مرحباً بكم في مدونة المسيح مخلصي وهى تحتوي على موضوعات مسيحية متعددة بالاضافة الي تاريخ الاباء البطاركة المنقول من موسوعة تاريخ اقباط مصر للمؤرخ عزت اندراوس بالاضافة الي نشر الكثير عن تاريخ الاباء

السبت، سبتمبر 27، 2008

هدوء النفس والفكر لقداسة البابا شنودة الثالث




هدوء النفس والفكرالبابا شنوة الثالث


هدوء النفس هناك أشياء كثيرة تعكر هدوء النفس أحياناً، منها أخطاء الآخرين:


فقد تكون أخطاؤهم مؤذية أو مغلقة أو مثيرة تُفقد الإنسان هدوءه. ربما تصدر منهم حروب أو مضايقات أو معاكسات. وهكذا يمكن فقد الهدوء بسبب جار مشاكس، أو زميل متعب فى العمل، أو مدير عنيف. أو بسبب أخطاء الغير التى تسبب ضرراً، أو تُلجئ الشخص أن يكون فى حالة حرص مستمر، أو فى حالة توتر بسبب ما يتوقعه من مشاكل.فقد يخرج المدرس عن هدوئه بسبب تصرفات تلاميذه. وقد يفقد الأب هدوءه بسبب أخطاء الإبن. وربما تصرفات من بعض أفراد تؤثر على هدوء المجتمع كله


وقد يفقد الإنسان هدوءه بسبب معاشرة غير الهادئين:


فإن عاشر إنساناً مضطرباً أو قلقاً أو خائفاً، ربما تنتقل عدوى أخطاء هذا الشخص اليه، أى ينتقل اليه الخوف أو الإضطراب أو القلق. وبالعكس فإن معاشرة الهادئين تُدخل الهدوء الى النفسإن كثيراً من النواحى النفسية يمتصها الانسان من غيره، جيدة كانت أم رديئة... لذلك ليس غريباً إن داومت الجلوس فى مكان فيه سجن، أن تتجسس نفسك بما تسمعه من أحاديث الناس. وليس بعيداً إن عاشرت إنساناً كثير الشك، أن يسرى الشك الى فكرك وقلبك دون أن تقصد


مما يفقد الهدوء أيضاً، بعض الأخبار ووسائل الإعلام:


* ما أكثر ما تقدمه بعض الفضائيات والصحف وسائر وسائل الإعلام من أخبار مثيره قد تزعج نفسيات الناس، وتؤثر على أفكارهم وأعصابهم. حتى ليظن البعض أن هناك دماراً قد حدث أو كوارث سوف تحدث! وقد تتلاحق هذه الأخبار بسرعة، حتى ما يفيق الشخص من سماع خبر، إلا ويلاحقه خبر آخر.. وهكذا يعيش البعض فى توتر! وهناك صحفيون يرون أن الإثارة هى دليل النجاح فى نشر أخبارهم، فيختارون العناوين المثيرة والأخبار المثيرة، بغض النظر عما تحدثه فى النفوس، وقد لا تكون صحيحة.


ونفس الوضع ينطبق على الأخبار التى يرويها الناس فى أحاديثهم.أخبار المشاكل والضيقات والآلام والفضائح، سواء على مستوى عام أو على مستوى الأسرة أو الفرد. وهناك من يروى بأسلوب فيه إنفعال شديد، ينقله الى من يسمعه فينفعل بإنفعاله..ويعيش الناس فى شدّ وجذب من جرّاء الأخبار المتلاحقة. حتى أن من يريد أن يحيا فى هدوء، يحاول أن يبعد عن هذه الأخبار المثيرة..


وأهم ما يُفقد الانسان هدوءه، ما تحدث له من مشاكل:


* فصغار النفوس، أقل مشكلة تزعجهم. أما الكبار فقد يتضايقون الى حين، إن بدت المشكلة بلا حلّ. فإن وصلوا الى حل، تهدأ نفوسهم.الانسان غير الهادئ قد يقيم الدنيا ويقعدها إن صادف مشكلة. وقد يكون تصرفه فى علاجها، هو مشكلة اخرى يسببها وتكون أسوأ مما أراد علاجه!


* والانسان قد يفقد هدوءه أمام مشكلة خاصة، أو أمام مشكلة عامة، كالمواصلات أو الروتين أو المشاكل الاقتصاديه


هدوء الفكر


الانسان غير الهادئ، تشغله أفكار كثيرة، تموج وتطيش، وتروح وتجئ، ولا تثبت على حال. فكرً يجذبه الى هنا، وفكر يشده الى هناك. وذهنه دائم التغير. والأفكار تؤثر على نفسه، فتكون غير مستقرة. وهكذا يحاربه القلق والشك، ويدفعانه الى الخوف والتردد فالفكر الشكاك القِلق يفقد هدوءه من الداخل:


ويظل يسائل نفسه فى حيرة:


هل هو على حق فى شكوكه، أم إنها وهم بدافع من الخوف؟


وكيف يمكنه أن يتحقق من ذلك؟


وربما لا يصل الى حل، وتظل الشكوك تعذبه وتؤرقه، وتختفى أحياناً ثم تظهر. وفى شكوكه ما أسهل أن تسوء علاقته مع الآخرين والشك على أنواع:


سواء كان شكاً فى وقائع أو أشخاص، أو فى عقيدة أو فى الله نفسه. وربما يكون شك الشخص فى ما ينتظر مستقبله..


وفى كل ذلك يكون العقل مضطرباً، وأفكاره حائرة وغير هادئة.على أن هدوء القلب قد يجلب هدوء الأفكار. وقد ينجوا الشخص من شكوكه باستشارة بعض الحكماء، وبالصلاة لكي ما ينقذه الله من شكه ويكشف له الحقيقة، ويُبعد عنه الاضطراب والقلق والحيرة


ومن مظاهر عدم هدوء الفكر: حالة الفكر الطائش الجوّال:


إن الفكر الهادئ يكون مركزاً، ومستقراً فى موضوع تفكيره، وله عمق فى التفكير. أما الفكر غير الهادئ، فإنه يجول من موضوع الى موضوع. ويطيش فى أمور متعددة، بغير هدف. كالتلميذ الذى تطيش أفكاره اثناء المذاكرة، أو المصلى الذى تطيش أفكاره أثناء الصلاة وقد قال أحد الآباء "إن كانت النار طعامها الوقود، فإن الفكر طعامه الحكايات". فالفكر الطائش غير الهادئ يهوى الحكايات. وينتقل من قصة الى قصة، ومن خبر الى خبر، ومن شخص الى آخر، دون أن يهدأ، سواء فى قراءته أو صلاته أو صمته. إنه يذكرنا بالشيطان الذى يهوى الجولان فى الأرض والتمشى فيها!


ومن مظاهر عدم هدوء الفكر، حالة الفكر النقّاد ذلك الفكر الذى لا يعجبه أحد، ولا يعجبه شئ. فهو باستمرار ثائر على الأوضاع، يرى أن الحق قد ضاع!


وهو دائماً ينظر الى كل الأمور بمنظار أسود. ويهوى أن ينتقد كل ما يصل الى علمه. ولو عن غير معرفة وعن غير دراسة وعن غير فهم لمجريات الأمور وعلى رأى المثل العربى "الناس أعداء ما جهلوا".


وهذا الشخص قد يحشر نفسه فى ما لا شأن له وبه، ويتحدث باسلوب الواثق فى أمور ليست من إختصاصه. ومشكلته أن فى قلبه سخطاً أو حقداً، أو أن فيه تذمراً على سائر الأمور، فيصل الى النقد، ويتباهى بأنه ينقد. بينما يفقد فكر هدوءه. وأكثر من هذا، يحاول! إشاعة عدم الهدوء فى عقول غيره، ينشر أفكاره الناقدة غير الهادئة


ومن الأفكار غير الهادئه، الفكر اللحوح:


هذا النوع من الفكر يلحّ على عقل الإنسان إلحاحاً، ويضغط عليه بطريقة متعبة. وإن حاول العقل أن يتخلص منه، لا يستطيع، بل يستمر فيه. وبخاصة ذلك الفكر الذى ينام به الانسان ويصحو، ويلحّ عليه بلا هوادة ولا راحة، حتى أثناء عمله وأثناء سيره. وأخطر من هذا أن يدفعه الى التنفيذ بسرعة. ولا يعطيه فرصة لمراجعته!


هذا الفكر اللحوح يفقد الانسان هدوءه، ويعطله عن أمور أخرى قد تكون هامة جداً. ويضغط على أعصابه ويتلفها، لكيما تحسب أن تنفيذ هذا الفكر هو أسهل وسيلة للراحة منه...


