس فى صفاته فوضعوا أيديهم عليه وأوسموه بطركاً أختير بطريركاً فى 9 برمهات - 4/3/178 م أى أنه تبوأ الكرسى المرقسى فى أثناء السنة الأخيرة من حكم الأمبراطور الرومانى مرقس أوريليوس
الأمبراطور المعاصر
وقد عاصر هذا البطريرك الأمبراطور الرومانى مرقس أوريليوس والأمبراطور الرومانى كومودوس -
أعماله
وذكره المؤرخ يوسابيوس القيصرى (1) وعقب رسامته كرس جزء من وقته بكتابة ميامر (2) لمن سبقوه من البطاركة تخليداً لذكراهم وفائدة لخلفائهم . وقال عنه الأنبا ساويرس أبن المقفع (3) : " كان أنسان قس حكيم قد درس كتب الرب الإله أسمه يوليانوس سالكاً طريق العفاف والتدين والهدوء فإجتمع جماعة أساقفة من السنودس والشعب الرثوذكسى بمدينة الإسكندرية وبحثوا عن جميع الشعب فلم يجدوا مثل هذا القس فجعلوا ايديهم عليه وأوسموه بطركاً فوضع ميامر ومقالات القديسين "
عنقود العنب
وكان هذا البابا قريب من الرب , ومن أهم الأعلانات الإلهية أنه لما أحس بقرب وفاته ظهر له ملاك الرب فى رؤيا أو حلم فى أحدى الليالى قائلاً له : " الرجل الذى سيأتيك بهدية عنقود من العنب غداً يكون هو الذى أختاره الرب ليكون البطريرك من بعدك ويجلس على الكرسى المرقسى " .. وحدث أن فلاحاً متزوجاً يملك كرماً لا يعرف القراءة والكتابة شاباً من الأقباط أسمه ديمتريوس خرج فى الصباح الباكر ليعمل فى كرمه ويشذب أشجاره فعثر على عنقوداً من العنب نضج قبل أوانه ففكر فى أن يقطعه باكورة محصوله ليقدمه هدية إلى باباه المريض .
وكان البابا يوليانوس حينئذ فى أوقاته الأخيرة وكان الشعب والأكليروس مجتمعين حوله وكانوا يستفهمون منه عمن يجدر به أن يكون أهلاً ليكون بعداً منه أما البابا فقال : " هو الرجل الذى يأتى حاملاً عنقوداً من العنب من محصول كرمه " , فظنوا متحيرين أن البطريرك لا يعى ما يقول لشدة مرضة لأنه لا يوجد عنب ينضج فى الشتاء , وبينما هم فى حيرتهم وإذا بديمتريوس يدخل حاملاً عنقوداً كبيراً وغير عادى من العنب وقدمه للأب البطريرك فدهش الحاضرون وتناول البطريرك الهدية بفرح وقال لهم " هذا هو بطريركم من بعدى يا أقباط ", وأعلمهم بالرؤيا وظهور الملاك وأوصاهم بأنتخاب من عينه روح الرب .
نياحتــــــــــــه
ومكث البابا يوليانوس عشرة سنين يرعى شعبه وتنيح 8 برمهات - 3/3/188م , وقال الأنبا ساويرس فى ختام سرده لأحداث حياة البابا يوليانوس (3) : " ومن بعد هذا البطريرك لم يقم اسقف الأسكندرية فيها بل صار يخرج سراً ويوسم كهنة فى كل مكان كمارمرقس وتنيح البابا فى اليوم 8 برمهات وقيل فى 12 بابه فى السنة الخامسة من ملك سوريانوس الملك " (أ.هـ )

الأحد، فبراير 21، 2010

مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية

الرسول الأنجيلى رئيس أساقفة المدينة العظمى الأسكندرية ( الأول)



يطلق الأقباط على مرقس رسول الرب يسوع إلى أرض مصر اسم "بى تيئوريموس ماركوس" أى بمعنى "رائى الإله "


يقول أبن المقفع فى تاريخ البطاركة : " كان أخوين ساكنبن فى مدينة أسمها كيرنابوليس من أعمال الخمس مدن الغربية ( غرب مصر / ليبيا الان ) أسم الأكبر أرسطوبولس وأسم أخيه الصغير برنابس , وكانا فلاحين لهما حقل يزرعام ويحصدان , وكان لهما أواسى ( حقول ) ولم تكن أعمال العالم تلهيهم عن محبة الرب فقد كانا عارفين بناموس موسى معرفة جيدة , كما حفظا كثيراً من كتب العتيقة ( العهد القديم لأنهما كانا يهوديين) .


وحدث أن هاجمت قبائل البربر والحبش أراضيهما ونهبوا ما كان لهما فى زمان أوغسطس قيصر روما ولأجل فقدهما ما يمتلكان ونهبت مدخراتهما وما لاقوا من بلايا رحلا من تلك البلدة ونجوا بأنفسهم وهربوا إلى اليهودية وكان للأخ الكبير أرسطوبولوس أبناً يسمى يوحنا , فلما سكنوا أحدى بلاد اليهودية بالقرب من مدينة أورشليم ونمى يوحنا وكبر , وكان لهذين ألأخوين أبنة عم هى زوجة سمعان بطرس الذى كان أكبر تلاميذ السيد المسيح سناً , وعندما أختار السيد المسيح سبعين رسولاً ليرسلهم إلى العالم ليبشروا بملكوت السموات كان بينهم مرقس .. وأطلقوا على يوحنا أسم مرقس ومرقس له أسمان أسماً يهودياً هو يوحنا والأسم ألاخر مرقس وهو أسم يونانى .. ولهذا وصل إلى مصر ليبشر مصر برسالة الخلاص . , وكان يأوى عند بطرس ويتعلم هناك الكتب المقدسة






ولهذا يمكن القول أن مرقس (يوحنا) رسول السيد المسيح إلى ارض مصر ولد من ابويين يهوديين الأصل أستوطنا بلدة تسمى أبريانولوس فى شمال أفريقيا تقع بين مصر وطرابلس , حيث كانت توجد جاليات يهودية كبيرة فى مصر وفى ليبيا , وكانت ليبيا بها قبائل من البدو دائمة السطو على مدن شمال أفريقيا فقد سطت على أبريانولوس وفقد أرسطو بولس ثروته كلها ونهبت أمواله وأمتعته فأصاب والى مرقس الفقر والعوز فأضطرا إلى الهجرة إلى اليهودية وسكنا بالقرب من أورشليم .


وكان مرقس قريب لبطرس تلميذ السيد المسيح وكان بطرس الرسول يدعوه دائما أبنه , وآمن مرقس بالمسيحية , وفى أحدى رحلاته مع والده الذى لم يؤمن بالمسيح بعد قابلهما اسد ولبؤة يزأران بصوت مخيف , فقال أبوه أنا رجل شيخ وأيامى فى الحياة قليلة دعنى أقدم نفسى عنك وأهرب انت , فقال الرسول مرقس لأبيه : " لا تخف يا أبى المسيح الذى أؤمن به ينجينا من كل شدة " ولكن تقدم مرقس وصلى بأيمان لكى ينقذه السيد المسيح ولما أقترب منه الأسد صاح مرقس الرسول بصوت عظيم قائلاً : " السيد يسوع المسيح أبن الإله الحى يأمركما أن تنشقا وينقطع نسلكما من هذا الجيل , ولا يكن لكما فيه ولد إلى الأبد فإنشقا الأسد واللبؤة للوقت والساعة من وسطهما " فأنطرح الأسدان على الأرض وماتا فى اللحظة التى أنتهى فيها مرقس من كلامه فلما رأى أبيه أرسطوبولس هذه الأعجوبة العظيمة التى كانت بقوة من ناداه بالكلمات التى نطق بها مرقس أبنه للمسيح الذى لا يغلب قال أبوسطولوس لأبنه : " أنا أبيك الذى خلفتك يا مرقص , وأنت اليوم تصير أبى ( يقصد أبيه الروحى) ونجيتنى أنا وأخى , أطلب منك أن تجعلنا عبيد للرب يسوع المسيح الذى تبشر به ومنذ ذلك الوقت تعلم أبى الرسول مرقس وعمه تعاليم الرب يسوع من فمه الطاهر






ولهذا صور المصورون والفنانون صورة مار مرقص وبجانبة أسداً ورمز إلي مرقس وانجيلة برمز الأسد لأن أنجيلة كتب كأن السيد المسيح ملك ومرسل امامه يوحنا المعمدان الصوت الصارخ فى البرية .






وكان مرقس من بيت بركة لأن أمه هى أخت برنابا الرسول .






الوثنيون يشركون إلاه القمر بشجرة :






وذكر أبن المقفع فى تاريخ البطاركة ج1 ص 2 : وكان فى تلك البلاد بلد تسى أزدود بها شجرة زيتون كبيرة جداً وكان الناس يتعجبون من عظمة هذه الشجرة وقدمها فصار الناس يتعبدون لهذه الشجرة , فرأى مرقس الرسول صلاتهم فقال لهم : " هذه الزيتونة تأكلون ثمرها وتوقدون أغصانها فى النار ثم تسجدون لها كإله , فماذا تصنع هذه الشجرة بكلمة الرب الذى أعبده فآمر هذه الشجرة أن تسقط إلى الأرض بلا حديد يدنوا منها " .. فقالوا له : " نحن نعلم أنك تعمل سحر الجليلى ( يقصدون السيد المسيح له المجد) ومهما أردته فعلته , أما نحن فسندعو إلهنا القمر الذى أقام لنا هذه الشجرة الزيتون نصلى لها " .. فأجاب القديس مرقس وقال لهم : " أنا أطرحها (أسقطها) على الأرض فإن أقامها إلهكم فأنا أعبده معكم " .. فرضوا بهذا القول منه ( فوافقوه على شروطه ) , فقال أبعدوا جميع الناس عنها وقالوا : " أنظروا (أبحثوا) لئلا يكون أنسان مختفياً فيها " .. حينئذ رفع القديس مرقس عينية إلى السماء متجها إلى المشرق وفتح فاه وصلى قائلاً : ياسيدى يسوع المسيح أبن الإله الحى أسمع عبدك وأمر القمر الذى هو خادم ثانى لهذا العالم الذى يضئ فى الليل بأمرك وسلطانك , أن يظهر صوته على هؤلاء الذين ليس لهم إله ويعرفهم من خلقه وخلق جميع الخليقة ومن هو الإله حتى يعبدوه , وأنا أعلم ياربى وإلهى أنه ليس له صوت ولا نطق ولا جرت عادته أن يكلم أحداً لكى يسمع منه كلاماً فى هذه الساعة بقوتك التى لا تقاوم ليعرف هؤلاء الذين ليس لهم إله أنه ليس إلهاً لكنه خادم تحت سلطانك وأنت إلهه , وهذه الشجرة التى يصلون إليها تقع على الأرض , ليعرف الكل ربوبيتك أنه لا يوجد إله إلا أنت والآب الصالح والروح القدس المحى إلى الأبد آمين "


وفى تلك الساعة بعد إتمام صلاته حدثت ظلمة شديده على الأرض وكان الوقت نصف النها , وظهر لهم القمر مضيئاً فى السماء , وسمعوا صوتاً من القمر قائلاً : " أيها الناس القليلوا الإيمان , لست أنا الإله فتعبدونى , بل أنا عبد الإله ومما خلقه , وأنا خادم المسيح ربى الذى يبشر به مرقس تلميذه , فهو وحده الذى نعبده ونخدمه " وبعد هذا سقطت شجرة الزيتون , وصار خوف عظيم على كل من شاهد هذه الأعجوبة .

أما القوم الذين كانوا يخدمون الشجرة (يسترزقون منها ) والذين يسجدون لها مسكوا القديس مرقس وضربوه وسلموه لليهود المخالفين , فسجنوه , وفى تلك الليلة رأى القديس مرقس فى نومه السيد المسيح يقول لبطرس : " أنا أخرج كل من هو معتقل " فلما أنتبه من نومه ( أستيقظ) راى ابواب السجن مفتوحه , فخرج هو وكل من كان فى السجن , وكان حفظة السجن (الحراس) نياماً كالأموات .


أما الجموع الذين شاهدوا المعجزة (عندما رأوهم أحراراً ) قالوا : " ليس لنا عمل (قوة) أمام هؤلاء الجليليين , لأنهم يفعلون هذه الأفعال ببعلزبول رئيس الشياطين .
وكان مرقس من السبعين تلميذاً (رسولاً) , وكان هو من ضمن الخدام الذين حملوا جرار الماء وصبوه فى جرار الخمر الذى صيره سيدنا الرب يسوع خمراً فى عرس قانا الجليل . وهو أيضاً الذى حمل جرة الماء فى بيت سمعان القريانى فى وقت العشاء السرى.

وكان مرقس يأوى التلاميذ فى منزله فى وقت ألآم السيد المسيح ومن بعد قيامته من الأموات حيث دخل عليهم الرب والأبواب مغلقة , وبعد صعوده إلى السماء , ذهب مرقس مع بطرس إلى أورشليم وبشرا الجموع بكلام الرب يسوع وظهر الروح القدس لبطرس وأمره أن يمضى إلى المدن والقرى التى هناك , فذهب بطرس ومعه مرقس إلى بلدة بيت عينيا وبشرا بكلمة الرب , وأقام بطرس هناك أياماً , فنظر فى المنام ملاك الرب يقول له فى كورتين (بلدتين) غلاء عظيم , فقال بطرس للملاك فقال بطرس للملاك : " أى الكور تعنى ؟ " .. قال له : " الأسكندرية وكورة مصر وكورة رومية , وليس الغلاء من عدم وجود خبز وماء بل هو غلاء من قلة معرفة كلام الرب الذى تبشر به " .. فلما أستيقظ بطرس من نومه قال لمرقس ما شاهده فى منامه .

وبعد هذا الحلم ذهب بطرس ومرقس إلى رومية وبشرا هناك بكلمة الرب , وفى السنة الخامسة عشر من بعد صعود المسيح أرسل القديس بطرس مار مرقس الأب الأنجيلى إلى مدينة الأسكندرية ليبشر فيها ويكرز بكلمة الرب وأنجيل السيد يسوع المسيح الذى له ينبغى المجد والكرامة والسجود للآب والروح القدس الإله الواحد إلى الأبد آمين .

(1) مار مرقس الرسول البطريرك الأول فى مصر[ 55م ـ 68م ]

1- مرقس الرسول هو بن أخـت برنـابا الرسول.


2- ويعتبر مرقس الرسول من السبعين رسولا.


3- فى بيت مرقس الرسول كان الفصح.


4- خرج مع بولـس وبرنـابا للتبشير ثم رجـع (أع13:13 )


5- في الرحـلة الثانية خرج مرقس الرسول مع برنابا إلى قبرص.


6- جاء إلى مصر سنة 55م وكرز فيها.


7- رسم مرقس الرسول إنيانوس أسقفا.


8 - استشهد سنة 68م.


لماذا ذهب مرقس الرسول ليبشر المصريين بالمسيح يسوع ؟



ولما كان فى الوقت الذى دبره الرب المخلص يسوع المسيح بعد صعوده إلى السماء , أنه قسم جميع الكور ( البلاد فى العالم ) على الرسل بإلهام الروح القدس ليكرزوا فيها بكلام البشارة بالسيد يسوع المسيح , وبعد مدة وقع نصيب مرقس الأنجيلى أن يمضى إلى كورة (بلدة) مصر ومدينة الإسكندرية العظمى بأمر لاروح القدس لكى يسمعهم كلام أنجيل السيد المسيح ويثبتهم عليه لأجل ضلالتهم وإنغماسهم فى عبادة ألأوثان وعبادة المخلوق دون الخالق .






وكان عندهم برابى (أوثان) كثيرة لآلهتهم المرزولة يخدمونها فى كل مكان ويعبدونها فى أثم وسحر ويذبحون لها بينهم قرابين لأنه أول من كرز فى مصر وأفريقيا والخمس مدن وجميع بلدانها .


إيمان أول مصرى بالمسيحية وكان أسكافياً


فلما عاد القديس مرقس من روميه قصد إلى الخمس مدن أولاً وبشر فى جميع مدنها بكلام الرب الإله وفعل معجزات فشفى الأمراض وطهر برصاً وأخرج شياطين بنعمة الرب التى حلت فيه وآمن كثير بالرب يسوع من أجل كلامه ومعجزاته فكسروا أوثانهم التى كانوا يعبدونها وكل الشجر التى كانت الشياطين تأوى إليها وتخاطب الناس منها , ولما آمنوا بالمسيح عمدهم القديس مرقس بإسم ألاب والأبن والروح القدس وقال له : أمضى إلى مدينة الأسكندرية لتزرع فيها الزرع الجيد الذى هو كلام الرب الإله فقام رسول المسيح ونهض وتقوى بالروح القدس مثل مقاتل فى الحرب , فسلم على الأخوة وودعهم وقال لهم : " السيد يسوع المسيح يسهل طريقى لأمضى إلى الأسكندرية وأبشر فيها بأنجيله المقدس ثم صلى قائلاً : " يارب ثبت الأخوة الذين الذين عرفوا اسمك المقدس وأعود إليهم فرحاً " فودعوه الأخوة وتوجه إلى مدينة الأسكندرية , فلما دخل من بابها (الأسكندرية كانت داخل حصن وله عدة أبواب) أنقطعت سيور حذاءه , فلما حدث ذلك قال : " الآن قد علمت أن الرب سهل طريقى " ثم ألتفت فرأى أسكافى هناك فذهب إليه وأعطاه الحذاء ليصلحه , فلما أخذه الأسكافى ووضع الشفا (المخراز) لعمل ثقب , فدخل المخراز فى كفه فقال باللغة القبطية : " إيس أو ثاوس ( ) " الذى معناه يا الإله الواحد فلما سمعه القديس مرقس يذكر أسم الإله , فرح جداً وأتجه بوجهه إلى الشرق وقال : " يا سيدى يسوع .. أنت تسهل طريقى فى كل مكان " .. ثم تفل على الأرض , وأخذ منه طيناً ووضعه على موضع ثقب الذى أحدثه الشفا فى يد الأسكاف وقال : " بإسم الآب والأبن والروح القدس الإله الواحد الحى الأبدى تشفى يد هذا الأنسان فى هذه الساعة ليتمجد أسمك القدوس فشفى فى الحال وإلتئم الجرح .. ثم قال له القديس مرقس : " إذا كنت تعرف أن الإله واحد فلماذا تعبد آلهة كثيرة ؟ " فأجاب الأسكافى : " نحن نذكر الإله بأفواهنا لا غير (كعادة) ولا نعرف من هو " وظل السكافى متعجباً من قوة الرب التى كانت فى صلاة مار مرقس وقال له : أنا أطلب منك يا رجل الإله أن تأتى إلى منزل عبدك وتستريح وتأكل خبزاً لأننى رأيت اليوم أنك رحمتنى وخففت جرح يدى " ففرح القديس مرقس من هذه الدعوة وقال له : " يعطيك لارب خبز الحياة فى السماوات " ومضى معه إل بيته ولما دخل إلى منزل الأسكافى الفقير باركه قائلاً : " بركة الرب تحلف ى هذا البيت " وصلى , ولما أكلوا قال له الأسكافى : " يا أبى أريد أن تعرفنى من أنت وبأى قوة فعلت هذه الأعجوبة العظيمة معى ؟ " فقال له : " أنا أعبد يسوع المسيح أبن الإله الحى إلى الأبد " .. فقال له الأسكافى : " أنا أريد أن أراه " فقال له القديس مرقس : " سأدعك تبصره " ثم بدأ يشرح له أنجيل البشارة وأقوال ربم المجد والعز كما وعظه بمواعظ وتعاليم كثيرة وأقوال الروح القدس التى ألقاها فى فمه إلى أن قال له : " أن السيد المسيح فى آخر الزمان تجسد من مريم العذراء وجاء إلى العالم وخلصنا من خطايانا , وقد تنبأت له النبياء وقالت عنه أقوال كثيرة , فقال له الأسكافى : " هذه الكتب التى ذكرتها لم أسمع بها قط , لكن هنا كتب الفلاسفة اليونانيين هى التى تعلمها الناس لأولادهم وكذلك المصريون " فقال له القديس مرقس : " هذا العالم باطل وقبض الريح , حكمتهم لا شئ " فلما سمع الأسكاف كلام الحكمة وكلام الكتب المقدسة من فم القديس مرقس مع ما رآه من العجيبة التى صنعها مرقس بواسطة رب المجد فى يده التى جرحت , مال قلبه إليه وآمن بالرب وتعمد هو وكل أهل بيته وكل من يجاوره , وكان أسمه أنيانوس , وكثر المؤمنون بالمسيح وزاد عددهم .






وسمع أهل مدينة الأسكندرية أن رجلاً يهودياً جليلياً (يقصدون مرقس الرسول) قد دخل المدينة وهو يريد أن يزيغ الناس عن عبادة الأوثان , وعرفوا أن الرجل الجليلى أستطاع أن يضم إلى من يعبده عددا كثيراً من الناس , وثار عباد ألأوثان فأردوا أن يقبضوا علي القديس مرقس فبحثوا عنه فى كل مكان وحددوا أشخاصاً لمراقبة الطرق والبيوت والأماكن التى يتردد عليها الرجل الجليلى فلما علم القديس مرقس بمؤامرتهم , قسم أنيانوس أسقفاً لمدينة الأسكندرية وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة , أى أن كنيسة السكندرية بدأت بأحدى عشر فرداً مصرياً , وجعلهم يخدمون ويثبتون الأخوة الجدد الذين يؤمنون بالمسيحية كل يوم , وخرج من مدينة الأسكندرية وذهب إلى بلاد الخمس المدن الغربية (ليبيا حاليا) وأقام بها سنتين يبشر ويرسم أساقفة وقسوساً وشمامسة فى كل مدنها وبلادها , ثم عاد إلى مدينة الإسكندرية فوجد الأخوه ثابتين فى الإيمان وكثروا جداً بنعمة الرب وأهتموا ببناء بيعة (كنيسة) فى موضع يعرف بمرعى البهائم ( كانوا يربونها فى هذه المنطقة للذبائح التى تذبح للأوثان ) قريبة عند البحر عند صخرة يقطع منها الأحجار .