ان الفكر اللحوح هو فكر مشاغب وعنيف، كما لو كان يرغم صاحبهومن أنواع الأفكار غير الهادئة:


الفكر المتقلب ذلك الذى يعرض الشئ وعكسه. وتارة يوافق على أمر ما، وفى وقت آخر يعارضه. ويتحمس للموضوع حيناً، ثم يفتر حماسه! إنه كأمواج البحر، فى المدّ والجزر. وهو فكر متردد يسبب لصاحبه القلق وعدم الاستقرار. يذكّرنا بقول الشاعركريشة فى مهب الريح طائرةِِ لا تستقر على حالِِ من القلقأما الفكر الهادئ، فإنه يشبه السفينة التى تشق طريقها فى هدوء، فى مسار واحد، لا تضطرب فيه، ولا تنحرف يمنة ولا يسرة..أن الأفكار الهادئة تنبع من قلوب هادئة. بينما الأفكار غير الهادئة تفقد القلب هدوءه. وكذلك القلب غير الهادئ يزعج الأفكار

الاثنين، سبتمبر 22، 2008

أسباب القلق لقداسة البابا شنودة الثالث




للقلق أسباب كثيرة تختلف من شخص إلى آخرحسب نوع نفسيته، ونوع الظروف التي يمرّ بها

1. القلق بسبب مشكلة لم يظهر لها حل:
وهنا يكون السبب في القلق هو وجود المشكلة ذاتها، أو بسبب استمرارها وتطورها، وما يمكن أن يحدث من ردود فعلها. وكذلك القلق من جهة وسائل حلها، ومدى نجاح تلك الوسائل أو احتمال فشلها وهل سوف تستمر تلك المشكلة أم تنتهي؟ ومتى يكون ذلك؟ وكيف؟ .. ويستمر القلق!
2. وقد يكون سبب القلق هو معاشرة القلقين..
فالقلق يسري من شخص إلى آخر، تماماً مثلما يسري الخوف أيضاً من شخص إلى آخر فالأسباب التي تقلق شخصاً.. ما أسهل أن تقلق غيره. ومشاعر الإنسان الذي يعتريه القلق، هى نفسها قد تنتقل إلى إنسان آخر، أو إلى مجموعة أخرى.
ويعكس ذلك السلام القلبي الذي يعمر قلب إنسان، ويظهر في تصرفاته أو كلماته، يمكن أن ينتقل إلى قلوب الآخرين ويهدئها.
لذلك من الصالح للإنسان المحارب بالقلق أن يتخير نوعية من يعاشرهم، فيبعد عن الخائفين الذين يسودهم القلق وينقلونهم إليه. ويختلط بالقلوب الكبيرة المطمئنة التي تزيل منه كل قلق.
3. والقلق قد يأتي من طول المدة، وعدم جدوى الانتظار:
مثل فتاة طالت عليها مدة الانتظار، ولم يأتي أحد ليخطبها بعد. وقد تظن أنها سوف لا تُخطب أبداً!! وقد تدخل إليها أفكار بأنها قد تعرضت إلى لون من (العمل) أو السحر. وربما تلجأ إلى طرق غريبة للنجاة مما هى فيه من ضجر وضيق.
حقاً إن طول المدة بدون حلّ، قد يتسبب في القلق عند كثيرين وطول المدة قد يؤدي إلى توقع الفشل. وتوقع الفشل يؤدي إلى مزيد من التوتر. وكل ذلك يقود إلى القلق.
توقع الفشل يؤدي إلى الاضطراب، فيقلق الإنسان، ويؤثر على أعصابه، فيثور أو يتذمر. أو قد يصل إلى انهيار عصبي، وفي كل ذلك لا يحكمه العقل، بل الانفعال والقلق.
لذلك هناك مشاكل تحتاج إلى حل سريع، فيهدأ الإنسان قبل أن يقوده القلق-إذا استمر-إلى مزيد من التوتر والتعب.
4. وقد يكون القلق بسبب التشاؤم:
كإنسان مثلاً يتشاءم من الرقم 13 ومضاعفاته. فاليوم الذي يحمل هذا الرقم يجلب له قلقاً: ترى أي شر سوف يحدث فيه؟! ويظل يقلق.. كما أن التشاؤم بصفة عامة يجعل الإنسان يفكر فيما هو أسوأ والتفكير في تطور الأمور إلى أسوأ يجلب إلى النفس القلق.. وربما يظن المتشائم أنه لا حلّ، ولو استمرت الأمور هكذا، فلابد أنه سينهار. وقد يتخيل أن الله قد تخلى عنه، وأنه سوف لا تأتيه معونة من السماء ولا من الناس، فيقلق.
5. وقد يأتى القلق بسبب الخوف:
الخوف يسبب القلق. والقلق يسبب الخوف. وهكذا فإنهما يتبادلان المواقع سبباً ونتيجة. الخائف دائماً يقلق، وأفكاره تتعبه: يا ترى ماذا سيحدث؟ وماذا ستكون النتيجة؟ حتى إن كان داخلاً إلى مقابلة هامة: يظل بالخوف يفكر في قلق: ماذا سيقول؟ وماذا سيقال له؟ وهل سوف يقابل بروح طيبة وبشخص متفاهم؟ أم بشخص معقد ومتعب؟ وهل سيخرج من المقابلة فرحاً أم حزيناً. ويستمر معه القلق إلى نهاية المقابلة.
ومن هذا النوع فتاة أتاها من يخطبها:
هل ستعجبه وتتم الخطبة، أم يخرج ولا يعود؟ وماذا سيكون موقف والديها: هل يقبلانه أم لا يقبلان؟ وماذا عن ظروفه المالية والعائلية، وموقف أسرته منه؟.. وتظل الأفكار تتعبها وتقلقها. وتتحير بأية صورة ستقابله؟ وبأي نوع من الزينة ومن الملابس؟ وبأي أسلوب ستتكلم؟ هل تكون مرحة أم تجلس صامتة؟ وأي الأمرين يرضيه؟.. إنه قلق يتعب الفكر ويتعب النفس. وهل إذا رفضته ستندم على رفضه؟ وهل إذا قبلته سوف تستريح معه طول الحياة؟
6. قلق آخر يأتي إلى المتزوجين بسبب الإنجاب:
وبخاصة إذا مضت مدة – يظنانها طويلة – ولم ينجب الزوجان.. ويزداد القلق كلما طالت المدة.
وحينئذ يتبعهما القلق: هل هو لون من العقم عندهما أو عند أحدهما؟ أم سوف ينجبان ولو بعد حين؟ ومتى؟ وتكثر صلواتهما وطلبهما لصلوات الآخرين.
فإذا استمر عدم الإنجاب يزداد القلق جداً. ويبدأ التفكير في وسائل بشرية، ومنها التفكير في (طفل الأنابيب) ويدخلهم قلق آخر: هل هذا الأمر يرضى الله أم لا؟ وهل إذا اختبرا فكرة طفل الأنابيب ستنجح معهما وتأتي بنتيجة أم لا؟ وهل سيكون ابناً طبيعياُ ومباركاً من الله أم لا؟
7. ومن أسباب القلق أيضاً ما يعانيه الطلبة في فترة الامتحانات:
هل المدة الباقية على بدء الامتحان كافية للمذاكرة والمراجعة أم لا؟ وهل يركزون فقط على الموضوعات الهامة على الكل؟ وهل ستكون الأسئلة سهلة أم صعبة؟ وهل سوف تسعفهم الذاكرة أم سينسون ما ذاكروه؟ وهل سينجحون في الامتحان أم يرسبون؟ وإن كانوا في الثانوية العامة هل سيحصلون على مجموع يؤهلهم إلى الالتحاق بالكلية التي يريدونها؟.. وربما كل هذه الأفكار من القلق تعطلهم عن الاستمرار في المذكرة. إنها أسئلة كثيرة مصحوبة أحياناً بالخوف والاضطراب وتوتر الأعصاب. وأحياناً تكون مصحوبة بأحلام اليقظة..!
لذلك يحتاج التلميذ في هذه الفترة إلى جو هادئ، كما يحتاج إلى صدر حنون يهدئ أعصابه ويبعث فيه الاطمئنان.
8. وقد يأتي القلق بسبب التفكير في المستقبل:
ماذا سيكون المستقبل: أيكون سعيداً أم متعباً؟ ويا ترى ماذا سيأتي به الغد؟ وماذا سينتظرنا من أحداث ومن متاعب؟ وهل ستمر الأيام هادئة أم مقلقة؟ وماذا عن مصروفات البيت وتربية الأولاد؟ وماذا عن موجة الغلاء، وعن البطالة المنتشرة؟
سعيد هو الإنسان الذي يقلق من جهة الغد، وإنما يلقي همومه على الله، ويؤمن أن مستقبله في يد الله الذي يريد له الخير، وهو الذي سيدبر كل أموره حسب مشيئته الصالحة. وبهذا يطمئن ولا يقلق. عليه هو أن يؤدي واجبه كما ينبغي ويكون حكيماً. ويترك الباقي للمعتني بالكل.
9. وقد يكون القلق بسبب المرض:
الخوف من المرض قبل أن يأتي، والخوف أكثر من ذلك إن أتى. ويبدو القلق من جهته: هل هو مرض عادي بسيط أم هو مرض خطير؟ وهل الطمأنة التي تأتي من الأطباء أو من الأقارب والأصدقاء هي طمأنه صادقة أم مجرد تهدئة للنفس تشبه الحبوب المسكنة؟! وهل إذا احتاج الأمر إلى عملية جراحية هل ستنجح أم لا تنجح؟
ويزداد القلق بسبب المرض أحياناً، إذا كان المريض طبيباً، ويعرف نوعيه المرض ومدى تطوره إن أصبح الأمر خطيراً. وكلما يلمح عوارض معينة، يزداد قلقه متخيلاً أسوأ النتائج التي درسها.
10. ويأتي القلق أيضاً بسبب توقع الموت:
الذي يتوقع، يخاف ويقلق – إن لم يكن مؤمناً ومستعداً – وبخاصة لو بدا الموت قريباً – وقد يحدث ذلك بالنسبة إلى مريض بمرض غير قابل للشفاء، وإنما المسألة هى مجرد وقت قد يقصر أو يطول. فيقلق مثل هذا المريض متى سيدركه الموت؟ وكيف سيكون؟
أو إنسان أرتكب جريمة يحكم القانون عليه بالإعدام: هل سيتم الحكم عليه أم سينجو منه. ويتعبه القلق متوقعاً الموت. وإن صدر الحكم عليه فعلاً بالإعدام: يظل قلقاً في رعب. متى سيأخذونه ليعُدم؟ وكيف يكون الموت؟ وماذا سيكون بعد الموت؟ إنه قلق مستمر، كل دقيقة فيه كدهر! وربما يكون القلق في توقع الموت أو في انتظار الموت، هو أصعب من الموت نفسه.
11. وقد يضطرب الإنسان ويقلق، بسبب أخطار وهمية أو حقيقية:
يفكر فيها الشخص أو يتخيلها، فيقلق بسببها ويضطرب.
مثال ذلك إنسان لم يتعود السفر بالطائرة. فإن سافر بها، تراه يقلق متوقعاً أن يحدث حادث للطائرة. ويتذكر كل ما قد سبق نشره في الجرائد عن حوادث الطائرات. وإن ركب الطائرة، وحدث ولو مطب خفيف في الهواء، يظن أن النهاية قد قربت! ويظل طول فترة السفر قلقاً! ويحسب كم بقى من الوقت لتهبط الطائرة ونفس القلق أيضاً قد يتملك من يسافر في البحر، حينما تزداد الأمواج وتشتد الرياح، وتضطرب السفينة، فيضطرب الركاب معها، وبخاصة من لا يتقن السباحة.. إنها أخطار تسبب القلق.
12. وقد يكون القلق بسبب ما يحدث للأقارب والأصدقاء:
مثل قلق الأم على ابنها أن تأخر عن موعده في الوصول إلى البيت.. أو قلق الأب على ابنته، لئلا يخطفها بعض الأشرار، أو يصيبها ضرر منهم. أو القلق على بعض الأحباء في سفرهم أو في غربتهم أو القلق على صديق في حالة مرض.. كل ذلك ليس قلقاً على النفس، بل على الغير.
13. وقد يكون سبب القلق هو الشك:
مثل شك الزوج في مدى أمانة زوجته له، واحتمال علاقتها بآخر فيتعبه القلق من جهة هذه العلاقة، وقد تكون بريئة، ولكنه الشك القاتل، الذي يشك في كل ابتسامة، وكل كلمة، وكل عبارة إعجاب. أو قد يشك الشخص في إخلاص صديق له، أو إخلاص خادم له. ويظن أن أسراره الخاصة تخرج إلى الخارج، وأن هناك خيانة.. أو قد يشك في شريكه في العمل، وأنه يعمل لحسابه الخاص مما يؤدي بشركته إلى الإفلاس أو تدهور وضعها المالي.
14. وقد يأتي القلق بسبب ما تنشره الجرائد من أخبار:
وبخاصة في أيام الحرب والقلاقل أو الاضطرابات الداخلية أو ما تنشره وسائل الإعلام من أخبار الزلازل والفيضانات، والحرائق، ومن أخبار السطو على البنوك، وما تفعله المافيات وعصابات المجرمين.. وقد يجلب القلق أيضاً ما ينشر عن البطالة وسوء الحالة الاقتصادية واضطراب البورصة وأسعار العملة.. وما يجره كل ذلك من مشاكل عائلية، أو تأخر سن الزواج، أو اللجوء إلى الإدمان، وما يسمى بالزواج العرفي وتعرض الشباب إلى الفساد. فيقلق الآباء على أبنائهم.
15. وقد يأتي القلق من أسباب أخرى كثيرة:
· مثل قلق إنسان أرتكب جرماً ويخشى من اكتشاف هذا الجرم، وما يتبع ذلك من فضيحة أو عقوبة. ويظل قلقاً هل سيُكتشف؟
· أو قلق من شخص بسبب أعداء ربما يتسببون له في ضرر.
· أو قلق من يشعر أنه يعيش في بيئة تدعو إلى الخوف، سواء من جيران، أن زملاء في العمل، أو رئاسة قاسية، أو بيئة مخدرات، أو منطقة يقطنها لصوص، أو شباب منحرف.
16. وقد يأتي القلق من طبيعة النفس ذاتها، وبدون سبب خارجي:
كالنفس التي تتصور خطراً حيث لا يوجد خطر، أو تتخوف من ضرر حيث لا يوجد ضرر. أفكارها هى التي تتعبها حتى إن أحبت أحداً، تظل تقلق عليه، خوفاً من أن يصيبه شر ما، من حيث لا تدري.

السبت، سبتمبر 13، 2008

الحكمة لقداسة البابا شنودة الثالث


نشكر الله الذى منحنا أن نعرف الطريق الروحى الذى يوصلنا إليه. كما وضع لنا علامات الطريق نستدل بها حتى لا نضل. وقد جعل للطريق الروحى خطوات منتظمة. كل واحدة منها توصل إلى الأخرى. والكل يقود خطانا إلى الهدف الوحيد الذى هو الله. فما هى نقطة البدء فى الطريق الروحى؟ إنها مخافة الله حسب قول الوحى الألهى مرتين:
بدء الحكمة مخافة الله (أم 1:9) و رأس الحكمة مخافة الله (مز 10:111)

محبة الله ومخافته ولكن البعض قد لا يروقهم الحديث عن مخافة الله. وقد أعتادوا أن نكلمهم بأستمرار عن محبته. وفى الواقع أن محبة الله لا تتعارض مطلقا مع مخافته. إنما هى درجة أعلى منها تجتازها ولكن تظل محتفظة بها. تماما مثل تلميذ وصل إلى المرحلة الجامعية وأجتاز مرحلة القراءة والكتابة والحساب، ولكنه لا يزال محتفظآ بهذه المعلومات لا يستغنى عنها. ولكن الذين يهربون من مخافة الله يحتجون بقول القديس يوحنا الرسول "لا خوف فى المحبة. بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى الخارج" (1 يو 18:4). وللرد على هذا نقول: من منا قد وصل إلى هذه المحبة الكاملة؟! المحبة التى تحب بها الرب من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك (تث 5:6)(متى 37:22) المحبة التى تملك كل مشاعرك حتى ما تعود تحب شيئآ فى العالم موقنآ أن "محبة العالم عداوة لله" (يع 4:4) وأنه "إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب" (1 يو 15:2). هل وصلت إلى هذة الدرجة؟ وهل وصلت إلى الحب الالهى...الذى يجعلك تصلى كل حين ولا تمل (لو 1:18)، بل تصلى بكل عواطفك وأنت فى عمق الحب وعمق التأمل؟... إن وصلت إلى هذه الدرجة فلن تخاف، لأن حبك الكامل لله يطرح الخوف إلى الخارج. إن كنت لا تزال تخطئ وتسقط وتبتعد أحيانآ عن الله، فلا تنسب إلى ذاتك المحبة الكاملة. وإن كنت تفتر أحيانآ فى روحياتك، ولست عميقآ فى صلواتك وتأملاتك، فلا شك أنك لم تصل بعد إلى المحبة الكاملة ويفيدك أن تعيش فى المخافة. وثق أن مخافة الله هى الطريق الذى يوصلك إلى المحبة.إن كنت تخاف الله، فسوف تخاف أن تخطئ لكى لا تتعرض لعقوبة الله ولغضبه.......
وسوف تخاف من السقوط، لأن الخطية تفصلك عن الله وملائكته، وتفصلك عن الملكوت ومجمع القديسين. لذلك فإن مخافة الله تدفعك إلى حفظ الوصايا....وكلما سلكت فى طريق الله، ستشعر يقينآ بلذة فى الحياة الروحية، وتفرح بوصايا الله كمن وجد غنائم كثيرة (مز119). وتفرح بالقائلين لك إلى بيت الرب نذهب وسوف تفرح بهذة الحياة الروحية، وتقول للرب "محبوب هو إسمك يارب فهو طول النهار تلاوتى" (مز97:119). وهكذا تنتقل تدريجيا من المخافة إلى المحبة، ثم تنمو فى المحبة حتى تصل إلى المحبة الكاملة، فيزول الخوف.
إن الله الذى خلق طبيعتنا، والذى يعرف ضعفنا وميلنا للسقوط، كما يعرف قدرة عدونا الشيطان الذى يجول كأسد يزأر ملتمسا من يبتلعه (1 بط 8:5)...إلهنا هذا يعرف تمامآ مقدار الفوائد الروحية التى تكمن فى المخافة، لذلك قدم لنا هذه الفضيلة حتى ننتفع بها، وحتى نتدرج منها إلى المحبة تدرجا طبيعيا سهلآ، ثم ننمو فى المحبة. فما هى الفوائد الروحية لمخافة الله؟