إستشهاد الرسول القديس مرقس الرسول على أسم المسيح فى الأسكندرية


فرح القديس مرقس فرحاً عظيماً وسجد على ركبتيه وشكر الرب يسوع إذ ثبت الأخوة على الإيمان المسيحى وتركوا عبادة الأوثان , وحدث أن علم عبدة الأوثان أن القديس مرقس أنالدقيس مقس عاد إلى الأسكندرية من إزدحام المؤمنين بالمسيحية عليه لأخذ بركته , فإمتلأ الوثنيين غضباً لأجل أنتشار المسيحية والأعمال الخيره التى يفعلها هؤلاء المؤمنين بالمسيح من شفاء المرضى وإخراج الشياطين والخرس نطقوا والفاقدى السمع سمعوا والبرص تطهروا وشفوا , وبحثوا عن القديس مرقس فى كل المدينة فلم يجدوه فصروا بأسنانهم غيظاً فى برابيهم ومعابد أوثانهم وقال كهنة الأوثان : " لماذا تنتظرون على ظلم هذا الساحر على آلهتنا ؟ " وفى أحد السبوت يوم عيد فصح السيد المسيح وكان فى تلك السنة يوم 29 من برمودة أتفق أنه كان أيضاً عيد الوثنيين بحثوا عنه بجد فوجدوه يصلى فى الهيكل فهجموا عليه وأخذوه وجعلوا فى حلقه حبلاً وجروه على الأرض وكانوا يهللون يرددون قائلين : " جروا التنين فى دار البقر " ( وما زال أطفال المصريين حتى الان يرددون عبارة البقرة جهزت هاتوا السكينة عند ذبح الأبقار فى القرى ) وكان القديس مرقس يسبح الرب ويقول : " أشكرك يارب إذ جعلتنى مستحقاً أن أتألم على أسمك القدوس " وتهرأ لحمه وتقطع ويلتصق بحجارة أرضية الشوارع ودمه يسيل على الأرض , وفى المساء أعتقلوه حتى يتشاوروا فى الطريقة التى يقتلونه بها وأبواب السجن مغلقة والحراس نيام على الأبواب وإذا زلزلة عظيمة وإضطراب شديد ونزل ملاك الرب من السماء ودخل إلى القديس وقال له : " يا مرقس عبد الرب الإله هوذا قد كتب إسمك فى سفر الحياة , وأنضممت إلى جماعة القديسين وروحك تسبح مع الملائكة فى السموات وجسدك لن يهلك أو يزول من على الأرض , فلما أستيقظ من نومه رفع عينه إلى السماء وقال : " أشكرك ياربى يسوع المسيح وأسألك أن تقبلنى إليك لأتنعم بصلاحك " فلما إنتهى من صلاته أكمل نومه فظهر له السيد المسيح كما كان يراه قبل صلبه وموته وقيامته وصعوده , وقال له : " السلام لك يا مرقس الأنجيلى المختار " فقال له القديس : " أشكرك يا مخلصى الصالح يسوع المسيح إذ جعلتنى مستحقاً أن أتألم على أسمك القدوس " وأعطاه السيد المسيح سلاماً فى قلبه وغاب عنه






ولما أستيقظ من نومه كان الفجر قد بدأ , وأشعة الشمس بدأت ترسل أشعتها وسمع ضجة خارج السجن فقد أجتمع خلق كثير من أهل المدينة , وأعادوا الحبل فى حلقه وأعادوا ما فعلوه من قبل وهم يرددون : " جروا التنين فى دار البقر " وجرجروه على الأرض وهو دائم الشكر والتعزية من الليلة الماضية وكان يقول : " أنا أسلم روحى فى يدك يا إلاهى وقطعوا رأسه , ثم جمع كهنة الأوثان وخدامها وعبدتها الأنجاس حطباً فى موضع يطلق عليه " ألنجيليون " ليحرقوا جسد القديس هناك , وإذ الرب يسوع يرسل ضباباً كثيفاً وريح شديدة وزلزلت الرض وهطلت أمطاراً غزيرة ومات قوم من الخوف والرعب وكانوا يقولون : " أن أوزوريس الصنم " إله الموت عند قدماء المصريين" أفتقد الإنسان الذى قتل فى هذا اليوم ) فإجتمع الأخوة المؤمنين وأخذوا جسد القديس مرقس الطاهر والشهيد من الرماد ولم تاكل منه النار شيئ وذهبوا إلى البيعة ( الكنيسة) التى كانوا عليه كما جرت العادة وحفروا له موضعاً ودفنوا جسده الطاهر ليتمموا تذكاره فى كل وقت بفرح وأبتهال وبركة لأجل النعمة التى أعطاها لهم الرب يسوع على يديه فى مدينة الأسكندرية وجعلوا موضعه فى شرق البيعة ( الكنيسة ) وفى اليوم التى تمت فيه شهادته وكان مرقس الرسول هو أول من أستشهد من الجليليين على أسم السيد يسوع المسيح بالأسكندرية فى فى آخر يوم من برمودة للمصريين ألقباط يوافق ثمانية من قلنطر مايص من شهور الروم , ويوافق 24 يوما من نيسان من شهور العبرانيين .




ونحن أبناء الأقباط الأرثوذكسيين نبتهل إلى الرب يسوع المسيح فله المجد والتقديس والترتيل له لأنه أرسل لنا قديساً هو مرقس رسوله إلى أرض مصر لم يبخل بروحه لأن يقدمها من أجل أن يعرفنا نحن المصريين بيسوع المسيح صاحب المجد والكرامة والسجود وللآب والروح القدس المحى المساوى الآن وكل أوان إلى الأبد آمين


فى عام 828 م سرق البنادقة (البحارة من أهل مدينة فينسيا) جسد كاروز الديار المصرية وأبحروا به متجهين إلى بلادهم فينيسيا إيطاليا وبنوا كنيسة ضخمة وتعتبر من أفخم وأروع كنائس العالم تبجيلاً لهذا القديس العظيم حيث يعتبرونه شفيع مدينتهم وسميت هذه الكنيسة بأسم قديسنا العظيم "سانت مارك " وتبارى فى بنائها وتجميلها أعظم مهندسى العالم وفنانيهم وأصبحت تحفة من الفن اللمباروى والإستروجوتى البابا شنودة الثالث فى كتاب مرقس الرسول .





الإيطاليون يسرقون رأس القديس مرقس الرسول






وقالت مسز بتشر تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الرابع من ص 72 شئ غريب عن سرقة رأس مارى مرقص ولم توضح كيف تم سرقة الرأس ؟ : وفى تلك السنة سرقت (من المرجح سنة 1418 م الموافقة 821 ش ) رأس مارى مرقس كاروز الديار المصرية من السكندرية فى مركب إيطالية فكانت أعظم مصيبة حلت بأقباط مصر " .






ملاحظة من موقع موسوعة تاريخ أقباط مصر : " إذا كان كلام المؤرخة مسز بتشر حقيقة , فلمن هى إذا الرأس التى تسلمها الآباء ؟ هذا الموضوع يريد بحثاً .. !! "

عوده جزء من الرفات الى أرض مصر




فى 8 يوليو 1965 م وبعد ان ظل جسد مرقس الرسول فى مدينه البندقيه بعيدا عن تراب أرض مصر الذى رواه بدمه منذ سنه 828م قام قداسة البابا كيرلس السادس البطريرك الـ 116 ومعه الآباء نيافة الأنبا تيموثاوس مطران الدقهلية ونيافة الأنبا كيرلس مطران قنا ونيافة الأنبا أنطونيوس مطران سوهاج ونيافة الأنبا صموئيل بزيارة السيد الرئيس جمال عبد الناصر فى منزله لدعوته لوضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية الجديدة فى أرض الأنبا رويس .. فأعلن الرئيس جمال عن مساهمة الدولة بمبلغ 100 ألف حنية فى بناء الكاتدرائية


وفى يوم 24 يوليو 1965 م وفى أثناء أسبوع الإحتفالات السنوى فى العيد الثالث عشر لثورة يوليو .. إحتفلت الكنيسة بوضع حجر الأساس للكاتدرائية فى أرض الأنبا رويس وجاء يوم الأحتفال بهذا اليوم العظيم فقد زحفت الجماهير لتأخذ مكانها فى السرادق الكبير الذى أنشئ خصيصاً ليسع عدداً ضخماً من الشعب للمشاركة فى حفل وضع حجر الأساس , وأخذ كبار المشاركين فى الإحتفال أماكنهم على المنصة فى مواجهة الشعب وهم الآباء الأحبار المطارنة والأساقفة وكبار رجال الدولة فى مقدمتهم السادة نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونزابه والوزراء, وفى الساعة العاشرة والنصف دقت اجراس الكنائس معلنه وصول البابا العظيم كيرلس السادس , وفى تمام الساعة 11 أعلنت اجراس الكنائس من جديد وصول ضيف الكنيسة القبطية السيد الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية ليشارك فى الإحتفال .. وقام البابا كيرلس السادس بأستقبال السيد الرئيس معانقاً وكان معه نيافة النبا انطونيوس مطران سوهاج والمنشاة وسكرتير المجمع المقدس , والمهندس يوسف سعد وكيل المجلس الملى العام والأستاذ راغب حنا المحامى وسكرتير هيئة الأوقاف .



وجلس الرئيس جمال عبد الناصر بجوار البابا كيرلس السادس فى منتصف المنصة , وقام نيافة الأنبا انطونيوس مطران سوهاج وسكرتير المجمع المقدس ليلقى كلمة قداسة البابا وعبر فيها البابا عن أمتنانه وشكره لحضور السيد الرئيس والمشاركة فى وضع حجر الأساس للكاتدرائية الجديدة






ثم قام الرئيس جمال عبد الناصر بإلقاء خطابه وبعد أن أنتهت كلمة الرئيس قام قداسة بصلاة الشكر , وبعد الصلاة دعا قداسة البابا الرئيس عبد الناصر ليضع بيده حجر الأساس بيده الأساس للكاتدرائية المرقسية الجديدة والمقر البابا وى الجديد , وبدأ زأير الجماهير بالهتاف المدوى من جماهير الشعب الحاضر لهذه المناسبة , ووضع الرئيس الصندوق وعليه حجر الساس ودعا قداسة البابا إلى مشاركته فكانت لفته جميلة من سيادته وإتجاهاً عملياً لروح المحبة التى سادت السنين الأخيرة من حكمه






وعندما إنتهت مراسيم الإحتفال ودع قداسة البابا السيد الرئيس وودعته قلوب الملايين التى أحبته أرجع إلى مجلة مدارس الأحد العددان الخامس والسادس 1965 م






وبدأ التشييد وبناء الكاتدرائية يعلوا يوما بعد يوم .. ومئات من العمال يقضون الليل والنهار , يعملون عملاً شاقاً يحملون الحديد والأسمنت والرمل , ويصعدون وينزلون على السقالات الخشبية




ومما يذكر أن المهندسين د/ عوض كامل وسليم كامل فهمى هما اللذان فازا فى مسابقة رسم وتصميم الكاتدرائية , وقام بالتصميم الإنشائى فقد أعده د / ميشيل باخوم أشهر مهندساً للأنشائيات فى مصر , وقامت شركة النيل العامة للخرسانة المسلحة "سيبكو" بتنفيذ المبنى العملاقى للكاتدرائية .




رفات مار مرقس




حدث أن طلب البابا كيرلس السادس بطريرك الأقباط الأرثوذوكس المصرى من بابا روما إعاده الجسد الى موطنه الأصلى فى مصر وتصادف وصوله حدثين هامين هما :-




مرور 19 قرنا على إستشهاده بمصر0




والحادث الثانى بناء الكاتدرائيه المرقسيه الكبرى بأرض الأنبا رويس بالعباسيه لتكون مقرا للجسد وأيضا مقرا لباباوات الإسكندريه0


وكان قداسه البابا كيرلس السادس قد بعث الى قداسه البابا بولس السادس بابا روما (1963م - 1978م ) يطلب فيه إعاده جزء من جسد القديس مرقس رسول المسيح الذى سرقه البحاره الإيطالين سنه 825 م ونقلوه الى فينسيا (مدينه البندقيه الإيطاليه ) إستجاب قداسه البابا بولس السادس إلى طلب البابا القبطى كيرلس السادس , ويجدر بالذكر أن قامت سفارة الفاتبكان فى القاهرة بدور كبير وهام فى تدعيم الطلب المصرى أثناء المفاوضات والمباحثات التى جرت بين الكنيستين بشأن هذا الموضوع .




ولكن حدث أن البندقية رفضت تسليم الرفات لأن مار مرقس هو شفيع مدينتها , ,انها أتخذت الأسد المرقسى " أسد القديس مرقس المجنح " علامة وشعاراً لها منذ عصور سحيقة , فضلاً أن وجود الرفات يمثل أهمية سياحية لمدينتهم وكادت المفاوضات أن تتعثر .






وظل قداسة البابا كيرلس السادس يلح على أعادة رفات مرقس رسول المسيح .. فأضطر البابا بولس السادس أن يتدخل ويطلب جزء من رفات القديس يٌهدى إليه شخصياً بصفته بابا كنيسة روما , وأن يحتفظ البنادقة بالجزء الباقى من الرفات كبركة لهم ولمدينتهم , وبناء على هذا الإتفاق الداخلى فى الكنيسة الكاثوليكية ووافق الكاردينال أوريانى بطريرك البندقية المدينة التى تحتفظ بالرفات فى أكبر كنائسها , وقدم الجزء الأكبر من الرفات إلى قداسة البابا بولس الذى ارسل بدوره إلى غبطة البابا كيرلس السادس يبلغه فيه أنه فى أنتظار وصول وفد الكنيسة القبطية لإستلام رفات القديس مار مرقس الرسول الذى يحتفظ به فى حجرته الخاصة راجع كتاب الكنيسة وقضايا الوطن والدولة والشرق الأوسط الجزء الثانى - نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى






فإختار قداسه البابا كيرلس السادس وفدا رسميا مكون من سبعه من الآباء المطارنه والأساقفه وثلاثه من الأراخنه برئاسة نيافة الأنبا مرقس مطران أبو تيج للسفر إلى روما لمقابله البابا بولس السادس لإستلام رفات القديس مرقس والوفد هم :-






نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط , نيافة الأنبا أنطونيوس مطران سوهاج والمنشاة , نيافة الأنبا بطرس مطران أخميم وساقلته , نيافة الأنبا دوماديوس أسقف الجيزة , نيافة الأنبا أغريعوريوس أسقف البحث العلمى , نيافة الأنبا بولس أسقف حلوان , نيافة الأنبا يحنس مطران كرسى تيجرى بأثيوبيا , نيافة ألأنبا لوكاس مطران كرسى أروسى بأثيوبيا , نيافة الأنبا بطرس مطران جوندار بأثيوبيا , الأستاذ فرح أندراوس الأمين العام لهيئة الأوقاف القبطية , الإستاذ إدوارد ميخائيل الأمين العام للجنة المالية لإدارة أوقاف البطريركية , المستشار فريد عونى وكيل المجلس الملى العام .






وفى يوم 20 يونيو 1968 م سافر الوفد القبطى ومعهم رسالة إلى البابا بولس ومعها هدايا تذكارية مقدمة له , وقد رافق الوفد تسعون من ألاباء الكهنة والآراخنة فى رحلة تاريخية لم تحدث من قبل ولن تحدث من بعد .






وفى يوم السبت 22 يونيو 1968 فى الساعة 12 ظهراً أقيم إحتفال دينى كبير فى قاعه البابا بولس السادس بالفاتيكان تلك التى يبلغ طولها أكثر من 20مترا حيث إصطف الحاضرون ليشاهدوا حرس البابا وهو يدخلون وورائهم حامل الرفات ثم حراس آخرون وبعد ذلك ظهر البابا بولس السادس وعلى يمينه نيافه الأنبا مرقس مطران أبو تيج رئيس الوفد المصرى ومندوب البابا كيرلس السادس وعلى يساره الكاردينال دوفال مندوب البابا بولس السادس فى إحتفالات القاهره , وعلى منضده كبيره وضع الصندوق الذى يضم الرفات مفتوحا تحوطه الزهور والشموع , ووقف الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى وألقى كلمه باللغه الإنجليزيه , وبعد أن ألقى البابا بولس كلمته تقدم وحمل الصندوق فى خشوع وسلمه إلى رئيس الوفد القبطى , وسلمه أثنائها وثيقه رسميه خاصه بالرفات , والتى تنص على :-
الأب بتروس كاتيزويوس فان ليرد , من جماعه رهبان القديس أوغسطينوس بنعمه الله وبأمر الكرسى الرسولى , أسقف لورفسير حارس زخائر الكرسى الرسولى , معاون بقصر قداسته , ومساعد للكرسى البابوى والوكيل العام للفاتيكان




بموجب هذا المستند نؤكد ونشهد لوجه الله وتكريم قديسيه أننا تحققنا من أن رفات مرقس الإنجيلى قد أستخرجت من مكانها الأصلى وأننا وضعناها بكل وقار فى وعاء من الفضه وضع بدوره داخل صندوق فضى مشغول بفن رفيع وجوانبه من البلور وأغلق بإحكام , والوعاء مغلق داخل الصندوق المذكور بخيط رفيع ومختوم بخاتمنا بالشمع الحمر لكى يتمكن حائزه من الإحتفاظ به ومن عرضه ليكون موضع الإجلال والإحترام العام من قبل المؤمنين






وإننا ننذر المؤمنين الذين قد توجد هذه الرفات بين أيديهم فى يوم من الأيام بأنه لا يحق لهم أن يبيعوها أو يستبدلوها بأشياء أخرى مما يباع ويشترى وإقرار منا بذلك نسلم هذه الوثيقه موقعه منا وعليها خاتمنا0 وكانت مؤرخة بتاريخ 28 مايو 1968 م






وقد القى نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى كلمة نيابة عن الوفد القبطى معبراً فيها عن مدى السغادة لعودة رفات مار مرقس رسول المسيح إلى أرض مصر




وفى يوم الأحد 23 يونيو 1968 أقام الوفد القبطى قداسا إلهيا فى إحدى الكنائس الفاتيكان وهى كنيسة القديس القبطى البابا أثناسيوس الرسولى فى روما حضره كثيرون حيث إسترعت إنتباههم الألحان القبطيه ونالت إعجابهم .




وفى مساء الإثنين 24 يونيو 1968م تحرك الوفد القبطى الذى أرسله البابا كيرلس السادس، ومعه أعضاء البعثه المرافقه للرفات مرسله من قبل بابا روما ، من كنيسه القديس أثناسيوس الرسولى ، فى موكب رسمى لأعظم شخصيه فى تاريخ مصر ، وتقدمت الدراجات البخاريه الموكب حتى وصلت مطار روما الدولى ، وإستقلوا طائره خاصه وصلت الطائره الى مطار القاهره الدولى فى الساعه 45 ,10من مساء اليوم نفسه 0 وإحتشد فى المطار مئات الألوف من شعبه القبطى الذى آمن على يديه يرتلون الألحان الدينيه وكان فى إنتظار الجسد قداسه البابا كيرلس السادس ومعه مندوب عن إخوتنا فى الإيمان مارأغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكيه وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد لا يحصى من المطارنه والأساقفه الأقباط والأجانب ورؤساء الطوائف والأديان المختلفه من المصريين والأجانب 0




وإهتز المطار بالتهليل والتصفيق لرؤيتهم حمامه كبيره الحجم تتقدم الطائره فى الجو وعندما رست الطائره فى أرض المطار صعد البابا كيرلس السادس سلم الطائره وتسلم من يد رئيس الوفد الإسكندرى الذخيره الثمينه 0


وفى هذه اللحظه شاهدت الجموع ثلاثه حمامات بيضاء كبيره الحجم ناصعه البياض يشع منها نور وهاج تحلق فوق الطائره الراسيه بالمطار وفوق الصندوق (هذا الوصف مأخوذ من كتاب بطاركه عظماء اعده الشماس جميل فخرى المدرس بمعهد الدراسات القبطيه ! ويشرفنى ككاتب هذه المقاله بأن أشهد بأننى




رأيت بعينى ما حدث لأننى كنت حاضرا فى المطار وما قاله الأستاذ جميل رآه كل الشعب الذي كان موجودا) ومن المعروف أن الحمام لا يطير ليلا 0 ورأينا البابا كيرلس نازلا وعلى كتفه صندوق الرفات وبدأ الشمامسه بالترتيل بين هدير الشعب وفرحته التى لا توصف فهى لحظه من الزمان حضر أبانا مرقس رسول المسيح الى أرض مصر بعد أن طال فراق قديسنا عن بلادنا مصر






وتحرك الموكب الجماهيرى والكتل البشريه والقلوب تنبض بالوفاء لما بقى من هذا الإنسان الذى عرفنا طريق المسيح فالفرح عم أرض مصر 0




وحمل البابا كيرلس الصندوق الى الكاتدرائيه المرقسيه الكبرى بالأزبكيه ووضع الصندوق على المذبح الكبير الذى دشن على إسم مرقس الرسول ، ومكث على المذبح ثلاثه أيام ، وعاد رفاه أول من بشر مصر بالمسيح الىالأرض التى روت دمائه مضحيا بحياته من أجل نشر كلمه الله فى مصر فمرحبا عودتك ياأبينا ورسولنا من عند المسيح إنتظرنا عودتك ياحبيبنا ويارسولنا مده 1140سنه



وفى صباح 25 يونية 1968م وفى أرض دير الأنبا رويس بالعباسية المعروف فى التاريخ باسم دير الخندق أقيم أحتفال رسمى تحت رئاسة البابا كيرلس السادس وحضره السيد الرئيس حمال عبد الناصر



رئيس جمهورية مصر فى ذلك الوقت , وحضره أيضاً الإمبراطور هيلاسيلاسى الأول إمبراطور أثيوبيا فى ذلك الوقت وعدد كبير من رؤساء الأديان ومندوبى الكنائس العالمية والمحلية - ولم يحدث مثيل لمثل هذا التجمع فى العصر الحديث لتكريم شخص مات منذ 1400سنة مثلما حدث للقديس مار مرقس رسول المسيح إلأى أرض مصر.




وقد ألقيت الكلمات وعبر من ألقوها عن مدى السعادة عن رجوع القديس مرقس إلى بلاده التى مات فيها فتكلم كل من :


+ كلمة قداسة البابا كيرلس السادس .. ألقاها نيافة الأنبا أنطونيوس مطران سوهاج وسكرتير المجمع المقدس


+ كلمة مار أغنوطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكية .


+ الكاردينال دوفال رئيس البعثة الباباوية الروحانية .


+ أبونا باسيليوس بطريرك جاثليق أثيوبيا .. وألقاها نيافة الأنبا ثيؤفيلس أسقف هرر .

+ دكتور أوجين بليك السكرتير العام لمجلس الكنائس العالمى .



+ قداسة البطريرك أليكس بطريرك كنيسة روسيا .. وألقاها المطران سيكنوف أنطونيو مطرتن منسك .


وبعد الإنتهاء من ألقاء الكلمات قام البابا كيرلس وأمسك بيد الرئيس جمال عبد الناصر ومعهما الإمبراطور هيلاسيلاسى بالتوجه نحو سلم الكاتدرائية الشرقى وكانت الجماهير تهتف وتهلل حيث أزاحوا الستار عن اللوحة التذكارية لأفتتاح الكاتدرائية .




ومما هو جدير بالذكر أن التفزيون المصرى والإذاعة نقلت على الهواء مباشرة هذا الإحتفال الكبير .




وفى 26 يونيو 1968 م أقيم أول قداس إلهى فى الكاتدرائية المرقسية برئاسة البابا كيرلس السادس , وتميز بانه كان قداساً تاريخياً لأنه إشتركت فيه جميع الطوائف الأرثوذكسية الشرقية وحضر هذا القداس الإمبراطور هيلاثيلاسى ووفود قدمت من العالم المسيحى تشارك فى هذا العمل الضخم , وحضر الألوف من الشعب القبطى , وفى نهاية القداس حمل البابا كيرلس الصندوق الذى فيه رفات مار مرقس الرسول ومن وراؤه رؤساء وأعضاء الوفود الأجنبية التى شاركت فى القداس فى موكب كنسى بديع ووضع الصندوق فى القبر الرخامى وغطى بلوح رخامى كبير وسط الألحان والترانيم القبطية وبكل اللغات الأخرى تكريماً لكاروز مصر العظيم القديس مار مرقس رسول المسيح إلى أرض البركة مصر .


خطاب قداسة البابا كيرلس السادس



فى حفل وضع حجر أساس الكاتدرائية بأرض الأنبا رويس



السيد الرئيس جمال عبد الناصر


السادة الكرام والأخوة العزاء




بأسم الإله الواحد الكائن بذاته , الناطق بكلمته الحى بروحه .. الذى نعبده ولا نشرك به أحد بإسمه نبدأ حفلنا هذا رافعين الشكر لجلاله الأمقدس


بأسم الكرازة المرقسية وأبنائها فى شتى البقاع , أقدم لكم ورجال الحكومة جزيل الشكر لتفضلكم بتشريف هذا الحفل لإرساء حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية والمقر الباباوى .. ولمساهمة الدولة فى نفقات بناء الكاتدرائية بمبلغ مائة ألف جنية .. هذا العمل الذى ترسمون به تقليداً ومبدأ سامياً فى تدعيم أسس الوحدة والأخاء .




سيادة الرئيس




إنكم تستمدون من إيمانكم بالله والوطن والإنسانية الجهاد فى تجديد بناء مجتمعنا , فالثورة فى مجالات الزراعة والتصنيع والتعليم وسائر ميادين الإنتاج والخدمات تسير بخطى سريعة لكى تصل بالمواطنين إلى أعلى مستويات العزة والكرامة فى كفاية وعدل .



إن إيمانكم بفاعلية القيم الروحية الموجهة للطاقات البشرية هو الذى دعاكم لأن تسجلوا الميثاق : " أن القيم الروحية الخالدة النابعو من ألأديان , قادرة على هداية الإنسان وعلى إضاءة حياته بالنور , وعلى منحة طاقات لا حدود لها من أجل الخير والحق والمحبة "




إنكم تبنون المصانع , وتصلحون ألراضى , وتقيمون المشاريع العمرانية الجبارة لبناء الوطن , وبقدومكم اليوم لإرساء حجر الأساس لبيت من بيوت الرب , وإنما تعملون على بناء الإنسان الصالح الذى هو دعامة القوة العاملة لتحقيق مشروعاتكم التقدمية العظيمة , وإذ تقومون بهذا العمل التاريخى الجليل أبان إحتفالات أعياد الثورة , ترسمون للعالم كله صورة واضحة لأهدافكم المتكاملة لتنشئة المواطن عقلاً وروحاً وجسداً ليستطيع تقدير مسؤولياته الإيجابية , ويتعاون مع أخيه المواطن بروح التسامح والتفانى فى خدمة الوطن .


سيادة الرئيس


إن الكنيسة التى تساهمون اليوم فى إقامة كاتدرائيتها , مدرسة تعلم ابناءها ما تسلمته من الوحى الإلهى القائل فى الكتاب المقدس " فإسأل قبل كل شئ أن تقام تضرعات وصلوات وتوسلات وتشكرات من أجل جميع الناس , من أجل الملوك وكل ذى منصب , لنقضى حياة مطمئنة هادئة فى كل تقوى وكرامة " (1تيموثاوس 2: 1- 2)


كما أنها توصيهم بلسان رسولى : " ومن قاوم السلطة قاوم ترتيب الرب , والمقاومون يجلبون دينونة على أنفسهم أتريد ألا تخاف السلطة ؟ أفعل الخير تنل ثنائها , فإنها فى خدمة الرب للخير , فأما أن فعلت الشر فخف , فإنها لم تتقلد السيف عيشاً , لأنها خدمة الرب كيما تنتقم لغضبه من فاعل الشر ( رومية 13: 2- 4)



وتدعو الكنيسة أبناءها لأن يرفعوا أكف الضراعة إلى الرب فى صلواتها اليومية , من أجل سلام العالم ومدينتنا وسائر المدن والأقاليم .. وتطلب إلى العلى قائلة " وكل الشعوب وكل القطعان ياركهم .. السلام السمائى إنزله على قلوبنا جميعاً .. والرئيس والوزراء .. والحكام والجند وجيراننا ومداخلنا ومخارجنا زينهم بكل سلام , يا ملك السلام "






وتدعو الكنيسة أيضاً طلبات من أجل أهوية السماء , وثمرات الأرض , والشجر , والكروم , وكل شجرة مثمرة فى المسكونة كلها , من أجل النهار , أن اصعدها كمقدارها كنعمتك , فرح وجه الأرض , ليرو حرثها , ولتكثر أثمارها , أعدها للزرع وللحصاد , ودبر حياتنا كما يليق , بارك إكليل السنة بصلاحك , من أجل الفقراء شعبك , من أجل الأرملة , واليتيم , والغريب , والضعيف , ومن أجلنا كلنا .. لأن أعين الكل تترجاك , أنت الذى تعطيهم طعامهم فى حينه الحسن .


وهكذا ندعوا الرب من أجل الفلاحيين والكادحين والعاملين , حاكماً ومحكومين , رعاة ورعية , من اجل المرضى , والمسافرين .. وجميع الناس , من كل جنس ولون ولسان , فى المسكونة من أقصاها إلى أقصاها .



سيادة الرئيس




إن تفضيلكم بتشريف هذا الحفل , لتقدير منكم لهذه الرسالة السامية , التى نادت بها الأديان جميعاً , وتجديد ما شهد به التاريخ من مواقف السماحة التى عبر بها حكام وكرام من أسلافكم , بمساهمتهم مع مواطنيهم المسيحيين فى تشييد معابدهم , وفى عصرنا الحاضر أمثلة للتعاون بين مواطنى هذا البلد الكريم , الذين إستمدوا من أديانهم روح المحبة والتآخى , فساهم المسلمون فى بناء الكنائس , والمسيحيون فى بناء المساجد .






سيادة الرئيس






إن هذه الكاتدرائية تنتسب إلى القديس مرقس الرسول , أحد تلاميذ السيد المسيح , وهو أفريقى ولد فى شمال أفريقيا , وهاجرت أسرته إلى فلسطين قبل ظهور المسيحية , فتتلمذ للسيد المسيح , ثم عاد إلى قارته أفريقيا ينشر الإيمان بالرب الواحد , حيث أستشهد من أجل رسالته على يد الرومان فى ألسكندرية عام 68 م .






ولقد كانت الكنيسة القبطية كرسى كرازة مار مرقس , اول من خدم الكرازة بالإيمان فى ربوع افريقيا وغيرها , وما زالت تشعر بمسئولياتها نحو إستمرار خدمة القوى الروحية فى قارتنا , كمساهمة فى بناء المجتمع الأفريقى المتحرر




ألا فليهبنا الرب عوناً لنتم مشروعنا هذا بتشجيعكم ومؤازرتكم , حتى نحتفل فى عام 1968 م بتدشين مبانى هذه الكاتدرائية فى أحتفال عالمى كبير يتناسب مع ذكرى 1900 عام على إستشهاد كاروزنا مار مرقس البشير .

سيادة الرئيس



لا يسعنا - فى هذا المقام - إلا أن نبعث بتحياتنا وشكرنا إلى صديقكم العزيز جلالة الإمبراطور هيلاسيلاسى الأول عاهل أثيوبيا , والأخ العزيز غبطة الأنبا باسيليوس بطريرك جاثليق أثيوبيا لمشاركتهم فى هذا الحفل بإيفاد الأنبا ياكوبوس مطران ليكمبتى .



وفى الختام نضرع إلى الرب أن يشملكم برعايته , ويسدد خطاكم لتحقيق الرفاهية والرخاء لأبناء وطننا العزيز , ولتدعيم أسس الحرية والعدالة والسلام فى العالم اجمع .




نص خطاب الرئيس عبد الناصر


فى حفل وضع حجر أساس الكاتدرائية المرقسية بأرض الأنبا رويس

ايها الأخوة




يسرنى ان اشترك معكم اليوم .. فى إرساء حجر أساس للكاتدرائية الجديدة وحينما تقابلت اخيراً مع البابا فى منزلى , فاتحته فى بناء الكاتدرائية , وأن الحكومة مستعدة للمساهمة فى هذا الموضوع , ولم يكن القصد من هذا فعلاً الناحية المادية , فالمساهمة المادية امرها سهل , وامرها يسير , ولكنى اقصد كنت أقصد الناحية المعنوية .




إن هذه الثورة قامت اصلاً على المحبة , ولم تقم أبدأ بأى حال من الأحوال على الكراهية والتعصب .



هذه الثورة قامت من اجل مصر , ومن اجل العرب جميعاً ..
 هذه الثورة قامت وهى تدعو للمساواة , ولتكافؤ الفرص , والمحبة والمساواة , وتكافؤ الفرص من اول المبادئ التى نادت بها ألأديان السمائية , لأنها بالمحبة والمساواة وتكافؤ الفرص نستطيع أن نبنى المجتمع الصحيح , المجتمع السليم الذى نريده والذى نادت به الأديان ..

ونادى الدين المسيحى ونادى الدين الإسلامى بالمحبة .. ونادى الدين المسيحى ونادى الدين الإسلامى بالمساواة وتكافؤ الفرص .. وبالعمل من اجل الفقراء والمساكين .. ومن أجل العاملين .. وإستنكرت الأديان والإستغلال بكل معانية , والإستعباد بكل معانية .. وكلنا نعلم أن المسيح - عليه السلام - كان ضحية للأستعباد والذل إستعباد الإحتلال الرومانى , وذل الإحتلال الرومانى , وقد تحمل من العذاب ما يتحملة بشر , كلنا نعلم هذا , ولكن تحمله هذا كان فى سبيل رسالته السماوية , وفى سبيل نشر الدعوة , لأن هذا العذاب وهذا اللم جعل منه المثل العلى فى كل بقاع العالم .. وبعد هذا خرج المسيحيون فى كل العالم يدعون للدين الإلهى ويتقبلون العذاب بصبر وإيمان .. وكان دائماً لسانهم يدعو .. رغم العذاب .. غلى المحبة .. وإلى الأخاء .

 
أيها الأخوة



على مر العصور .. وعلى مر الأيام .. وفى ايام ألإسلام .. كان المسيحيون والمسلمون اخوة .. دائماً منذ عهد الرسول - علية السلام - وقد أشار القرآن إلى ذلك .. وإذاً فالأخوة والمحبة بين المسلم والمسيحى قديمة من ايام محمد عليه الصلاة السلام .. فإذا كنا ندعو إلى تمكين هذه الأخوة وهذه المحبة فإنما نعمل بما املاة الله علينا .. لم يدع الله أبداً للتعصب .. ولكنه دعى للمحبة .. وحينما دخل الإسلام مصر إستمرت المحبة بين ألقباط والمسلمين , لم يتحول القباط عن دينهم قسراً , ولا عنفاً , لأن الإسلام لا يعترف بالقس , ولم يعترف بالعنف , بل أعترف بأهل الكتاب , وأعترف بالمسيحيين أخوة فى الدين وأخوة فى الله .

هذا هو مفهوم الثورة للديانة .. المحبة بالآخاء .. بالمساواة .. وتكافؤ الفرص , نستطيع أن نخلق الوطن القوى , الذى لا يعرف للطائفية معنى , ولا يحس بالطائفية أبداً بل يحس بالوطنية .. الوطنية التى يشعر بها الجندى فى ميدان القتال .

وكما قلت لكم فى أول الثورة , حينما كنا فى فلسطين فى سنة 48 م كان المسلم يسير جنباً إلى جنب مع المسيحى , ولم تكن رصاصة ألعداء تفرق بين المسلم والمسيحى .. وحينما تعرضنا للعدوان فى سنة 1956 م وضربت بورسعيد هل عرفت قنابل العداء بين المسلم والمسيحى ؟؟ إننا جميعاً بالنسبة لهم ابناء مصر - أبناء مصر - لم يفرقوا بين مسلم ومسيحى .

على هذا الأساس سارت الثورة وكنا نعتقد دائماً أن السبيل الوحيد لتأمين الوحدة لتأمين الوحدة الوطنية هى المساواة وتكافؤ الفرص .

فإن المواطنين جميعاً لا فرق بين مواطن ومواطن .. فى المدارس .. الدخول بالمجموع .. مش أبن فلان ولا أبن علان ولا مسلم ولا مسيحى .. أبدأص فى الجامعة الدخول بالمجموع .. اللى بيجيب مجموع بيدخل .. إن شاء الله يطلعوا تسعين فى المية منهم أولاد خفر ولا أولاد فلاحين أو أولاد عمال , ده موضوع مش بتاعنا أبداً , إحنا عندنا مساواة , ما فيش فرق عندنا بين ابن الغفير ولا أبن الوزير , ده متساوى مع ده , مافيش تمييز بين مسلم ومسيحى , إللى بيجيب النمر بيدخل , بيدخلوا 10% مسيحيين , 50% مسيحيين موش موضعنا أبدأ , بيدخلوا كلهم مسلمين مش موضوعنا أبداً , بيدخلوا كلهم مسيحيين مش موضوعنا ابداً , المهم بيجيبوا أحسن نمر هم اللى بيدخلوا كلهم مسيحيين موش موضوعنا ودى بنعتقد أنها شريعة العدل , وشريعة المساواة .



التعينات فى الحكومة .. فى القضاء بالأقدمية .. اللى بيجيب نمرة أحسن بيروح القضاء - ما نعرفش أبن مين ولا ده أبن مين ولا ده دينه ايه , فى كل الوظائف نسير على هذا المنوال , فى الترقى , جميع الترقيات فى الدولة بالأقدمية لغاية الدرجة الأولى , كل واحد بياخد دوره بالأقدمية , مافيش فرصة للمتعصبين أنهم يتلاعبوا , طبعاً سبيلنا وده سبيل الثورة , ودى الناحية المعنوية اللى أنا جيت أبينها لكم بمساهمة الحكومة وحضورى معكم النهاردة فى إرساء حجر الأساس .



إحنا - كحكومة رهينة حاكمة - وأنا كرئيس جمهورية مسئول عن كل واحد فى هذا البلد , مهما كانت ديانته ومهما كان أصله أو حسبه أو نسبه , إحنا مسئولين عن الجميع , ومسئوليتنا دى أحنا مسئولين عنها ربنا يوم الحساب .

طبعاً كلنا عايزين الكمال , والكمال لا يتحقق إلا بالكمال , والكمال لا يتحقق إلا بالنضال , والكفاح , ومعروف عندكم مثل هذا فى نشأة المسيحية , وفى كفاح السيد المسيح , وفى الإسلام وفى كفاح سيدنا محمد , الكمال لم يتم حتى ألان , من ألاف السنين الإنسان يطالب بالكمال , ويطالب بالمثل العليا , ولكن المجتمع فيه الطيب وفيه الخبيث فيه السليم وفيه غير السليم .

طبيعى هذه هى المثل والمبادئ اللى إحنا ينادى بيها , ولكن لا بد أن نجد أمامنا مشاكل وعقبات .



هذه المشاكل والعقابات من فشة المتعصبين , سواء كانوا مسيحيين أو كانوا مسلمين , بيخلقوا مشاكل , وكلنا بنعرف الخناقات اللى بتحصل فى بعض القرى , وفى بعض الأماكن , بيطلع واحد متعصب مسلم يثير الناس أو يطلع واحد مسيحى يثير الناس , ونبص نلاقى الإخوان إبتدأوا يعادوا بعض , ويخانقوا بعض , ولكن الحمد لله هذه الحوادث حوادث قليلة جداً , ولكن نرجوا أن لا ينعكس صدى هذه الحوادث القليلة علينا ونأخذها كمثل عام , أبداً إحنا علينا واجب إن إحنا ندعوا المتعصبين إلى الهداية سواء أكانوا مسلمين ام مسيحيين - علينا واجب إزاى؟ إذا وجدنا المتعصبين مسلمين وشادين المسيحيين مايشدوش , وإذا وجدنا المسيحيين متعصبين وشادين المسلمين ما يشدوش , با أعتبر دى قضية وطنية , وقضية بناء المجتمع , العقلاء يستطيعوا إنهم يحلوا المشاكل الصغيرة - أنا باتكلم بصراحة - اللى بتظهر كل عدة أشهر من مكان ناء صغير أو قرية صغيرة أو أى مكان من الأمكنة , طبعاً خلق العالم وخلق معاه التعصب والمتعصبين , وسينتهى العالم وحيفضل معاه حتى ينتهى التعصب والمتعصبين .

ده موضوع لن ينتهى أبداً , ولكن علينا نحن العقلاء مننا أن يخففوا من غلواء المتعصب والمتعصبين .

وباقول لكم فيه متعصبين مسلمين , وفيه متعصبين مسيحيين , ولكن المتعصب المسلم لا يمثل إتجاه المسلمين ابداً والمتعصب المسيحى لا يمثل إتجاه المسيحين أبداً كل دول شواذ .



ونحن نفخر , والحمد لله بأن بلدنا ليست فيها طائفية أو تعصب أو إنقسام .

 
اللى باتكلم عليه حوادث فردية بسيطة , ولكن زى ما باقول إحنا عايزين الكمال وعلشان كده أنا بأتكلم عليه بوضوح , وبأتكلم عليه بصراحة .




عايزين الكمال , وعايزين الوحدة الوطنية اللى بنيت بالدم سنة 1919 م وقبل سنة 1919 م تتدعم وتقوى , وعاوزين كل واحد فى بلدنا يثق بنفسه , ويثق أن البلد بلده , بلد المسلم وبلد المسيحى 100% كل واحد فينا , كل واحد منا له الفرصة المتساوية المتكافئة , الدولة لا تنظر إلى الدين , والمجتمع لا ينظر إلى الدين , ولا ينظر إلى الأب ولا ينظر إلى الأصل , ولكنه إلى العمل وإلى الجهد , وإلى الإنتاج , وإلى الأخلاق , وبهذا نبنى فعلاً المجتمع الذى نادت به الأديان السماوية التى نص الميثاق على إحترامها .