أولآ:هى حصن من السقوط
إنها رادع لنا يمنعنا من أرتكاب الخطية. فإن سقطنا، تكون مخافة الله حافزآ لنا على التوبة.. نقول هذا لأن كثيرين قفزوا إلى محبة الله دون أن يعبروا على مخافته، وأصبح كلامهم كله عن الله المحب العطوف المتأنى، الذى لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازينا حسب آثامنا (مز 10:103)....هؤلاء لم يفهموا المحبة فهما سليمآ. ولأنهم لم يتعودا المخافة، قادهم هذا إلى الأستهانة والأستهتار وعدم الأهتمام بالوصية، وبالتالى إلى السقوط. فما هى المحبة إذن؟ إنها ليست مجرد مشاعر. فالرب يقول: من يحبنى يحفظ وصاياى (يو3:14). والقديس يوحنا الرسول الذى قال إن المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج، هو نفسه الذى قال فى نفس رسالته "لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق" (1يو18:3)...فما هى هذه المحبة العملية؟ إنه يقول "إن هذه هى محبة الله أن تحفظ وصاياه" (1يو3:5)...طبعا نحفظها عن حب
ولكن هذه درجة عالية، يسبقها أن نحفظ الوصايا عن طريق المخافة...وطبيعة الناس هكذا: لم يولدوا قديسين، بل جاهدوا بمخافة الله، وبالتغصب وقهر النفس، حتى وصلوا إلى المحبة. وهكذا يقول القديس بولس الرسول "مكملين القداسة فى خوف الله" (2كو1:7). أذن كيف نكمل القداسة فى خوف الله؟ وكيف نطيع أيضا القديس بطرس الرسول فى قوله "سيروا زمان غربتكم بخوف" (1بط17:1)....يبدأ الانسان حياته الروحية بالحرص الشديد من السقوط فى الخطية...يخاف من العثرات ومن الأغراءات ومن حروب الشياطين، وغير مغتر بقوته ومقاومته واضعا أمامه قول الرسول"لا تستكبر بل خف" (رو20:11). وهو أيضا يخاف أن يغضب الله، ويضع أمامه قول السيد المسيح له المجد "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد..بل خافوا بالحرى من الذى يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما فى جهنم" (متى28:10). "نعم من هذا خافوا" (لو5:12). هذا هو الخوف من عقوبة الله، يبدأ به الإنسان، وقد يستمر معه طول الحياة...وقد قال أحد الآباء "أخاف من ثلاثة أوقات: وقت خروج روحى من جسدى، ووقت وقفى أمام منبر الله العادل، ووقت صدور الحكم على".....ولا شك أن هذه الأوقات الثلاثة مخيفة لكل إنسان، إلا للذين عاشوا فى محبة الله الكاملة، وتمتعوا بعشرته المقدسة فى أعماقها، ولم يعد ضميرهم يبكتهم على شئ. أما الذى يخشى أن ينكشف فى حياته شئ يوم تفتح الأسفار، فهذا لابد أن يخاف. والخير أن يخاف الانسان ههنا، من أن يخاف فى يوم الدينونة.....لأنه خوفه ههنا إنما يقوده إلى التوبة وإلى الصلح مع الله إن أراد. أما ذلك الخوف فى يوم الدين، فإنه خوف خرج عن حدود الأرادة البشرية. الخوف ههنا يعطينا حياة الخشوع، وحياة الدموع، ويعطينا الأرادة فى الرجوع. ويكون سياجا لنا فى الطريق حتى لا ننحرف...ونحن نقول فى صلاة الشكر "أمنحنا أن نكمل هذا اليوم المقدس وكل أيام حياتنا، بكل سلام مع مخافتك". عجيب أن أشخاصا يخافون من الناس، ولا يخافون الله....يخافون أن يخطئوا أمام الناس لئلا يصغر قدرهم فى أعينهم. ويخافون أن تنكشف خطاياهم أمام الناس، خوفآ من الفضيحة. ولكنهم مع ذلك يرتكبون أية خطية أمام الله بلا خوف ما دام الأمر فى خفية عن الناس. أنهم يستغلون طيبة الله ومحبته!!! ويستغلون إيمانهم برحمة الله وحنوه وتسامحه ومغفرته وقلبه الواسع الذى غفر للزانية وللناكر، ويقودهم هذا للأسف الشديد إلى التساهل فى كل حقوق الله عليهم! ويعيشون فى حياتهم الروحية بلا جدية وبلا التزام!!....وكأن الله إن كان لا يعاتبنا، ولا يعاقبنا، فلا أهتمام من جانبنا ونصل بهذا إلى اللامبالاة.... إن المحبة الكاملة التى تطرح الخوف هى للقديسين الكبار، وليس للمبتدئين فى التوبة أو المقصريين فى روحياتهم. لذلك عش فى مخافة الله، ولا تقفز قفزآ إلى المحبة، بطريقة نظرية تدعى فيها ما ليس لك..ولا تحتقر مخافة الله كدرجة بسيطة لا تصلح لك!! إنما ثق تماما أنك إذا كنت أمينآ فى القليل الذى هو المخافة فسيقيمك الله على الكثير الذى هو المحبة.إذن سر فى حياتك الروحية بنظام يوصلك إلى الله. وبخطوة سليمة تقودك إلى خطوة أخرى بطريقة عملية.دون أشتهاء لمظهرية لها صورة الروحانية ولا توصلك!! إن قمة الحياة الروحية هى حقآ المحبة الكاملة. ولكنك لا تبدأ بالقمة، إبدأ بالمخافة حينئذ تصل إلى القمة دون أن تعثر، وبخاصة فى هذا الجيل المستهتر الذى كثرت فيه الخطية والذى كثرت فيه الشكوك والعثرات، والذى يوجد فيه من ينكرون وجود الله ومن يجدفون عليه...ومن ينتقدون وصاياه ويسخرون ببعضها، ويتذمرون على الله أحيانا ويخاصمونه!!!. الذى فيه مخافة الله يتقدم كل يوم لأنه يخاف عدم الوصول إلى هدفه. أما الذى ليست فيه مخافة الله فإنه ينحدر كل يوم إلى أسفل. الذى يخاف الله يرى طريق الكمال طويلا جدآ أمامه: فيحاول بكل جهد أن يصل. مثل تلميذ يجد أمامه مقررآ طويلآ لم يحصل منه عشره، فيخاف أن يدركه الامتحان دون أن ينتهى منه ويدفعه الخوف إلى مزيد من الجهد. ونحن أمامنا منهج روحى طويل، يتلخص فى كلمتين القداسة والكمال، قال لنا الرب "كونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل" (متى48:5) وقال أيضا "كونوا قديسين" ...فمن منا وصل إلى هذا المستوى؟؟ لذلك نخاف أن يدركنا الموت ولم نصل، ويدفعنا الخوف إلى الجهاد....لماذا إذن لا نسلك فى مخافة الله؟ هناك أسباب نذكر منها:
لا يخاف الإنسان الذى لم يفحص ذاته بعد، ولم يعرف حقيقته وماضيه، وخطاياه وضعفاته. ولم يعرف المستوى الروحى المطلوب منه، وما يلزمه من سعى ومن جهد...كذلك لا يخاف الذى لا يضع الدينونة أمام عينيه، لذلك تذكرنا الكنيسة بهذه الحقيقة كل يوم فى قطع صلاة النوم، وفى قطع صلاة نصف الليل، حتى نستيقظ من غفلتنا فى الحياة....كذلك لا يخاف الإنسان الذى تجرفه دوامة العالم فلا يعلم أين هو؟! يلفه العالم فى طياته، ويغرقه فى لججه، ويجره فى مشغوليات لا تحصى بحيث لا يبقى له وقتآ يفكر فيه فى مصيره، أو وقتآ يفكر فيه فى روحياته.وقد يقع فى عدم المخافة، لأن الأوساط الخارجية التى تؤثر عليه ليست فيها مخافة الله فتساعده على السير بنفس الأسلوب. والذى لم يصل إلى المخافة بعد، كيف يمكنه أن يصل إلى المحبة؟؟بل وكيف يمكنه أن يصل إلى المحبة الكاملة التى تطرح الخوف إلى الخارج؟؟
أننا لا نخاف لأننا لا نضع الله أمام أعيننا، فننساه وننسى وصاياه كما قال المزمور عن الخطاة
"لم يسبقوا أن يجعلوا الله أمامهم". وكذلك لأننا نفكر فى العالم الحاضر...ولا نفكر مطلقا فى العالم الآخر وفى الدينونة. لذلك حسنآ قال الكتاب إن القديس بولس الرسول لما تكلم عن البر والدينونة والتعفف، أرتعب فيلكس الوالى (أع25:24). كذلك نصل إلى مخافة الله إن تذكرنا قول الرب لكل واحد من رعاة كنائس آسيا "أنا عارف أعمالك" (رؤ2،3). هذه كلها أسباب تمنع المخافة. ولكن هناك تداريب تساعدنا على أقتناء مخافة الله: حاول أن تخاف الله، على الأقل كما تخاف الناس. الشئ الذى تخاف أن تعمله أمام الناس لا تعمله أمام الله. والفكر الذى تخاف أن يعرفه الناس أو تخاف أن ينكشف عندما تفيق من التخدير، هذا لا تفكر فيه أمام الله الذى يقرأ كل أفكارك ويفحصها. وأعلم أن كل أفكارك ستنكشف أمام الخليقة كلها فى اليوم الأخير، إلا التى تبت عنها ومحيت. والخطايا الخفية التى تخجل من أرتكابها أمام الناس، فتعملها فى الظلام، حاول أن تخجل منها أمام الله الذى يراها. لتكن لله هيبة تجعلك تستحى منه ومن أرتكاب الخطية أمامه....أتخاف الناس، ولا تخاف الله الذى خلق هؤلاء الناس من تراب. لهذا اسلك أمام الله فى أستحياء، وأعرف أنه ينظرك ويسمعك فى كل ما تفعله. كذلك أحتفظ بهيبة كل ما يتعلق بالله وكل ما يخصه. قف فى صلاتك بكل توقير وخشوع لكى تدخل مخافة الله فى قلبك...وتذكر أنك تقف بأحترام أمام رؤسائك. فكيف لا تكون كذلك أمام الله أيضا. أعط هيبة لكتاب الله: فلا تضع شيئا فوقه، ولا تطالعه بغير أحترام، وتذكر أن الشماس يصيح فى الكنيسة قائلا "قفوا بخوف من الله وأنصتوا لسماع الأنجيل المقدس". وأن كنت تهاب كلام الله، فسوف تهاب الله نفسه. أستح من ملائكة الله القديسين الذين حولك، يرونك ويسمعونك. وأعرف أن أخطاءك البشعة تفصلك عن عشرة الملائكة فينصرفون عنك، ويتركونك إلى أعدائك المحاربين لك. وعليك أن تخاف من هذا جدآ. كذلك أستح من أرواح القديسين الذين يرونك فى الخطية، هم وأرواح معارفك، وأصدقائك بل وأعدائك الذين أنتقلوا.....أسلك فى مخافة الله لتصل إلى محبته. وتذكر قول الرسول "أحبوا الأخوة..خافوا الله" (1 بط17:2). وقول الملاك فى سفر الرؤيا "خافوا الله، وأعطوه مجدآ" (رؤ14). وأعلم أن مخافة الله موجودة فى العهد الجديد، كما فى العهد القديم. ومحبة الله موجودة فى العهد القديم كما فى العهد الجديد

الثلاثاء، سبتمبر 09، 2008

الحروب الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث


كل إنسان معرض للحروب الروحية. سواء من الخارج أو من داخله تمر هذه الحروب عابرة. ويسهل الانتصار عليها. إن كان الشخص في حياة روحية قوية. ولكنها تكون عنيفة.إن كان في حالة فتور. أو في استرخاء روحي. أو في إهمال لعبادته ولوسائط النعمة. الحروب الداخلية سنركز في كلامنا عنها. علي الأفكار والشهوات.. فالأفكار تحارب العقل. والشهوات تحارب القلب والحواس.. والحروب الروحية الداخلية تكون أصعب من الحروب الروحية التي تهجم من الخارج. لأن الحروب الداخلية يكون فيها الإنسان عدو نفسه. وتكون صعبة لأنه يشتهيها ولا يريد مقاومتها. ولهذا كانت نقاوة القلب هي أهم شيء في حياة الإنسان. فالقلب النقي حصن لا يُنال.


والحروب الداخلية قد يكون سببها طبع اندمج في الخطيئة. وغالباً ما يكون قد ترسب من الماضي في قلب الإنسان وفي فكره. بما يحاربه.. وقد يتسبب عن طبيعة ضعيفة تستسلم للخطأ. أو عن عدم اهتمام بالروحيات تكون نتيجته ضعف القلب من الداخل. فيترك الفكر يطيش حيثما شاء بلا ضابط.. فيبدأ التراخي في ضبط الحواس. والحواس هي أبواب للفكر. والحروب الداخلية قد تبدأ خفيفة أو عنيفة. وحتي إن بدأت خفيفة. فإن تراخي الإنسان في مقاومتها. تسعي للسيطرة عليه..أما الإنسان المنتصر علي الحرب الداخلية. أو الذي ليست له حروب روحية في داخله.. فهذا إن أتته حروب من الخارج. تكون خفيفة عليه. ويمكنه التغلب عليها. لأن القلب رافض لها. وإرادته لا تتجاوب معها..


حرب الأفكار قد تكون الأفكار في اليقظة. وقد تكون في المنام.. والأفكار أثناء النوم. ربما تكون مترسبة من أفكار وأخبار أثناء النهار. أو قد ترسبت في العقل الباطن من شهوات ومن أفكار. ومما جلبته الأذن من أخبار وحكايات. وما قرأه الشخص من قراءات ظلت عالقه في ذهنه.. كل هذه تأتي في أحلام. أو في سرحان. أو ما يسمونه بأحلام اليقظة. ويستمر فيها الإنسان طالما كان القلب قابلا لها. فإن كان رافضاً لها تتوقف. ويصحو لنفسه. وإرادة الإنسان ضابط هام للفكر. فهي التي تسمح بدخول الفكر.. وحتي إن دخل الفكر خلسة. فهي التي تسمح باستمراره أو بايقافه. ومن هنا تأتي مسئولية الإنسان عن أفكاره. أمام ضميرة وأمام الله.


ومن هنا يرد السؤال التالي: هل هذه الأفكار إرادية. أم غير إرادية. أم شبه إرادية؟ أي من النوع الذي هو غير إرادي. ولكنه تابع من إرادة سابقة تسببت فيه! فقد يغرس الشيطان فكراً في عقل إنسان. يدخل إليه بغير إرادته. ولكن حتي هذا الفكر الذي لا مسئولية عليك في دخوله. توجد مسئولية عليك في قبوله.. إن أردت يمكنك أن تطرد الفكر ولا تتعامل معه. ولا ترحب به.. لأنك إن قبلت الفكر الخاطئ. تكون خائناً لنعمة الله العاملة معك. وتكون مقصراً في حفظ وصايا الله وفي حفظ نقاوة قلبك.


وقد يأتيك الفكر الخاطئ في حلم.. فإن كنت نقياً تماماً. سوف لا تقبله في الحلم أيضا. بل ترفضه. أو يتغير الحلم. أو تستيقظ.. وإذا كنت لم تصل إلي هذا المستوي. وقبلت الفكر الخاطئ في الحلم. فستحزن بسببه كثيرا حينما تستيقظ. ويترك هذا الحزن أثره العميق في عقلك الباطن. فترفض كل حلم مماثل في المستقبل.. إن لم يكن مباشرة. فبالتدريج. إلي أن تصل إلي نقاوة العقل الباطن. إذن قاوم أي فكر خاطئ يأتي إلي ذهنك في النهار. أثناء يقظتك. لكي تتعود المقاومة حتي بالليل. أثناء نومك. وتنغرس هذه المقاومة في أعماق شعورك. ويتعودها عقلك الباطن. إن زمام أفكارك في يدك. سواء منها الأفكار التي تصنعها بنفسك. أو التي ترد اليك من الخارج.من الشيطان أو من الناس. وما أصدق قول المثل: إن كنت لا تستطيع أن تمنع الطير من أن يحوم حول رأسك. فإنك تستطيع أن تمنعه من أن يعشش في شعرك.