أرجوا الله أن يدعم المحبة بين ربوع هذا الوطن , وأن يدعم الأخاء , وأن يوفقكم جميعاً , والسلام عليكم ورحمة اللة



كلمه البابا كيرلس السادس فى حفل إفتتاح الكاتدرائيه




مبارك الرب الذى باركنا بكل بركة روحية واعطاتنا ان نبنى هذا البيت ليحل فيه وهو الذى السموات وسماء السماوات لا تسعه , فلنشكر الرب لأنه صالح وإلى البد رحمته وليسبحه الواقفون فى بيت الرب له العظمة والقدرة , وله المجد والسلطان إلى البد الآبدين .




أحبائى00




نشكر الله على هذه النعمه العظيمه و إذ جعلنا اهلا بأن نحى الذكرى المباركه التى تشهد بعمل الله ومحبته وأمانته على مر الأجيال , فهذا التراث الروحى والحضارى الذى إزدهر فى هذه البلاد المباركه بمجئ قديسنا مرقس الرسول إليها منذ 1900 سنه , قدمه أبناء مصر وإخوانهم فى أفريقيا اولا ثم فى أنحاء العالم ليشاركوهم فى نعم الله , وأصبح جزءا من التراث الحضارى العالمى 00ثم أضاف قائلا 00 ويسرنى أن أذكر بالفخر والإعجاب فى هذه المناسبه ما تفضل به السيد الرئيس جمال عبد الناصر من إرساء حجر أساس هذه الكاتدرائيه خلال أعياد العام الثالث عشر للثوره المجيده فى 24يوليو 1965ومن المساهمه القيمه التى قدمها سيادته فى إقامتها تعبيرا عن سماحته وكريم مشاعره 0




كما يسرنى أن أشيد بفضل قداسه الأخ الحبيب البابا بولس السادس الذى سمح بنقل جسد القديس مرقس الرسول الطاهر لحفظه كذخيره مقدسه بهذه الكاتدرائيه , وتكرم بإيفاد ممثليه الموقرين الحاضرين معنا فقدم بذلك دليلا على سمو مشاعره , كما يقول يوحنا الرسول : محب لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق 0




وإلى الله القدير نتضرع أن يجعل هذه الأحداث المباركه الباهره خير بشير لرفع ألويه السلام فى العالم أجمع وإزدهار المحبه والأخاء بين البشر جميعا 0




وقد ألقى كلمات بهذه المناسبه كل من 00غبطه مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكيه ثم , الكاردينال دوفال أسقف الجزائر ورئيس وفد بابا روما والأنبا ثاوفيلس مطران هور بأثيوبيا , والدكتور يو ين بلاك السكرتير العام لمجلس الكنائس العالمى , ومندوب البطريرك اليكسى بطريرك الكنيسه الروسيه الذى أعلن فى كلمته أن كنيسه روسيا قدمت للكاتدرائيه الجديده مذبحا مذهبا وكذلك وحده علميه للكليه الإكليريكيه 0


لا ينبغى أن نفسر أى رسالة بها أى موضوع سياسى أو رأى سياسى للبابا فى عصر من العصور على أساس أنه رأى الكنيسة ولكن الرسائل التى بها موضوع سياسى تتدخل فيه عوامل كثيرة مختلفة وقد يكون فيها ضغوط من الدولة أو رئيس الدولة أو الإتجاه العام والأقباط كما نعرف يحكمون وليس لهم يد فيمن هو يحكمهم أو جتى لهم رأى فى ذلك وستلاحظ بعد العبارات والكلمات التى ليست شائعة لدى المسيحيين مثل (يحلو له أن يموت شهيداً) وغيرها وعلى هذا ننقل إليكم رسالة البابا كيرلس السادس إلى بابا روما بشأن تدويل مدينة القدس بدون الأخذ فى الأعتبار الآراء التى أحيطت حول هذا الموضوع .

رسالة قداسة البابا كيرلس السادس إلى البابا بولس السادس بخصوص طلب بابا روما تدويل مدينة القدس

لا يخفى ما أحدثة القرار الذى اتخذته أسرائيل بضم القدس القديمة إليها من هزة عنيفة فى مشاعر العرب عموماً , مسيحيين ومسلمين , وليس أشق على ضمير الأنسان ووجدانه من عمل عدوانى يمس عقيدته ومقدساته , عندئذ تهون عليه روحه ودمه , ويحلو له أن يموت شهيداً قى سبيل الزود عن تراثه الخالد ومجده التليد .


إننا هنا فى الشرق نحس بالألم فى الصميم , ونعتبر الطعنة التى سددتها إسرائيل بقرارها التعسفى موجة إلى قلب العرب , كل العرب مسيحيين ومسلمين .

إننا طالبنا ولا نزال نطالب , متجهين إلى الرب , وإلى الضمير العالمى , ونسأل أيضاً مساندة قداستكم ومعاونتنا - لنكون صفاً واحداً فى نصرة هذه القضية العادلة , وأن تعود القدس إلى الوضع الذى كان قائماً فعلاً قبل العدوان الأخير , فى كنف دولة الأردن التى رعت الأماكن المقدسة بكفاية وعدل وسماحة تامة , ومنحت الحرية كاملة لجميع الطوائف المسيحية والإسلامية بصورة تستحق التقدير والشكر .



وان الرب الذى اسس كنيستنه المقدسة الجامعة الرسولية لتكون دائماً عمود الحق وقاعدته , وأقام لكنيسته أساقفة وكهنة وخداماً ليكونوا قادة وجنوداً دائماً عند مسئولياتهم الروحية ودعوتهم الرسولية .

لا بد إذا أن لا نمكن إسرائيل من الأماكن المقدسة الطاهرة , وقد طردهم مخلصنا منها , ودعا على هيكلهم بالخراب إلى الأبد .

يا صاحب القداسة



بإسم ربنا يسوع المسيح , وبأسم الحق والعدل , أصلى أن نكون معاً بإتحاد القلب والفكر فى نصرة المظلوم على الظالم , ورد الحق إلى صاحبة فهذه رسالة الكنيسة التى هى رسالتنا كخدام المسيح


جريدة وطنى 13/5/2007م السنة 49 العدد 2368 عن مقالة بعنوان " القديس‏ ‏مرقس‏ ‏أكبر‏ ‏الأنوار " للمتنيح‏ العلامة: ‏الأنبا‏ ‏غريغوريوس اسقف الدراسات العليا



فسيروا‏ ‏في‏ ‏النور‏ ‏مادام‏ ‏لكم‏ ‏النور‏ ‏لئلا‏ ‏يدرككم‏ ‏الظلاممادام‏ ‏لكم‏ ‏النور‏ ‏آمنوا‏ ‏بالنور‏ ‏لتصيروا‏ ‏أبناء‏ ‏النور‏.‏قال‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجدأنا‏ ‏هو‏ ‏نور‏ ‏العالموقال‏ ‏أيضا‏ ‏للآباء‏ ‏الرسلأنتم‏ ‏نور‏ ‏العالمولكن‏ ‏فرق‏ ‏بين‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏هو‏ ‏نور‏ ‏العالم‏ ‏وبين‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏الرسل‏ ‏هم‏ ‏نور‏ ‏العالم‏.‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏هو‏ ‏النور‏ ‏الأصيل‏,‏أما‏ ‏الرسل‏ ‏فنورهم‏ ‏نور‏ ‏منعكس‏ ‏عليهم‏ ‏من‏ ‏نور‏ ‏المسيح‏,‏مثل‏ ‏نور‏ ‏القمر‏ ‏الذي‏ ‏ليس‏ ‏فيه‏ ‏من‏ ‏ذاته‏,‏إنما‏ ‏هو‏ ‏من‏ ‏نور‏ ‏الشمس‏,‏إن‏ ‏القديسين‏ ‏من‏ ‏فرط‏ ‏عشرتهم‏ ‏للمسيح‏ ‏وتأملهم‏ ‏فيه‏,‏تضيء‏ ‏وجوههم‏ ‏ويلمع‏ ‏محياهم‏,‏وبهذا‏ ‏يتحولون‏ ‏وهم‏ ‏بطبيعتهم‏ ‏أجسام‏ ‏معتمة‏ ‏إلي‏ ‏أجسام‏ ‏منيرة‏ ‏تشع‏ ‏نورا‏ ‏وتضيء‏ ‏في‏ ‏الظلمات‏,‏وأظن‏ ‏أننا‏ ‏نذكر‏ ‏موسي‏ ‏النبي‏ ‏الذي‏ ‏وهو‏ ‏جسم‏ ‏معتم‏ ‏كإنسان‏ ‏لكنه‏ ‏حينما‏ ‏دخل‏ ‏إلي‏ ‏جبل‏ ‏حوريب‏ ‏في‏ ‏الحضرة‏ ‏الإلهية‏,‏لمع‏ ‏وجهه‏ ‏وصار‏ ‏منيرا‏ ‏حتي‏ ‏أنه‏ ‏عندما‏ ‏نزل‏ ‏من‏ ‏الجبل‏ ‏كان‏ ‏حينما‏ ‏يكلم‏ ‏الشعب‏ ‏يضع‏ ‏برقعا‏ ‏علي‏ ‏وجهه‏,‏فإذا‏ ‏ارتفع‏ ‏إلي‏ ‏الجبل‏ ‏رفع‏ ‏البرقع‏ ‏من‏ ‏علي‏ ‏وجهه‏,‏وهذه‏ ‏صورة‏ ‏محسوسة‏ ‏ووسيلة‏ ‏إيضاح‏ ‏أعطاها‏ ‏الكتاب‏ ‏المقدس‏ ‏ليبين‏ ‏كيف‏ ‏أن‏ ‏القديسين‏ ‏وهم‏ ‏أجسام‏ ‏معتمة‏ ‏بطبيعتهم‏ ‏كبشر‏,‏لكنهم‏ ‏حينما‏ ‏يدخلون‏ ‏دخولا‏ ‏حقيقيا‏ ‏الحضرة‏ ‏المقدسة‏ ‏يتحولون‏ ‏إلي‏ ‏أجسام‏ ‏منيرة‏,‏ويصبحون‏ ‏نورا‏ ‏للعالم‏ ‏بطهارة‏ ‏سيرتهم‏ ‏وأيضا‏ ‏بالتعاليم‏ ‏المقدسة‏ ‏التي‏ ‏يحملونها‏.‏