بإرادتك. وباشتراكك مع عمل النعمة فيك. يمكنك السيطرة علي الأفكار. فلا تتركها لتأخذ سلطاناً عليك. ولا تستطيع تلك الأفكار الخاطئة أن تفقدك نقاوتك. وذلك ما دمت لا تتجاوب معها. لذلك لا تستسلم لأي فكر خاطئ يرد اليك. وليكن كل إنسان حكيماً.. يعرف كيف يبدأ الفكر عنده. وكيف يتطور. وما هو خط مسيره داخل ذهنه؟ وما نوع الأفكار التي تبدأ بريئة هادئة. ثم تنتهي بنهاية خاطئة! وليحترس منها. ولا يعطي مجالاً للفكر حتي يشتد. وإن اشتدت عليك الأفكار بطريقة ضاغطة ومستمرة. فلا تيأس ولا تظن أنه لا فائدة من مقاومة الفكر. وتستسلم له!! إن اليأس يجعل الإنسان يتراخي مع الفكر. ويفتح له أبوابه الداخلية. ويضعف أمامه ويسقط. أما أنت فحارب الأفكار وانتصر. متمسكا بمعونة الله لك. ولكن كيف تنتصر؟


كيف تنتصر علي الفكر؟

1 - ان لا تخف من مقاتلة الأفكار الخاطئة. ولا تفترض هزيمتك أمامها. بل اصمد. واعرف ان انتصارك علي الفكر. سيعطيك بهجة بانتصارك. كما يمنحك خبرة في الروحيات. ويكون لك أجرك علي جهادك.

2- اشغل فكرك بشيء روحي. أو بأي اهتمام عميق. حتي إذا ما أتاك الشيطان بفكر ردئ. لا يجد ذهنك متفرغاً له.. وهذا إجراء وقائي.. درب نفسك علي أن تتولي قيادة أفكارك. ولا تجعل الأفكار تقودك. واحرص ولا تترك عقلك في فراغ. خوفاً من أن يحتله الشيطان ويلقي فيه ما يريد.

3- لهذا فإن القراءة الروحية مفيدة جدا. ليس فقط في شغل الذهن ومنع الأفكار الرديئة عنه. وإنما أيضا لها فائدة ايجابية. لأنها تعطي الفكر مادة روحية للتأمل. وتملأ القلب بمشاعر نقية. في محبة الله والفضيلة. وتجعل القلب قويا في طرد الأفكار المضادة.
4- كن متيقظا باستمرار. ساهرا علي نقاوتك. فلا يسرقك الفكر الردئ دون أن تحسن. واطرد الفكر من بادئ الأمر. قبل أن يبغتك ويضعف مقاومتك. واعلم أنك ان تركت الأفكار الخاطئة باقية فترة في ذهنك. لا تلبث هذه الأفكار ان تثبت أقدامها وتقوي عليك. وكلما استمرت واستقرت في داخلك. تضعف أنت ولا تستطيع مقاومتها وتسقط. لذلك كن متيقظا وسريعاً في طرد الأفكار.
5- هتم باقتناء الفضيلة التي يسمونها "استحياء الفكر" اقصد بهذا إنه عندما يكون فكرك ملتصقا بذكر الله. بالصلاة والتأمل وبعبارات الحب الالهي. بالتسبيح والترتيل. حينئذ يستحي الفكر من أن يهبط من مستواه الروحي لتشغله أفكار الخطية! فيرفضها. وهذا علاج وقائي أيضاً.. إذ يستحي الفكر من تأملاته الروحية السابقة.

6- ومن الناحية المضادة ابتعد عن العثرات التي تجلب أفكاراً خاطئة.. ابتعد عن كل لقاء ضار. وعن كل صداقة أو معاشرة خاطئة.. ابتعد عن القراءات التي تجلب أفكاراً دنسة أو التي تتيهك عن الفكر الروحي. كما تبتعد أيضاً عن السماعات والمناظر والأحاديث وكل مسببات الفكر البطال. ومادامت الحواس هي أبواب الفكر. فاحرص أن تكون حواسك نقية.. إن تراخيت مع الحواس. تكون كمن يحارب نفسه بنفسه . فاحترس إذن. ولتكن حواسك معك لا ضدك.
7- احترس من الأفكار الطائشة. التي قد لا تكون خيراً ولا شراً.. فربما تكون تمهيدا لأفكار خاطئة. لأن الذي لا يضبط فكره. بل يتركه شاردا هنا وهناك.. قد يرسو علي موضوع خاطئ ويستقر فيه. فمن الناحية الايجابية. اربط فكرك بما هو صالح ونافع سواء في عملك أو مسئولياتك أو الصالح العام. لكي لا يسرح في أمور عديمة الفائدة.

8 - إذا اتعبك الفكر ولم تقوَ عليه. اهرب منه بالحديث مع الناس.. لان عقلك سوف لا يستطيع حينئذ أن يجمع بين موضوعين في وقت واحد: الفكر والحديث مع الناس.. كما يمكنك أن تستعين علي طرد الفكر بالصلاة. أي الحديث مع الله..
9 - وهناك قاعدة روحية أحب أن أقولها لك في محاربة الأفكار. وهي: الهروب من الأفكار الخاطئة خير من محاربتها. لأن الفكر الخاطئ الذي تنشغل بمحاربته: حتي إن انتصرت عليه. يكون قد لوّث عقلك ولو بعض الوقت!.. ولا تخدع نفسك قائلا: سأراه كيف يسير الفكر وكيف ينتهي. ولو من باب الاستطلاع!! ذلك لأنك تعرف تماماً أن هذا الفكر سيضرك. فلماذا إذن استبقاؤه داخلك؟! ولا تتهاون أيضا قائلاً: "أنا استطيع أن أهزم الأفكار. ولكني أناقشها لأظهر ضعفها!". فربما تغلبك الأفكار. وهي التي تظهر ضعفك!

10- اعرف أيضاً ان الأفكار إذا استمرت. فقد تقود إلي شهوات. فتكون أخطر. بانتقالها من الذهن إلي القلب. ومن الفكر إلي العاطفة!!


حرب الشهوات: الشهوات كثيرة: منها شهوة الجسد. وشهوة المعرفة الخاطئة. وشهوة الرئاسة والمناصب. وشهوة الانتقام. وشهوة المال. وشهوة الامتلاك. وشهوة العظمة والشهرة. وفي كل هذه تكون ملكية القلب قد انتقلت من الله إلي غيره.

1- فإن رحلت إلي الشهوة لا تكملها. بل حاول أن تتخلص منها. واذكر تلك العبارة الجميلة:افرحوا لا لشهوة نلتموها. بل لشهوة اذللتموها إن أكثر شيء يفرح الإنسان هو أن ينتصر علي نفسه. حقاً إن لذة الانتصار علي النفس هي أعمق من اللذة بأية شهوة أخري.
2- وإن تعبت من ضغط الشهوات. لا تيأس وتظن انه لا فائدة.. انظر إلي ما تستطيع نعمة الله أن تعمله من أجلك. وليس إلي ما تعجز أنت من عمله. ولاتظن في مقاتلة الشهوات انك تحاربها وحدك. فهناك معونة سمائية تسندك فيما يستمر جهادك الروحي.

3 - تذكر انتصارات الذين تابوا. ولا تضع أمامك ضعفك وانهزاماتك السابقة. إن الله الذي أعان مشاهير التائبين سيعينك أيضاً. فجاهد كثيراً في صلواتك. ولا تخجل من الصلاة. حتي وأنت في عمق الخطية! فإن الله سوف ينظر إلي رغبة قلبك. ويقويك. ويزيل منك ضعف إرادتك.
4- اسلك في الوسائط الروحية. وفي كل ما يقوي قلبك في محبة الفضيلة.. وثق أنه سيأتي الوقت الذي تصبح فيه كفة الخير هي الراجحة في حياتك. لأن حب الفضيلة هو في طبيعة الإنسان. وكل شهوات الخطيئة هي دخيلة عليه.. ان العالم بعد أن خضع لعبادة الأصنام علي مدي أجيال طويلة عاد مرة أخري إلي الله. وهكذا أيضا لم يستمر الالحاد في بلاد كثيرة. بل عاد إليها الإيمان وقضي علي فلسفة الالحاد.
5- ابعد عن كل مصادر الشهوة حتي لا تتعمق في قلبك. وكن حازماً مع نفسك. لا تطعها في كل ما تطلبه. وإنما علي قدر طاقتك قاوم تلك الرغبات. واحط نفسك ببيئة صالحة تساعدك علي ترك ما أنت فيه.


الحروب الروحية "ب"

تكلمنا في المرة السابقة عن الحروب الروحية التي تأتي من داخل الانسان. أعني من أفكاره وشهواته. واليوم نتحدث عن الحروب الروحية التي من الخارج: من الشيطان. أو من الناس سواء كان أعداء أو أحباء. أو من البيئة. ومن المادة والعالم. حروب من الشيطان حروب الشيطان إما أن تكون بطيئة طويلة المدي. أو أن تكون فجائية وعنيفة. الحروب البطيئة قد لا يشعر الشخص بها. بل الشيطان يجذب بها ضحاياه بتدرج طويل. لا يكادون يشعرون فيه بما يحدث لهم! يحذرهم قليلاً قليلاً. وينقص من حرارتهم الروحية شيئاً فشيئاً علي مدي واسع. حتي تتغير حياتهم روحياً وهم لا يدركون ذلك إلا بعد فوات الفرصة. حين يضربهم بعد ذلك ضربته الشديدة وهم غير مستعدين لها! كإنسان مثلاً يغرقه الشيطان مدة طويلة في حياة الترف أو في متعة الرئاسة والسلطة أو في الشهرة. فيتراخي في روحياته بتدريج لا يشعر به. حتي يصل إلي حالة من الفتور الروحي يستغلها الشيطان لإسقاطه.


ہأما الحروب العنيفة الفجائية. فقد تشبه الرؤي والأحلام الكاذبة. التي يضلله بها. أو غيرها من أنواع الضلالات الشيطانية. أو بعض أنواع المناظر المفزعة التي حارب بها بعض القديسين. علي أن الله لا يسمح للشيطان بأن يستخدم مثل هذه الحروب العنيفة مع كل أحد. إلا مع القادرين علي احتمالها. ذلك لان الله لا يسمح بان يُجرّب البشر فوق ما يطيقون. كما أن الشيطان ليس مطلق الحرية في حروبه. علي أن حروب الشيطان ليست كلها فزعاً ومناظر كما حدث للقديس الأنبا أنطونيوس. وليست كلها أمراضاً وخراباً كما حدث لأيوب الصديق.


ہفهناك حروب أخري من الشيطان بأفكار يلقيها في الذهن. أو شهوات يلقيها في القلب.. وهذه الحروب تكون ضعيفة في أولها. لانها ليست نابعة من داخل الإنسان. بل هي غريبة عليه. وتظل هكذا ضعيفة. إلي أن يفتح لها هذا الانسان باباً تدخل منه إلي قلبه ومشاعره. وهنا يكون قد أخطأ.. انها خيانة روحية منك أن تفتح أبوابك الداخلية لعدو الخير الذي يريد أن يحطم ملكوت الله داخلك. خيانة منك لمحبة الله أن تُدخل في قلبك ما يشاء الشيطان به أن يبعدك عن الحياة مع الله ووصاياه.. وفي خيانتك. إذ ترفض عمل النعمة فيك. حينئذ يقوي عليك الشيطان.


ہلا تحتج بأن حروب الشيطان قوية. إنك تجعلها قوية حينما تستسلم لها. أما ان قاومت الشيطان. فسوف يضعف أمامك. ويعمل لك حساباً في حروبه المقبلة. إن القلب القوي الثابت في طاعة وصايا الله. والأمين في محبته. يستطيع أن يطفيء جميع سهام الشيطان الملتهبة.. عندما كان قلب موسي النبي قوياً. تضاءلت أمامه قوة فرعون وكل جيشه. ولم تخفه أمواج البحر.. وانت كلما كان قلبك من الداخل قوياً. فسوف لا تضعف مطلقاً أمام حروب الشياطين. كل ما يعمله الشيطان أن يقدم لك أفكاراً ومقترحات. دون أن يرغمك. ويترك الأمر لارادتك تقبلها أو لا تقبلها. وهو يسعد بقبولك. ان قاومته ورفضته. يحترمك ويخافك. أما ان ضعفت أمام عروضه. فانك تعطيه كرامة ليست له. وتمنحه الفرصة في أن يتجرأ عليك.. لذلك لا تخف من الشيطان لئلا يقوي عليك. احترم نفسك في التعامل معه.


من أمثلة حروب الشيطان المعروفة: حروب الشك في الله:

الشك في وجود الله. أو في رعايته للبشر. ومن تلك الأفكار نتج الملحدون. الذين قال بعضهم ان الله يعيش في برج عالي في السماء. لا يهتم بشئون البشر. ويترك الفقير إلي جوار الغني. لذا أنشأوا الاشتراكية الملحدة. وكلها وأمثالها يغرسها الشيطان في الأذهان. ويسميها فلسفة! وبعد أن يلقي الشيطان بفكر الإلحاد. يتبعه بفكر اليأس فيقول لضحيته "لا خلاص لك وقد أنكرت وجود الله"!! فإذا ما أوصله إلي هذا الحد. يقول له "مادام لا نصيب لك في السماء. تمتع اذن بما تشاء علي الأرض"!! وبهذا يقوده إلي حياة الاستهتار.. وفي كل ذلك يقول له "وما أدراك أن هناك سماء وحياة أخري؟!".


ويحاول الانسان أن يقاوم الفكر. ولكنه يلح عليه ويستمر ... ومقاومته للفكر تدل علي أن الفكر محاربة من الشيطان. وليس سقوطاً... نصيحتي لك: لا تيأس. ولا تظن انك سقطت. واستمر في مقاومة الفكر. واستعن بالصلاة ليخلصك الله. وحاول أن تغيرّ مجري أفكارك إلي غيرها. كذلك امتنع عن القراءات التي تجلب لك الشك وفي سائر المسلمات الثابتة في الضمير. وكذلك ابعد عن المعاشرات الرديئة التي تسبب لك مثل هذه الأفكار. وأدرس عكسها من الناحية الايجابية.


ومن محاربات الشيطان أيضاً السحر والتنجيم وما يشابهه:

علي انه ليس كل ما يظنه الناس سحراً هو سحر بالحقيقة. فالسحر الحقيقي غالباً ما يكون مصحوباً بما يشبه الأعاجيب. التي هي مجرد أمور Fantastic تخلب الذهن ولكنها من ضلالات الشياطين.. أما ما يسميه الناس "العمل" ويخافونه. فلعله بعض الحيل البشرية لخداع البسطاء واستغلالهم. كذلك من محاربات الشيطان التنجيم. وكل الطرق الأخري في إدعاء معرفة المستقبل. لانه لا يعرف المستقبل والخفيات إلا الله وحده.


من حروب الشيطان أيضاً عرضه المعونة في إيجاد حلول وتحقيق رغبات!!

فقد يعرض مساعدته - بطرقه الشيطانية - ان يوصل الشخص إلي ما يبتغي. وبهذا يوقعه في وسائط خاطئة. ولكنها تحقق غرضاً! فإن كانت لك رغبة ولم تجد حلاً. فلا تقبل تعاون الشيطان معك لتحقيقها. فالشيطان إذا أعانك علي تحقيق رغباتك. سرعان ما يجعلك أنت من أعوانه.


نقطة أخري من مصادر الحروب الخارجية هي: الصداقات الضارة أعني بها الصداقات التي تضرك في روحياتك.

أو في عقيدتك. أو في فكرك. والتي تتلف قلبك ومشاعرك. لذلك أنصحك باختيار أصدقائك الذين يؤثرون عليك بأفكارهم. بحيث يكونون من النوع ذي التأثير الفاضل.. كما أنصح بحسن اختيار شركائكم في الحياة الزوجية. لان لهم بلا شك تأثيراً علي حياتكم الروحية ان علواً أو هبوطاً. فالأزواج في تأثيرهم أكثر عمقاً من الأصدقاء أو المعارف أو الزملاء الصديق قد يلتقي بك في أوقات محددة. أما الزوج فهو شريك الحياة باستمرار. فيجب أن يكون انتقاؤه صالحاً من كل جهة. ليس من الناحية الاجتماعية فحسب. بل أيضاً من النواحي الروحية والعقائدية. ويكون ذلك الانتقاء بعمق. ولا يصح الاكتفاء فيه بالمظاهر والشكليات. ولنضع أمامنا ذلك المبدأ: إن المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة.


ما أكثر الآباء والأمهات الذين يفسدون تربية أبنائهم: إما بالقسوة. أو بالتدليل الزائد. أو بالقدوة السيئة التي يقدمونها لهم. أو بالتدخل المسيطر في خصوصياتهم. مما يضعف شخصياتهم. ويفقدهم الخبرة وحسن التصرف. كذلك الزوج غير المتدين. الذي يجر زوجته إلي نفس الضياع الذي هو فيه. ويسخر من تدينها. ولا يعطيها فرصة لممارسة حياتها الروحية.. وكل هذه محاربات روحية تأتي من الخارج: أحيانا بأسلوب هاديء. وأحياناً بضغوط. والانسان ربما لا يستطيع أن ينفصل عن مثل هذا النوع من أقاربه وأهل بيته. ولكن ينبغي أن يحب الله أكثر منهم. ويطيع الله أكثر منهم.. ولا يضحي بروحياته أو بماله من مباديء وقيم. مجاملة لأقربائه..! لانه هكذا يعلمنا الدين: "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس".