تحتفل‏ ‏كنيستنا‏ ‏بعيد‏ ‏استشهاد‏ ‏واحد‏ ‏من‏ ‏أكبر‏ ‏الأنوار‏ ‏التي‏ ‏أشرقت‏ ‏علي‏ ‏البشرية‏ ‏وهو‏ ‏هذا‏ ‏النور‏ ‏الذي‏ ‏أضاء‏ ‏علينا‏ ‏نحن‏ ‏المصريين‏,‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏الذي‏ ‏نور‏ ‏في‏ ‏بلادنا‏ ‏ونقل‏ ‏إلينا‏ ‏نور‏ ‏الإنجيل‏ ‏ونقلنا‏ ‏من‏ ‏الظلمة‏ ‏إلي‏ ‏نور‏ ‏ابن‏ ‏الله‏ ‏الوحيد‏.‏في‏ ‏يوم‏ 30 ‏برمودة‏ ‏استشهد‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏في‏ ‏شوارع‏ ‏الإسكندرية‏,‏في‏ ‏يوم‏ 29 ‏برمودة‏ ‏جره‏ ‏وسحبه‏ ‏وسحله‏ ‏الوثنيون‏ ‏الذين‏ ‏غضبوا‏ ‏علي‏ ‏ما‏ ‏فعله‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏في‏ ‏بلادنا‏ ‏المصرية‏,‏حيث‏ ‏جذب‏ ‏كثيرين‏ ‏إلي‏ ‏نور‏ ‏المسيح‏,‏ومثل‏ ‏ما‏ ‏قال‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏سيروا‏ ‏في‏ ‏النور‏ ‏مادام‏ ‏لكم‏ ‏النور‏ ‏لئلا‏ ‏يدرككم‏ ‏الظلاموالذي‏ ‏يسير‏ ‏في‏ ‏الظلام‏ ‏لايعلم‏ ‏إلي‏ ‏أين‏ ‏يذهب‏,‏ثم‏ ‏يقول‏ ‏الإنجيلمع‏ ‏أنه‏ ‏قد‏ ‏صنع‏ ‏أمامهم‏ ‏آيات‏ ‏هذه‏ ‏عددها‏ ‏لم‏ ‏يؤمنوا‏ ‏بهليتم‏ ‏قول‏ ‏إشعياء‏ ‏النبي‏ ‏الذي‏ ‏قاليارب‏ ‏من‏ ‏صدق‏ ‏خبرنا‏ ‏ولمن‏ ‏استعلنت‏ ‏ذراع‏ ‏الربلهذا‏ ‏لم‏ ‏يقدروا‏ ‏أن‏ ‏يؤمنوا‏ ‏به‏ ‏لأن‏ ‏إشعياء‏ ‏قال‏ ‏أيضاقد‏ ‏أعمي‏ ‏عيونهم‏ ‏وأغلظ‏ ‏قلوبهم‏ ‏لئلا‏ ‏يبصروا‏ ‏بعيونهم‏ ‏ويشعروا‏ ‏بقلوبهم‏ ‏ويرجعوا‏ ‏فأشفيهم‏, ‏ويقول‏ ‏الكتاب‏ ‏أيضامع‏ ‏ذلك‏ ‏آمن‏ ‏كثيرون‏ ‏من‏ ‏الرؤساء‏ ‏غير‏ ‏أنه‏ ‏بسبب‏ ‏الفريسيين‏ ‏لم‏ ‏يعترفوا‏ ‏به‏ ‏لئلا‏ ‏يصيروا‏ ‏خارج‏ ‏المجمع‏ ‏لأنهم‏ ‏أحبوا‏ ‏مجد‏ ‏الناس‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏مجد‏ ‏الله‏.‏وهذا‏ ‏معناه‏ ‏أنه‏ ‏علي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏النور‏ ‏واضح‏ ‏أمام‏ ‏الكل‏ ‏لكن‏ ‏هناك‏ ‏البعض‏ ‏لغباوة‏ ‏قلوبهم‏ ‏وعنادهم‏ ‏وإصرارهم‏ ‏علي‏ ‏رفض‏ ‏النور‏ ‏فإنهم‏ ‏يقاومون‏ ‏النور‏ ‏ويضعون‏ ‏الحجاب‏ ‏بينهم‏ ‏وبين‏ ‏النور‏,‏ثم‏ ‏يقيمون‏ ‏حرب‏ ‏علي‏ ‏أهل‏ ‏النور‏,‏وتنشأ‏ ‏بينهم‏ ‏وبين‏ ‏أهل‏ ‏النور‏ ‏حرب‏ ‏وقتال‏,‏قتال‏ ‏بالفكر‏ ‏وقد‏ ‏يتطور‏ ‏إلي‏ ‏قتال‏ ‏بالسيف‏ ‏وبغيرها‏ ‏من‏ ‏وسائل‏ ‏العنف‏ ‏البدني‏ ‏والمادي‏,‏وهذا‏ ‏ماحدث‏ ‏بالنسبة‏ ‏للمسيحية‏ ‏في‏ ‏مصر‏,‏هذه‏ ‏الديانة‏ ‏الناشئة‏ ‏التي‏ ‏جاء‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏يحمل‏ ‏مشعلها‏ ‏ليضيء‏ ‏علي‏ ‏الجالسين‏ ‏في‏ ‏الظلمة‏ ‏وظلال‏ ‏الموت‏,‏فوجد‏ ‏هناك‏ ‏أناس‏ ‏أبرياء‏ ‏استجابوا‏ ‏للنور‏,‏وفتحوا‏ ‏عيونهم‏ ‏وفتحوا‏ ‏قلوبهم‏ ‏لهذا‏ ‏النور‏ ‏فاستناروا‏ ‏به‏,‏وتحولوا‏ ‏إلي‏ ‏دين‏ ‏المسيح‏ ‏وتعمدوا‏ ‏باسم‏ ‏المسيح‏ ‏وصاروا‏ ‏مسيحيين‏ ‏وأسس‏ ‏لهم‏ ‏مارمرقس‏ ‏كنيسة‏ ‏وسلمهم‏ ‏القداس‏ ‏المعروف‏ ‏بالقداس‏ ‏المرقسي‏ ‏والذي‏ ‏دونه‏ ‏فيما‏ ‏بعد‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏الأول‏ ‏فصار‏ ‏ما‏ ‏يعرف‏ ‏بالقداس‏ ‏الكيرلسي‏,‏وكتب‏ ‏إنجيله‏ ‏وأنشأ‏ ‏المدرسة‏ ‏اللاهوتية‏ ‏الأولي‏ ‏في‏ ‏الإسكندرية‏ ‏والتي‏ ‏لم‏ ‏ينتصف‏ ‏القرن‏ ‏الثاني‏ ‏للميلاد‏ ‏حتي‏ ‏صارت‏ ‏جامعة‏ ‏لاهوتية‏ ‏وصار‏ ‏يقصد‏ ‏إليها‏ ‏طلاب‏ ‏المعرفة‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏بلاد‏ ‏العالم‏ ‏ولذلك‏ ‏فأن‏ ‏كثيرين‏ ‏من‏ ‏الآباء‏ ‏الكبار‏ ‏المعروفين‏ ‏في‏ ‏القرون‏ ‏الأولي‏ ‏للمسيحية‏ ‏من‏ ‏غير‏ ‏أبناء‏ ‏كنيستنا‏ ‏هؤلاء‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏أتموا‏ ‏علومهم‏ ‏اللاهوتية‏ ‏في‏ ‏بلادهم‏ ‏جاءوا‏ ‏إلي‏ ‏جامعة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏اللاهوتية‏ ‏ليتزودوا‏ ‏بمعارفها‏,‏ومن‏ ‏هؤلاء‏ ‏يوحنا‏ ‏ذهبي‏ ‏الفم‏ ‏الذي‏ ‏صار‏ ‏فيما‏ ‏بعد‏ ‏بطريرك‏ ‏القسطنطينية‏,‏وغريغوريوس‏ ‏الثيئولوغوس‏ ‏الذي‏ ‏أصبح‏ ‏أيضا‏ ‏بطريركا‏ ‏وباسيليوس‏ ‏الكبير‏ ‏الذي‏ ‏أصبح‏ ‏بطريركا‏ ‏وغيرهم‏ ‏كثيرون‏ ‏من‏ ‏آباء‏ ‏الكنيسة‏ ‏الكبار‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏الأرثوذكسي‏ ‏المسيحي‏ ‏الأول‏,‏هؤلاء‏ ‏أيضا‏ ‏تزودوا‏ ‏من‏ ‏المعارف‏ ‏اللاهوتية‏ ‏من‏ ‏جامعة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏أتموا‏ ‏دراساتهم‏ ‏الدينية‏ ‏في‏ ‏بلادهم‏,‏إن‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏أحدث‏ ‏ثورة‏,‏وأقول‏ ‏أيضا‏ ‏أحدث‏ ‏انقساما‏ ‏في‏ ‏مصر‏,‏لكنه‏ ‏ليس‏ ‏الانقسام‏ ‏الذي‏ ‏من‏ ‏النوع‏ ‏البغيض‏ ‏الذي‏ ‏تلعب‏ ‏به‏ ‏الأهواء‏ ‏النفسية‏ ‏والشهوات‏ ‏البشرية‏ ‏والكرامة‏ ‏الإنسانية‏ ‏دورها‏.‏إنما‏ ‏هذا‏ ‏الانقسام‏ ‏من‏ ‏النوع‏ ‏الروحاني‏ ‏الذي‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يحدث‏ ‏بين‏ ‏الظلمة‏ ‏و‏ ‏النور‏,‏وهذه‏ ‏الحرب‏ ‏الضروس‏ ‏التي‏ ‏لابد‏ ‏ولامفر‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏تحدث‏ ‏بين‏ ‏أبناء‏ ‏النور‏ ‏وأبناء‏ ‏الظلمة‏,‏وهذا‏ ‏ما‏ ‏قاله‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجدلاتظنوا‏ ‏أني‏ ‏جئت‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏ ‏لأحمل‏ ‏سلاما‏ ‏بل‏ ‏جئت‏ ‏لأحمل‏ ‏سيفا‏,‏جئت‏ ‏لأفرق‏ ‏الأب‏ ‏ضد‏ ‏ابنه‏,‏والابنة‏ ‏ضد‏ ‏أمها‏ ‏والحماة‏ ‏ضد‏ ‏كنتها‏ ‏وأعداء‏ ‏الإنسان‏ ‏أهل‏ ‏بيتههذه‏ ‏الحرب‏ ‏حرب‏ ‏المباديء‏ ‏حرب‏ ‏بين‏ ‏النور‏ ‏والظلمة‏,‏حرب‏ ‏بين‏ ‏المعرفة‏ ‏والجهل‏,‏حرب‏ ‏بين‏ ‏الخير‏ ‏والشر‏,‏المسيحية‏ ‏لاتعرف‏ ‏الاستكانة‏,‏إذا‏ ‏كانوا‏ ‏يفسرون‏ ‏السلام‏ ‏بمعني‏ ‏الاستكانه‏,‏فليس‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏السلام‏ ‏الذي‏ ‏جاء‏ ‏المسيح‏ ‏لينشره‏ ‏علي‏ ‏الأرض‏,‏إنه‏ ‏سلام‏ ‏الله‏ ‏وسلام‏ ‏الله‏ ‏يجيء‏ ‏بناء‏ ‏علي‏ ‏رسالة‏ ‏مقدسة‏ ‏تأتي‏ ‏فيقبلها‏ ‏الناس‏ ‏فيؤمنون‏.‏أحدث‏ ‏مارمرقس‏ ‏هذه‏ ‏الثورة‏ ‏وهذا‏ ‏الانقسام‏ ‏بين‏ ‏أبناء‏ ‏النور‏ ‏وأبناء‏ ‏الظلمة‏ ‏بين‏ ‏من‏ ‏يعبدون‏ ‏الله‏ ‏ومن‏ ‏يعبدون‏ ‏الأوثان‏,‏وبينما‏ ‏كان‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏يحتفل‏ ‏بعيد‏ ‏القيامة‏ ‏الذي‏ ‏وقع‏ ‏في‏ ‏تلك‏ ‏السنة‏ ‏في‏ 29 ‏من‏ ‏برمودة‏ ‏وكان‏ ‏يقابل‏ 26 ‏من‏ ‏أبريل‏ ‏من‏ ‏عام‏68‏لتجسد‏ ‏المسيح‏,‏وتصادف‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏اليوم‏ ‏كان‏ ‏أيضا‏ ‏عيدسيرابيسالإله‏ ‏المصري‏ ‏وكانت‏ ‏عبادة‏ ‏سيرابيس‏ ‏تجمع‏ ‏بين‏ ‏عبادة‏ ‏الإله‏ ‏آمون‏ ‏والإله‏ ‏أبيس‏.‏كان‏ ‏هذا‏ ‏عيدا‏ ‏عظيما‏ ‏عند‏ ‏الوثنيين‏,‏وبينما‏ ‏هم‏ ‏يحتفلون‏ ‏بعيد‏ ‏سيرابيس‏ ‏الإله‏ ‏الوثني‏ ‏هاجت‏ ‏الجموع‏ ‏وثارت‏ ‏ثورتهم‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏فريق‏ ‏من‏ ‏المصريين‏ ‏تبع‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏في‏ ‏ديانة‏ ‏جديدة‏ ‏ناشئة‏ ‏هي‏ ‏الديانة‏ ‏المسيحية‏ ‏التي‏ ‏جاء‏ ‏مارمرقس‏ ‏يكرز‏ ‏بها‏,‏فخرجوا‏ ‏من‏ ‏معبدهم‏ ‏بحماسة‏ ‏بالغة‏ ‏وهياج‏ ‏عظيم‏ ‏ودخلوا‏ ‏إلي‏ ‏الكنيسة‏.‏وكانت‏ ‏كنيسة‏ ‏مارمرقس‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏الوقت‏ ‏في‏ ‏بقعة‏ ‏تسمي‏ ‏دار‏ ‏البقر‏,‏دخلوا‏ ‏إلي‏ ‏مارمرقس‏ ‏وكان‏ ‏يحتفل‏ ‏بالقداس‏ ‏الإلهي‏,‏دخلوا‏ ‏وشدوا‏ ‏عنقه‏ ‏بحبل‏,‏وبعنف‏ ‏شديد‏ ‏جروه‏ ‏وسحلوه‏ ‏إلي‏ ‏خارج‏ ‏الكنيسة‏,‏وكانوا‏ ‏يهتفون‏ ‏جروا‏ ‏جروا‏ ‏التيتل‏ ‏إلي‏ ‏دار‏ ‏البقرخرجوا‏ ‏بحماسة‏ ‏بالغة‏ ‏كما‏ ‏تعلمون‏ ‏كيف‏ ‏تكون‏ ‏المظاهرات‏,‏خاصة‏ ‏وإذا‏ ‏كانت‏ ‏هذه‏ ‏المظاهرة‏ ‏دينية‏,‏وهي‏ ‏مظاهرة‏ ‏الأغلبية‏ ‏الكثيرة‏ ‏ضد‏ ‏الأقلية‏ ‏الناشئة‏ ‏الضعيفة‏,‏بحماسة‏ ‏بالغة‏ ‏وبهياج‏ ‏شعبي‏ ‏ضخم‏ ‏أخذوا‏ ‏يجرون‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏في‏ ‏طرقات‏ ‏الإسكندرية‏ ‏علي‏ ‏الأحجار‏ ‏والتراب‏ ‏وفي‏ ‏الشوارع‏,‏فتقطعت‏ ‏أوصاله‏ ‏وسالت‏ ‏دماؤه‏ ‏وتكسرت‏ ‏وتهشمت‏ ‏عظامه‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏طرقات‏ ‏الإسكندرية‏,‏إلي‏ ‏أن‏ ‏جاء‏ ‏المساء‏ ‏وحينئذ‏ ‏أودعوه‏ ‏في‏ ‏السجن‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏صار‏ ‏حطاما‏ ‏نتيجة‏ ‏ما‏ ‏أصابه‏ ‏من‏ ‏ضرب‏ ‏وركل‏ ‏وسحل‏,‏وفي‏ ‏هذه‏ ‏الحالة‏ ‏المؤلمة‏ ‏التي‏ ‏كان‏ ‏فيها‏,‏ظهر‏ ‏له‏ ‏ملاك‏ ‏من‏ ‏السماء‏,‏وبعد‏ ‏قليل‏ ‏ظهر‏ ‏له‏ ‏رب‏ ‏المجد‏ ‏نفسه‏,‏وحياه‏ ‏وقال‏ ‏لهالسلام‏ ‏لك‏ ‏ياعبدي‏ ‏مرقس‏,‏بعد‏ ‏قليل‏ ‏ستنتقل‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏وتنال‏ ‏إكليل‏ ‏الشهادة‏,‏كن‏ ‏ثابتا‏ ‏رابط‏ ‏الجأش‏ ‏لك‏ ‏الجزاء‏ ‏المبارك‏.‏أجرك‏ ‏عظيم‏ ‏جدا‏.‏وربما‏ ‏لهذا‏ ‏السبب‏ ‏وغيره‏ ‏سمي‏ ‏مارمرقس‏ ‏الإنجيلي‏ ‏ناظر‏ ‏الإله‏,‏الذي‏ ‏تشرف‏ ‏بأن‏ ‏نظر‏ ‏الإله‏ ‏ورآه‏ ‏عينا‏ ‏بعين‏ ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏أيام‏ ‏أن‏ ‏كان‏ ‏تلميذا‏ ‏للمسيح‏ ‏عندما‏ ‏كان‏ ‏بين‏ ‏السبعين‏ ‏رسولا‏ ‏ولكن‏ ‏أيضا‏ ‏بعد‏ ‏صعود‏ ‏الرب‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏نظره‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏الرؤيا‏ ‏وفي‏ ‏غيرها‏ ‏من‏ ‏المناظر‏ ‏الروحانية‏ ‏التي‏ ‏أنعم‏ ‏الله‏ ‏بها‏ ‏عليه‏,‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏السبب‏ ‏بأن‏ ‏مارمرقس‏ ‏أختص‏ ‏بهذا‏ ‏اللقب‏ ‏أنهالثيئوفورسأي‏ ‏الناظر‏ ‏الإله‏.‏فلما‏ ‏أشرق‏ ‏الصباح‏ ‏أقبل‏ ‏الوثنيون‏ ‏في‏ ‏مظاهرة‏ ‏ثانية‏ ‏وأخذوه‏ ‏مرة‏ ‏أخري‏ ‏وأخذوا‏ ‏يسحلونه‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏نال‏ ‏الشجاعة‏ ‏والقوة‏ ‏وكان‏ ‏قد‏ ‏نال‏ ‏الشفاء‏ ‏من‏ ‏جراحاته‏ ‏بظهور‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏له‏,‏ولكنه‏ ‏من‏ ‏جديد‏ ‏عاني‏ ‏معاناة‏ ‏أخري‏ ‏بهذا‏ ‏السحل‏ ‏الجديد‏ ‏وهذا‏ ‏التحطيم‏ ‏الجديد‏ ‏لعظامه‏,‏ومن‏ ‏كثرة‏ ‏ما‏ ‏عاني‏ ‏ارتطم‏ ‏رأسه‏ ‏وانقطع‏ ‏من‏ ‏جسمه‏,‏ففارقت‏ ‏روحه‏ ‏جسده‏ ‏وحملتها‏ ‏الملائكة‏ ‏إلي‏ ‏أحضان‏ ‏القديسين‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏.‏وكان‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏يوم‏ 30 ‏من‏ ‏برمودة‏ ‏ولم‏ ‏يكف‏ ‏الجماهير‏ ‏أنهم‏ ‏رأوه‏ ‏قد‏ ‏مات‏,‏وأن‏ ‏رأسه‏ ‏قد‏ ‏انفصل‏ ‏عن‏ ‏جسده‏,‏ولكن‏ ‏أرادوا‏ ‏أن‏ ‏ينكلوا‏ ‏به‏ ‏أكثر‏ ‏فجمعوا‏ ‏أجزاءه‏ ‏وأشلاءه‏ ‏المبعثرة‏ ‏إلي‏ ‏بعضها‏ ‏البعض‏ ‏ليشعلوا‏ ‏فيها‏ ‏النار‏,‏وبالفعل‏ ‏أشعلوا‏ ‏النار‏ ‏غير‏ ‏أن‏ ‏شيئا‏ ‏عجيبا‏ ‏حدث‏,‏وهو‏ ‏أن‏ ‏أمطار‏ ‏تجمعت‏ ‏من‏ ‏غير‏ ‏توقع‏ ‏وسقطت‏ ‏علي‏ ‏النار‏ ‏فأطفأتها‏.‏وبهذا‏ ‏أنقذ‏ ‏جسد‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏من‏ ‏الحريق‏ ‏الذي‏ ‏أحال‏ ‏الوثنيون‏ ‏علي‏ ‏إحداثه‏ ‏تنكيلا‏ ‏بهذا‏ ‏القديس‏ ‏الذي‏ ‏أزعجهم‏ ‏وأقضي‏ ‏مضاجعهم‏,‏والذي‏ ‏صنع‏ ‏تلك‏ ‏الثورة‏ ‏وأحدث‏ ‏ذلك‏ ‏الانقسام‏ ‏الروحاني‏ ‏بين‏ ‏المؤمنين‏ ‏وغير‏ ‏المؤمنين‏ ‏وصارت‏ ‏الكنيسة‏ ‏الناشئة‏ ‏الصغيرة‏ ‏ابتداء‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏الفترة‏ ‏تمتد‏ ‏شيئا‏ ‏فشيئا‏ ‏بسبب‏ ‏استشهاد‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏فزاد‏ ‏عدد‏ ‏المؤمنين‏ ‏وكان‏ ‏استشهاده‏ ‏بذرة‏ ‏لنمو‏ ‏الإيمان‏ ‏وازدياده‏ ‏في‏ ‏مصر‏,‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏ماقاله‏ ‏آباء‏ ‏الكنيسة‏ ‏ونقلته‏ ‏كتب‏ ‏التاريخ‏ ‏أندماء‏ ‏الشهداء‏ ‏بذار‏ ‏الإيمانفكان‏ ‏عندما‏ ‏يموت‏ ‏شهيد‏,‏المتوقع‏ ‏أن‏ ‏ينتهي‏ ‏بموته‏ ‏المبدأ‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏يدعو‏ ‏له‏,‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏المقصود‏ ‏في‏ ‏تخطيط‏ ‏الناس‏ ‏الذين‏ ‏يضطهدوا‏ ‏الشهداء‏ ‏للقضاء‏ ‏علي‏ ‏الإيمان‏ ‏المسيحي‏,‏ولكن‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏يحدث‏ ‏هو‏ ‏العكس‏ ‏تماما‏,‏فبموت‏ ‏الشهيد‏ ‏يولد‏ ‏للمسيح‏ ‏أولاد‏ ‏كثيرون‏ ‏فتمتد‏ ‏الكنيسة‏,‏فتكون‏ ‏فعلا‏ ‏دماؤهم‏ ‏بمثابة‏ ‏البذرة‏ ‏التي‏ ‏تنبت‏ ‏وتخرج‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏النبت‏ ‏ثمار‏ ‏كثيرة‏ ‏متعددة‏.‏


وصارت‏ ‏الكنيسة‏ ‏تعيد‏ ‏في‏ ‏الثلاثين‏ ‏من‏ ‏برمودة‏ ‏بعيد‏ ‏استشهاد‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏الذي‏ ‏يوافق‏ 8 ‏من‏ ‏مايو‏ ‏ولكن‏ ‏وقت‏ ‏استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏كان‏ 26 ‏من‏ ‏أبريل‏ ‏لأن‏ ‏الكنيسة‏ ‏في‏ ‏ترتيباتها‏ ‏وترتيب‏ ‏الأعياد‏ ‏لاترتبط‏ ‏بالتقويم‏ ‏الجريجوري‏ ‏ولكنها‏ ‏ترتبط‏ ‏بالتقويم‏ ‏القبطي‏.‏


قبل‏ ‏أن‏ ‏يستشهد‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏كانت‏ ‏الكنيسة‏ ‏قد‏ ‏تكونت‏ ‏بالفعل‏ ‏وصار‏ ‏عدد‏ ‏لابأس‏ ‏به‏ ‏في‏ ‏مدينة‏ ‏الإسكندرية‏,‏ثم‏ ‏في‏ ‏خارج‏ ‏الإسكندرية‏ ‏وخصوصا‏ ‏في‏ ‏ليبيا‏ ‏لأن‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏جاء‏ ‏أول‏ ‏ماجاء‏ ‏إلي‏ ‏ليبيا‏,‏لأن‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏أصلا‏ ‏من‏ ‏عائلة‏ ‏يهودية‏ ‏أقامت‏ ‏في‏ ‏إحدي‏ ‏بلاد‏ ‏الخمس‏ ‏مدن‏ ‏الغربية‏,‏وحاليا‏ ‏ليبيا‏.‏وحدث‏ ‏أن‏ ‏بعض‏ ‏اللصوص‏ ‏سطوا‏ ‏علي‏ ‏العائلة‏ ‏فسلبوها‏ ‏أمتعتها‏,‏فصاروا‏ ‏فقراء‏ ‏فهاجروا‏ ‏من‏ ‏ليبيا‏ ‏إلي‏ ‏بلاد‏ ‏فلسطين‏,‏في‏ ‏الوقت‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏فيه‏ ‏مخلصنا‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏قد‏ ‏ظهر‏ ‏يكرز‏ ‏ويعلم‏ ‏فانضم‏ ‏إليه‏ ‏مارمرقس‏ ‏وأصبح‏ ‏واحدا‏ ‏من‏ ‏أتباعه‏,‏واختاره‏ ‏المسيح‏ ‏ليكون‏ ‏واحدا‏ ‏من‏ ‏السبعين‏ ‏رسولا‏ ‏وكان‏ ‏مارمرقس‏ ‏صغيرا‏ ‏في‏ ‏السن‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏الوقت‏,‏وأغلب‏ ‏الظن‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏قد‏ ‏تعدي‏ ‏العشرين‏ ‏من‏ ‏عمره‏,‏فلما‏ ‏كرز‏ ‏بعد‏ ‏صعود‏ ‏المسيح‏ ‏في‏ ‏بلاد‏ ‏فلسطين‏ ‏وفي‏ ‏آسيا‏ ‏الصغري‏ ‏وفي‏ ‏قبرص‏ ‏وفي‏ ‏روما‏ ‏جاء‏ ‏إلي‏ ‏ليبيا‏ ‏إلي‏ ‏الخمس‏ ‏مدن‏ ‏الغربية‏,‏ومنها‏ ‏دخل‏ ‏إلي‏ ‏الإسكندرية‏,‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏كرز‏ ‏في‏ ‏الإسكندرية‏ ‏وكسب‏ ‏إلي‏ ‏المسيح‏ ‏أعدادا‏ ‏وفيرة‏ ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏قضي‏ ‏وقتا‏ ‏طويلا‏ ‏نحو‏ ‏سبع‏ ‏سنوات‏ ‏رجع‏ ‏مرة‏ ‏أخري‏ ‏إلي‏ ‏الخمس‏ ‏مدن‏ ‏الغربية‏,‏وكرز‏ ‏هناك‏ ‏أيضا‏,‏وأسس‏ ‏كنيسة‏ ‏وصارت‏ ‏كنيسته‏ ‏شمال‏ ‏إفريقيا‏ ‏التابعة‏ ‏للكرسي‏ ‏المرقسي‏,‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏السبب‏ ‏أنه‏ ‏من‏ ‏ألقاب‏ ‏بابا‏ ‏الإسكندرية‏ ‏يقال‏:‏بابا‏ ‏الإسكندرية‏ ‏وبطريرك‏ ‏الكرازة‏ ‏المرقسية‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏والنوبة‏ ‏والحبشة‏ ‏والخمس‏ ‏مدن‏ ‏الغربيةوالخمس‏ ‏مدن‏ ‏الغربية‏ ‏كانوا‏ ‏يسمونهابنتوبوليسوهو‏ ‏التعبير‏ ‏القديم‏ ‏وهي‏ ‏الآن‏ ‏تقع‏ ‏في‏ ‏حدود‏ ‏ليبيا‏ ‏تقريبا‏ ‏إنما‏ ‏هي‏ ‏كلها‏ ‏في‏ ‏شمال‏ ‏إفريقيا‏.‏ثم‏ ‏رسم‏ ‏قسوسا‏ ‏وشماسة‏ ‏ثم‏ ‏عاد‏ ‏إلي‏ ‏الإسكندرية‏.‏


ورسم‏ ‏مارمرقس‏ ‏أسقفا‏ ‏في‏ ‏الإسكندرية‏ ‏اسمه‏ ‏حنانيا‏ ‏وباليونانيةإنيانوسوهو‏ ‏أول‏ ‏أسقف‏ ‏رسمه‏ ‏مارمرقس‏ ‏كذلك‏ ‏رسم‏ ‏قسوسا‏ ‏وشمامسة‏ ‏ومات‏ ‏في‏ ‏الإسكندرية‏ ‏شهيدا‏.‏نحن‏ ‏من‏ ‏واجب‏ ‏الوفاء‏ ‏نحتفل‏ ‏بعيد‏ ‏استشهاد‏ ‏الرجل‏ ‏الذي‏ ‏أحسن‏ ‏إلينا‏ ‏والذي‏ ‏خدمنا‏ ‏والذي‏ ‏نقلنا‏ ‏من‏ ‏الحياة‏ ‏الوثنية‏ ‏إلي‏ ‏الحياة‏ ‏المسيحية‏ ‏وعرفنا‏ ‏بالمسيح‏ ‏وكلفه‏ ‏هذا‏ ‏التعريف‏ ‏وكلفته‏ ‏هذه‏ ‏الخدمة‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏التعب‏ ‏والبذل‏ ‏والتضحية‏ ‏وتحمل‏ ‏المشقات‏ ‏والآلام‏ ‏والاضطهادات‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏استشهد‏ ‏بهذه‏ ‏الصورة‏ ‏المؤلمة‏,‏وبهذا‏ ‏العذاب‏ ‏الذي‏ ‏تحمله‏ ‏الذي‏ ‏دام‏ ‏علي‏ ‏الأقل‏ ‏يومين‏ ‏وهو‏ ‏يجر‏ ‏في‏ ‏الطرقات‏ ‏ويصدم‏ ‏جسمه‏ ‏بالأحجار‏ ‏وتخضبت‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏ ‏بدمه‏,‏فلا‏ ‏نستطيع‏ ‏أن‏ ‏نحصي‏ ‏قطرات‏ ‏الدم‏ ‏التي‏ ‏انتشرت‏ ‏من‏ ‏جسده‏ ‏في‏ ‏شوارع‏ ‏الإسكندرية‏ ‏فتباركت‏ ‏شوارع‏ ‏الإسكندرية‏ ‏بهذا‏ ‏الدم‏ ‏الطاهر‏ ‏النقي‏,‏هذا‏ ‏الدم‏ ‏المقدس‏,‏استنارت‏ ‏الإسكندرية‏ ‏بهذا‏ ‏النور‏ ‏الذي‏ ‏أشرق‏ ‏عليها‏ ‏والذي‏ ‏سطعت‏ ‏منه‏ ‏وعن‏ ‏طريقه‏ ‏أنوار‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏,‏فنحن‏ ‏مدينون‏ ‏لهذا‏ ‏الرجل‏ ‏مدينون‏ ‏له‏ ‏بهذا‏ ‏الفضل‏ ‏وطالما‏ ‏أن‏ ‏كنيسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏باقية‏ ‏سيظل‏ ‏شعورنا‏ ‏بالدين‏ ‏عظيما‏ ‏نحو‏ ‏هذا‏ ‏الرجل‏ ‏الذي‏ ‏أسس‏ ‏كنيسة‏ ‏احتلت‏ ‏في‏ ‏التاريخ‏ ‏أعظم‏ ‏سمعة‏ ‏وأفخر‏ ‏مجد‏ ‏نالته‏ ‏كنيسة‏ ‏أخري‏.‏إن‏ ‏كل‏ ‏الذين‏ ‏قرأوا‏ ‏التاريخ‏ ‏يعلمون‏ ‏أن‏ ‏كنيسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏في‏ ‏الخمسة‏ ‏القرون‏ ‏الأولي‏ ‏صارت‏ ‏أعلي‏ ‏منارة‏ ‏في‏ ‏المسيحية‏ ‏في‏ ‏العالم‏,‏وصار‏ ‏رؤساؤها‏ ‏أساتذة‏ ‏وعلماء‏ ‏تتلمذ‏ ‏علي‏ ‏أيديهم‏ ‏أساقفة‏ ‏العالم‏ ‏المسيحي‏,‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏السبب‏ ‏في‏ ‏أن‏ ‏بابا‏ ‏الإسكندرية‏ ‏حمل‏ ‏علي‏ ‏مجري‏ ‏التاريخ‏ ‏لقبقاضي‏ ‏المسكونةومعني‏ ‏أنه‏ ‏قاضي‏ ‏المسكونة‏ ‏أنه‏ ‏كان‏ ‏يحتكم‏ ‏إليه‏ ‏في‏ ‏المسائل‏ ‏اللاهوتية‏ ‏والمسائل‏ ‏الكنسية‏.‏


ولما‏ ‏كان‏ ‏بابا‏ ‏الإسكندرية‏ ‏من‏ ‏أساتذة‏ ‏المدرسة‏ ‏اللاهوتية‏ ‏التي‏ ‏تتلمذ‏ ‏علي‏ ‏يديه‏ ‏فيها‏ ‏كثيرون‏ ‏ممن‏ ‏صاروا‏ ‏أساقفة‏ ‏وكهنة‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏المسيحي‏ ‏فأصبح‏ ‏يلقب‏ ‏بـالأستاذبالألف‏ ‏واللام‏ ‏ولقبالمعلمودائما‏ ‏كان‏ ‏بابا‏ ‏الإسكندرية‏ ‏في‏ ‏المجامع‏ ‏المسكونية‏ ‏التي‏ ‏عقدت‏ ‏في‏ ‏الخمسة‏ ‏قرون‏ ‏الأولي‏ ‏يحتل‏ ‏فيها‏ ‏مكانة‏ ‏المعلم‏ ‏ومكانة‏ ‏القاضي‏ ‏ومكانة‏ ‏المرجع‏ ‏والحكم‏ ‏الذي‏ ‏يحتكم‏ ‏إليه‏.‏هذه‏ ‏المكانة‏ ‏اللاهوتية‏ ‏التي‏ ‏وصلت‏ ‏إليها‏ ‏كنيسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏هي‏ ‏التي‏ ‏أثارت‏ ‏مشاعر‏ ‏الحقد‏ ‏الذي‏ ‏ترتب‏ ‏عليه‏ ‏ذلك‏ ‏الانقسام‏ ‏المؤلم‏ ‏الذي‏ ‏حدث‏ ‏في‏ ‏مجمع‏ ‏خلقدونية‏ ‏في‏ ‏عام‏ 451‏م‏ ‏والذي‏ ‏بسببه‏ ‏انقسمت‏ ‏الكنيسة‏ ‏إلي‏ ‏شرقية‏ ‏وإلي‏ ‏غربية‏.‏أيها‏ ‏الإخوة‏ ‏والأبناء‏ ‏نذكر‏ ‏هذا‏ ‏الرجل‏ ‏الرسول‏,‏تلميذ‏ ‏المسيح‏ ‏الشهيد‏ ‏العظيم‏,‏أول‏ ‏أسقف‏ ‏وأول‏ ‏بطريرك‏ ‏في‏ ‏مدينة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏ولكنيسة‏ ‏الإسكندرية‏,‏نذكر‏ ‏فضائله‏ ‏ونذكر‏ ‏طهارته‏ ‏فقد‏ ‏كان‏ ‏الرسول‏ ‏المعروف‏ ‏بأنه‏ ‏الرسول‏ ‏البتول‏ ‏لأنه‏ ‏آثر‏ ‏البتولية‏ ‏منذ‏ ‏شبابه‏ ‏المبكر‏ ‏وكرس‏ ‏حياته‏ ‏كلها‏ ‏روحا‏ ‏ونفسا‏ ‏وجسدا‏ ‏لخدمة‏ ‏سيده‏ ‏ومعلمه‏ ‏وصار‏ ‏البذرة‏ ‏الأولي‏ ‏للإيمان‏ ‏المسيحي‏ ‏الأرثوذكسي‏,‏ليس‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏وحدها‏ ‏بل‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏بلاد‏ ‏إفريقيا‏ ‏والشرق‏,‏بعد‏ ‏أن‏ ‏أصبحت‏ ‏كنيسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏كنيسة‏ ‏إفريقيا‏ ‏الأولي‏ ‏وفي‏ ‏اللحن‏ ‏الكنسي‏ ‏قصد‏ ‏أجزاء‏ ‏من‏ ‏إفريقيا‏ ‏من‏ ‏ليبيا‏ ‏إلي‏ ‏نيجريا‏ ‏إلي‏ ‏الكنغو‏ ‏إلي‏ ‏أواسط‏ ‏إفريقيا‏ ‏إلي‏ ‏جنوب‏ ‏إفريقيا‏,‏وفي‏ ‏عهد‏ ‏المتنيح‏ ‏البابا‏ ‏يوساب‏ ‏الثاني‏ ‏في‏ ‏جنوب‏ ‏إفريقيا‏ ‏حوالي‏ 6 ‏ملايين‏ ‏أرسلوا‏ ‏خطابات‏ ‏إلي‏ ‏البابا‏ ‏علي‏ ‏أيدي‏ ‏مندوبين‏ ‏منهم‏ ‏وقالوا‏ ‏إننا‏ ‏أصلا‏ ‏أقباط‏ ‏تسربنا‏ ‏إلي‏ ‏جنوب‏ ‏إفريقيا‏ ‏لظروف‏ ‏الاضطهاد‏ ‏من‏ ‏جهة‏ ‏أو‏ ‏لأسباب‏ ‏تجارية‏ ‏من‏ ‏جهة‏ ‏أخري‏ ‏واستقرينا‏ ‏في‏ ‏جنوب‏ ‏إفريقيا‏ ‏ونحن‏ ‏الآن‏ ‏نريد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏لنا‏ ‏أسقف‏ ‏من‏ ‏الإسكندرية‏ ‏من‏ ‏كنيستنا‏ ‏القديمة‏ ‏الأصيلة‏,‏وفعلا‏ ‏أجيب‏ ‏طلبهم‏ ‏ووافق‏ ‏مجمع‏ ‏الكنيسة‏ ‏علي‏ ‏هذا‏ ‏ورسم‏ ‏لهم‏ ‏أسقفا‏,‏غير‏ ‏أن‏ ‏هناك‏ ‏ظروفا‏ ‏سياسية‏ ‏تتصل‏ ‏بحكومة‏ ‏جنوب‏ ‏إفريقيا‏ ‏سببت‏ ‏متاعب‏ ‏لهذا‏ ‏الأسقف‏ ‏فلم‏ ‏تعترف‏ ‏له‏ ‏بالإقامة‏ ‏الدائمة‏,‏وظلت‏ ‏هذه‏ ‏المشكلة‏ ‏دائمة‏,‏ولم‏ ‏تستطع‏ ‏وزارة‏ ‏الخارجية‏ ‏المصرية‏ ‏مع‏ ‏كل‏ ‏مابذلت‏ ‏من‏ ‏جهود‏ ‏أن‏ ‏تحل‏ ‏هذه‏ ‏المشكلة‏ ‏وتوفي‏ ‏هذا‏ ‏الأسقف‏ ‏قصدت‏ ‏أن‏ ‏أقول‏ ‏إن‏ ‏هؤلاء‏ ‏الناس‏ ‏الذين‏ ‏من‏ ‏جنوب‏ ‏إفريقيا‏ ‏قالوا‏ ‏إنهم‏ ‏أصلا‏ ‏من‏ ‏أصل‏ ‏قبطي‏,‏والآن‏ ‏يبلغون‏ ‏نحو‏ 6 ‏ملايين‏ ‏وهنا‏ ‏يظهر‏ ‏النفوذ‏ ‏الروحي‏ ‏لكنيسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏الذي‏ ‏امتد‏ ‏إلي‏ ‏كل‏ ‏إفريقيا‏ ‏وأوغندا‏...‏وعلي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏الظروف‏ ‏السياسية‏ ‏التي‏ ‏مرت‏ ‏بالحبشة‏ ‏يقولونأبونا‏ ‏هو‏ ‏مرقس‏ ‏وأمنا‏ ‏هي‏ ‏الإسكندريةفكنيسة‏ ‏إفريقيا‏ ‏الأولي‏ ‏تدين‏ ‏بوجودها‏ ‏لهذا‏ ‏الرجل‏ ‏العظيم‏.‏أنتم‏ ‏نسل‏ ‏الشهداء‏ ‏أنتم‏ ‏أولاد‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏,‏إننا‏ ‏نحتفل‏ ‏اليوم‏ ‏بذكراه‏ ‏وبذكري‏ ‏استشهاده‏ ‏وفاء‏ ‏لأبينا‏ ‏العظيم‏ ‏أننا‏ ‏نذكره‏ ‏بكل‏ ‏فخر‏ ‏ويجب‏ ‏أن‏ ‏نشرفه‏ ‏بأعمالنا‏ ‏ويجب‏ ‏علينا‏ ‏كأقباط‏ ‏أن‏ ‏نتمسك‏ ‏بإيماننا‏ ‏الأرثوذكسي‏ ‏إلي‏ ‏النفس‏ ‏الأخير‏,‏ونثبت‏ ‏عليه‏ ‏غير‏ ‏متزعزعين‏ ‏غير‏ ‏عاثرين‏,‏عارفين‏ ‏بمن‏ ‏آمنا‏ ‏وموقنين‏ ‏أنه‏ ‏قادر‏ ‏أن‏ ‏يحفظ‏ ‏وديعتنا‏ ‏إلي‏ ‏ذلك‏ ‏اليوم‏ ‏العظيم‏.‏


لنبارك‏ ‏الله‏ ‏ولنذكر‏ ‏القديس‏ ‏مرقس‏ ‏ونحيي‏ ‏ذكراه‏ ‏ونفتخر‏ ‏بأعماله‏ ‏لأن‏ ‏في‏ ‏أعماله‏ ‏تمجيدا‏ ‏لعمل‏ ‏المسيح‏,‏وامتدادها‏ ‏في‏ ‏بلادنا‏.‏هنا‏ ‏تصدق‏ ‏نبوءة‏ ‏إشعياء‏ ‏النبييكون‏ ‏مذبح‏ ‏للرب‏ ‏في‏ ‏وسط‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏ ‏وعمود‏ ‏للرب‏ ‏في‏ ‏تخومها‏ ‏فيعرف‏ ‏الرب‏ ‏من‏ ‏مصرإشعياء‏19:19-21‏لم‏ ‏يكن‏ ‏هذا‏ ‏المذبح‏ ‏في‏ ‏وقت‏ ‏إشعياء‏ ‏النبي‏,‏كانت‏ ‏هناك‏ ‏مذابح‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏ولكنها‏ ‏كانت‏ ‏مذابح‏ ‏للأوثان‏ ‏وللأصنام‏,‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏مذبح‏ ‏للرب‏ ‏في‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏,‏ومنذ‏ ‏دخول‏ ‏المسيحية‏ ‏لأرض‏ ‏مصر‏,‏ومنذ‏ ‏إنشاء‏ ‏الكنيسة‏ ‏المسيحية‏ ‏التي‏ ‏أقيمت‏ ‏مذابحها‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏,‏وصار‏ ‏المسيحيون‏ ‏بالروح‏ ‏الدينية‏ ‏التي‏ ‏ورثوها‏ ‏من‏ ‏آبائهم‏,‏أقوياء‏ ‏ثابتين‏ ‏راسخين‏ ‏حتي‏ ‏صاروا‏ ‏أعرق‏ ‏شعوب‏ ‏العالم‏ ‏تمسكا‏ ‏بالإيمان‏ ‏حتي‏ ‏صار‏ ‏المثل‏ ‏القائلزحزحة‏ ‏جبل‏ ‏من‏ ‏موضعه‏ ‏أيسر‏ ‏من‏ ‏زعزعة‏ ‏قبطي‏ ‏من‏ ‏إيمانهلنا‏ ‏شرف‏ ‏أن‏ ‏نفخر‏ ‏به‏ ‏ونعتز‏ ‏به‏,‏إن‏ ‏آباءنا‏ ‏الأماجد‏ ‏صنعوا‏ ‏تاريخنا‏ ‏وصنعوا‏ ‏أعظم‏ ‏تاريخ‏ ‏للمسيحية‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏كله‏,‏والعالم‏ ‏إلي‏ ‏اليوم‏ ‏يعترف‏ ‏بفضل‏ ‏كنيسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏المسيحي‏ ‏هذا‏ ‏الفخر‏ ‏نذكره‏ ‏ونرده‏ ‏إلي‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏أبينا‏ ‏الذي‏ ‏أحسن‏ ‏إلينا‏ ‏والذي‏ ‏بذل‏ ‏نفسه‏ ‏كما‏ ‏بذل‏ ‏سيده‏ ‏من‏ ‏قبله‏ ‏نفسه‏ ‏من‏ ‏أجلنا‏.‏


لإلهنا‏ ‏المجد‏ ‏والإكرام‏ ‏والسجود‏ ‏الآن‏ ‏وكل‏ ‏أوان‏ ‏وإلي‏ ‏دهر‏ ‏الدهور‏ ‏آمين‏.
 
جريدة وطنى 13/5/2007م السنة 49 العدد 2368 عن مقالة بعنوان " كاروز‏ ‏الديار‏ ‏المصرية‏...رحلة‏ ‏الرأس‏ ‏والجسد " بقلم: زكريا‏ ‏عبد‏ ‏السيد‏







و‏ ‏أحد‏ ‏السبعين‏ ‏رسولا‏ ‏وقد‏ ‏كرز‏ ‏مع‏ ‏القديس‏ ‏بطرس‏ ‏في‏ ‏اليهودية‏ ‏وأورشليم‏ ‏وبيت‏ ‏عنيا‏ ‏ثم‏ ‏صاحب‏ ‏بولس‏ ‏وبرنابا‏ ‏في‏ ‏رحلتهما‏ ‏التبشيرية‏ ‏الأولي‏ ‏وبشر‏ ‏معهما‏ ‏في‏ ‏سورية‏ ‏وأنطاكية‏ ‏عام‏ 45‏مأع‏13:4-5‏كما‏ ‏بشر‏ ‏معهما‏ ‏في‏ ‏قبرص‏ ‏ثم‏ ‏فارقهما‏ ‏في‏ ‏برجةأع‏13:13 ‏واشترك‏ ‏مع‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏ ‏في‏ ‏تأسيس‏ ‏كنيسة‏ ‏رومية‏ ‏ثم‏ ‏توجه‏ ‏إلي‏ ‏الخمس‏ ‏مدن‏ ‏الغربية‏ ‏وهي‏ ‏برنيق‏ ‏وحاليا‏ ‏بني‏ ‏غازي‏-‏برقه‏ ‏باركهوحاليا‏ ‏المرج‏-‏طوشبرا‏ ‏وحاليا‏ ‏توكره‏-‏القيروان‏ ‏سيرين وتسمي‏ ‏الشحات‏ ‏حاليا‏ ‏أبولونيا‏ ‏وحاليا‏ ‏تسمي‏ ‏سوسة‏ ‏ويذكر‏ ‏الأب‏ ‏شينو‏ ‏في‏ ‏كتابه قديسو‏ ‏مصرأنه‏ ‏بدأ‏ ‏أولا‏ ‏بالكرازة‏ ‏في‏ ‏ليبيا‏ ‏وبعد‏ ‏ذلك‏ ‏جاء‏ ‏إلي‏ ‏مصر‏ ‏وكرز‏ ‏في‏ ‏ربوعها‏ ‏وقام‏ ‏بسيامة‏ ‏أنيانوس‏ ‏أسقفا‏ ‏عليها‏ ‏سنة‏ 61‏م‏ ‏ومعه‏ ‏ثلاثة‏ ‏كهنة‏ ‏وسبعة‏ ‏شمامسة‏ ‏ثم‏ ‏غادرها‏ ‏إلي‏ ‏الخمس‏ ‏مدن‏ ‏الغربية‏ ‏مرة‏ ‏أخري‏ ‏ثم‏ ‏إلي‏ ‏رومية‏ ‏لكي‏ ‏يكون‏ ‏بجوار‏ ‏بولس‏ ‏الرسول‏ ‏في‏ ‏وقت‏ ‏استشهاده‏ ‏سنة‏ 67‏م‏ ‏وأخيرا‏ ‏عاد‏ ‏إلي‏ ‏مصر‏ ‏لكي‏ ‏يري‏ ‏ويعاين‏ ‏ثمار‏ ‏كرازته‏ ‏التي‏ ‏امتدت‏ ‏إلي‏ ‏أرجاء‏ ‏القطر‏ ‏المصري‏ ‏ونال‏ ‏أكليل‏ ‏الشهادة‏ ‏في‏ 30 ‏برمودة‏ ‏سنة‏ 68‏م‏.‏


رحلة‏ ‏الرأس‏ ‏والجسد‏:‏


ظل‏ ‏جسد‏ ‏القديس‏ ‏مارمرقص‏ ‏ورأسه‏ ‏معا‏ ‏في‏ ‏تابوت‏ ‏واحد‏ ‏موضوعا‏ ‏في‏ ‏كنيسته‏ ‏وهي‏ ‏كنيسة‏ ‏بوكاليادار‏ ‏البقرمنذ‏ ‏يوم‏ ‏الشهادة‏ ‏سنة‏ 68‏م‏ ‏حتي‏ ‏عام‏ 644‏م‏,‏ويذكر‏ ‏أنه‏ ‏بعد‏ ‏الانشقاق‏ ‏الخلقدوني‏ ‏سنة‏ 451 ‏وقعت‏ ‏بعض‏ ‏الكنائس‏ ‏في‏ ‏يد‏ ‏الروم‏ ‏الملكانيين‏ ‏ومن‏ ‏بين‏ ‏هذه‏ ‏الكنائس‏ ‏كنيسة‏ ‏القديس‏ ‏مرقص‏ ‏التي‏ ‏يوجد‏ ‏بها‏ ‏جسده‏ ‏كاملا‏.‏


وفي‏ ‏عام‏ 644‏م‏ ‏سرق‏ ‏أحد‏ ‏البحارة‏ ‏رأسه‏ ‏وخبأها‏ ‏في‏ ‏مركبه‏ ‏ولكن‏ ‏عمرو‏ ‏بن‏ ‏العاص‏ ‏والي‏ ‏مصر‏ ‏أمر‏ ‏بتفتيش‏ ‏المركب‏ ‏لعدم‏ ‏تمكنه‏ ‏من‏ ‏مغادرة‏ ‏الميناء‏ ‏كباقي‏ ‏المراكب‏ ‏فوجدوا‏ ‏الرأس‏ ‏موجودة‏ ‏به‏ ‏واعترف‏ ‏البحار‏ ‏بما‏ ‏أقدم‏ ‏عليه‏ ‏حيث‏ ‏قام‏ ‏عمرو‏ ‏بن‏ ‏العاص‏ ‏بتسليم‏ ‏الرأس‏ ‏المقدس‏ ‏للبابا‏ ‏بنيامين‏ ‏ال‏ 62338-662‏مالذي‏ ‏كان‏ ‏هاربا‏ ‏من‏ ‏الخلقدونيين‏ 13 ‏عاما‏,‏وتم‏ ‏بناء‏ ‏كنيسة‏ ‏تحفظ‏ ‏بها‏ ‏الرأس‏-‏حاليا‏ ‏الكنيسة‏ ‏الكائنة‏ ‏بشارع‏ ‏المسلة‏ ‏بالإسكندرية‏ ‏إلي‏ ‏يومنا‏ ‏هذا‏-‏وهكذا‏ ‏انفصل‏ ‏الرأس‏ ‏عن‏ ‏الجسد‏ ‏ثم‏ ‏استولي‏ ‏أحد‏ ‏الأفراد‏ ‏الأتراك‏ ‏علي‏ ‏الرأس‏ ‏في‏ ‏زمن‏ ‏الخليفة‏ ‏الحاكم‏ ‏بأمر‏ ‏الله‏ ‏الفاطمي‏ 966-1020‏ولكن‏ ‏أحد‏ ‏الأقباط‏ ‏قام‏ ‏بشراء‏ ‏هذه‏ ‏الرأس‏ ‏وسلمه‏ ‏للبابا‏ ‏زخارياس‏ 100464-1032‏الذي‏ ‏كان‏ ‏مختفيا‏ ‏بدير‏ ‏القديس‏ ‏مقاريوس‏ ‏وهكذا‏ ‏وصل‏ ‏الرأس‏ ‏إلي‏ ‏بريه‏ ‏شيهيت‏ ‏نحو‏ ‏عام‏ 1013‏م‏ ‏وظل‏ ‏ينتقل‏ ‏بين‏ ‏بيوت‏ ‏أعيان‏ ‏الإسكندرية‏ ‏الأقباط‏ ‏لإخفائه‏ ‏من‏ ‏أعين‏ ‏الحكام‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏ ‏يفتشون‏ ‏عنه‏ ‏سعيا‏ ‏وراء‏ ‏المال‏ ‏خاصة‏ ‏في‏ ‏أيام‏ ‏البابا‏ ‏خريستوذولوس‏ 66 1046-1077‏في‏ ‏دار‏ ‏أولاد‏ ‏السكري‏ ‏وقد‏ ‏ذهب‏ ‏إلي‏ ‏هناك‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏الثالث‏ ‏ال‏ 70 1235-1243‏لنوال‏ ‏بركته‏ ‏بعد‏ ‏سيامته‏ ‏بطريركا‏.‏