ومع ذلك فهناك نوع معين من الأقارب والأصدقاء ينبغي البعد عنه. إن لم يكن ابتعادا بالجسد. فعلي الأقل يكون بعدم الاشتراك معهم في أخطائهم. سواء في التصرف أو الحديث الخاطيء. علي أن البعض قد يمنعه الخجل من البعد عن الخاطئين: أقارباً كانوا أو أصدقاء.. وبهذا يشتركون معهم في الخطأ بسبب الخجل.. وهنا ينبغي للإنسان الروحي ان يعرف ان هناك حدوداً للخجل. وان هناك مواقف تحتاج إلي حزم وقوة شخصيته للبعد عن أسباب الخطية. لقد صدق المثل القائل "إسأل عن الرفيق قبل الطريق". فربما يؤثر عليك أحد أقربائك أو أصدقائك تأثيراً يتلف نفسك. أو يُدخل إلي قلبك أو ذهنك أفكاراً أو مباديء تقود حياتك في طريق خاطيء. اعلم ان قريبك الحقيقي. هو الذي يقربك إلي الله وصديقك الحقيقي هو الذي يكون صدّيقاً. وصادقاً في إخلاصه لروحياتك ويكون صادقاً أيضاً في حفظه لسمعتك. وفي اهتمامه بخلاص نفسك..


ننتقل إلي نقطة أخري من الحروب الروحية. وهي: العثرات العثرة هي ما يسبب الخطية.

وكل ما يسبب السقوط للإنسان هي مسببات الخطية. سواء تجلب فكراً خاطئاً. أو شهوة خاطئة. وقد تأتي العثرات من السمع أو النظر أو القراءة أو من باقي الحواس.. فعليك ان تبعد بقدر طاقتك عن كل مسببات الخطية. ولا تكون أنت عثرة لغيرك. والعثرات ربما تفرض نفسها علينا. وربما نسعي نحن برغبتنا اليها. فالتي تفرض نفسها تكون حرباً خارجية. والتي نسعي اليها تكون حرباً داخلية تطلب اشباعاً من الخارج. وفيها تجتمع الحربان الداخلية والخارجية. وهذه دينونتها أشد. والنجاة منها أصعب. وعلي الانسان ان يقطع نفسه من الأحباء والأعزاء الذين تأتي بسببهم العثرات لتفقده أبديته. وتجلب له حروباً خارجية لا يضمن هل سيصمد أمامها أم لا. المهم ان تبعد عن الحرب الخارجية ومسبباتها. ولا تقع فيها بارادتك.


ان هناك عثرات تستهوي الانسان. فيحوم حولها كما تحوم الفراشة حول النار.

تظل الفراشة تحوم حول النار حتي تحترق.. مع انها تري فراشات كثيرات قبلها حتي احترقت بالنار. الا انها لا تهدأ حتي تحترق مثلها.. هكذا الانسان فيما يحوم حول العثرة إلي ان يضيع كما ضاع أمثال له من قبل... قد يوجد من يعثرك ويسقطك. ثم يفلت هو وتضيع انت. وقد يمكنه هو أن يتوب. وتجد أنت صعوبة في التوبة! لذلك احرص بكل قوتك وبكل عمل النعمة فيك. ان تبعد عن الأمور المتعثرة. وتهرب بذلك من كل حرب خارجية علي قدر طاقتك.

الأربعاء، سبتمبر 03، 2008

اقوال الاباء القديسين

+ ثق ان الذي صنع لك الطريق لن يتركك في منتصفه البابا كيرلس السادس

+ لا تقل أنك لا تستطيع أن تؤثر فى الآخرين ، فإنك مادمت مسيحيا حقاً يستحيل ألا تكون مؤثراً . (القديس يوحنا ذهبى الفم)
+ بينما يبحث علماء اللاهوت في هذه الأمور العويصة ، يكون كثير من البسطاء قد تسللوا داخلين إلى ملكوت الله . من أقوال قداسة البابا شنودة الثالث
.+ إن اللَّـه يريد هذه التوبة : حينما تنتصر الروح على الجسد في فترة الصوم ، وتستطيع أن تُخضِع الجسد وتصلبـه مـع كافـة أهوائـه ... من أقوال المتنيج البابا كيرلس السادس
.+ إذا أكمل الإنسان جميع الحسنات وفي قلبه حقد على أخيـه ، فهـو غـريب عـن اللــه ... الأنبا باخوميوس أب الشركة
.+ كما أن الماء إذا تسلط على النار يطفئها . كذلك أيضاً التوبة تغسل جميع الخطايا والأوجاع التي للنفـس والجسـد معـاً ... القديس مقاريوس الكبير
+ الصوم بدون صلاة واتضاع يُشبه نســراً مكســور الجنــاحين ... القديس مقاريوس الكبير .
+ كما أن الخبز قوام الجسد كذلك أيضاً أقـوال اللَّــه قــوام النفـس وحياتهـا ... القديس أورسيوس .
+ إن أردت أن تريح الناس ، فافعل ذلك بالطريقة التي يرونها مريحة لهم ، وليس حسب فكرك . لأنك ربما تحـاول أن تريحهـم بأسـلوب يتعبهـم ... لقداسة البابا شنودة الثالث .
+ إذا جعلت توكلك على اللَّـه فإنه يُخلِّصك مِــن جميــع شـدائـدك ... القديس الأنبا باخوميوس .
+ كما أن الخبز يُقيت الجسد ويُحييه ، كذلك الكلام الروحـاني يُقيـت النفـس ويُحييهـا ... القديس سمعان العمودي .
+ إذا دخل اللَّـه في عمل ، دخلت القوة في هذا العمل . ودخلـت فيـه البركـة ، ونجــح ... لقداسة البابا شنودة الثالث .
+ مَن يفتح بابه للمُعوزين ، يمسك في يده مفتــاح بــاب اللَّــه ... القديس يوحنا الأسيوطي .
+ لا توجد ضيقة دائمة ، تستمر مدى الحياة. لذلك في كل تجربة تمر بك قل : مصيرها تنتهي . سيأتي عليها وقت تعبر فيه بسلام . إنما خلال هذا الوقت ينبغي أن تحتفظ بهدوئك وأعصابك ، فلا تضعف ولا تنهار ، ولا تفقد الثقة في معونة اللَّـه وحفظه .. لقداسة البابا شنودة الثالث .
+ أحبب الصلاة في كل حين ليضئ قلبــك بأســرار اللَّـــه ... القديس إشعياء الإسقيطي .
+ لو كانت أعوام حياتكم تتنافس فيما بينهما ، فأي عام من هذه الأعوام يكون أفضلها ؟ لا تتعبوا أنفسكم في فحص الماضي ، إنما ليت هذا العام الجديـد يكـون هـو الأفضـل وهـو العـام المثـالي ... لقداسة البابا شنودة الثالث.
+ الذي يحب اللـه بعمق ، يصل إلى درجة الاكتفاء باللـه ... لقداسة البابا شنودة الثالث .
+ لقد عرفت اللـه. هذا حسن جداً. ليتك تنمو في المعرفة. وليكن كل يوم يمر عليك يقربك إلى اللـه أكثر ... لقداسة البابا شنودة الثالث.
+ لقد كان هناك رجاء ليونان وهو في بطن الحوت ... هل إنسان يكون في جوف الحوت ويكون له رجاء ؟ ولكن يونان ركع على ركبتيه وصلَّى وقال للرب : أعود فأرى هيكل قدسك ... لقداسة البابا شنودة الثالث .
+ سبِّح بقلبك في كل وقت ليكون قلبك هيكــلاً للَّـــه ... الشيخ الروحاني .
+ الآن نسمـع صــوت المسيح، أما فى الأبديـة فسنراه وجها لوجه ... القديس أوغسطينوس.
+ صادق إنسانًا يخاف الله ليعلمك مخافة الله. ولا تصاحب المتهاونين وليكن الرب أمامك كل حين لأنه ينجى المتوكلين عليه ... مارافرام السريانى.
+ يختفى الرب فى وصاياه، فمن يطلبه يجـده فيهـا أثنـاء تنفيذهــا ... القــديس مرقس الناسك.
+ من الأفضل لكم وأنتم تصلون أن يكون لكم قلب بلا كلمات عن أن يكون لكم كلمات بلا قلب ... قداسة البابا شنوده.
+ ليتك تتذكر إنك بالمسيح لؤلؤة نادرة، وسط كثير من الحجارة. ليتك تدرك إنك نور فى وسط هذا العالم المظلم. ليت العالم يتشبه بك، لا أنت تتشبه به.
+ القديسن ليسوا اناس بلا خطية بل اناس جاهدوا ضد الخطية (ابونا بيشوي كامل)