وفي‏ ‏القرن‏ ‏الثامن‏ ‏عشر‏ ‏وضع‏ ‏في‏ ‏ضريح‏ ‏خاص‏ ‏بالكنيسة‏ ‏المرقسية‏ ‏بالإسكندرية‏ ‏وأخيرا‏ ‏في‏ ‏أيام‏ ‏البابا‏ ‏بطرس‏ ‏السادس‏1718--1726‏وضع‏ ‏مع‏ ‏جماجم‏ ‏أخري‏ ‏خاصة‏ ‏بالقديس‏ ‏في‏ ‏جرن‏ ‏من‏ ‏الرخام‏ ‏ووضع‏ ‏في‏ ‏مكانه‏ ‏المعروف‏ ‏حاليا‏ ‏بالكنيسة‏ ‏المرقسية‏ ‏بالإسكندرية‏ ‏وفي‏ ‏سنة‏ 828‏م‏ ‏قام‏ ‏أهل‏ ‏البندقية‏ ‏بالاحتيال‏ ‏علي‏ ‏الكهنة‏ ‏اليونانيين‏ ‏المسئولين‏ ‏عن‏ ‏حراسة‏ ‏الجسد‏ ‏بحجة‏ ‏أن‏ ‏السلطات‏ ‏تهدم‏ ‏الكنائس‏ ‏وهناك‏ ‏خوف‏ ‏من‏ ‏ضياع‏ ‏هذه‏ ‏الذخيرة‏ ‏الثمينة‏.‏في‏ ‏البندقية‏ ‏أقيمت‏ ‏كنيسة‏ ‏سان‏ ‏مارك‏ ‏لحفظ‏ ‏الجسد‏ ‏وهي‏ ‏من‏ ‏أقدم‏ ‏الكنائس‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏حيث‏ ‏ظل‏ ‏الجسد‏ ‏محفوظا‏ ‏هناك‏ ‏حتي‏ ‏الآن‏.‏


عودة‏ ‏رفات‏ ‏مارمرقص‏:-‏


وفي‏ ‏عام‏ 1968‏م‏ ‏وبمناسبة‏ ‏مرور‏ 1900 ‏عام‏ ‏علي‏ ‏استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏مارمرقص‏ ‏الرسول‏ ‏تمكن‏ ‏البابا‏ ‏كيرلس‏ ‏السادس‏ ‏من‏ ‏إحضار‏ ‏رفات‏ ‏مارمرقص‏ ‏إلي‏ ‏مصر‏ ‏وكان‏ ‏ذلك‏ ‏يوم‏ 24 ‏يونية‏ ‏سنة‏ 1968‏م‏ ‏في‏ ‏احتفال‏ ‏مهيب‏ ‏وسعادة‏ ‏بالغة‏ ‏للأقباط‏ ‏الأرثوذكس‏ ‏حيث‏ ‏تجمع‏ ‏الآلاف‏ ‏في‏ ‏استقبال‏ ‏هذا‏ ‏الجسد‏ ‏المقدس‏ ‏في‏ ‏مطار‏ ‏القاهرة‏ .‏


وفي‏ ‏يوم‏ 25 ‏يونية‏ ‏كان‏ ‏الاحتفال‏ ‏بافتتاح‏ ‏الكاتدرائية‏ ‏المرقسية‏ ‏الكبري‏ ‏الجديدة‏ ‏بحضور‏ ‏الرئيس‏ ‏الراحل‏ ‏جمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏,‏والامبراطور‏ ‏هيلاسلاسي‏ ‏وفي‏ ‏اليوم‏ ‏التالي‏ ‏أقيم‏ ‏أول‏ ‏قداس‏ ‏بالكاتدرائية‏ ‏وفي‏ ‏نهاية‏ ‏القداس‏ ‏تم‏ ‏وضع‏ ‏صندوق‏ ‏الرفات‏ ‏المقدسة‏ ‏في‏ ‏المزار‏ ‏الذي‏ ‏أعد‏ ‏خصيصا‏ ‏له‏ ‏أسفل‏ ‏المذبح‏ ‏الرئيسي‏ ‏للكاتدرائية‏ ‏المرقسية‏ ‏الجديدة‏.‏


مدينة الأسكندرية فى زمن مرقس الرسول



كانت مدينة الأسكندرية مركز للعلم عندما بشرها مرقص الرسول فقد كانت بها مكتبتها الشهيرة فى العالم القديم وكانت بها اجناس عديدية من مصريين وأثيوبيين ونوبيين وأروام ورمانيين ويهود وكانت أكبر فئة أجنبية هم الفلاسفة وطلاب العلم من اليونان وكانت الأسكندرية مركزاً تجارياً هاماً على البحر الأبيض المتوسط وكانت تعتبر المدينة الكبرى الثانية بعد رومية فى الأهمية فى العالم القديم وكانت مركز لتصدير الحبوب والغلال للعالم القديم كله وكانت الأسكندرية بها خمسة أحياء منهم حيان لليهود .


وصل مرقص الرسول إلى مدينة الأسكندرية وكان صندلة قد تمزق من المسير فذهب إلى أسكافى يدعى أنيانوس فى سوق المدينة وفى أثناء إصلاحه الصندل دخل المخراز فى يده وأدمتها فصرخ قائلاً : " يا إلهى الحى " فقال له مرقص : " أتعرف من هو الإله الحى " فقال : " لا " وقال له مرقص : " أنا اعرفه " وصلى مرقص فشفيت جراح الأسكافى فى الحال فأصر أنيانوس أن يعرف المزيد عن هذا الإله الحى فأخذه إلى بيته وكان هو أول مصرى يؤمن بالمسيحية فى مصر وبعد وقت قصير أمتدت وأنتشرت المسيحية بين أهالى الأسكندرية






وفى سنة 64م أشتعلت النيران فى مدينة روما عاصمة الأمبراطورية الرومانية وظلت النيران مشتعلة تسعة أيام وألتهمت النيران ثلث المدينة وكان نيرون يريد أنشاء روما جديدة وعارضة اهلها وكان يوم حرق روما بعيدأعنها وأتهم نيرون المسيحيين بحرق روما وبدأ إضطهاده الشديد وعاش المسيحيين فى سراديب تحت الأرض وفى الكهوف .






وفى عام 61 كتب القديس مرقس الأنجيل المعروف بأسمه .. أنجيل مرقص .. وكتبه بمساعدة بطرس الرسول الذى كان فى مصر فى مدينة بابليون وكانا دائما يجلس مع بطرس الرسول ويبشران معاً وكانت علاقة مرقص الرسول مع التلاميذ الثنى عشر والرسل السبعين علاقة وطيدة وكان بيته وبيت ابيه بالقرب من اورشليم كانت مقراً للكثير من أعمال السيد المسيح ورسلة الكرام .. ومما يعرف أن مرقص الرسول كتب أنجيلة باللغتين اليونانية والقبطية .




ولما كانت مدينة ألأسكندرية مركز للعلم وأن الديانة المسيحية وافقت ميل المصريين وعلمهم وثقافتهم فأنتشرت فيها المسيحية بسرعة شديدة اذهلت المؤرخين الذين يكتبون تاريخ مصر وقامت مناظرات بين المسيحيين والوثنيين كانت تنتهى دائما لصالح القديس مرقص الرسول ورسم مرقص الرسول أنيانوس السكافى اسقفاً ومعه ثلاثة من القساوسة وسبعة من الشمامسة لرعاية المنضمين إلى المسيحية


وتوجه بعد ذلك إلى مدينة برقة الليبية وهى أحدى المدن الخمس فى شمال أفريقيا ليبشر بها ورسم اسقفاً هناك وبعض الكهنة .


ثم توجه إلى رومية للتبشير وأنضم إلى زميلة تيموثاوس ولم يترك رومية إلا بعد أستشهاد الرسولين بطرس وبولس .
وفى سنة 68 م عاد القديس مرقص إلى مدينة الأسكندرية مرة اخرى لرعاية شئونها وزيادة عدد المنضمين إلى الكنيسة وقد وجد كنيسة الأسكندرية فى إزدهار وقام المسيحيون ببناء كنيسة فى منطقة بوكاليا على شاطئ البحر فى شرق الأسكندرية وكانت هذه المنطقة مركز لتجميع المواشى التى تقدم كذبائح للأوثان وكانت أيضاً تقطع منها الأحجار التى تستعمل للبناء فى مدينة الأسكندرية .
وفى يوم 26 ابريل سنة 68 م كان المسيحيون يحتفلون بعيد الفصح وفى نفس اليوم كان الوثنيون يحتفلون بعيد إلههم سيرابيس .. ووقف القديس مرقص فى العظة يدعوا المصريين إلى عبادة الخالق دون المخلوق الوثن الذى صنعة الأنسان ..
فتظاهر الوثنيون وقالوا ان : " مرقص يجدف على آلهتهم " فقبضوا عليه وربطوه بحبل فى خيل وأطلقوا الخيل تجرى فى شوارع المدينة فتمزق جسمه وتهرأ جسمه وتهشمت عظامة وقطعوا راسه ووضعوا حطباً ووضعوا عليه جثمانه وأوقدوا النار ولكن السماء أمطرت مطراً غزيراً فذهب كل واحد إلى بيته وأطفات النيران المشتعلة وجاء المسيحيين وأخذوا جسده وتحتفل الكنيسة بيوم استشهاده فى 27 أبريل من كل سنة وقد قتل فى 27 أبريل سنة 68 م ودفن المسيحيون جسده فى كنيسة بوكاليا فى الصورة المقابلة إحدى المغارات فى الأسكندرية التى كانت كنائس يصلى فيها الأقباط فى ايام الأضطهاد الرومانى وهى الآن تابعة لهيئة ألآثار المصرية فهل هذه المنطقة هى منظقة بوكاليا ؟


وتوجد كثير من الكهوف فى جميع جبال مصر سكنها المسيحيين الأقباط وأستعملت هذه الكهوف ككنائس فى أيام الإضطهاد فى جميع العصور بما فيها عصر الإحتلال الإسلامى .


وقد بنى عليها كنيسة باسم القديس مرقس الرسول وكانت ضخمة ولها مناره عالية أمر الملك الكامل من أسرة الأيوبين المسلمين بهدمها التى حكمت مصر فى اول أبيب سنة 935 ش بحجة أن بها منارة عالية سيتحصن بها الفرنجة إذا هاجموا ثغر السكندرية وتركوا جزء منها وفى الجمعة التالية خرج المسلمين بالأسكندرية بعد صلاة الجمعة بتحريض أئمة المساجد فيها وهدموا الجزء المتبقى منها .




جريدة وطنى 4/5/2008 السنة 50 العدد 2419 عن مقالة بعنوان [ القديس‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول ] للمتنيح الانبا غريغوريوس



كل‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يقال‏ ‏عن‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏قليل‏ ‏بإيزاء‏ ‏ما‏ ‏أدي‏ ‏من‏ ‏خدمات‏ ‏لنا‏ ‏نحن‏ ‏كنيسة‏ ‏مصر‏, ‏هو‏ ‏الرجل‏ ‏الذي‏ ‏بفضل‏ ‏النعمة‏ ‏نقلنا‏ ‏من‏ ‏عبادة‏ ‏الأوثان‏ ‏والأصنام‏ ‏إلي‏ ‏عبادة‏ ‏الله‏ ‏الواحد‏ ‏الأحد‏, ‏أحدي‏ ‏الذات‏ ‏مثلث‏ ‏الأقانيم‏ ‏والصفات‏.‏


نحن‏ ‏اليوم‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏الذكري‏ ‏الجميلة‏ ‏نمجد‏ ‏الرجل‏ ‏ونثني‏ ‏عليه‏ ‏ونشيد‏ ‏بمدحه‏, ‏ولكن‏ ‏لا‏ ‏نستطيع‏ ‏أن‏ ‏نتصور‏ ‏مقدار‏ ‏المعاناة‏ ‏التي‏ ‏عاناها‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏, ‏حينما‏ ‏جاء‏ ‏وحيدا‏ ‏يتمشي‏ ‏في‏ ‏طرقات‏ ‏الإسكندرية‏, ‏وهو‏ ‏لا‏ ‏يعلم‏ ‏كيف‏ ‏يبدأ‏ ‏ومن‏ ‏أين‏ ‏يبدأ؟‏ ‏كان‏ ‏الطريق‏ ‏أمامه‏ ‏صعبا‏, ‏كانت‏ ‏العقول‏ ‏غير‏ ‏مهيأة‏ ‏لرجل‏ ‏بسيط‏ ‏قادم‏ ‏من‏ ‏بلاد‏ ‏فلسطين‏, ‏يحمل‏ ‏رسالة‏ ‏عن‏ ‏يسوع‏ ‏الناصري‏ ‏الذي‏ ‏عاش‏ ‏ومات‏ ‏مصلوبا‏, ‏كيف‏ ‏يمكنه‏ ‏أن‏ ‏يكرز‏ ‏في‏ ‏وسط‏ ‏شعب‏ ‏متأثر‏ ‏بديانة‏ ‏عريقة‏ ‏لها‏ ‏ألوف‏ ‏السنين‏ ‏استقرت‏ ‏في‏ ‏نفس‏ ‏هذا‏ ‏الشعب‏, ‏وكان‏ ‏الشعب‏ ‏المصري‏ ‏شعبا‏ ‏يحب‏ ‏ديانته‏, ‏وكانت‏ ‏الديانة‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏مرتبطة‏ ‏بحياة‏ ‏الشعب‏, ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏شعبنا‏ ‏يفصل‏ ‏بين‏ ‏الديانة‏ ‏وبين‏ ‏الحياة‏, ‏وهذه‏ ‏ميزة‏ ‏نتميز‏ ‏بها‏ ‏نحن‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏عن‏ ‏كل‏ ‏شعب‏ ‏آخر‏ ‏في‏ ‏الشرق‏ ‏أو‏ ‏في‏ ‏الغرب‏. ‏شعب‏ ‏دخلت‏ ‏فيه‏ ‏العناية‏ ‏بديانته‏ ‏إلي‏ ‏صميم‏ ‏الحياة‏ ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏يفرق‏ ‏بين‏ ‏الدين‏ ‏وبين‏ ‏الحياة‏, ‏حياته‏ ‏دين‏ ‏ودينه‏ ‏حياة‏, ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏شعبنا‏ ‏المصري‏ ‏من‏ ‏أعمق‏ ‏شعوب‏ ‏العالم‏ ‏تدينا‏, ‏بل‏ ‏لعله‏ ‏أعمقها‏ ‏جميعا‏, ‏ولازالت‏ ‏هذه‏ ‏الخاصية‏ ‏في‏ ‏شعبنا‏ ‏نفخر‏ ‏بها‏ ‏ونعتز‏ ‏بها‏, ‏ونفخر‏ ‏علي‏ ‏مر‏ ‏الأيام‏ ‏أن‏ ‏شعبنا‏ ‏المصري‏ ‏القبطي‏, ‏شعب‏ ‏ذوو‏ ‏قيم‏ ‏وشعب‏ ‏متدين‏, ‏والدين‏ ‏يدخل‏ ‏إلي‏ ‏أعماق‏ ‏حياته‏ ‏ومعاملاته‏ ‏ولا‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يتصور‏ ‏الحياة‏ ‏من‏ ‏غير‏ ‏دين‏.‏


إذن‏ ‏إلي‏ ‏هذه‏ ‏الدرجة‏ ‏كانت‏ ‏الصعوبة‏ ‏التي‏ ‏كان‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يواجهها‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏, ‏حينما‏ ‏يدخل‏ ‏إلي‏ ‏بلد‏ ‏وهو‏ ‏يهدف‏ ‏أن‏ ‏ينقله‏ ‏من‏ ‏ديانته‏ ‏هذه‏ ‏إلي‏ ‏الإيمان‏ ‏بدين‏ ‏آخر‏, ‏لذلك‏ ‏كان‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏في‏ ‏حيرة‏, ‏وقضي‏ ‏وقتا‏ ‏طويلا‏ ‏يتمشي‏ ‏في‏ ‏شوارع‏ ‏الإسكندرية‏ ‏وهو‏ ‏لا‏ ‏يعلم‏ ‏من‏ ‏أين‏ ‏يبدأ‏!!‏


كانت‏ ‏الإسكندرية‏ ‏في‏ ‏زمن‏ ‏مارمرقس‏ ‏حينما‏ ‏أتي‏ ‏إليها‏, ‏مدينة‏ ‏عالمية‏ ‏هرب‏ ‏إليها‏ ‏العلماء‏ ‏والفلاسفة‏ ‏من‏ ‏بلاد‏ ‏اليونان‏ ‏وبلاد‏ ‏الرومان‏, ‏فكنت‏ ‏تجد‏ ‏مدارس‏ ‏فلسفية‏ ‏وعلمية‏ ‏لا‏ ‏مدرسة‏ ‏واحدة‏. ‏وكنت‏ ‏تجد‏ ‏علوما‏, ‏علوم‏ ‏الفلك‏ ‏وعلوم‏ ‏الكيمياء‏ ‏وعلوم‏ ‏التحنيط‏ ‏واللغات‏ ‏والموسيقي‏ ‏والفن‏, ‏لكل‏ ‏دائرة‏ ‏من‏ ‏دوائر‏ ‏هذه‏ ‏العلوم‏ ‏فقهاء‏, ‏بلغوا‏ ‏القمة‏ ‏فيما‏ ‏وصلوا‏ ‏إليه‏ ‏من‏ ‏علم‏, ‏وكانوا‏ ‏يحجوا‏ ‏إليهم‏ ‏طلبة‏ ‏المعرفة‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏حدب‏ ‏وصوت‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏بقعة‏ ‏من‏ ‏بقاع‏ ‏العالم‏, ‏وكانت‏ ‏الإسكندرية‏ ‏فوق‏ ‏هذا‏ ‏مركزا‏ ‏اقتصاديا‏ ‏كبيرا‏, ‏وكان‏ ‏يأتي‏ ‏إليها‏ ‏رجال‏ ‏الاقتصاد‏ ‏ورجال‏ ‏التجارة‏, ‏حتي‏ ‏من‏ ‏بلاد‏ ‏الهند‏ ‏ومن‏ ‏بلاد‏ ‏الصين‏ ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏بلاد‏ ‏الشرق‏ ‏الأوسط‏, ‏وكانت‏ ‏الهندسة‏ ‏والمعمار‏ ‏والطب‏ ‏أيضا‏ ‏والصيدلة‏, ‏جميع‏ ‏المعارف‏ ‏كان‏ ‏لها‏ ‏أساتذتها‏ ‏وأساطينها‏ ‏وعلماءها‏ ‏المتفوقون‏ ‏المبرزون‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏ ‏أعلي‏ ‏القمم‏ ‏في‏ ‏مدينة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏الذي‏ ‏جاء‏ ‏فيه‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏.‏


فما‏ ‏كان‏ ‏أصعب‏ ‏مهمته‏, ‏كيف‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏ينحت‏ ‏له‏ ‏طريقا‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏العقول‏ ‏المجهزة‏ ‏المهيأة؟‏ ‏والتي‏ ‏كانت‏ ‏تحس‏ ‏بالسمو‏ ‏والامتياز‏ ‏والارتفاع‏, ‏كانوا‏ ‏أساتذة‏ ‏فكيف‏ ‏يتتلمذون‏, ‏كانوا‏ ‏علماء‏ ‏فكيف‏ ‏يبتدئون‏ ‏من‏ ‏جديد‏ ‏أن‏ ‏يدرسوا‏ ‏دينا‏ ‏جديدا؟‏ ‏وكانت‏ ‏المسيحية‏ ‏قد‏ ‏سمع‏ ‏الناس‏ ‏في‏ ‏الإسكندرية‏ ‏وفي‏ ‏المدن‏ ‏الكبري‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏بأخبارها‏, ‏ولكن‏ ‏أكثر‏ ‏العلماء‏ ‏نظروا‏ ‏إليها‏ ‏بغير‏ ‏احترام‏, ‏سمعوا‏ ‏أنبائها‏ ‏فلم‏ ‏يتأثروا‏ ‏بها‏ ‏وظلوا‏ ‏علي‏ ‏حالهم‏ ‏بل‏ ‏بعضهم‏ ‏كان‏ ‏ينقد‏ ‏المسيحية‏. ‏وخصوصا‏ ‏فيما‏ ‏يتصل‏ ‏بعقيدة‏ ‏المسيحية‏ ‏في‏ ‏الحياة‏ ‏بعد‏ ‏الموت‏, ‏وكذلك‏ ‏في‏ ‏عقيدة‏ ‏القيامة‏, ‏المصري‏ ‏القديم‏ ‏كان‏ ‏يعتقد‏ ‏بالحياة‏ ‏بعد‏ ‏الموت‏ ‏علي‏ ‏أساس‏ ‏اعتقاده‏ ‏أن‏ ‏الجسد‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏محفوظا‏ ‏حتي‏ ‏تجد‏ ‏الروح‏ ‏المسكن‏ ‏الذي‏ ‏تسكنه‏, ‏لتحيا‏ ‏فيه‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏الآخر‏ ‏تلك‏ ‏الحياة‏ ‏الأخري‏, ‏إذن‏ ‏كانوا‏ ‏يؤمنون‏ ‏بالحياة‏ ‏الأخري‏ ‏لكنهم‏ ‏ما‏ ‏كانوا‏ ‏يؤمنون‏ ‏بمبدأ‏ ‏القيامة‏, ‏أن‏ ‏الجسد‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏يتحلل‏ ‏ويذوب‏ ‏ويتحول‏ ‏إلي‏ ‏عناصره‏ ‏الأولية‏, ‏ويأكله‏ ‏السمك‏ ‏أو‏ ‏تأكله‏ ‏النيران‏ ‏أو‏ ‏تلتهمه‏ ‏الوحوش‏, ‏كيف‏ ‏يمكن‏ ‏لهذا‏ ‏الجسد‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏يفني‏ ‏هذا‏ ‏الفناء‏ ‏كيف‏ ‏يمكنه‏ ‏أن‏ ‏يقوم؟‏ ‏هذه‏ ‏مسألة‏ ‏لم‏ ‏يتصورها‏ ‏لا‏ ‏المصريون‏ ‏القدماء‏ ‏ولا‏ ‏العلماء‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏ ‏يبرزون‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏الزمان‏.‏


قصدنا‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏أن‏ ‏مهمة‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏مهمة‏ ‏سهلة‏, ‏اليوم‏ ‏نحن‏ ‏نمجد‏ ‏مارمرقس‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏النتائج‏ ‏التي‏ ‏وصل‏ ‏إليها‏, ‏ومن‏ ‏حيث‏ ‏النتائج‏ ‏التي‏ ‏نحن‏ ‏حصلنا‏ ‏عليها‏ ‏ولكن‏ ‏إذا‏ ‏أردنا‏ ‏أن‏ ‏نرجع‏ ‏بعقولنا‏ ‏ونتصور‏ ‏الوقت‏ ‏الذي‏ ‏ظهر‏ ‏فيه‏ ‏الرجل‏, ‏وصعوبة‏ ‏المهمة‏ ‏التي‏ ‏كانت‏ ‏أمامه‏ ‏نعرف‏ ‏مدي‏ ‏المعاناة‏ ‏والصعوبة‏ ‏التي‏ ‏قاسها‏ ‏الرجل‏ ‏الذي‏ ‏نقلنا‏ ‏إلي‏ ‏معرفة‏ ‏المسيح‏.‏


مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏كانت‏ ‏مهمته‏ ‏إذن‏ ‏صعبة‏, ‏ولكن‏ ‏هناك‏ ‏عوامل‏ ‏خففت‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏الصعوبة‏, ‏ومهدت‏ ‏له‏ ‏الطريق‏ ‏علي‏ ‏نوع‏ ‏ما‏, ‏وكانت‏ ‏أول‏ ‏هذه‏ ‏العوامل‏ ‏هو‏ ‏مجئ‏ ‏المسيح‏ ‏له‏ ‏المجد‏ ‏مع‏ ‏سيدتنا‏ ‏كلنا‏ ‏وفخر‏ ‏جنسنا‏ ‏العذراء‏ ‏الطاهرة‏ ‏مريم‏ ‏ويوسف‏ ‏خطيبها‏ ‏إلي‏ ‏أرض‏ ‏مصر‏.‏


كان‏ ‏هذا‏ ‏تمهيدا‏ ‏عظيما‏ ‏خدم‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏حينما‏ ‏جاء‏ ‏إلي‏ ‏مصر‏, ‏لأن‏ ‏الرب‏ ‏يسوع‏ ‏مهد‏ ‏الطريق‏ ‏بوجوده‏, ‏وعلي‏ ‏الرغم‏ ‏أن‏ ‏الناس‏ ‏عاملوا‏ ‏العائلة‏ ‏المقدسة‏ ‏أحيانا‏ ‏بقسوة‏, ‏إلا‏ ‏أنه‏ ‏كانت‏ ‏هناك‏ ‏قلوب‏ ‏مستعدة‏ ‏رحبت‏ ‏بهم‏ ‏وأحسنت‏ ‏إليهم‏ ‏وتأثرت‏ ‏بالمسيح‏, ‏وهذا‏ ‏الأثر‏ ‏بقي‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏جاء‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏, ‏فكانت‏ ‏هذه‏ ‏هي‏ ‏البذار‏ ‏الأولية‏ ‏التي‏ ‏سقاها‏ ‏مارمرقس‏ ‏بتعليمه‏ ‏والتي‏ ‏أدت‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏تصبح‏ ‏المسيحية‏ ‏شجرة‏ ‏وارفة‏, ‏وأن‏ ‏تمتد‏ ‏جذورها‏ ‏وأن‏ ‏تتحول‏ ‏بلادنا‏ ‏إلي‏ ‏المسيحية‏, ‏فليست‏ ‏هناك‏ ‏كنيسة‏ ‏في‏ ‏الوجود‏ ‏أخذت‏ ‏المسيحية‏ ‏بالبساطة‏ ‏والروحانية‏ ‏الذي‏ ‏أخذوا‏ ‏به‏ ‏الأقباط‏ ‏دين‏ ‏المسيح‏, ‏وليست‏ ‏هناك‏ ‏كنيسة‏ ‏في‏ ‏الوجود‏ ‏تفاخر‏ ‏بأنها‏ ‏صدرت‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏أكبر‏ ‏عدد‏ ‏من‏ ‏الشهداء‏ ‏مثل‏ ‏كنيسة‏ ‏مصر‏, ‏وليست‏ ‏هناك‏ ‏كنيسة‏ ‏قدمت‏ ‏للعالم‏ ‏بأسره‏ ‏روحانية‏ ‏ورهبانية‏ ‏زاهدة‏ ‏ناسكة‏ ‏كمثل‏ ‏ما‏ ‏قدمت‏ ‏كنيسة‏ ‏مصر‏ ‏حتي‏ ‏قال‏ ‏بعض‏ ‏المؤرخين‏ ‏ليست‏ ‏السماء‏ ‏غنية‏ ‏بنجومها‏ ‏غني‏ ‏برية‏ ‏مصر‏ ‏برهبانها‏.‏


هذا‏ ‏أمرا‏ ‏نفتخر‏ ‏به‏ ‏ونعتز‏ ‏به‏ ‏فإن‏ ‏شعبنا‏ ‏علي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏من‏ ‏السهل‏ ‏عليه‏ ‏أن‏ ‏يغير‏ ‏ديانته‏ ‏لأنه‏ ‏كان‏ ‏يأخذ‏ ‏الديانة‏ ‏المأخذ‏ ‏العميق‏, ‏ل‏ ‏يكن‏ ‏شعب‏ ‏سطحي‏ ‏من‏ ‏السهل‏ ‏عليه‏ ‏أن‏ ‏يغير‏ ‏ديانته‏, ‏لكن‏ ‏بعد‏ ‏الجهود‏ ‏العظيمة‏ ‏التي‏ ‏بذلها‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏, ‏وما‏ ‏عمله‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏الآباء‏ ‏الآخرون‏ ‏الذين‏ ‏جاءوا‏ ‏من‏ ‏بعده‏ ‏وتسلموا‏ ‏منه‏ ‏وديعة‏ ‏الإيمان‏, ‏استطاعوا‏ ‏بنعمة‏ ‏الله‏ ‏وبفضله‏ ‏أن‏ ‏يحول‏ ‏هذا‏ ‏الشعب‏ ‏المتمسك‏ ‏العميق‏ ‏في‏ ‏ديانته‏ ‏إلي‏ ‏الديانة‏ ‏المسيحية‏, ‏وبمثل‏ ‏العمق‏ ‏الذي‏ ‏عاش‏ ‏فيه‏ ‏المصريون‏ ‏في‏ ‏ديانتهم‏ ‏الوثنية‏, ‏بأعظم‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏العمق‏ ‏دخلوا‏ ‏في‏ ‏ديانة‏ ‏المسيح‏ ‏وأخذوا‏ ‏المسيحية‏ ‏المأخذ‏ ‏العميق‏, ‏وتشبعوا‏ ‏من‏ ‏روحها‏ ‏وأثمروا‏ ‏فيها‏ ‏وبرزوا‏ ‏فيها‏ ‏حتي‏ ‏أنها‏ ‏أصبحت‏ ‏قائدة‏ ‏العالم‏, ‏ومن‏ ‏الناحية‏ ‏العلمية‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏وجد‏ ‏أنه‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏كرز‏ ‏بالمسيح‏ ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏صير‏ ‏عددا‏ ‏من‏ ‏الناس‏ ‏مسيحيين‏ ‏وعمدهم‏ ‏واختار‏ ‏من‏ ‏بينهم‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏اطمأن‏ ‏إليهم‏ ‏أسقفا‏ ‏ورسم‏ ‏أيضا‏ ‏قسوسا‏ ‏وشمامسة‏, ‏ذهب‏ ‏إلي‏ ‏ليبيا‏ ‏وهي‏ ‏مسقط‏ ‏رأسه‏ ‏الأصلي‏, ‏وهناك‏ ‏في‏ ‏ليبيا‏ ‏أيضا‏ ‏أسس‏ ‏كنيسة‏ ‏وأقام‏ ‏كهنة‏, ‏لكنه‏ ‏وجد‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏يطمئن‏ ‏إلي‏ ‏وضع‏ ‏الكنيسة‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏إلا‏ ‏إذا‏ ‏أنشأ‏ ‏مدرسة‏ ‏لاهوتية‏ ‏لكي‏ ‏تستطيع‏ ‏أن‏ ‏تواجه‏ ‏المدارس‏ ‏الفلسفية‏ ‏والعلمية‏ ‏التي‏ ‏كانت‏ ‏مدينة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏تعج‏ ‏بها‏, ‏ولابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏رجال‏ ‏الدين‏ ‏المسيحيين‏ ‏في‏ ‏المستوي‏ ‏العلمي‏ ‏والروحاني‏ ‏الذي‏ ‏به‏ ‏يستطيعون‏ ‏أن‏ ‏يردوا‏ ‏سهام‏ ‏الوثنيين‏, ‏وأن‏ ‏يتفوقوا‏ ‏عليهم‏, ‏فأنشأ‏ ‏مارمرقس‏ ‏أول‏ ‏مدرسة‏ ‏لاهوتية‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏كانت‏ ‏مدرسة‏ ‏الإسكندرية‏, ‏تاريخيا‏ ‏أول‏ ‏مدرسة‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏لاهوتية‏, ‏واستطاع‏ ‏علماء‏ ‏هذه‏ ‏المدرسة‏ ‏شيئا‏ ‏فشيئا‏ ‏مواصلة‏ ‏الجهود‏ ‏والدرس‏ ‏والمناقشات‏ ‏والجدل‏ ‏المتواصل‏ ‏مع‏ ‏أساتذة‏ ‏وعلماء‏ ‏المدارس‏ ‏الوثنية‏ ‏المختلفة‏, ‏أمكنهم‏ ‏بنعمة‏ ‏الله‏ ‏أن‏ ‏يجهزوا‏ ‏علي‏ ‏المدارس‏ ‏الوثنية‏ ‏وأن‏ ‏يضعفوها‏, ‏وأن‏ ‏يقتنصوا‏ ‏منها‏ ‏الطلبة‏ ‏والأساتذة‏, ‏حتي‏ ‏أغلقت‏ ‏هذه‏ ‏المدارس‏ ‏أبوابها‏ ‏وامتصتها‏ ‏المدرسة‏ ‏اللاهوتية‏ ‏في‏ ‏الإسكندرية‏ ‏وابتعلتها‏, ‏هؤلاء‏ ‏الأساتذة‏ ‏والعلماء‏ ‏انضموا‏ ‏إلي‏ ‏الكنيسة‏ ‏المسيحية‏ ‏وألفوا‏ ‏فيها‏ ‏مؤلفات‏ ‏وردوا‏ ‏علي‏ ‏آراء‏ ‏وهرطقات‏ ‏ظهرت‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏الزمان‏. ‏وصار‏ ‏من‏ ‏بين‏ ‏العلماء‏ ‏الأفذاذ‏ ‏من‏ ‏أمثال‏ ‏أثيناغوراس‏ ‏وبنتينوس‏ ‏وأكليمنضس‏ ‏وأوريجينوس‏ ‏وديديموس‏, ‏ومن‏ ‏خريجي‏ ‏تلك‏ ‏المدارس‏ ‏أثناسيوس‏ ‏وكيرلس‏ ‏وديسقوروس‏ ‏وكل‏ ‏أبطال‏ ‏الإيمان‏ ‏المسيحي‏, ‏الذين‏ ‏رفعوا‏ ‏منارة‏ ‏الإيمان‏ ‏المسيحي‏ ‏في‏ ‏تلك‏ ‏الأزمنة‏, ‏وامتد‏ ‏صيت‏ ‏مدرسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏اللاهوتية‏ ‏التي‏ ‏أنشأها‏ ‏مارمرقس‏, ‏ولم‏ ‏يأت‏ ‏القرن‏ ‏الثاني‏ ‏للمسيحية‏ ‏حتي‏ ‏صارت‏ ‏مدرسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏اللاهوتية‏ ‏المرجع‏ ‏الأعلي‏ ‏للثقافة‏ ‏المسيحية‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏بأثره‏, ‏وسمع‏ ‏بها‏ ‏طلاب‏ ‏المعرفة‏ ‏والباحثون‏ ‏وراء‏ ‏الحق‏ ‏فقصدوا‏ ‏إليها‏ ‏ولما‏ ‏أنشئت‏ ‏مدارس‏ ‏لاهوتية‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏كانوا‏ ‏خريجي‏ ‏تلك‏ ‏المدارس‏ ‏يشعرون‏ ‏بأن‏ ‏هناك‏ ‏مدرسة‏ ‏أعلي‏ ‏في‏ ‏الإسكندرية‏ ‏ينبغي‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏يتموا‏ ‏درساتهم‏ ‏في‏ ‏بلادهم‏ ‏أن‏ ‏يأتوا‏ ‏إلي‏ ‏مدرسة‏ ‏الإسكندرية‏.‏


ولما‏ ‏كان‏ ‏قد‏ ‏صار‏ ‏من‏ ‏عادة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏والكرسي‏ ‏الإسكندري‏ ‏أن‏ ‏يختار‏ ‏البطريرك‏ ‏وهو‏ ‏أسقف‏ ‏الإسكندرية‏, ‏من‏ ‏بين‏ ‏علماء‏ ‏المدرسة‏ ‏اللاهوتية‏ ‏ومن‏ ‏مديريها‏ ‏وأساتذتها‏ ‏الكبار‏, ‏فقد‏ ‏صار‏ ‏تبعا‏ ‏لهذا‏ ‏مركز‏ ‏بطريرك‏ ‏الإسكندرية‏ ‏في‏ ‏تلك‏ ‏الخمسة‏ ‏قرون‏ ‏الأولي‏ ‏التي‏ ‏كانت‏ ‏فيها‏ ‏مدرسة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏حية‏, ‏وكانوا‏ ‏يحتكمون‏ ‏إليه‏ ‏كأستاذ‏ ‏لهم‏, ‏لأنهم‏ ‏تتلمذوا‏ ‏عليه‏ ‏وقت‏ ‏أن‏ ‏كان‏ ‏رئيسا‏ ‏للمدرسة‏ ‏أو‏ ‏أستاذا‏ ‏بها‏, ‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏السبب‏ ‏في‏ ‏أن‏ ‏بطريرك‏ ‏الإسكندرية‏ ‏أصبح‏ ‏يلقب‏ ‏بقاضي‏ ‏المسكونة‏.‏


ومارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏سلمنا‏ ‏القداس‏, ‏وفي‏ ‏تاريخ‏ ‏الكنيسة‏ ‏يعرف‏ ‏القداس‏ ‏المرقسي‏ ‏بأنه‏ ‏أسبق‏ ‏جميع‏ ‏القداسات‏, ‏القداس‏ ‏المرقسي‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏نسميه‏ ‏القداس‏ ‏الكيرلسي‏, ‏هو‏ ‏مرقسي‏ ‏لأن‏ ‏مارمرقس‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏سلمه‏ ‏إلينا‏ ‏ويسمي‏ ‏كيرلس‏ ‏لأن‏ ‏كيرلس‏ ‏الأول‏ ‏عمود‏ ‏الإيمان‏ ‏البابا‏ ‏الرابع‏ ‏والعشرون‏ ‏من‏ ‏بطاركة‏ ‏الإسكندرية‏ ‏رئيس‏ ‏مجمع‏ ‏أفسس‏ ‏الأول‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏دونه‏, ‏وكان‏ ‏قبل‏ ‏ذلك‏ ‏يسلم‏ ‏شفاها‏, ‏وأثناسيوس‏ ‏الرسولي‏ ‏وهو‏ ‏البطريرك‏ ‏العشرين‏ ‏سلمه‏ ‏شفاها‏ ‏إلي‏ ‏أول‏ ‏أسقف‏ ‏رسمه‏ ‏للحبشة‏ ‏الأسقف‏ ‏فرمنتيوس‏, ‏ويسمي‏ ‏سلامة‏, ‏فأول‏ ‏مرة‏ ‏في‏ ‏عهد‏ ‏البابا‏ ‏أثناسيوس‏ ‏الرسولي‏ ‏يسلم‏ ‏للحبشة‏ ‏القداس‏ ‏المرقسي‏.‏


بعد‏ ‏ذلك‏ ‏أريد‏ ‏أن‏ ‏أقول‏ ‏إن‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏ترك‏ ‏لنا‏ ‏تراثا‏ ‏من‏ ‏بعده‏ ‏ثمينا‏ ‏وجميلا‏, ‏ترك‏ ‏لنا‏ ‏هذا‏ ‏التراث‏ ‏الروحاني‏, ‏وترك‏ ‏لنا‏ ‏هذا‏ ‏التراث‏ ‏العلمي‏ ‏وترك‏ ‏لنا‏ ‏كنيسة‏ ‏مجيدة‏ ‏مقدسة‏ ‏فنحن‏ ‏مدينون‏ ‏لهذا‏ ‏الرجل‏ ‏بالكثير‏ ‏ولذلك‏ ‏كل‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏نقدمه‏ ‏وفاء‏ ‏لهذه‏ ‏الذكري‏, ‏ينبغي‏ ‏أن‏ ‏نحرص‏ ‏علي‏ ‏هذا‏ ‏التراث‏ ‏كشعب‏ ‏وفي‏. ‏علينا‏ ‏نحوه‏ ‏أن‏ ‏نذكره‏ ‏في‏ ‏القداس‏ ‏وتدشن‏ ‏الكناذس‏ ‏باسمه‏.‏


أيها‏ ‏الإخوة‏ ‏والأبناء‏ ‏في‏ ‏الأيام‏ ‏الآتية‏ ‏في‏ ‏السنوات‏ ‏القريبة‏ ‏للمجئ‏ ‏الثاني‏ ‏أن‏ ‏لمصر‏ ‏رسالة‏, ‏ولكنيسة‏ ‏مصر‏ ‏دور‏ ‏قيادة‏, ‏قد‏ ‏لا‏ ‏تفهمون‏ ‏معني‏ ‏هذه‏ ‏الكلمات‏ ‏الآن‏!! ‏ولكنكم‏ ‏ترقبوا‏ ‏ما‏ ‏ستأتي‏ ‏به‏ ‏الأيام‏ ‏فسترون‏ ‏لكنيسة‏ ‏مصر‏ ‏دورا‏ ‏في‏ ‏الشرق‏ ‏الأوسط‏, ‏ودورا‏ ‏قياديا‏ ‏للعالم‏ ‏بأسره‏, ‏لأن‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏في‏ ‏الغرب‏ ‏الآن‏ ‏يمر‏ ‏بمرحلة‏ ‏اليأس‏ ‏من‏ ‏حضارته‏, ‏ويتطلع‏ ‏إلي‏ ‏الشرق‏, ‏وليس‏ ‏هناك‏ ‏في‏ ‏الشرق‏ ‏أفضل‏ ‏من‏ ‏مصر‏, ‏فكنيسة‏ ‏مصر‏ ‏طبقا‏ ‏لما‏ ‏نستقيه‏ ‏من‏ ‏أسفار‏ ‏الأنبياء‏ ‏دانيال‏ ‏ومن‏ ‏سفر‏ ‏الرؤيا‏ ‏سيكون‏ ‏لها‏ ‏في‏ ‏السنوات‏ ‏المقبلة‏ ‏دورا‏ ‏مهما‏ ‏وقيادي‏ ‏فاستعدوا‏ ‏لهذا‏ ‏الدور‏.‏


إننا‏ ‏نحتفل‏ ‏بعيد‏ ‏مارمرقس‏ ‏الرسول‏ ‏لكي‏ ‏يثير‏ ‏فينا‏ ‏هذا‏ ‏الرجل‏ ‏وذكراه‏ ‏وما‏ ‏نتحدث‏ ‏به‏ ‏عن‏ ‏الإيمان‏ ‏الذي‏ ‏تسلمناه‏ ‏من‏ ‏القديسين‏, ‏يثير‏ ‏فينا‏ ‏الحمية‏ ‏والغيرة‏ ‏أن‏ ‏نتمسك‏ ‏بإيماننا‏ ‏ونتمسك‏ ‏بديننا‏, ‏ونحافظ‏ ‏علي‏ ‏الإيمان‏ ‏الأرثوذكسي‏ ‏وأن‏ ‏لا‏ ‏نسلم‏ ‏فيه‏ ‏ولو‏ ‏بالدماء‏. ‏ونحن‏ ‏أبناء‏ ‏الشهداء‏ ‏مستعدون‏ ‏أن‏ ‏تنزف‏ ‏دماءنا‏ ‏في‏ ‏سبيل‏ ‏أن‏ ‏يبقي‏ ‏الإيمان‏ ‏عاليا‏ ‏وفي‏ ‏سبيل‏ ‏أن‏ ‏تبقي‏ ‏راية‏ ‏الإيمان‏ ‏مرفوعة‏.‏


لإلهنا‏ ‏الإكرام‏ ‏والمجد‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏ ‏آمين‏.